الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عقر ]

                                                          عقر : العقر والعقر : العقم ، وهو استعقام الرحم ، وهو أن لا تحمل . وقد عقرت المرأة عقارة وعقارة وعقرت تعقر عقرا وعقرا وعقرت عقارا ، وهي عاقر . قال ابن جني : ومما عدوه شاذا ما ذكروه من فعل فهو فاعل ، نحو عقرت المرأة فهي عاقر ، وشعر فهو شاعر ، وحمض فهو حامض ، وطهر فهو طاهر ; قال : وأكثر ذلك وعامته إنما هو لغات تداخلت فتركبت ، قال : هكذا ينبغي أن تعتقد ، وهو أشبه بحكمة العرب . وقال مرة : ليس عاقر من عقرت بمنزلة حامض من حمض ولا خاثر من خثر ، ولا طاهر من طهر ، ولا شاعر من شعر ; لأن كل واحد من هذه هو اسم الفاعل ، وهو جار على فعل ، فاستغني به عما يجري على فعل ، وهو فعيل ، ولكنه اسم بمعنى النسب بمنزلة امرأة حائض وطالق ، وكذلك الناقة ، وجمعها عقر ; قال :


                                                          ولو أن ما في بطنه بين نسوة حبلن ولو كانت قواعد عقرا

                                                          ولقد عقرت - بضم القاف - أشد العقر وأعقر الله رحمها ، فهي معقرة ، وعقر الرجل مثل المرأة أيضا ، ورجال عقر ونساء عقر . وقالوا : امرأة عقرة ، مثل همزة ; وأنشد :


                                                          سقى الكلابي العقيلي العقر

                                                          والعقر : كل ما شربه الإنسان فلم يولد له ، فهو عقر له . ويقال : عقر وعقر إذا عقر فلم يحمل له . وفي الحديث : لا تزوجن عاقرا فإني مكاثر بكم ; العاقر : التي لا تحمل . وروي عن الخليل : العقر استبراء المرأة لتنظر أبكر أم غير بكر ، قال : وهذا لا يعرف . ورجل عاقر وعقير : لا يولد له بين العقر - بالضم - ولم نسمع في المرأة عقيرا . وقال ابن الأعرابي : هو الذي يأتي النساء فيحاضنهن ويلامسهن ، ولا يولد له . وعقرة العلم : النسيان . والعقرة : خرزة تشدها المرأة على حقويها لئلا تحبل . قال الأزهري : ولنساء العرب خرزة يقال لها : العقرة يزعمن أنها إذا علقت على حقو المرأة لم تحمل إذا وطئت . قال الأزهري : قال ابن الأعرابي : العقرة خرزة تعلق على العاقر لتلد . وعقر الأمر عقرا : لم ينتج عاقبة ; قال ذو الرمة يمدح بلال بن أبي بردة :


                                                          أبوك تلافى الناس والدين بعدما     تشاؤوا وبيت الدين منقطع الكسر
                                                          فشد إصار الدين أيام أذرح     ورد حروبا قد لقحن إلى عقر

                                                          الضمير في شد عائد على جد الممدوح ، وهو أبو موسى الأشعري . والتشائي : التباين والتفرق . والكسر ; جانب البيت . والإصار : حبل قصير يشد به أسفل الخباء إلى الوتد ، وإنما ضربه مثلا . وأذرح : موضع ; وقوله : ورد حروبا قد لقحن إلى عقر أي : رجعن إلى السكون . ويقال : رجعت الحرب إلى عقر إذا فترت . وعقر النوى : صرفها حالا بعد حال . والعاقر من الرمل : ما لا ينبت ، يشبه بالمرأة ، وقيل : هي الرملة التي تنبت جنبتاها ولا ينبت وسطها ; أنشد ثعلب :


                                                          ومن عاقر ينفي الألاء سراتها     عذارين عن جرداء وعث خصورها

                                                          وخص الألاء لأنه من شجر الرمل ، وقيل : العاقر رملة معروفة لا تنبت شيئا ; قال :


                                                          أما الفؤاد فلا يزال موكلا     بهوى حمامة أو بريا العاقر

                                                          حمامة : رملة معروفة أو أكمة ، وقيل : العاقر العظيم من الرمل ، وقيل : العظيم من الرمل لا ينبت شيئا ; فأما قوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          صرافة القب دموكا عاقرا

                                                          فإنه فسره فقال : العاقر التي لا مثل لها . والدموك هنا : البكرة التي يستقى بها على السانية ، وعقره أي : جرحه ، فهو عقير وعقرى ، مثل جريح وجرحى والعقر : شبيه بالحز ; عقره يعقره عقرا وعقره . والعقير : المعقور ، والجمع عقرى ، الذكر والأنثى فيه سواء . وعقر الفرس والبعير بالسيف عقرا : قطع قوائمه ; وفرس عقير معقور ، وخيل عقرى ; قال :


                                                          بسلى وسلبرى مصارع فتية     كرام وعقرى من كميت ومن ورد

                                                          وناقة عقير وجمل عقير . وفي حديث خديجة - رضي الله تعالى عنها - لما تزوجت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كست أباها حلة وخلقته ونحرت جزورا ، فقال : ما هذا الحبير وهذا العبير وهذا العقير ؟ أي : الجزور المنحور ; قيل : كانوا إذا أرادوا نحر البعير عقروه أي : قطعوا إحدى قوائمه ثم نحروه ، يفعل ذلك به كيلا يشرد عند النحر ; وفي النهاية في هذا المكان . وفي الحديث : أنه مر بحمار عقير أي : أصابه عقر ولم يمت بعد ، ولم يفسره ابن الأثير . وعقر الناقة يعقرها ويعقرها عقرا وعقرها إذا فعل بها ذلك حتى تسقط فنحرها مستمكنا منها ، وكذلك كل فعيل مصروف عن مفعول به فإنه بغير هاء . قال اللحياني : وهو الكلام المجتمع عليه ، ومنه ما يقال بالهاء ; وقول امرئ القيس :


                                                          ويوم عقرت للعذارى مطيتي

                                                          فمعناه نحرتها . وعاقر صاحبه : فاضله في عقر الإبل ، كما يقال كارمه وفاخره . وتعاقر الرجلان : عقرا إبلهما يتباريان بذلك ليرى أيهما أعقر لها ; ولما أنشد ابن دريد قوله :


                                                          فما كان ذنب بني مالك     بأن سب منهم غلام فسب
                                                          بأبيض ذي شطب باتر     يقط العظام ويبري العصب

                                                          [ ص: 224 ] فسره فقال : يريد معاقرة غالب بن صعصعة أبي الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحي لما تعاقرا بصوأر ، فعقر سحيم خمسا ثم بدا له ، وعقر غالب أبو الفرزدق مائة . وفي حديث ابن عباس : لا تأكلوا من تعاقر الأعراب فإني لا آمن أن يكون مما أهل به لغير الله ; قال ابن الأثير : هو عقرهم الإبل ، كان الرجلان يتباريان في الجود والسخاء فيعقر هذا وهذا حتى يعجز أحدهما الآخر ، وكانوا يفعلونه رياء وسمعة وتفاخرا ولا يقصدون به وجه الله تعالى ، فشبهه بما ذبح لغير الله تعالى . وفي الحديث : لا عقر في الإسلام قال ابن الأثير : كانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى أي : ينحرونها ويقولون : إن صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته . وأصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف ، وهو قائم . وفي الحديث : ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ، وإنما نهى عنه ; لأنه مثلة وتعذيب للحيوان ; ومنه حديث ابن الأكوع : وما زلت أرميهم وأعقر بهم أي : أقتل مركوبهم ; يقال : عقرت به إذا قتلت مركوبه وجعلته راجلا ; ومنه الحديث : فعقر حنظلة الراهب بأبي سفيان بن حرب أي : عرقب دابته ثم اتسع في العقر حتى استعمل في القتل والهلاك ; ومنه الحديث : أنه قال لمسيلمة الكذاب : وإن أدبرت ليعقرنك الله أي : ليهلكنك ، وقيل : أصله من عقر النخل ، وهو أن تقطع رؤوسها فتيبس ; ومنه حديث أم زرع : وعقر جارتها أي : هلاكها من الحسد والغيظ . وقولهم : عقرت بي أي : أطلت حبسي كأنك عقرت بعيري فلا أقدر على السير ، وأنشد ابن السكيت :


                                                          قد عقرت بالقوم أم خزرج

                                                          وفي حديث كعب : أن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار ; قيل لما وصفهما الله تعالى بالسباحة في قوله عز وجل : وكل في فلك يسبحون ثم أخبر أنه يجعلهما في النار يعذب بهما أهلها بحيث لا يبرحانها صارا كأنهما زمنان عقيران . قال ابن الأثير : حكى ذلك أبو موسى ، وهو كما تراه . ابن بزرج : يقال قد كانت لي حاجة فعقرني عنها أي : حبسني عنها وعاقني . قال الأزهري : وعقر النوى منه مأخوذ ، والعقر لا يكون إلا في القوائم . عقره إذا قطع قائمة من قوائمه . قال الله تعالى في قصة ثمود : فتعاطى فعقر أي : تعاطى الشقي عقر الناقة فبلغ ما أراد ، قال الأزهري : العقر عند العرب كسف عرقوب البعير ، ثم يجعل النحر عقرا ; لأن ناحر الإبل يعقرها ثم ينحرها . والعقيرة : ما عقر من صيد أو غيره . وعقيرة الرجل : صوته إذا غنى أو قرأ أو بكى ، وقيل : أصله أن رجلا عقرت رجله فوضع العقيرة على الصحيحة وبكى عليها بأعلى صوته ، فقيل : رفع عقيرته ، ثم كثر ذلك حتى صير الصوت بالغناء عقيرة . قال الجوهري : قيل لكل من رفع صوته عقيرة ولم يقيد بالغناء . قال : والعقيرة الساق المقطوعة . قال الأزهري : وقيل فيه هو رجل أصيب عضو من أعضائه ، وله إبل اعتادت حداءه ، فانتشرت عليه إبله فرفع صوته بالأنين لما أصابه من العقر في بدنه فتسمعت إبله فحسبنه يحدو بها فاجتمعت إليه ، فقيل لكل من رفع صوته بالغناء : قد رفع عقيرته . والعقيرة : منتهى الصوت ; عن يعقوب ; واستعقر الذئب : رفع صوته بالتطريب في العواء ; عنه أيضا ; وأنشد :


                                                          فلما عوى الذئب مستعقرا     أنسنا به والدجى أسدف

                                                          وقيل : معناه يطلب شيئا يفرسه وهؤلاء قوم لصوص أمنوا الطلب حين عوى الذئب . والعقيرة : الرجل الشريف يقتل . وفي بعض نسخ الإصلاح : ما رأيت كاليوم عقيرة وسط قوم . قال الجوهري : يقال ما رأيت كاليوم عقيرة وسط قوم ، للرجل الشريف يقتل ، ويقال : عقرت ظهر الدابة إذا أدبرته فانعقر واعتقر ; ومنه قوله :


                                                          عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل

                                                          والمعقر من الرحال : الذي ليس بواق . قال أبو عبيد : لا يقال معقر إلا لما كانت تلك عادته ، فأما ما عقر مرة فلا يكون إلا عاقرا ; أبو زيد : سرج عقر ; وأنشد للبعيث :


                                                          ألد إذا لاقيت قوما بخطة     ألح على أكتافهم قتب عقر

                                                          وعقر القتب والرحل ظهر الناقة ، والسرج ظهر الدابة يعقره عقرا : حزه وأدبره . واعتقر الظهر وانعقر : دبر . وسرج معقار ومعقر ومعقر وعقرة وعقر وعاقور : يعقر ظهر الدابة ، وكذلك الرحل ; وقيل : لا يقال معقر إلا لما عادته أن يعقر . ورجل عقرة وعقر ومعقر : يعقر الإبل من إتعابه إياها ، ولا يقال عقور . وكلب عقور ، والجمع عقر ; وقيل : العقور للحيوان ، والعقرة للموات . وفي الحديث : خمس من قتلهن ، وهو حرام ، فلا جناح عليه : العقرب والفأرة والغراب والحدأ والكلب العقور ; قال : هو كل سبع يعقر أي : يجرح ويقتل ويفترس كالأسد والنمر والذئب والفهد وما أشبهها ، سماها كلبا لاشتراكها في السبعية ; قال سفيان بن عيينة : هو كل سبع يعقر ، ولم يخص به الكلب . والعقور من أبنية المبالغة ، ولا يقال عقور إلا في ذي الروح . قال أبو عبيد : يقال لكل جارح أو عاقر من السباع كلب عقور . وكلأ أرض كذا عقار وعقار : يعقر الماشية ويقتلها ; ومنه سمي الخمر عقارا ; لأنه يعقر العقل ; قاله ابن الأعرابي . ويقال للمرأة : عقرى حلقى ، معناه عقرها الله وحلقها أي : حلق شعرها أو أصابها بوجع في حلقها ، فعقرى هاهنا مصدر كدعوى في قول بشير بن النكث أنشده سيبويه :


                                                          ولت ودعواها شديد صخبه

                                                          أي : دعاؤها ; وعلى هذا قال : صخبه ، فذكر ، وقيل : عقرى حلقى تعقر قومها وتحلقهم بشؤمها وتستأصلهم ، وقيل : العقرى الحائض . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قيل له يوم النفر في صفية : إنها حائض فقال : عقرى حلقى ما أراها إلا حابستنا ; قال أبو عبيد : قوله عقرى عقرها الله ; وحلقى حلقها الله تعالى ، فقوله عقرها الله يعني عقر جسدها ، وحلقى أصابها الله تعالى بوجع في حلقها ; قال : وأصحاب الحديث يروونه عقرى حلقى ، وإنما هو عقرا وحلقا - بالتنوين - لأنهما مصدرا عقر وحلق ; قال : وهذا على مذهب العرب في الدعاء على الشيء من غير إرادة لوقوعه . قال شمر : قلت لأبي عبيد : لم لا [ ص: 225 ] تجيز عقرى ؟ فقال : لأن فعلى تجيء نعتا ولم تجئ في الدعاء . فقلت : روى ابن شميل عن العرب مطيرى ، وعقرى أخف منه ، فلم ينكره ; قال ابن الأثير : هذا ظاهره الدعاء عليها وليس بدعاء في الحقيقة ، وهو في مذهبهم معروف . وقال سيبويه : عقرته إذا قلت له عقرا وهو من باب سقيا ورعيا وجدعا ، وقال الزمخشري : هما صفتان للمرأة المشؤومة أي : أنها تعقر قومها وتحلقهم أي : تستأصلهم ، من شؤمها عليهم ، ومحلها الرفع على الخبرية أي : هي عقرى وحلقى ، ويحتمل أن يكونا مصدرين على فعلى بمعنى العقر والحلق كالشكوى للشكو ، وقيل : الألف للتأنيث مثلها في غضبى وسكرى ; وحكى اللحياني : لا تفعل ذلك أمك عقرى ، ولم يفسره ، غير أنه ذكره مع قوله : أمك ثاكل وأمك هابل . وحكى سيبويه في الدعاء : جدعا له وعقرا ، وقال : جدعته وعقرته قلت له ذلك ; والعرب تقول : نعوذ بالله من العواقر والنواقر ; حكاه ثعلب ، قال : والعواقر ما يعقر ، والنواقر السهام التي تصيب . وعقر النخلة عقرا وهي عقرة : قطع رأسها فيبست . قال الأزهري : وعقر النخلة أن يكشط ليفها عن قلبها ويؤخذ جذبها فإذا فعل ذلك بها يبست وهمدت . قال : ويقال عقر النخلة قطع رأسها كله مع الجمار ، فهي معقورة وعقير ، والاسم العقار . وفي الحديث : أنه مر بأرض تسمى عقرة فسماها خضرة ; قال ابن الأثير : كأنه كره لها اسم العقر ; لأن العاقر المرأة التي لا تحمل ، وشجرة عاقر لا تحمل ، فسماها خضرة تفاؤلا بها ; ويجوز أن يكون من قولهم نخلة عقرة إذا قطع رأسها فيبست . وطائر عقر وعاقر إذا أصاب ريشه آفة فلم ينبت ; وأما قول لبيد :


                                                          لما رأى لبد النسور تطايرت     رفع القوادم كالعقير الأعزل

                                                          قال : شبه النسر ، لما تطاير ريشه فلم يطر ، بفرس كشف عرقوباه فلم يحضر . والأعزل : المائل الذنب . وفي الحديث فيما روى الشعبي : ليس على زان عقر أي : مهر ، وهو للمغتصبة من الإماء كمهر المثل للحرة . وفي الحديث : فأعطاهم عقرها ; قال : العقر - بالضم - ما تعطاه المرأة على وطء الشبهة ، وأصله أن واطئ البكر يعقرها إذا افتضها فسمي ما تعطاه للعقر عقرا ثم صار عاما لها وللثيب ، وجمعه الأعقار . وقال أحمد بن حنبل : العقر المهر . وقال ابن المظفر : عقر المرأة دية فرجها إذا غصبت فرجها . وقال أبو عبيدة : عقر المرأة ثواب تثابه المرأة من نكاحها ، وقيل : هو صداق المرأة ، وقال الجوهري : هو مهر المرأة إذا وطئت على شبهة فسماه مهرا . وبيضة العقر : التي تمتحن بها المرأة عند الافتضاض ، وقيل : هي أول بيضة تبيضها الدجاجة ; لأنها تعقرها ، وقيل : هي آخر بيضة تبيضها إذا هرمت ، وقيل : هي بيضة الديك يبيضها في السنة مرة واحدة ، وقيل : يبيضها في عمره مرة واحدة إلى الطول ما هي ، سميت بذلك لأن عذرة الجارية تختبر بها . وقال الليث : بيضة العقر بيضة الديك تنسب إلى العقر لأن الجارية العذراء يبلى ذلك منها ببيضة الديك ، فيعلم شأنها فتضرب بيضة الديك مثلا لكل شيء لا يستطاع مسه رخاوة وضعفا ، ويضرب بذلك مثلا للعطية القليلة التي لا يربها معطيها ببر يتلوها ; وقال أبو عبيد في البخيل يعطي مرة ثم لا يعود : كانت بيضة الديك ، قال : فإن كان يعطي شيئا ثم يقطعه آخر الدهر قيل للمرة الأخيرة : كانت بيضة العقر ، وقيل : بيضة العقر إنما هو كقولهم : بيض الأنوق والأبلق العقوق ، فهو مثل لما لا يكون . ويقال للذي لا غناء عنده : بيضة العقر ، على التشبيه بذلك . ويقال : كان ذلك بيضة العقر ، معناه كان ذلك مرة واحدة لا ثانية لها . وبيضة العقر : الأبتر الذي لا ولد له . وعقر القوم وعقرهم : محلتهم بين الدار والحوض . وعقر الحوض وعقره ، مخففا ومثقلا : مؤخره ، وقيل : مقام الشاربة منه . وفي الحديث : إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن ; قال ابن الأثير : عقر الحوض - بالضم - موضع الشاربة منه ، أي : أطردهم لأجل أن يرد أهل اليمن . وفي المثل : إنما يهدم الحوض من عقره أي : إنما يؤتى الأمر من وجهه ، والجمع أعقار ، قال :


                                                          يلذن بأعقار الحياض كأنها     نساء النصارى أصبحت وهي كفل

                                                          ابن الأعرابي : مفرغ الدلو من مؤخره عقره ، ومن مقدمه إزاؤه . والعقرة : الناقة التي لا تشرب إلا من العقر ، والأزية : التي لا تشرب إلا من الإزاء ; ووصف امرؤ القيس صائدا حاذقا بالرمي يصيب المقاتل :


                                                          فرماها في فرائصها     بإزاء الحوض أو عقره

                                                          والفرائص : جمع فريصة ، وهي اللحمة التي ترعد من الدابة عند مرجع الكتف تتصل بالفؤاد . وإزاء الحوض : مهراق الدلو ومصبها من الحوض . وناقة عقرة : تشرب من عقر الحوض . وعقر البئر : حيث تقع أيدي الواردة إذا شربت ، والجمع أعقار . وعقر النار وعقرها : أصلها الذي تأجج منه ، وقيل : معظمها ومجتمعها ووسطها ; قال الهذلي يصف النصال :


                                                          وبيض كالسلاجم مرهفات     كأن ظباتها عقر بعيج

                                                          الكاف زائدة . أراد : بيض سلاجم أي : طوال . والعقر : الجمر . والجمرة : عقرة . وبعيج بمعنى مبعوج أي : بعج بعود يثار به فشق عقر النار وفتح ; قال ابن بري : هذا البيت أورده الجوهري وقال : قال الهذلي يصف السيوف ، والبيت لعمرو بن الداخل يصف سهاما ، وأراد بالبيض سهاما ، والمعني بها النصال . والظبة : حد النصل . وعقر كل شيء : أصله . وعقر الدار : أصلها ، وقيل : وسطها ، وهو محلة القوم . وفي الحديث : ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ; عقر الدار ; بالفتح والضم : أصلها ; ومنه الحديث : عقر دار الإسلام الشام أي : أصله وموضعه ، كأنه أشار به إلى وقت الفتن أي : يكون الشأم يومئذ آمنا منها وأهل الإسلام به أسلم . قال الأصمعي : عقر الدار أصلها في لغة الحجاز ، فأما أهل نجد فيقولون عقر ، ومنه قيل : العقار ، وهو المنزل والأرض والضياع . قال الأزهري : وقد خلط الليث في تفسير عقر الدار وعقر الحوض وخالف فيه الأئمة ، فلذلك أضربت عن ذكر ما قاله صفحا . ويقال : عقرت ركيتهم إذا هدمت . وقالوا : البهمى عقر الكلأ . وعقار الكلأ أي : خيار ما يرعى من نبات الأرض [ ص: 226 ] ويعتمد عليه بمنزلة الدار . وهذا البيت عقر القصيدة أي : أحسن أبياتها . وهذه الأبيات عقار هذه القصيدة أي : خيارها ; قال ابن الأعرابي : أنشدني أبو محضة قصيدة وأنشدني منها أبياتا فقال : هذه الأبيات عقار هذه القصيدة أي : خيارها . وتعقر شحم الناقة إذا اكتنز كل موضع منها شحما . والعقر : فرج ما بين كل شيئين ، وخص بعضهم به ما بين قوائم المائدة . قال الخليل : سمعت أعرابيا من أهل الصمان يقول : كل فرجة تكون بين شيئين فهي عقر وعقر - لغتان - ووضع يديه على قائمتي المائدة ونحن نتغدى ، فقال : ما بينهما عقر . والعقر والعقار : المنزل والضيعة ; يقال : ما له دار ولا عقار ، وخص بعضهم بالعقار النخل . يقال للنخل خاصة من بين المال : عقار . وفي الحديث : من باع دارا أو عقارا ; قال : العقار - بالفتح - الضيعة والنخل والأرض ونحو ذلك . والمعقر : الرجل الكثير العقار ، وقد أعقر . قالت أم سلمة لعائشة - رضي الله عنهما - عند خروجها إلى البصرة : سكن الله عقيراك فلا تصحريها أي : أسكنك الله بيتك وعقارك وسترك فيه فلا تبرزيه ; قال ابن الأثير : هو اسم مصغر مشتق من عقر الدار ، وقال القتيبي : لم أسمع بعقيرى إلا في هذا الحديث ; قال الزمخشري : كأنها تصغير العقرى على فعلى ، من عقر إذا بقي مكانه لا يتقدم ولا يتأخر فزعا أو أسفا أو خجلا ، وأصله من عقرت به إذا أطلت حبسه ، كأنك عقرت راحلته فبقي لا يقدر على البراح ، وأرادت بها نفسها أي : سكني نفسك التي حقها أن تلزم مكانها ولا تبرز إلى الصحراء ، من قوله تعالى : وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى . وعقار البيت : متاعه ونضده الذي لا يبتذل إلا في الأعياد والحقوق الكبار ; وبيت حسن الأهرة والظهرة والعقار ، وقيل : عقار المتاع : خياره وهو نحو ذلك لأنه لا يبسط في الأعياد والحقوق الكبار إلا خياره ، وقيل : عقاره متاعه ونضده إذا كان حسنا كبيرا . وفي الحديث : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيينة بن بدر حين أسلم الناس ودجا الإسلام فهجم على بني علي بن جندب بذات الشقوق ، فأغاروا عليهم وأخذوا أموالهم حتى أحضروها المدينة عند نبي الله ، فقالت وفود بني العنبر : أخذنا يا رسول الله مسلمين غير مشركين حين خضرمنا النعم ، فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم ذراريهم وعقار بيوتهم ; قال الحربي : رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذراريهم لأنه لم ير أن يسبيهم إلا على أمر صحيح ووجدهم مقرين بالإسلام ، وأراد بعقار بيوتهم أراضيهم ، ومنهم من غلط من فسر عقار بيوتهم بأراضيهم ، وقال : أراد أمتعة بيوتهم من الثياب والأدوات . وعقار كل شيء : خياره . ويقال : في البيت عقار حسن أي : متاع وأداة . وفي الحديث : خير المال العقر ، قال : هو بالضم ، أصل كل شيء ، وبالفتح أيضا ، وقيل : أراد أصل مال له نماء ; ومنه قيل للبهمى : عقر الدار أي : خير ما رعت الإبل ; وأما قول طفيل يصف هوادج الظعائن :


                                                          عقار تظل الطير تخطف زهوه     وعالين أعلاقا على كل مفأم

                                                          فإن الأصمعي رفع العين من قوله عقار ، وقال : هو متاع البيت ، وأبو زيد وابن الأعرابي روياه بالفتح ، وقد مر ذلك في حديث عيينة بن بدر . وفي الصحاح : والعقار ضرب من الثياب أحمر ; قال طفيل : عقار تظل الطير ( وأورد البيت ) .

                                                          ابن الأعرابي : عقار الكلأ البهمى ; كل دار لا يكون فيها بهمى فلا خير في رعيها إلا أن يكون فيها طريفة ، وهي النصي والصليان . وقال مرة : العقار جميع اليبيس . ويقال : عقر كلأ هذه الأرض إذا أكل . وقد أعقرتك كلأ موضع كذا فاعقره أي : كله . وفي الحديث : أنه أقطع حصين بن مشمت ناحية كذا واشترط عليه أن لا يعقر مرعاها أي : لا يقطع شجرها . وعاقر الشيء معاقرة وعقارا : لزمه . والعقار : الخمر ، سميت بذلك ; لأنها عاقرت العقل وعاقرت الدن أي : لزمته ; يقال : عاقره إذا لازمه وداوم عليه ، وأصله من عقر الحوض . والمعاقرة : الإدمان . والمعاقرة : إدمان شرب الخمر . ومعاقرة الخمر : إدمان شربها . وفي الحديث : لا تعاقروا أي : لا تدمنوا شرب الخمر . وفي الحديث : لا يدخل الجنة معاقر خمر ; هو الذي يدمن شربها ، قيل : هو مأخوذ من عقر الحوض لأن الواردة تلازمه ، وقيل : سميت عقارا ; لأن أصحابها يعاقرونها أي : يلازمونها ، وقيل : هي التي تعقر شاربها ، وقيل : هي التي لا تلبث أن تسكر . ابن الأنباري : فلان يعاقر النبيذ أي : يداومه ، وأصله من عقر الحوض ، وهو أصله والموضع الذي تقوم فيه الشاربة ، لأن شاربها يلازمها ملازمة الإبل الواردة عقر الحوض حتى تروى . قال أبو سعيد : معاقرة الشراب مغالبته ; يقول : أنا أقوى على شربه ، فيغالبه فيغلبه ، فهذه المعاقرة .

                                                          وعقر الرجل عقرا : فجئه الروع فدهش فلم يقدر أن يتقدم أو يتأخر . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مات قرأ أبو بكر - رضي الله عنه - حين صعد إلى منبره فخطب : إنك ميت وإنهم ميتون قال : فعقرت حتى خررت إلى الأرض ; وفي المحكم : فعقرت حتى ما أقدر على الكلام ، وفي النهاية : فعقرت وأنا قائم حتى وقعت إلى الأرض ; قال أبو عبيد : يقال عقر وبعل وهو مثل الدهش ، وعقرت أي : دهشت . قال ابن الأثير : العقر - بفتحتين - أن تسلم الرجل قوائمه إلى الخوف فلا يقدر أن يمشي من الفرق والدهش ، وفي الصحاح : فلا يستطيع أن يقاتل . وأعقره غيره : أدهشه . وفي حديث العباس : أنه عقر في مجلسه حين أخبر أن محمدا قتل . وفي حديث ابن عباس : فلما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - سقطت أذقانهم على صدورهم وعقروا في مجالسهم . وظبي عقير : دهش ; وروى بعضهم بيت المنخل اليشكري :


                                                          فلثمتها فتنفست     كتنفس الظبي العقير

                                                          والعقر والعقر : القصر ; الأخيرة عن كراع ، وقيل : القصر المتهدم بعضه على بعض ، وقيل : البناء المرتفع . قال الأزهري : والعقر القصر الذي يكون معتمدا لأهل القرية ; قال لبيد بن ربيعة يصف ناقته :


                                                          كعقر الهاجري إذا ابتناه     بأشباه حذين على مثال

                                                          وقيل : العقر القصر على أي حال كان . والعقر : غيم في عرض السماء . والعقر : السحاب الأبيض ، وقيل : كل أبيض عقر . قال [ ص: 227 ] الليث : العقر غيم ينشأ من قبل العين فيغشي عين الشمس وما حواليها ، وقال بعضهم : العقر غيم ينشأ في عرض السماء ثم يقصد على حياله من غير أن تبصره إذا مر بك ولكن تسمع رعده من بعيد ; وأنشد لحميد بن ثور يصف ناقته :


                                                          وإذا احزألت في المناخ رأيتها     كالعقر أفردها العماء الممطر

                                                          وقال بعضهم : العقر في هذا البيت القصر ، أفرده العماء فلم يظلله وأضاء لعين الناظر لإشراق نور الشمس عليه من خلل السحاب . وقال بعضهم : العقر القطعة من الغمام ، ولكل مقال ؛ لأن قطع السحاب تشبه بالقصور . والعقير : البرق ، عن كراع . والعقار والعقير : ما يتداوى به من النبات والشجر . قال الأزهري : العقاقير الأدوية التي يستمشى بها . قال أبو الهيثم : العقار والعقاقر كل نبت ينبت مما فيه شفاء ، قال : ولا يسمى شيء من العقاقير فوها ، يعني واحد أفواه الطيب ، إلا ما يشم وله رائحة . قال الجوهري : والعقاقير أصول الأدوية . والعقار : عشبة ترتفع قدر نصف القامة وثمره كالبنادق وهو ممض ألبتة لا يأكله شيء ، حتى إنك ترى الكلب إذا لابسه يعوي ، ويسمى عقار ناعمة ; وناعمة : امرأة طبخته رجاء أن يذهب الطبخ بغائلته فأكلته فقتلها . والعقر وعقاراء والعقاراء ، كلها : مواضع ; قال حميد بن ثور يصف الخمر :


                                                          ركود الحميا طلة شاب ماءها     بها من عقاراء الكروم ربيب

                                                          أراد من كروم عقاراء ، فقدم وأخر ; قال شمر : ويروى لها من عقارات الخمور ، قال : والعقارات الخمور : ربيب : من يربها فيملكها . قال : والعقر موضع بعينه ; قال الشاعر :


                                                          كرهت العقر عقر بني شليل     إذا هبت لقاريها الرياح

                                                          والعقور ، مثل السدوس ، والعقير والعقر أيضا : مواضع ; قال :


                                                          ومنا حبيب العقر حين يلفهم     كما لف صردان الصريمة أخطب

                                                          قال : والعقير قرية على شاطئ البحر بحذاء هجر . والعقر : موضع ببابل قتل به يزيد بن المهلب يوم العقر . والمعاقرة : المنافرة والسباب والهجاء والملاعنة ، وبه سمى أبو عبيدة كتاب المعاقرات . ومعقر : اسم شاعر ، وهو معقر بن حمار البارقي حليف بني نمير . قال : وقد سموا معقرا وعقارا وعقران .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية