الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6446 ) مسألة : قال : ( وإذا شهدت امرأة واحدة على الرضاع ، حرم النكاح إذا كانت مرضية . وقد روي عن أبي عبد الله ، رحمه الله ، رواية أخرى : إن كانت مرضية استحلفت ، فإن كانت كاذبة ، لم يحل الحول حتى تبيض ثدياها ، وذهب في ذلك إلى قول ابن عباس رضي الله عنه ) وجملة ذلك أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع ، إذا كانت مرضية . وبهذا قال طاوس ، والزهري ، والأوزاعي ، [ ص: 153 ] وابن أبي ذئب ، وسعيد بن عبد العزيز .

                                                                                                                                            وعن أحمد ، رواية أخرى : لا يقبل إلا شهادة امرأتين . وهو قول الحكم ; لأن الرجال أكمل من النساء ; ولا يقبل إلا شهادة رجلين ، فالنساء أولى . وعن أحمد ، رواية ثالثة ، أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة ، وتستحلف مع شهادتها . وهو قول ابن عباس ، وإسحاق ; لأن ابن عباس قال ، في امرأة زعمت أنها أرضعت رجلا وأهله ، فقال : إن كانت مرضية ، استحلفت ، وفارق امرأته . وقال : إن كانت كاذبة ، لم يحل الحول حتى يبيض ثدياها . يعني يصيبها فيها برص ، عقوبة على كذبها . وهذا لا يقتضيه قياس ، ولا يهتدي إليه رأي ، فالظاهر أنه لا يقوله إلا توقيفا . وقال عطاء ، وقتادة ، والشافعي : لا يقبل من النساء أقل من أربع ; لأن كل امرأتين كرجل .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الرأي : لا يقبل فيه إلا رجلان ، أو رجل وامرأتان . وروي ذلك عن عمر ; لقول الله تعالى : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } . ولنا ، ما روى عقبة بن الحارث ، قال { : تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب ، فجاءت أمة سوداء ، فقالت : قد أرضعتكما . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فقال : وكيف ، وقد زعمت ذلك ، } . متفق عليه وفي لفظ رواه النسائي ، قال : { فأتيته من قبل وجهه ، فقلت : إنها كاذبة . قال : كيف ، وقد زعمت أنها قد أرضعتكما ، خل سبيلها } . وهذا يدل على الاكتفاء بالمرأة الواحدة . وقال الزهري : فرق بين أهل أبيات في زمن عثمان رضي الله عنه بشهادة امرأة في الرضاع . وقال الأوزاعي : فرق عثمان بين أربعة وبين نسائهم ، بشهادة امرأة في الرضاع . وقال الشعبي : كانت القضاة يفرقون بين الرجل والمرأة ، بشهادة امرأة واحدة في الرضاع . ولأن هذا شهادة على عورة ، فيقبل فيه شهادة النساء المنفردات ، كالولادة . وعلل الشافعي ، بأنه معنى يقبل فيه قول النساء المنفردات ، فيقبل فيه شهادة المرأة المنفردة ، كالخبر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية