الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عقم ]

                                                          عقم : العقم والعقم ، بالفتح والضم : هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد . عقمت الرحم عقما وعقمت عقما وعقما وعقما وعقمها الله يعقمها عقما ورحم عقيم وعقيمة معقومة ، والجمع عقائم وعقم ، وما كانت عقيما ولقد عقمت ، فهي معقومة ، وعقمت إذا لم تحمل فهي عقيم وعقرت ، بفتح العين وضم القاف . وحكى ابن الأعرابي : امرأة عقيم - بغير هاء - لا تلد من نسوة عقائم ، وزاد اللحياني : من نسوة عقم ; قال أبو دهبل يمدح عبد الله بن الأزرق المخزومي ، وقيل هو للحزين الليثي :


                                                          نزر الكلام من الحياء تخاله ضمنا وليس بجسمه سقم     متهلل بنعم بلا متباعد
                                                          سيان منه الوفر والعدم     عقم النساء فلن يلدن شبيهه
                                                          إن النساء بمثله عقم

                                                          قال ابن بري : الفصيح عقم الله رحمها وعقمت المرأة ، ومن قال عقمت أو عقمت قال : أعقمها الله وعقمها مثل أحزنته وحزنته ; وأنشد في العقم المصدر للمخبل السعدي :


                                                          عقمت فناعم نبته العقم

                                                          وفي الحديث : سوداء ولود خير من حسناء عقيم . قال ابن الأثير : والمرأة عقيم ومعقومة ، والرجل عقيم ومعقوم . وفي كلام الحاضرة : الرجال عنده بكم ، والنساء بمثله عقم . ويقال للمرأة معقومة الرحم كأنها مسدودتها . ويقال : عقمت المرأة تعقم عقما وعقمت تعقم [ ص: 237 ] عقما وعقمت تعقم عقماء ، وأعقم الله رحمها فعقمت ، على ما لم يسم فاعله . ورحم معقومة أي : مسدودة لا تلد ومصدره العقم ; وأنشد ابن بري للأعشى :


                                                          تلوي بعذق خصاب كلما خطرت     عن فرج معقومة لم تتبع ربعا

                                                          ورجل عقيم وعقام : لا يولد له ، والجمع عقماء وعقام وعقمى . وامرأة عقام ورجل عقام إذا كانا سيئي الخلق ، وما كان عقاما ولقد عقم : تخلقه ; وأنشد أبو عمرو :


                                                          وأنت عقام لا يصاب له هوى     وذو همة في المال وهو مضيع

                                                          ويقال للمرأة العقيم من سوء الخلق : عقمت . والدنيا عقيم أي : لا ترد على صاحبها خيرا ، ويوم القيامة يوم عقيم لأنه لا يوم بعده ; فأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم : العقل عقلان ، فأما عقل صاحب الدنيا فعقيم ، وأما عقل صاحب الآخرة فمثمر ، فالعقيم هاهنا الذي لا ينفع ولا يرد خيرا على المثل . والريح العقيم في كتاب الله : هي الدبور ; قال الله تعالى : وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم قال أبو إسحاق : الريح العقيم التي لا يكون معها لقح أي : لا تأتي بمطر إنما هي ريح الإهلاك ، وقيل : هي لا تلقح الشجر ، ولا تنشئ سحابا ، ولا تحمل مطرا ، عادلوا بها ضدها ، وهو قولهم : ريح لاقح أي : أنها تلقح الشجر وتنشئ السحاب ، وجاؤوا بها على حذف الزائد وله نظائر كثيرة . ويقال : الملك عقيم لا ينفع فيه نسب لأن الأب يقتل ابنه على الملك . وقال ثعلب : معناه أنه يقتل أباه وأخاه وعمه في ذلك . والعقم : القطع ، ومنه قيل : الملك عقيم لأنه تقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق . وفي الحديث : اليمين الفاجرة التي يقتطع بها مال المسلم تعقم الرحم ; يريد أنها تقطع الصلة والمعروف بين الناس . قال ابن الأثير : ويجوز أن يحمل على ظاهره . وحرب عقام وعقام وعقيم : شديدة لا يلوي فيها أحد على أحد يكثر فيها القتل وتبقى النساء أيامى ، ويوم عقيم وعقام وعقام كذلك . وداء عقام وعقام : لا يبرأ ، والضم أفصح ; قالت ليلى :


                                                          شفاها من الداء العقام الذي     بها غلام إذا هز القناة سقاها

                                                          قال الجوهري : العقام الداء الذي لا يبرأ منه ، وقياسه الضم إلا أن المسموع هو الفتح . ابن الأعرابي : يقال فلان ذو عقميات إذا كان يلوي بخصمه . والعقام : اسم حية تسكن البحر ، ويقال : إن الأسود من الحيات يأتي شط البحر فيصفر فتخرج إليه العقام فيتلاويان ثم يفترقان ، فيذهب هذا في البر وترجع العقام إلى البحر . وناقة عقام : بازل شديدة ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          وإن أجدى أظلاها ومرت     لمنهلها عقام خنشليل

                                                          أجدى : من جدية الدم . والمعاقم : فقر بين الفريدة والعجب في مؤخر الصلب ; قال خفاف :


                                                          وخيل تنادى لا هوادة بينها     شهدت بمدلوك المعاقم محنق

                                                          أي : ليس برهل . والاعتقام : الدخول في الأمر . وفي حديث ابن مسعود حين ذكر القيامة وأن الله يظهر للخلق قال : فيخر المسلمون سجودا لرب العالمين وتعقم أصلاب المنافقين ، وقيل : المشركين ، فلا يسجدون أي : تيبس مفاصلهم وتصير مشدودة ، فتبقى أصلابهم طبقا واحدا أي : تعقد ويدخل بعضها في بعض فلا يستطيعون السجود . ويقال : عقمت مفاصل يديه ورجليه إذا يبست . والمعاقم : المفاصل . والمعاقم من الخيل : المفاصل ، واحدها معقم ، فالرسغ عند الحافر معقم ، والركبة معقم ، والعرقوب معقم ، وسميت المفاصل معاقم ; لأن بعضها منطبق على بعض . والاعتقام : أن يحفروا البئر حتى إذا دنوا من الماء حفروا بئرا صغيرة في وسطها حتى يصلوا إلى الماء فيذوقوه ; فإن كان عذبا وسعوها وحفروا بقيتها ، وإن لم يكن عذبا تركوها ; قال العجاج يصف ثورا :


                                                          بسلهبين فوق أنف أذلفا     إذا انتحى معتقما أو لجفا

                                                          أي : بقرنين طويلين أي : عوج جراب البئر يمنة ويسرة . والاعتقام : المضي في الحفر سفلا . قال ابن بري : ويأتي يعتقم بمعنى يقهر ; قال رؤبة بن العجاج :


                                                          يعتقم الأجدال والخصوما

                                                          وقول الشاعر ربيعة بن مقروم الضبي :


                                                          وماء آجن الجمات قفر     تعقم في جوانبه السباع

                                                          أي : تحتفر ، ويقال : تردد . وعاقمت فلانا إذا خاصمته . والعقم : المرط الأحمر ، وقيل : هو كل ثوب أحمر . والعقم : ضرب من الوشي ، الواحدة عقمة ويقال عقمة ; وأنشد ابن بري لعلقمة بن عبدة :


                                                          عقما ورقما يكاد الطير يتبعه     كأنه من دم الأجواف مدموم

                                                          وقال اللحياني : العقمة ضرب من ثياب الهوادج موشى ، قال : وبعضهم يقول : هي ضروب من اللبن بيض وحمر ، وقيل : العقمة جمع عقم كشيخ وشيخة ، وإنما قيل للوشي عقمة لأن الصانع كان يعمل ، فإذا أراد أن يشي بغير ذلك اللون لواه فأغمضه وأظهر ما يريد عمله . وكلام عقمي : قديم قد درس ; عن ثعلب . والعقمي من الكلام : غريب الغريب . والعقمي : كلام عقيم لا يشتق منه فعل . ويقال : إنه لعالم بعقمي الكلام وعقبي الكلام ، وهو غامض الكلام الذي لا يعرفه الناس ، وهو مثل النوادر . وقال أبو عمرو : سألت رجلا من هذيل عن حرف غريب فقال : هذا كلام عقمي ، يعني أنه من كلام الجاهلية لا يعرف اليوم ، وقيل : عقمي الكلام أي : قديم الكلام . وكلام عقمي وعقمي أي : غامض . والعقمي : الرجل القديم الكرم والشرف . والتعاقم : الورد مرة بعد مرة ، وقيل : الميم فيه بدل من باء التعاقب . والمعقم أيضا : عقدة في التبن .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية