الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ علق ]

                                                          علق : علق بالشيء علقا وعلقه : نشب فيه ; قال جرير :


                                                          إذا علقت مخالبه بقرن أصاب القلب أو هتك الحجابا

                                                          وفي الحديث : فعلقت الأعراب به أي : نشبوا وتعلقوا ، وقيل : طفقوا ; وقال أبو زبيد :


                                                          إذا علقت قرنا خطاطيف كفه     رأى الموت رأي العين أسود أحمرا

                                                          وهو عالق به أي : نشب فيه . وقال اللحياني : العلق النشوب في الشيء يكون في جبل أو أرض أو ما أشبههما . وأعلق الحابل : علق الصيد في حبالته أي : نشب . ويقال للصائد : أعلقت فأدرك أي : علق الصيد في حبالتك . وقال اللحياني : الإعلاق وقوع الصيد في الحبل . يقال : نصب له فأعلقه . وعلق الشيء علقا وعلق به علاقة وعلوقا : لزمه . وعلقت نفسه الشيء ، فهي علقة وعلاقية وعلقنة : لهجت به ; قال :


                                                          فقلت لها والنفس مني علقنة     علاقية تهوى هواها المضلل

                                                          ويقال للأمر إذا وقع وثبت :

                                                          [ ص: 254 ]

                                                          علقت معالقها وصر الجندب

                                                          وهو كما يقال : جف القلم فلا تتعن ; قال ابن سيده : وفي المثل :


                                                          علقت معالقها وصر الجندب

                                                          يضرب هذا للشيء تأخذه فلا تريد أن يفلتك . وقالوا : علقت مراسيها بذي رمرام ، وبذي الرمرام ; وذلك حين اطمأنت الإبل وقرت عيونها بالمرتع ، يضرب هذا لمن اطمأن وقرت عينه بعيشه ، وأصله أن رجلا انتهى إلى بئر فأعلق رشاءه برشائها ثم صار إلى صاحب البئر فادعى جواره ، فقال له : وما سبب ذلك ؟ قال : علقت رشائي برشائك ، فأبى صاحب البئر وأمره أن يرتحل ; فقال :


                                                          علقت معالقها وصر الجندب

                                                          أي : جاء الحر ، ولا يمكنني الرحيل . ويقال للشيخ : قد علق الكبر معالقه ; جمع معلق ، وفي الحديث : فعلقت منه كل معلق أي : أحبها وشغف بها . يقال : علق بقلبه علاقة - بالفتح . وكل شيء وقع موقعه فقد علق معالقه ، والعلاقة : الهوى والحب اللازم للقلب . وقد علقها - بالكسر - علقا وعلاقة وعلق بها علوقا وتعلقها وتعلق بها وعلقها وعلق بها تعليقا : أحبها ، وهو معلق القلب بها ; قال الأعشى :


                                                          علقتها عرضا وعلقت رجلا     غيري وعلق أخرى غيرها الرجل

                                                          وقول أبي ذؤيب :


                                                          تعلقه منها دلال ومقلة     تظل لأصحاب الشقاء تديرها

                                                          أراد تعلق منها دلالا ومقلة فقلب . وقال اللحياني : العلق الهوى يكون للرجل في المرأة . وإنه لذو علق في فلانة : كذا عداه بفي . وقالوا في المثل : نظرة من ذي علق أي : من ذي حب قد علق بمن هويه ; قال كثير :


                                                          ولقد أردت الصبر عنك فعاقني     علق بقلبي من هواك قديم

                                                          وعلق حبها بقلبه : هويها . وقال اللحياني عن الكسائي : لها في قلبي علق حب وعلاقة حب وعلاقة حب ، قال : ولم يعرف الأصمعي علق حب ، ولا علاقة حب ، إنما عرف علاقة حب - بالفتح - وعلق حب - بفتح العين واللام - والعلاقة بالفتح ; قال المرار الأسدي :


                                                          أعلاقة أم الوليد بعدما     أفنان رأسك كالثغام المخلس

                                                          واعتلقه أي : أحبه . ويقال : علقت فلانة علاقة : أحببتها ، وعلقت هي بقلبي : تشبثت به ; قال ذو الرمة :


                                                          لقد علقت مي بقلبي علاقة     بطيئا على مر الليالي انحلالها

                                                          ورجل علاقية ، مثل ثمانية ، إذا علق شيئا لم يقلع عنه . وأعلق أظفاره في الشيء : أنشبها . وعلق الشيء بالشيء ومنه وعليه تعليقا : ناطه . والعلاقة : ما علقته به . وتعلق الشيء : علقه من نفسه ; قال :


                                                          تعلق إبريقا وأظهر جعبة     ليهلك حيا ذا زهاء وجامل

                                                          وقيل : تعلق هنا لزمه ، والصحيح الأول ، وتعلقه وتعلق به بمعنى . ويقال : تعلقته بمعنى علقته ; ومنه قول عبيد الله بن زياد لأبي الأسود : لو تعلقت معاذة لئلا تصيبك عين . وفي الحديث : من تعلق شيئا وكل إليه أي : من علق على نفسه شيئا من التعاويذ والتمائم وأشباهها معتقدا أنها تجلب إليه نفعا أو تدفع عنه ضرا . وفي الحديث أنه قال : أدوا العلائق ، قالوا : يا رسول الله ، وما العلائق ؟ وفي رواية في قوله تعالى : وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين قيل : يا رسول الله فما العلائق بينهم ؟ قال : ما تراضى عليه أهلوهم ; العلائق : المهور ، الواحدة علاقة قال : وكل ما يتبلغ به من العيش فهو علقة ; قال ابن بري في هذا المكان : والعلقة - بالكسر - الشوذر ; قال الشاعر :


                                                          وما هي إلا في إزار وعلقة     مغار ابن همام على حي خثعما

                                                          وقد تقدم الاستشهاد به .

                                                          ويقال : لم تبق لي عنده علقة أي : شيء . والعلاقة : ما يتبلغ به من عيش . والعلقة والعلاق : ما فيه بلغة من الطعام إلى وقت الغذاء . وقال اللحياني : ما يأكل فلان إلا علقة أي : ما يمسك نفسه من الطعام . وفي الحديث : وتجتزئ بالعلقة أي : تكتفي بالبلغة من الطعام . وفي حديث الإفك : وإنما يأكلن العلقة من الطعام . قال الأزهري : والعلقة من الطعام والمركب ما يتبلغ به وإن لم يكن تاما ، ومنه قولهم : ارض من المركب بالتعليق ; يضرب مثلا للرجل يؤمر بأن يقنع ببعض حاجته دون تمامها كالراكب عليقة من الإبل ساعة بعد ساعة ; ويقال : هذا الكلام لنا فيه علقة أي : بلغة ، وعندهم علقة من متاعهم أي : بقية . وعلق علاقا وعلوقا : أكل ، وأكثر ما يستعمل في الجحد ، يقال : ما ذقت علاقا ولا علوقا . وما في الأرض علاق ولا لماق أي : ما فيها ما يتبلغ به من عيش ، ويقال : ما فيها مرتع ; قال الأعشى :


                                                          وفلاة كأنها ظهر ترس     ليس إلا الرجيع فيها علاق

                                                          الرجيع : الجرة ; يقول لا تجد الإبل فيها علاقا إلا ما ترده من جرتها . وفي المثل : ليس المتعلق كالمتأنق ; يريد ليس من عيشه قليل يتعلق به كمن عيشه كثير يختار منه ، وقيل : معناه ليس من يتبلغ بالشيء اليسير كمن يتأنق يأكل ما يشاء . وما بالناقة علوق أي : شيء من اللبن . وما ترك الحالب بالناقة علاقا إذا لم يدع في ضرعها شيئا . والبهم تعلق من الورق : تصيب ، وكذلك الطير من الثمر . وفي الحديث : أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تعلق من ثمار الجنة ; قال الأصمعي : تعلق أي : تناول بأفواهها ، يقال : علقت تعلق علوقا ; وأنشد للكميت يصف ناقته :


                                                          أو فوق طاوية الحشى رملية     إن تدن من فنن الألاءة تعلق

                                                          يقول : كأن قتودي فوق بقرة وحشية ; قال ابن الأثير : هو في الأصل للإبل إذا أكلت العضاه فنقل إلى الطير ، ورواه الفراء عن الدبيريين تعلق من ثمار الجنة . وقال اللحياني : العلق أكل البهائم ورق الشجر ، علقت تعلق علقا . والصبي يعلق : يمص أصابعه . [ ص: 255 ] والعلوق : ما تعلقه الإبل أي : ترعاه ، وقيل : هو نبت ; قال الأعشى :


                                                          هو الواهب المائة المصطفا     ة لاط العلوق بهن احمرارا

                                                          أي : حسن النبت ألوانها ; وقيل : إنه يقول رعين العلوق حين لاط بهن الاحمرار من السمن والخصب ; ويقال : أراد بالعلوق الولد في بطنها ، وأراد بالاحمرار حسن لونها عند اللقح . وقال أبو الهيثم : العلوق ماء الفحل لأن الإبل إذا علقت وعقدت على الماء انقلبت ألوانها واحمرت ، فكانت أنفس لها في نفس صاحبها ; قال ابن بري الذي في شعر الأعشى :


                                                          بأجود منه بأدم الركا     ب لاط العلوق بهن احمرارا

                                                          قال : وذلك أن الإبل إذا سمنت صار الآدم منها أصهب والأصهب أحمر ; وأما عجز البيت الذي صدره :


                                                          هو الواهب المائة المصطفا     ة لاط العلوق بهن احمرارا

                                                          فإنه :


                                                          إما مخاضا وإما عشارا

                                                          والعلقى : شجر تدوم خضرته في القيظ ولها أفنان طوال دقاق وورق لطاف ، بعضهم يجعل ألفها للتأنيث ، وبعضهم يجعلها للإلحاق وتنون ; قال الجوهري : علقى نبت ، وقال سيبويه : تكون واحدة وجمعا ; قال العجاج يصف ثورا :


                                                          فحط في علقى وفي مكور     بين تواري الشمس والذرور

                                                          وفي المحكم :


                                                          يستن في علقى وفي مكور

                                                          وقال : ولم ينونه رؤبة ، واحدته علقاة ، قال ابن جني : الألف في علقاة ليست للتأنيث لمجيء هاء التأنيث بعدها ، وإنما هي للإلحاق ببناء جعفر وسلهب ، فإذا حذفوا الهاء من علقاة قالوا علقى غير منون ; لأنها لو كانت للإلحاق لنونت كما تنون أرطى ، ألا ترى أن من ألحق الهاء في علقاة اعتقد فيها أن الألف للإلحاق ولغير التأنيث ؟ فإذا نزع الهاء صار إلى لغة من اعتقد أن الألف للتأنيث فلم ينونها كما لم ينونها ، ووافقهم بعد نزعه الهاء من علقاة على ما يذهبون إليه من أن ألف علقى للتأنيث . وبعير عالق : يرعى العلقى . والعالق أيضا : الذي يعلق العضاه أي : ينتف منها ، سمي عالقا لأنه يعلق العضاه لطولها . وعلقت الإبل العضاه تعلق - بالضم - علقا إذا تسنمتها أي : رعتها من أعلاها وتناولتها بأفواهها ، وهي إبل عوالق . ورجل ذو معلقة أي : مغير يعلق بكل شيء أصابه ; قال :


                                                          أخاف أن يعلقها ذو معلقه

                                                          وجاء بعلق فلق ؛ أي : الداهية وقد أعلق وأفلق . وعلق فلق : لا ينصرف ; حكاه أبو عبيد عن الكسائي . ويقال للرجل : أعلقت وأفلقت أي : جئت بعلق فلق ، وهي الداهية ، لا يجري مجرى عمر . ويقال : العلق الجمع الكثير .

                                                          والعولق : الغول ، وقيل : الكلبة الحريصة ، قال : وكلبة عولق حريصة ; قال الطرماح :


                                                          عولق الحرص إذا أمشرت     ساورت فيه سؤور المسامي

                                                          وقولهم : هذا حديث طويل العولق أي : طويل الذنب . وقال كراع : إنه لطويل العولق أي : الذنب ، فلم يخص به حديثا ولا غيره . والعليقة : البعير أو الناقة يوجهه الرجل مع القوم إذا خرجوا ممتارين ويدفع إليهم دراهم يمتارون له عليها ; قال الراجز :


                                                          أرسلها عليقة وقد علم     أن العليقات يلاقين الرقم

                                                          يعني أنهم يودعون ركابهم ويركبونها ويزيدون في حملها . ويقال : علقت مع فلان عليقة ، وأرسلت معه عليقة ، وقد علقها معه أرسلها ; وقال الراجز :


                                                          إنا وجدنا علب العلائق     فيها شفاء للنعاس الطارق

                                                          وقيل : يقال للدابة علوق . وقال ابن الأعرابي : العليقة والعلاقة البعير يضمه الرجل إلى القوم يمتارون له معهم ; قال الشاعر :


                                                          وقائلة لا تركبن عليقة     ومن لذة الدنيا ركوب العلائق

                                                          شمر : علاقة المهر ما يتعلقون به على المتزوج ; وقال في قول امرئ القيس :


                                                          بأي علاقتنا ترغبو     ن عن دم عمرو على مرثد

                                                          قال : العلاقة النيل ، وما تعلقوا به عليهم مثل علاقة المهر . والعلاقة : المعلاق الذي يعلق به الإناء . والعلاقة - بالكسر : علاقة السيف والسوط ، وعلاقة السوط ما في مقبضه من السير ، وكذلك علاقة القدح والمصحف والقوس وما أشبه ذلك . وأعلق السوط والمصحف والسيف والقدح : جعل لها علاقة ، وعلقه على الوتد ، وعلق الشيء خلفه كما تعلق الحقيبة وغيرها من وراء الرحل . وتعلق به وتعلقه ، على حذف الوسيط سواء . ويقال : لفلان في هذه الدار علاقة أي : بقية نصيب ، والدعوى له علاقة . وعلق الثوب من الشجر علقا وعلوقا : بقي متعلقا به . وفي حديث أبي هريرة : رئي وعليه إزار فيه علق وقد خيطه بالأسطبة ; العلق : الخرق ، وهو أن يمر بشجرة أو شوكة فتعلق بثوبه فتخرقه . والعلق : الجذبة في الثوب وغيره ، وهو منه . والعلق : كل ما علق . وقال اللحياني : وهي العلوق والمعالق بغير ياء . والمعلاق والمعلوق : ما علق من عنب ولحم وغيره ، لا نظير له إلا مغرود لضرب من الكمأة ، ومغفور ومغثور ومغبور في مغثور ومزمور لواحد مزامير داود - عليه السلام ; عن كراع . ويقال للمعلاق معلوق ، وهو ما يعلق عليه الشيء . قال الليث : أدخلوا على المعلوق الضمة والمدة كأنهم أرادوا حد المنخل والمدهن ، ثم أدخلوا عليه المدة . وكل شيء علق به شيء فهو معلاقه . ومعاليق العقود والشنوف : ما يجعل فيها من كل ما يحسن ، وفي المحكم : ومعاليق العقد الشنوف يجعل فيها من كل ما يحسن فيه . والأعاليق [ ص: 256 ] كالمعاليق ، كلاهما : ما علق ، ولا واحد للأعاليق . وكل شيء علق منه شيء ، فهو معلاقه . ومعلاق الباب : شيء يعلق به ثم يدفع المعلاق فينفتح ، وفرق ما بين المعلاق والمغلاق أن المغلاق يفتح بالمفتاح ، والمعلاق يعلق به الباب ثم يدفع المعلاق من غير مفتاح فينفتح ، وقد علق الباب وأعلقه . ويقال : علق الباب وأزلجه . وتعليق الباب أيضا : نصبه وتركيبه ، وعلق يده وأعلقها ; قال :


                                                          وكنت إذا جاورت أعلقت في الذرى     يدي فلم يوجد لجنبي مصرع

                                                          والمعلقة : بعض أداة الراعي ; عن اللحياني . والعليق : نبات معروف يتعلق بالشجر ويلتوي عليه . وقال أبو حنيفة : العليق شجر من شجر الشوك لا يعظم ، وإذا نشب فيه شيء لم يكد يتخلص من كثرة شوكه ، وشوكه حجز شداد ، قال : ولذلك سمي عليقا ، قال : وزعموا أنها الشجرة التي آنس موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فيها النار ، وأكثر منابتها الغياض والأشب . وعلق به علقا وعلوقا : تعلق . والعلوق : ما يعلق بالإنسان ; والمنية علوق وعلاقة . قال ابن سيده : والعلوق المنية ، صفة غالبة ; قال المفضل البكري :


                                                          وسائلة بثعلبة بن سير     وقد علقت بثعلبة العلوق

                                                          يريد ثعلبة بن سيار فغيره للضرورة . والعلق : الدواهي . والعلق : المنايا . والعلق : الأشغال أيضا . وما بينهما علاقة أي : شيء يتعلق به أحدهما على الآخر . ولي في الأمر علوق ومتعلق أي : مفترض ; فأما قوله :


                                                          عين بكي لسامة بن لؤي     علقت مل أسامة العلاقه

                                                          فإنه عنى الحية لتعلقها لأنها علقت زمام ناقته فلدغته ، وقيل : العلاقة - بالتشديد - المنية وهي العلوق أيضا . ويقال لفلان في هذا الأمر علاقة أي : دعوى ومتعلق ; قال الفرزدق :


                                                          حملت من جرم مثاقيل حاجتي     كريم المحيا مشنقا بالعلائق

                                                          أي : مستقلا بما يعلق به من الديات . والعلق : الذي تعلق به البكرة من القامة ; قال رؤبة :


                                                          قعقعة المحور خطاف العلق

                                                          يقال : أعرني علقك ، أي : أداة بكرتك ، وقيل : العلق البكرة ، والجمع أعلاق ; قال :


                                                          عيونها خرز لصوت الأعلاق

                                                          وقيل : العلق القامة ، والجمع كالجمع ، وقيل : العلق أداة البكرة ، وقيل : هو البكرة وأداتها ، يعني الخطاف والرشاء والدلو ، وهي العلقة . والعلق : الحبل المعلق بالبكرة ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          كلا زعمت أنني مكفي     وفوق رأسي علق ملوي

                                                          وقيل : العلق الحبل الذي في أعلى البكرة ; وأنشد ابن الأعرابي أيضا :


                                                          بئس مقام الشيخ بالكرامه     محالة صرارة وقامه
                                                          وعلق يزقو زقاء الهامه

                                                          قال : لما كانت القامة معلقة في الحبل جعل الزقاء له وإنما الزقاء للبكرة ، وقال اللحياني : العلق الرشاء والغرب والمحور والبكرة ; قال : يقولون أعيرونا العلق فيعارون ذلك كله ، قال الأصمعي : العلق اسم جامع لجميع آلات الاستقاء بالبكرة ، ويدخل فيها الخشبتان اللتان تنصبان على رأس البئر ويلاقى بين طرفيهما العاليين بحبل ، ثم يوتدان على الأرض بحبل آخر يمد طرفاه للأرض ، ويمدان في وتدين أثبتا في الأرض ، وتعلق القامة وهي البكرة في أعلى الخشبتين ويستقى عليها بدلوين ينزع بهما ساقيان ، ولا يكون العلق إلا السانية ، وجملة الأداة من الخطاف والمحور والبكرة والنعامتين وحبالها ; كذلك حفظته عن العرب . وعلق القربة : سير تعلق به ، وقيل : علقها ما بقي فيها من الدهن الذي تدهن به . ويقال : كلفت إليك علق القربة ، لغة في عرق القربة ، فأما علق القربة فالذي تشد به ثم تعلق ، وأما عرقها فأن تعرق من جهدها ، وقد تقدم ، وإنما قال كلفت إليك علق القربة ; لأن أشد العمل عندهم السقي . وفي الحديث : خطبنا عمر - رضي الله عنه - فقال : أيها الناس ، ألا لا تغالوا بصداق النساء ، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا وتقوى عند الله كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية ، وإن الرجل ليغالي بصداق امرأته حتى يكون ذلك لها في قلبه عداوة ، حتى يقول قد كلفت علق القربة ، وفي النهاية يقول : حتى جشمت إليك علق القربة ; قال أبو عبيدة : علقها عصامها الذي تعلق به ، فيقول : تكلفت لك كل شيء حتى عصام القربة . والمعلقة من النساء : التي فقد زوجها ، قال تعالى : فتذروها كالمعلقة وفي التهذيب : وقال تعالى في المرأة التي لا ينصفها زوجها ولم يخل سبيلها : فتذروها كالمعلقة فهي لا أيم ولا ذات بعل . وفي حديث أم زرع : إن أنطق أطلق ، وإن أسكت أعلق ؛ أي : يتركني كالمعلقة لا ممسكة ولا مطلقة . والعليق : القضيم يعلق على الدابة ، وعلقها : علق عليها . والعليق : الشراب على المثل . قال الأزهري : ويقال للشراب عليق ; وأنشد لبعض الشعراء وأظن أنه لبيد وإنشاده مصنوع :


                                                          اسق هذا وذا وذاك وعلق     لا تسم الشراب إلا عليقا



                                                          والعلاقة : بالفتح : علاقة الخصومة . وعلق به علقا : خاصمه . يقال : لفلان في أرض بني فلان علاقة أي : خصومة . ورجل معلاق وذو معلاق : خصيم شديد الخصومة يتعلق بالحجج ويستدركها ; ولهذا قيل في الخصيم الجدل :


                                                          لا يرسل الساق إلا ممسكا ساقا

                                                          أي : لا يدع حجة إلا وقد أعد أخرى يتعلق بها . والمعلاق : اللسان البليغ ; قال مهلهل :


                                                          إن تحت الأحجار حزما وجودا     وخصيما ألد ذا معلاق

                                                          ومعلاق الرجل : لسانه إذا كان جدلا . والعلاقى - مقصور : [ ص: 257 ] الألقاب ، واحدتها علاقية وهي أيضا العلائق ، واحدتها علاقة ؛ لأنها تعلق على الناس .

                                                          والعلق : الدم ، ما كان ، وقيل : هو الدم الجامد الغليظ ، وقيل : الجامد قبل أن ييبس ، وقيل : هو ما اشتدت حمرته ، والقطعة منه علقة .

                                                          وفي حديث سرية بني سليم : فإذا الطير ترميهم بالعلق . أي : بقطع الدم الواحدة علقة .

                                                          وفي حديث ابن أبي أوفى : أنه بزق علقة ثم مضى في صلاته أي : قطعة دم منعقد .

                                                          وفي التنزيل : ثم خلقنا النطفة علقة ومنه قيل لهذه الدابة التي تكون في الماء : علقة ؛ لأنها حمراء كالدم ، وكل دم غليظ علق .

                                                          والعلق : دود أسود في الماء معروف ، الواحدة علقة .

                                                          وعلق الدابة علقا : تعلقت به العلقة . وقال الجوهري : علقت الدابة إذا شربت الماء فعلقت بها العلقة . وعلقت به علقا : لزمته . ويقال : علق العلق بحنك الدابة علقا إذا عض على موضع العذرة من حلقه يشرب الدم ، وقد يشرط موضع المحاجم من الإنسان ويرسل عليه العلق حتى يمص دمه . والعلقة : دودة في الماء تمص الدم ، والجمع علق . والإعلاق : إرسال العلق على الموضع ليمص الدم .

                                                          وفي الحديث : اللدود أحب إلي من الإعلاق . وفي حديث عامر : خير الدواء العلق والحجامة .

                                                          العلق : دويدة حمراء تكون في الماء تعلق بالبدن وتمص الدم ، وهي من أدوية الحلق والأورام الدموية ؛ لامتصاصها الدم الغالب على الإنسان . والمعلوق من الدواب والناس : الذي أخذ العلق بحلقه عند الشرب . والعلوق : التي لا تحب زوجها ، ومن النوق التي لا تألف الفحل ولا ترأم الولد ، وكلاهما على الفأل ، وقيل : هي التي ترأم بأنفها ولا تدر ، وفي المثل : عاملنا معاملة العلوق ترأم فتشم ؛ قال :


                                                          وبدلت من أم علي شفيقة علوقا     وشر الأمهات علوقها

                                                          وقيل : العلوق التي عطفت على ولد غيرها فلم تدر عليه .

                                                          وقال اللحياني : هي التي ترأم بأنفها وتمنع درتها ؛ قال أفنون التغلبي :


                                                          أم كيف ينفع ما تأتي العلوق به     رئمان أنف إذا ما ضن باللبن

                                                          وأنشد ابن السكيت للنابغة الجعدي :


                                                          ومانحني كمناح العلو     ق ما تر من غرة تضرب

                                                          قال ابن بري : هذا البيت أورده الجوهري تضرب - برفع الباء - وصوابه بالخفض ؛ لأنه جواب الشرط ؛ وقبله :


                                                          وكان الخليل إذا رابني     فعاتبته ثم لم يعتب

                                                          يقول : أعطاني من نفسه غير ما في قلبه كالناقة التي تظهر بشمها الرأم والعطف ولم ترأمه .

                                                          والمعالق من الإبل : كالعلوق . ويقال : علق فلان راحلته إذا فسخ خطامها عن خطمها وألقاه عن غاربها ليهنئها .

                                                          والعلق : المال الكريم . يقال : علق خير ، وقد قالوا : علق شر ، والجمع أعلاق . ويقال : فلان علق علم وتبع علم وطلب علم . ويقال : هذا الشيء علق مضنة أي : يضن به ، وجمعه أعلاق . ويقال : عرق مضنة - بالراء - وقد تقدم .

                                                          وقال اللحياني : العلق الثوب الكريم أو الترس أو السيف ، قال : وكذا الشيء الواحد الكريم من غير الروحانيين ، ويقال له العلوق .

                                                          والعلق بالكسر : النفيس من كل شيء .

                                                          وفي حديث حذيفة : فما بال هؤلاء الذين يسرقون أعلاقنا . أي : نفائس أموالنا ، الواحد علق - بالكسر - سمي به لتعلق القلب به . والعلق أيضا : الخمر لنفاستها ، وقيل : هي القديمة منها ؛ قال :


                                                          إذا ذقت فاها قلت علق مدمس     أريد به قيل فغودر في ساب

                                                          أراد سأبا فخفف وأبدل ، وهو الزق أو الدن .

                                                          والعلق في الثوب : ما علق به . وأصاب ثوبي علق - بالفتح - وهو ما علقه فجذبه . والعلق والعلقة : الثوب النفيس يكون للرجل . والعلقة : قميص بلا كمين ، وقيل : هو ثوب صغير يتخذ للصبي ، وقيل : هو أول ثوب يلبسه المولود ؛ قال :


                                                          وما هي إلا في إزار وعلقة     مغار ابن همام على حي خثعما

                                                          ويقال : ما عليه علقة ، إذا لم يكن عليه ثياب لها قيمة ، ويقال : العلقة للصدرة تلبسها الجارية تبتذل بها ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          بأي علاقتنا ترغبو     ن عن دم عمرو على مرثد

                                                          وقد تقدم الاستشهاد به في المهر قال أبو نصر : أراد أي علاقتنا ثم أقحم الباء .

                                                          والعلاقة : التباعد ؛ فأراد أي ذلك تكرهون ، أتأبون دم عمرو على مرثد ولا ترضون به ؟ قال : والعلاقة ما كان من متاع أو مال أو علقة أيضا ، وعلق للنفيس من المال ، وقيل : كان مرثد قتل عمرا فدفعوا مرثدا ليقتل به فلم يرضوا ، وأرادوا أكثر من رجل برجل ، فقال : بأي ضعف وعجز رأيتم منا إذ طمعتم في أكثر من دم بدم ؟ والعلقة : نبات لا يلبث .

                                                          والعلقة : شجر يبقى في الشتاء تتبلغ به الإبل حتى تدرك الربيع . وعلقت الإبل تعلق علقا ، وتعلقت : أكلت من علقة الشجر . والعلق : ما تتبلغ به الماشية من الشجر ، وكذلك العلقة بالضم . وقال اللحياني : العلائق البضائع . وعلق فلان يفعل كذا : ظل ، كقولك طفق يفعل كذا ؛ قال الراجز :


                                                          علق حوضي نغر مكب     إذا غفلت غفلة يعب

                                                          أي : طفق يرده ، ويقال : أحبه واعتاده . وفي الحديث : فعلقوا وجهه ضربا . أي : طفقوا وجعلوا يضربونه . والإعلاق : رفع اللهاة . وفي الحديث : أن امرأة جاءت بابن لها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أعلقت عنه من العذرة فقال : علام تدغرن أولادكن بهذه العلق ؟ عليكم بكذا .

                                                          وفي حديث بهذا الإعلاق .

                                                          وفي حديث أم قيس : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بابن لي وقد أعلقت عليه .

                                                          الإعلاق : معالجة عذرة الصبي ، وهو وجع في حلقه وورم تدفعه أمه بأصبعها هي أو غيرها . يقال : أعلقت عليه أمه ، إذا فعلت ذلك وغمزت ذلك الموضع بأصبعها ودفعته . أبو العباس : أعلق إذا غمز حلق الصبي المعذور وكذلك دغر ، وحقيقة أعلقت عنه : أزلت العلوق وهي الداهية . قال الخطابي : المحدثون يقولون : أعلقت عليه . وإنما هو أعلقت عنه . أي : دفعت عنه . ومعنى أعلقت عليه : أوردت عليه العلوق . أي : ما عذبته به من دغرها ؛ [ ص: 258 ] ومنه قولهم : أعلقت علي ، إذا أدخلت يدي في حلقي أتقيأ .

                                                          وجاء في بعض الروايات العلاق ، وإنما المعروف الإعلاق ، وهو مصدر أعلقت ، فإن كان العلاق الاسم فيجوز ، وأما العلق فجمع علوق ، والإعلاق : الدغر . والمعلق : العلبة إذا كانت صغيرة ، ثم الجنبة أكبر منها تعمل من جنب الناقة ، ثم الحوأبة أكبرهن . والمعلق : قدح يعلقه الراكب معه ، وجمعه معالق . والمعالق : العلاب الصغار ، واحدها معلق ؛ قال الفرزدق :


                                                          وإنا لنمضي بالأكف رماحنا     إذا أرعشت أيديكم بالمعالق

                                                          والمعلقة : متاع الراعي ؛ عن اللحياني ، أو قال : بعض متاع الراعي . وعلقه بلسانه : لحاه كسلقه .

                                                          عن اللحياني : يقال سلقه بلسانه وعلقه إذا تناوله ؛ وهو معنى قول الأعشى :


                                                          نهار شراحيل بن قيس يريبني     وليل أبي عيسى أمر وأعلق

                                                          ومعاليق : ضرب من النخل معروف ؛ قال يذكر نخلا :


                                                          لئن نجوت ونجت معاليق     من الدبى إني إذا لمرزوق

                                                          والعلاق : شجر أو نبت . وبنو علقة : رهط الصمة ، ومنهم العلقات ، جمعوه على حد الهبيرات . وعلقة : اسم .

                                                          وذو علاق : جبل . وذو علق : اسم جبل ؛ عن أبي عبيدة .

                                                          وأنشد ابن أحمر :


                                                          ما أم غفر على دعجاء ذي علق ينفي     القراميد عنها الأعصم الوقل

                                                          وفي حديث حليمة : ركبت أتانا لي فخرجت أمام الركب حتى ما يعلق بها أحد منهم . أي : ما يتصل بها ويلحقها . وفي حديث ابن مسعود : إن امرأ بمكة كان يسلم تسليمتين فقال : أنى علقها ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعلها ؟ . أي : من أين تعلمها وممن أخذها ؟ . وفي حديث المقدام : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الرجل من أهل الكتاب يتزوج المرأة وما يعلق على يديها الخير وما يرغب واحد عن صاحبه حتى يموتا هرما .

                                                          قال الحربي : يقول من صغرها وقلة رفقها فيصبر عليها حتى يموتا هرما ، والمراد حث أصحابه على الوصية بالنساء والصبر عليهن . أي : أن أهل الكتاب يفعلون ذلك بنسائهم .

                                                          وعلقت المرأة أي : حبلت . وعلق الظبي في الحبالة . والعليق ، مثال القبيط : نبت يتعلق بالشجر يقال له بالفارسية " سبرند " وربما قالوا العليقى مثال القبيطى . وفي التهذيب في هذه الترجمة : روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : لنا حق إن نعطه نأخذه ، وإن لم نعطه نركب أعجاز الإبل .

                                                          قال الأزهري : معنى قوله : نركب أعجاز الإبل أي : نرضى من المركب بالتعليق ؛ لأنه إذا منع التمكن من الظهر رضي بعجز البعير ، وهو التعليق ، والأولى بهذا أن يذكر في ترجمة ( عجز ) وقد تقدم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية