الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عكك ]

                                                          عكك : العكة والعكة والعكة والعكك والعكيك : شدة الحر مع سكون الريح ، والجمع عكاك . ويوم عك وعكيك : شديد الحر بغير ريح ; قال ثعلب : هو يوم عك أك إذا كان شديد الحر مع لثق واحتباس ريح ; حكاها في أشياء إتباعية ، فلا أدري أذهب بأك إلى الإتباع أم ذهب فيه إلى أنه الشديد الحر وأنه يفصل من عك كما حكاه أبو عبيد ; وليلة عكة أكة : كذلك ، وقد عك يومنا يعك عكا . وقال الليث : العكة والعكة فورة شديدة في القيظ ، وهو الوقت الذي تركد فيه الريح ، وفي لغة أخرى أكة ، وقال ابن بري : العكيك والعكاك ; قال الطرماح :


                                                          ترجي عكاك الصيف أخصامها العلا وما نزلت حول المقر على عمد

                                                          ويوم عكيك وذو عكيك : حار . وحر عكيك : شديد ، قال طرفة يصف جارية :


                                                          تطرد القر بحر صادق     وعكيك القيظ إن جاء بقر

                                                          وفي الحديث حديث عتبة بن غزوان وبناء البصرة : ثم نزلوا وكان يوم عكاك ، وقال : العكاك جمع عكة وهي شدة الحر . والعكة : الرملة الحارة ; وفي التهذيب : العكة رملة حميت عليها الشمس ، والجمع عكاك . والعكة : عرواء الحمى ، وقد عك أي : حم ، وعكته الحمى عكا : لزمته وأحمته حتى تضنيه . وعك إذا غلى من الحر أيضا . والعكة للسمن : كالشكوة للبن ، وقيل : العكة أصغر من القربة للسمن ، وهو زقيق صغير ، وجمعها عكك وعكاك . وفي الحديث : أن رجلا كان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - العكة من السمن والعسل ; قال ابن الأثير في النهاية : وهي وعاء من جلود مستدير ، يختص بهما وهو بالسمن أخص ; قال أبو القمقام الأعرابي : غبت غيبة عن أهلي فقدمت فقدمت إلي امرأتي عكتين صغيرتين من سمن ثم قالت لي : حلني اكسني ، فقلت :


                                                          تسلأ كل حرة نحيين     وإنما سلأت عكتين
                                                          ثم تقولي اشتر لي قرطين     قرطك الله على الأذنين
                                                          عقاربا تمشي وأرقمين

                                                          وعكه بشر : كرره عليه ; هذه عن اللحياني . وعك الرجل يعكه عكا : حدثه بحديث فاستعاده مرتين أو ثلاثا ، وكذلك عككته الحديث . وفي حواشي بعض نسخ التهذيب الموثوق بها عن ابن الأعرابي : أنه سئل عن شيء فقال : سوف أعكه لك ; يريد أفسره . وعكه يعكه عكا : حبسه . وإبل معكوكة أي : محبوسة . وعكه عن حاجته يعكه عكا : عقله وصرفه مثل عجسه ، وكذلك إذا مطله بحقه ; وقال ابن الأعرابي في قول رؤبة :


                                                          ماذا ترى رأي أخ قد عكا

                                                          قال : عك الرجل إذا أقام واحتبس ، وعكه بالحجة يعكه عكا : قهره . وعكني بالأمر عكا إذا ردده عليك حتى يتعبك ، وكذلك عكه بالقول عكا إذا رده عليه متعنتا . وعك عليه : عطف كعاك . وفرس معك : يجري قليلا ثم يحتاج إلى الضرب . ورجل معك إذا كان ذا لدد والتواء وخصومة . وعكه بالسوط : ضربه . وعك : قبيلة وقد غلب على الحي . والعكوك : القصير الملزز المقتدر الخلق ; وأنشد لدلم أبي زعيب العبشمي :


                                                          لما رأتني رجلا دعكايه     عكوكا إذا مشى درحايه

                                                          وقيل : هو السمين ، وقيل : الصلب الشديد ; قال نجاد الخيبري :


                                                          عكوك المشية كالقفندر

                                                          قال الجوهري : عكوك فعلع بتكرير العين وليس من المضاعف ، قال ابن بري : عكوك فعول ، وليس فعلع كما ذكر الجوهري . ومكان عكوك : غليظ صلب ، وقيل سهل ; قال :


                                                          إذا هبطن منزلا عكوكا     كأنما يطحن فيه الدرمكا

                                                          والهاء لغة ; وأما قول العجاج :


                                                          عك شديد الأسر قسبري

                                                          قال أبو زيد : العك الصلب الشديد المجتمع . وعكوك : اسم رجل . وعكة العشار أيضا : لون يعلو النوق عند لقاحها . وقد أعكت الناقة العشراء تعك إذا تبدلت لونا غير لونها ، والاسم العكة ، وكذلك إذا سمنت فأخصبت . وعك بن عدنان : أخو معد ، وهو اليوم في اليمن ; هذا قول الليث ; وقال بعض النسابين : إنما هو معد بن عدنان ، فأما عك فهو ابن عدثان - بالثاء - وعدثان - بالثاء المثلثة : من ولد قحطان . وعدنان - بالنون : من ولد إسماعيل . وقولهم ائتزر فلان إزرة عك وك وإزرة عكى ، وهو أن يسبل طرفي إزاره ويضم سائره ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          إزرته تجده عك وكا     مشيته في الدار هاك ركا

                                                          قال : وهاك رك حكاية تبختره . وعكة : اسم بلد في الثغور ; وفي الحديث : طوبى لمن رأى عكة . قال الفراء : يقال هذه أرض عكة بإضافة وغير إضافة إذا كانت حارة ; وأنشد :


                                                          ببلدة عكة لزج نداها     تضمنت السمائم والذبابا

                                                          [ ص: 244 ] والعكة : تكون مع الجنوب والصبا . وقال ساجع العرب : إذا طلعت العذرة ، لم يبق بعمان بسرة ، ولا لأكار برة ، وكانت عكة نكرة ، على أهل البصرة . وفي حاشية التهذيب : رواية الليث نكرة - بالنون ; قال ثعلب : والصحيح بكرة - بالباء ; وفي الحاشية : قال الجرجاني : هذا الباب كله راجع إلى معنى واحد وهو تردد الشيء وتكاثفه ، تقول : ما زلت أعكه بالقول حتى غضب أي : أردد عليه الكلام ، ومنه عكته الحمى ، ومنه عكة السمن لأنه يكنز فيها كنزا ، ويقال : سمنت المرأة حتى صارت كالعكة ، ومنه قيل لليوم الحار : يوم عك وعكيك ، يريد شدة احتدامه وتكاثفه ; قال : وهذا قول المبرد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية