الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ علب ]

                                                          علب : علب النبات علبا ، فهو علب : جسأ ; وفي الصحاح : علب - بالكسر . واستعلب البقل : وجده علبا . واستعلبت الماشية البقل إذا ذوى ، فأجمته واستغلظته . وعلب اللحم علبا ، واستعلب : اشتد وغلظ . وعلب أيضا - بالفتح - يعلب : غلظ وصلب ، ولم يكن رخصا . ولحم علب وعلب : وهو الصلب . وعلب علبا تغيرت رائحته ، بعد اشتداده . وعلبت يده : غلظت . واستعلب الجلد : غلظ واشتد . والعلب : المكان الغليظ الشديد الذي لا ينبت ألبتة . وفي التهذيب : العلب من الأرض المكان الغليظ الذي لو مطر دهرا لم ينبت خضراء . وكل موضع صلب خشن من الأرض فهو علب . والاعلنباء : أن يشرف الرجل ، ويشخص نفسه ، كما يفعل عند الخصومة والشتم . يقال : اعلنبى الديك والكلب والهر وغيرها إذا انتفش شعره ، وتهيأ للشر والقتال . وقد يهمز ، وأصله من علباء [ ص: 247 ] العنق ، وهو ملحق بافعننل ، بياء . والعلب والعلب : الضب الضخم المسن لشدته . وتيس علب ، ووعل علب أي : مسن جاسئ . ورجل علب : جاف غليظ . ورجل علب : لا يطمع فيما عنده من كلمة أو غيرها . وإنه لعلب شر أي : قوي عليه ، كقولك : إنه لحك شر . ويقال : تشنج علباء الرجل إذا أسن ; والعلباء - ممدود : عصب العنق ; قال الأزهري : الغليظ ، خاصة ; قال ابن سيده : وهو العقب . وقال اللحياني : العلباء مذكر لا غير . وهما علباوان يمينا ، وشمالا ، بينهما منبت العنق ; وإن شئت قلت : علباءان ، لأنها همزة ملحقة شبهت بهمزة التأنيث التي في حمراء ، أو بالأصلية التي في كساء ، والجمع : العلابي . وعلب السيف والسكين والرمح ، يعلبه ويعلبه علبا ، فهو معلوب ، وعلبه : حزم مقبضه بعلباء البعير ، فهو معلب . ومنه الحديث : لقد فتح الفتوح قوم ، ما كانت حلية سيوفهم الذهب والفضة ، إنما كانت حليتها العلابي والآنك ; هو جمع العلباء ، وهو العصب ; قال : وبه سمي الرجل علباء . ابن الأثير : هو عصب في العنق ، يأخذ إلى الكاهل ، وكانت العرب تشد على أجفان سيوفها العلابي الرطبة ، فتجف عليها وتشد بها الرماح إذا تصدعت فتيبس ، وتقوى عليه ; ومنه قول الشاعر :


                                                          فظل لثيران الصريم غماغم يدعسها بالسمهري المعلب

                                                          ورمح معلب : إذا جلز ولوي بعصب العلباء . قال القتيبي : وبلغني أن العلابي الرصاص ; قال : ولست منه على يقين . قال الجوهري : العلابي الرصاص أو جنس منه ; قال الأزهري : ما علمت أحدا قاله ، وليس بصحيح . وفي حديث عتبة : كنت أعمد إلى البضعة أحسبها سناما ، فإذا هي علباء عنق . وعلب البعير علبا ، وهو أعلب وعلب : وهو داء يأخذه في علباوي العنق ، فترم منه الرقبة ، وتنحني . والعلاب : سمة في طول العنق على العلباء ; وناقة معلبة . وعلبى عبده إذا ثقب علباءه ، وجعل فيه خيطا . وعلبى الرجل : انحط علباواه كبرا ; قال :


                                                          إذا المرء علبى ثم أصبح جلده     كرحض غسيل فالتيمن أروح

                                                          التيمن : أن يوضع على يمينه في القبر . وعلباء : اسم رجل سمي بعلباء العنق ; قال :


                                                          إني لمن أنكرني ابن اليثرب     قتلت علباء وهند الجمل
                                                          وابنا لصوحان على دين علي

                                                          أراد : ابن اليثربي ، والجملي ، وعلي ، فخفف بحذف الياء الأخيرة . والعلبة : قدح ضخم من جلود الإبل . وقيل : العلبة من خشب ، كالقدح الضخم يحلب فيها . وقيل : إنها كهيئة القصعة من جلد ، ولها طوق من خشب . ، وقيل : محلب من جلد . وفي حديث وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - : وبين يديه ركوة أو علبة فيها ماء ; العلبة : قدح من خشب ; وقيل : من جلد وخشب يحلب فيه . ومنه حديث خالد : أعطاهم علبة الحالب أي : القدح الذي يحلب فيه ; والجمع : علب وعلاب . وقيل : العلاب جفان تحلب فيها الناقة ; قال :


                                                          صاح يا صاح هل سمعت براع     رد في الضرع ما قرى في العلاب

                                                          ويروى : في الحلاب .

                                                          والمعلب : الذي يتخذ العلبة ; قال الكميت ، يصف خيلا :


                                                          سقتنا دماء القوم طورا وتارة     صبوحا له أقتار الجلود المعلب

                                                          قال الأزهري : العلبة جلدة تؤخذ من جنب جلد البعير إذا سلخ وهو فطير ، فتسوى مستديرة ، ثم تملأ رملا سهلا ، ثم تضم أطرافها ، وتخل بخلال ، ويوكى عليها مقبوضة بحبل ، وتترك حتى تجف وتيبس ، ثم يقطع رأسها ، وقد قامت قائمة لجفافها ، تشبه قصعة مدورة ، كأنها نحتت نحتا ، أو خرطت خرطا ، ويعلقها الراعي والراكب فيحلب فيها ، ويشرب بها ، وللبدوي فيها رفق خفتها ، وأنها لا تنكسر إذا حركها البعير أو طاحت إلى الأرض . وعلب الشيء يعلبه - بالضم - علبا وعلوبا : أثر فيه ووسمه ، أو خدشه . والعلب : أثر الضرب وغيره ، والجمع علوب . يقال ذلك في أثر الميسم وغيره ; قال ابن الرقاع يصف الركاب :


                                                          يتبعن ناجية كأن بدفها     من غرض نسعتها علوب مواسم

                                                          وقال طرفة :


                                                          كأن علوب النسع في دأياتها     موارد من خلقاء في ظهر قردد

                                                          وكذلك التعليب . قال الأزهري : العلب تأثير كأثر العلاب . قال وقال شمر : أقرأني ابن الأعرابي لطفيل الغنوي :


                                                          نهوض بأشناق الديات وحملها     وثقل الذي يجني بمنكبه لعب

                                                          قال ابن الأعرابي : لعب أراد به علب ، وهو الأثر . وقال أبو نصر : يقول الأمر الذي يجني عليه ، وهو بمنكبه ، خفيف . وفي حديث ابن عمر : أنه رأى رجلا بأنفه أثر السجود ، فقال : لا تعلب صورتك ; يقول : لا تؤثر فيها أثرا ، بشدة اتكائك على أنفك في السجود . وطريق معلوب : لاحب ; وقيل : أثر فيه السابلة ; قال بشر :


                                                          نقلناهم نقل الكلاب جراءها     على كل معلوب يثور عكوبها

                                                          العكوب - بالفتح : الغبار . يقول : كنا مقتدرين عليهم ، وهم لنا أذلاء ، كاقتدار الكلاب على جرائها . والمعلوب : الطريق الذي يعلب بجنبتيه ، ومثله الملحوب . والعلبة : غصن عظيم تتخذ منه مقطرة ; قال :


                                                          في رجله علبة خشناء من قرظ     قد تيمته فبال المرء متبول

                                                          ابن الأعرابي : العلب جمع علبة ، وهي الجنبة والدسماء والسمراء . قال : والعلبة ، والجمع علب ; أبنة غليظة من الشجر ، تتخذ منها [ ص: 248 ] المقطرة . وقال أبو زيد : العلوب منابت السدر ، والواحد علب . وقال شمر : يقال هؤلاء علبوبة القوم أي : خيارهم . وعلب السيف علبا : تثلم حده . والمعلوب : اسم سيف الحارث بن ظالم المري ، صفة لازمة . فإما أن يكون من العلب الذي هو الشد ، وإما أن يكون من التثلم ، كأنه علب ; قال الكميت :


                                                          وسيف الحرث المعلوب أردى     حصينا في الجبابرة الردينا

                                                          ويقال : إنما سماه معلوبا لآثار كانت في متنه ; وقيل : لأنه كان انحنى من كثرة ما ضرب به ، وفيه يقول :


                                                          أنا أبو ليلى وسيفي المعلوب

                                                          وعلباء : اسم رجل ; قال امرؤ القيس :


                                                          وأفلتهن علباء جريضا     ولو أدركته صفر الوطاب

                                                          وعليب وعليب : واد معروف ، على طريق اليمن ; وقيل : موضع ، والضم أعلى ، وهو الذي حكاه سيبويه . وليس في الكلام فعيل ، بضم الفاء وتسكين العين وفتح الياء غيره ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          والأثل من سعيا وحلية منزل     والدوم جاء به الشجون فعليب

                                                          واشتقه ابن جني من العلب الذي هو الأثر والحز ، وقال : ألا ترى أن الوادي له أثر ؟

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية