الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ علم ]

                                                          علم : من صفات الله عز وجل العليم والعالم والعلام ؛ قال الله عز وجل : وهو الخلاق العليم وقال : عالم الغيب والشهادة وقال : علام الغيوب فهو الله العالم بما كان وما يكون قبل كونه ، وبما يكون ولما يكن بعد قبل أن يكون ، لم يزل عالما ، ولا يزال عالما بما كان وما يكون ، ولا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى ، أحاط علمه بجميع الأشياء باطنها وظاهرها دقيقها وجليلها على أتم الإمكان .

                                                          وعليم ، فعيل : من أبنية المبالغة . ويجوز أن يقال للإنسان الذي علمه الله علما من العلوم عليم ، كما قال يوسف للملك : إني حفيظ عليم . وقال الله عز وجل : إنما يخشى الله من عباده العلماء فأخبر عز وجل أن من عباده من يخشاه ، وأنهم هم العلماء ، وكذلك صفة يوسف عليه السلام : كان عليما بأمر ربه وأنه واحد ليس كمثله شيء إلى ما علمه الله من تأويل الأحاديث الذي كان يقضي به على الغيب ، فكان عليما بما علمه الله . وروى الأزهري عن سعد بن زيد عن أبي عبد الرحمن المقري في قوله تعالى : وإنه لذو علم لما علمناه قال : لذو عمل بما علمناه ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ممن سمعت هذا ؟ قال : من ابن عيينة ، قلت : حسبي . وروي عن ابن مسعود أنه قال : ليس العلم بكثرة الحديث ولكن العلم بالخشية . قال الأزهري : ويؤيد ما قاله قول الله عز وجل : إنما يخشى الله من عباده العلماء . وقال بعضهم : العالم الذي يعمل بما يعلم ، قال : وهذا يؤيد قول ابن عيينة .

                                                          والعلم : نقيض الجهل ، علم علما وعلم هو نفسه ، ورجل عالم وعليم من قوم علماء فيهما جميعا .

                                                          قال سيبويه : يقول علماء من لا يقول إلا عالما .

                                                          قال ابن جني : لما كان العلم قد يكون الوصف به بعد المزاولة له وطول الملابسة صار كأنه غريزة ، ولم يكن على أول دخوله فيه ، ولو كان كذلك لكان متعلما لا عالما ، فلما خرج بالغريزة إلى باب فعل صار عالم في المعنى كعليم ، فكسر تكسيره ، ثم حملوا عليه ضده فقالوا : جهلاء كعلماء ، وصار علماء كحلماء ؛ لأن العلم محلمة لصاحبه ، وعلى ذلك جاء عنهم فاحش وفحشاء لما كان الفحش من ضروب الجهل ونقيضا للحلم .

                                                          قال ابن بري : وجمع عالم علماء ، ويقال علام أيضا ؛ قال يزيد بن الحكم :


                                                          ومسترق القصائد والمضاهي سواء عند علام الرجال

                                                          وعلام وعلامة إذا بالغت في وصفه بالعلم أي : عالم جدا ، والهاء للمبالغة ، كأنهم يريدون داهية من قوم علامين ، وعلام من قوم علامين ؛ هذه عن اللحياني .

                                                          وعلمت الشيء أعلمه علما : عرفته .

                                                          قال ابن بري : وتقول علم وفقه أي : تعلم وتفقه ، وعلم وفقه أي : ساد العلماء والفقهاء .

                                                          والعلام والعلامة : النسابة ، وهو من العلم .

                                                          قال ابن جني : رجل علامة وامرأة علامة ، لم تلحق الهاء لتأنيث الموصوف بما هي فيه ، وإنما لحقت لإعلام السامع أن هذا الموصوف بما هي فيه قد بلغ الغاية والنهاية ، فجعل تأنيث الصفة أمارة لما أريد من تأنيث الغاية والمبالغة ، وسواء كان الموصوف بتلك الصفة مذكرا أو مؤنثا ، يدل على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو امرأة علامة وفروقة ونحوه إنما لحقت لأن المرأة مؤنثة لوجب أن تحذف في المذكر فيقال رجل فروق ، كما أن الهاء في قائمة وظريفة لما لحقت لتأنيث الموصوف حذفت مع تذكيره في نحو رجل قائم وظريف وكريم ، وهذا واضح .

                                                          وقوله تعالى : إلى يوم الوقت المعلوم الذي لا يعلمه إلا الله ، وهو يوم القيامة .

                                                          وعلمه العلم وأعلمه إياه فتعلمه ، وفرق سيبويه بينهما فقال : علمت كأذنت ، وأعلمت كآذنت ، وعلمته الشيء فتعلم ، وليس التشديد هنا للتكثير .

                                                          وفي حديث ابن مسعود : إنك غليم معلم .

                                                          أي : ملهم للصواب والخير .

                                                          كقوله تعالى : معلم مجنون أي : له من يعلمه . ويقال : تعلم في موضع اعلم .

                                                          وفي حديث الدجال : تعلموا أن ربكم ليس بأعور . بمعنى اعلموا ، وكذلك الحديث الآخر : تعلموا أنه ليس يرى أحد منكم ربه حتى يموت . كل هذا بمعنى اعلموا ؛ وقال عمرو بن معدي كرب :


                                                          تعلم أن خير الناس طرا     قتيل بين أحجار الكلاب

                                                          قال ابن بري : البيت لمعدي كرب بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي المعروف بغلفاء ، يرثي أخاه شرحبيل ، وليس هو لعمرو بن معدي كرب الزبيدي ؛ وبعده :

                                                          تداعت حوله جشم بن بكر وأسلمه جعاسيس الرباب قال : ولا يستعمل تعلم بمعنى اعلم إلا في الأمر ؛ قال : ومنه قول قيس بن زهير :


                                                          تعلم أن خير الناس ميتا

                                                          وقول الحارث بن وعلة :


                                                          فتعلمي أن قد كلفت بكم

                                                          [ ص: 264 ] قال : واستغني عن تعلمت بعلمت .

                                                          قال ابن السكيت : تعلمت أن فلانا خارج ، بمنزلة علمت .

                                                          وتعالمه الجميع أي : علموه .

                                                          وعالمه فعلمه يعلمه بالضم : غلبه بالعلم . أي : كان أعلم منه .

                                                          وحكى اللحياني : ما كنت أراني أن أعلمه ؛ قال الأزهري : وكذلك كل ما كان من هذا الباب بالكسر في يفعل فإنه في باب المغالبة يرجع إلى الرفع مثل ضاربته فضربته أضربه . وعلم بالشيء : شعر .

                                                          يقال : ما علمت بخبر قدومه . أي : ما شعرت .

                                                          ويقال : استعلم لي خبر فلان وأعلمنيه حتى أعلمه ، واستعلمني الخبر فأعلمته إياه .

                                                          وعلم الأمر وتعلمه : أتقنه .

                                                          وقال يعقوب : إذا قيل لك اعلم كذا قلت قد علمت ، وإذا قيل لك تعلم ، لم تقل : قد تعلمت ؛ وأنشد :


                                                          تعلم أنه لا طير إلا     على متطير وهي الثبور

                                                          وعلمت يتعدى إلى مفعولين ؛ ولذلك أجازوا علمتني كما قالوا ظننتني ورأيتني وحسبتني . تقول : علمت عبد الله عاقلا .

                                                          ويجوز أن تقول علمت الشيء بمعنى عرفته وخبرته . وعلم الرجل : خبره ، وأحب أن يعلمه أي : يخبره . وفي التنزيل : وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم . وأحب أن يعلمه . أي : أن يعلم ما هو . وأما قوله عز وجل : وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر .

                                                          قال الأزهري : تكلم أهل التفسير في هذه الآية قديما وحديثا .

                                                          قال : وأبين الوجوه التي تأولوا أن الملكين كانا يعلمان الناس وغيرهم ما يسألان عنه ، ويأمران باجتناب ما حرم عليهم وطاعة الله فيما أمروا به ونهوا عنه .

                                                          وفي ذلك حكمة لأن سائلا لو سأل : ما الزنا وما اللواط ؟ لوجب أن يوقف عليه ويعلم أنه حرام ، فكذلك مجاز إعلام الملكين الناس السحر وأمرهما السائل باجتنابه بعد الإعلام .

                                                          وذكر عن ابن الأعرابي أنه قال : تعلم بمعنى اعلم ، قال : ومنه قوله تعالى : وما يعلمان من أحد قال : ومعناه أن الساحر يأتي الملكين فيقول : أخبراني عما نهى الله عنه حتى أنتهي ، فيقولان : نهى عن الزنا ، فيستوصفهما الزنا فيصفانه ، فيقول : وعماذا ؟ فيقولان : وعن اللواط ، ثم يقول : وعماذا ؟ فيقولان : وعن السحر ، فيقول : وما السحر ؟ فيقولان : هو كذا ، فيحفظه وينصرف ، فيخالف فيكفر ، فهذا معنى يعلمان إنما هو يعلمان ، ولا يكون تعليم السحر إذا كان إعلاما كفرا ، ولا تعلمه إذا كان على معنى الوقوف عليه ليجتنبه كفرا ، كما أن من عرف الزنا لم يأثم بأنه عرفه إنما يأثم بالعمل .

                                                          وقوله تعالى : الرحمن علم القرآن قيل في تفسيره : إنه جل ذكره يسره لأن يذكر ، وأما قوله : علمه البيان فمعناه أنه علمه القرآن الذي فيه بيان كل شيء ، ويكون معنى قوله : علمه البيان جعله مميزا يعني الإنسان حتى انفصل من جميع الحيوان .

                                                          والأيام المعلومات : عشر ذي الحجة آخرها يوم النحر ، وقد تقدم تعليلها في ذكر الأيام المعدودات ، وأورده الجوهري منكرا فقال : والأيام المعلومات عشر من ذي الحجة ، ولا يعجبني .

                                                          ولقيه أدنى علم . أي : قبل كل شيء .

                                                          والعلم والعلمة والعلمة : الشق في الشفة العليا ، وقيل : في أحد جانبيها ، وقيل : هو أن تنشق فتبين .

                                                          علم علما ، فهو أعلم ، وعلمته أعلمه علما ، مثل كسرته أكسره كسرا : شققت شفته العليا ، وهو الأعلم .

                                                          ويقال للبعير : أعلم لعلم في مشفره الأعلى ، وإن كان الشق في الشفة السفلى فهو أفلح ، وفي الأنف أخرم ، وفي الأذن أخرب ، وفي الجفن أشتر ، ويقال فيه كله أشرم .

                                                          وفي حديث سهيل بن عمرو : أنه كان أعلم الشفة .

                                                          قال ابن السكيت : العلم مصدر علمت شفته أعلمها علما ، والشفة علماء .

                                                          والعلم : الشق في الشفة العليا ، والمرأة علماء .

                                                          وعلمه يعلمه ويعلمه علما : وسمه .

                                                          وعلم نفسه وأعلمها : وسمها بسيما الحرب .

                                                          ورجل معلم إذا علم مكانه في الحرب بعلامة أعلمها ، وأعلم حمزة يوم بدر ؛ ومنه قوله :


                                                          فتعرفوني إنني أنا ذاكم شاك     سلاحي في الحوادث معلم

                                                          وأعلم الفارس : جعل لنفسه علامة الشجعان ، فهو معلم ؛ قال الأخطل :


                                                          ما زال فينا رباط الخيل معلمة     وفي كليب رباط اللؤم والعار

                                                          معلمة ، بكسر اللام .

                                                          وأعلم الفرس : علق عليه صوفا أحمر أو أبيض في الحرب .

                                                          ويقال : علمت عمتي أعلمها علما ، وذلك إذا لثتها على رأسك بعلامة تعرف بها عمتك ؛ قال الشاعر :


                                                          ولثن السبوب خمرة قرشية     دبيرية يعلمن في لوثها علما

                                                          وقدح معلم : فيه علامة ؛ ومنه قول عنترة :


                                                          ركد الهواجر بالمشوف المعلم

                                                          والعلامة : السمة ، والجمع علام ، وهو من الجمع الذي لا يفارق واحده إلا بإلقاء الهاء ؛ قال عامر بن الطفيل :


                                                          عرفت بجو عارمة المقاما بسلمى     أو عرفت بها علاما

                                                          والمعلم مكانها .

                                                          وفي التنزيل في صفة عيسى - صلوات الله على نبينا وعليه - : وإنه لعلم للساعة وهي قراءة أكثر القراء ، وقرأ بعضهم : ( وإنه لعلم للساعة ) المعنى أن ظهور عيسى ونزوله إلى الأرض علامة تدل على اقتراب الساعة . ويقال لما يبنى في جواد الطريق من المنازل يستدل بها على الطريق : أعلام ، واحدها علم . والمعلم : ما جعل علامة وعلما للطرق والحدود مثل أعلام الحرم ومعالمه المضروبة عليه .

                                                          وفي الحديث : تكون الأرض يوم القيامة كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد .

                                                          هو من ذلك ، وقيل : المعلم الأثر .

                                                          والعلم : المنار .

                                                          قال ابن سيده : والعلامة والعلم الفصل يكون بين الأرضين .

                                                          والعلامة والعلم : شيء ينصب في الفلوات تهتدي به الضالة .

                                                          وبين القوم أعلومة : كعلامة ؛ عن أبي العميثل الأعرابي . وقوله تعالى : وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام قالوا : الأعلام الجبال . والعلم : العلامة . والعلم : الجبل الطويل .

                                                          وقال اللحياني : العلم الجبل فلم يخص الطويل ؛ قال جرير :


                                                          إذا قطعن علما بدا علم [ ص: 265 ]     حتى تناهين بنا إلى الحكم
                                                          خليفة الحجاج غير المتهم     في ضئضئ المجد وبؤبؤ الكرم

                                                          وفي الحديث : لينزلن إلى جنب علم .

                                                          والجمع أعلام وعلام ؛ قال :


                                                          قد جبت عرض فلاتها بطمرة     والليل فوق علامه متقوض

                                                          قال كراع : نظيره جبل وأجبال وجبال ، وجمل وأجمال وجمال ، وقلم وأقلام وقلام .

                                                          واعتلم البرق : لمع في العلم ؛ قال :


                                                          بل بريقا بت أرقبه بل     لا يرى إلا إذا اعتلما

                                                          خزم في أول النصف الثاني ؛ وحكمه :

                                                          لا يرى إلا إذا اعتلما

                                                          والعلم : رسم الثوب ، وعلمه رقمه في أطرافه .

                                                          وقد أعلمه : جعل فيه علامة وجعل له علما .

                                                          وأعلم القصار الثوب ، فهو معلم ، والثوب معلم . والعلم : الراية التي تجتمع إليها الجند ، وقيل : هو الذي يعقد على الرمح ؛ فأما قول أبي صخر الهذلي :


                                                          يشج بها عرض الفلاة تعسفا وأما     إذا يخفى من ارض علامها

                                                          فإن ابن جني قال فيه : ينبغي أن يحمل على أنه أراد " علمها " ، فأشبع الفتحة فنشأت بعدها ألف كقوله :


                                                          ومن ذم الرجال بمنتزاح

                                                          يريد بمنتزح .

                                                          وأعلام القوم : ساداتهم ، على المثل ، الواحد كالواحد .

                                                          ومعلم الطريق : دلالته ، وكذلك معلم الدين على المثل . ومعلم كل شيء : مظنته ، وفلان معلم للخير كذلك ، وكله راجع إلى الوسم والعلم ، وأعلمت على موضع كذا من الكتاب علامة .

                                                          والمعلم : الأثر يستدل به على الطريق ، وجمعه المعالم . والعالمون : أصناف الخلق . والعالم : الخلق كله ، وقيل : هو ما احتواه بطن الفلك ؛ قال العجاج :


                                                          فخندف هامة هذا العالم

                                                          جاء به مع قوله :


                                                          يا دار سلمى يا اسلمي ثم اسلمي

                                                          فأسس هذا البيت وسائر أبيات القصيدة غير مؤسس ، فعاب رؤبة على أبيه ذلك ، فقيل له : قد ذهب عنك أبا الجحاف ما في هذه ، إن أباك كان يهمز العالم والخاتم ، يذهب إلى أن الهمز هاهنا يخرجه من التأسيس إذ لا يكون التأسيس إلا بالألف الهوائية .

                                                          وحكى اللحياني عنهم : بأز بالهمز ، وهذا أيضا من ذلك . وقد حكى بعضهم : قوقأت الدجاجة وحلأت السويق ورثأت المرأة زوجها ، ولبأ الرجل بالحج ، وهو كله شاذ ؛ لأنه لا أصل له في الهمز ، ولا واحد للعالم من لفظه لأن عالما جمع أشياء مختلفة ، فإن جعل عالم اسما لواحد منها صار جمعا لأشياء متفقة ، والجمع عالمون ، ولا يجمع شيء على فاعل بالواو والنون إلا هذا ، وقيل : جمع العالم الخلق : العوالم . وفي التنزيل : الحمد لله رب العالمين قال ابن عباس : رب الجن والإنس ، وقال قتادة : رب الخلق كلهم . قال الأزهري : الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز وجل : تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا وليس النبي صلى الله عليه وسلم نذيرا للبهائم ، ولا للملائكة وهم كلهم خلق الله ، وإنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم نذيرا للجن والإنس .

                                                          وروي عن وهب بن منبه أنه قال : لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم ، الدنيا منها عالم واحد ، وما العمران في الخراب إلا كفسطاط في صحراء .

                                                          وقال الزجاج : معنى العالمين كل ما خلق الله ، كما قال : وهو رب كل شيء وهو جمع عالم ، قال : ولا واحد لعالم من لفظه لأن عالما جمع أشياء مختلفة ، فإن جعل عالم لواحد منها صار جمعا لأشياء متفقة .

                                                          قال الأزهري : فهذه جملة ما قيل في تفسير العالم ، وهو اسم بني على مثال فاعل كما قالوا خاتم وطابع ودانق . والعلام : الباشق ؛ قال الأزهري : وهو ضرب من الجوارح .

                                                          قال : وأما العلام بالتشديد فقد روي عن ابن الأعرابي أنه الحناء ، وهو الصحيح ، وحكاهما جميعا كراع بالتخفيف ؛ وأما قول زهير فيمن رواه كذا :

                                                          حتى إذا ما هوت كف العلام لها طارت وفي كفه من ريشها بتك فإن ابن جني روى عن أبي بكر محمد بن الحسن عن أبي الحسين أحمد بن سليمان المعبدي عن ابن أخت أبي الوزير عن ابن الأعرابي قال : العلام هنا الصقر ، قال : وهذا من طريف الرواية وغريب اللغة .

                                                          قال ابن بري : ليس أحد يقول إن العلام لب عجم النبق إلا الطائي ؛ قال : .

                                                          . . . . . . . . .

                                                          يشغلها     عن حاجة الحي علام وتحجيل

                                                          وأورد ابن بري هذا البيت مستشهدا به على الباشق بالتخفيف . والعلامي : الرجل الخفيف الذكي مأخوذ من العلام .

                                                          والعيلم : البئر الكثيرة الماء ؛ قال الشاعر :


                                                          من العيالم الخسف

                                                          وفي حديث الحجاج قال لحافر البئر : أخسفت أم أعلمت .

                                                          يقال : أعلم الحافر إذا وجد البئر عيلما . أي : كثيرة الماء ، وهو دون الخسف .

                                                          وقيل : العيلم الملحة من الركايا ، وقيل : هي الواسعة ، وربما سب الرجل فقيل : يابن العيلم . يذهبون إلى سعتها .

                                                          والعيلم : البحر .

                                                          والعيلم : الماء الذي عليه الأرض ، وقيل : العيلم الماء الذي علته الأرض يعني المندفن ؛ حكاه كراع .

                                                          والعيلم : التار الناعم .

                                                          والعيلم : الضفدع ؛ عن الفارسي .

                                                          والعيلام : الضبعان ، وهو ذكر الضباع ، والياء والألف زائدتان .

                                                          وفي خبر إبراهيم على نبينا وعليه السلام : أنه يحمل أباه ليجوز به الصراط فينظر إليه فإذا هو عيلام أمدر . وهو ذكر الضباع .

                                                          وعليم : اسم رجل ، وهو أبو بطن ، وقيل : هو عليم بن جناب الكلبي .

                                                          وعلام وأعلم وعبد الأعلم : أسماء .

                                                          قال ابن دريد : ولا أدري إلى أي شيء نسب عبد الأعلم .

                                                          وقولهم : علماء بنو فلان ، يريدون على الماء فيحذفون اللام تخفيفا .

                                                          وقال شمر في كتاب السلاح : العلماء من أسماء الدروع .

                                                          قال : ولم أسمعه إلا في بيت زهير بن جناب :

                                                          [ ص: 266 ]

                                                          جلح الدهر فانتحى لي وقدما     كان ينحي القوى على أمثالي
                                                          وتصدى ليصرع البطل الأر     وع بين العلماء والسربال
                                                          يدرك التمسح المولع في اللج     جة والعصم في رءوس الجبال

                                                          وقد ذكر ذلك في ترجمة عله .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية