الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عقرب ]

                                                          عقرب : العقرب : واحدة العقارب من الهوام ، يكون للذكر والأنثى بلفظ واحد ، والغالب عليه التأنيث ، وقد يقال للأنثى عقربة وعقرباء ، ممدود غير مصروف . والعقربان والعقربان : الذكر منها ; قال ابن جني : لك فيه أمران : إن شئت قلت إنه لا اعتداد بالألف والنون فيه ، فيبقى حينئذ كأنه عقرب ، بمنزلة قسقب ، وقسحب ، وطرطب ، وإن شئت ذهبت مذهبا أصنع من هذا ، وذلك أنه قد جرت الألف والنون ، من حيث ذكرنا في كثير من كلامهم ، مجرى ما ليس موجودا على ما بينا ، وإذا كان كذلك ، كانت الباء لذلك كأنها حرف إعراب ، وحرف الإعراب قد يلحقه التثقيل في الوقف ، نحو : هذا خالد ، وهو يجعل ; ثم إنه قد يطلق ويقر تثقيله عليه ، نحو : الأضخما وعيهل . فكأن عقربانا لذلك عقرب ، ثم لحقها التثقيل لتصور معنى الوقف عليها ، عند اعتقاد حذف الألف والنون من بعدها ، فصارت كأنها عقرب ، ثم لحقت الألف والنون ، فبقي على تثقيله ، كما بقي الأضخما عند انطلاقه على تثقيله ، إذ أجري الوصل مجرى الوقف ، فقيل عقربان ; قال الأزهري : ذكر العقارب عقربان ، مخفف الباء . وأرض معقربة ، بكسر الراء : ذات عقارب ; وكذلك مثعلبة : ذات ثعالب ; وكذلك مضفدعة ، ومطحلبة . ومكان معقرب ، بكسر الراء : ذو عقارب . وبعضهم يقول : أرض معقرة ، كأنه رد العقرب إلى ثلاثة أحرف ، ثم بنى عليه . وعيش ذو عقارب إذا لم يكن سهلا ، وقيل : فيه شر وخشونة ; قال الأعلم :


                                                          حتى إذا فقد الصبو ح يقول عيش ذو عقارب

                                                          والعقارب : المنن ، على التشبيه ; قال النابغة :


                                                          علي لعمرو نعمة بعد نعمة     لوالده ليست بذات عقارب

                                                          أي : هنيئة غير ممنونة . والعقربان : دويبة تدخل الأذن ، وهي هذه الطويلة الصفراء ، الكثيرة القوائم ; قال الأزهري : هو دخال الأذن ; وفي الصحاح : هو دابة له أرجل طوال ، وليس ذنبه كذنب العقارب ; قال إياس ابن الأرت :


                                                          كأن مرعى أمكم إذ غدت     عقربة يكومها عقربان

                                                          ومرعى : اسم أمهم ، ويروى إذ بدت . روى ابن بري عن أبي حاتم قال : ليس العقربان ذكر العقارب ، إنما هو دابة له أرجل طوال ، وليس ذنبه كذنب العقارب . ويكومها : ينكحها . والعقارب : النمائم ، ودبت عقاربه ، منه على المثل ; ويقال للرجل الذي يقترض أعراض الناس : إنه لتدب عقاربه ; قال ذو الإصبع العدواني :


                                                          تسري عقاربه إل     ي ولا تدب له عقارب

                                                          أراد : ولا تدب له مني عقاربي . وصدغ معقرب - بفتح الراء - أي : معطوف . وشيء معقرب : معوج . وعقارب الشتاء : شدائده . وأفرده ابن بري في أماليه ، فقال : عقرب الشتاء صولته ، وشدة برده . والعقرب : برج من بروج السماء ; قال الأزهري : وله من المنازل الشولة ، والقلب ، والزبانى . وفيه يقول ساجع العرب : إذا طلعت العقرب ، حمس المذنب ، وقر الأشيب ، ومات الجندب ; هكذا قاله الأزهري في ترتيب المنازل ، وهذا عجيب . والعقرب : سير مضفور في طرفه إبزيم ، يشد به ثفر الدابة في السرج . والعقربة : حديدة نحو الكلاب ، تعلق بالسرج والرحل . وعقرب النعل : سير من سيوره . وعقربة النعل : عقد الشراك . والمعقرب : الشديد الخلق المجتمعه .

                                                          [ ص: 228 ] وحمار معقرب الخلق : ملزز ، مجتمع شديد ; قال العجاج :


                                                          عرد التراقي حشورا معقربا

                                                          والعقربة : الأمة العاقلة الخدوم . وعقرباء : موضع . وعقرب بن أبي عقرب : اسم رجل من تجار المدينة مشهور بالمطل ; يقال في المثل : هو أمطل من عقرب ، وأتجر من عقرب ; حكى ذلك الزبير بن بكار ، وذكر أنه عامل الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب ، وكان الفضل أشد الناس اقتضاء ، وذكر أنه لزم بيت عقرب زمانا ، فلم يعطه شيئا ; فقال فيه :


                                                          قد تجرت في سوقنا عقرب     لا مرحبا بالعقرب التاجره
                                                          كل عدو يتقى مقبلا     وعقرب يخشى من الدابره
                                                          إن عادت العقرب عدنا لها     وكانت النعل لها حاضره
                                                          كل عدو كيده في استه     فغير مخشي ولا ضائره

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية