الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 202 ] مسألة : ; قال رحمه الله : ( وعلى ملاك المملوكين أن ينفقوا عليهم ويكسوهم بالمعروف ) وجملة ذلك أن نفقة المملوكين على ملاكهم ثابتة بالسنة والإجماع ; أما السنة ، فما روى أبو ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إخوانكم خولكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده ، فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم } متفق عليه وروى أبو هريرة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق } رواه الشافعي ، في " مسنده " وأجمع العلماء على وجوب نفقة المملوك على سيده ، ولأنه لا بد له من نفقة ، ومنافعه لسيده ، وهو أخص الناس به ، فوجبت نفقته عليه ، كبهيمته والواجب من ذلك قدر كفايته من غالب قوت البلد ، سواء كان قوت سيده ، أو دونه ، أو فوقه ، وأدم مثله بالمعروف ; لقوله صلى الله عليه وسلم : { للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف } والمستحب أن يطعمه من جنس طعامه ; لقوله : " فليطعمه مما يأكل " فجمعنا بين الخبرين ، وحملنا خبر أبي هريرة على الإجزاء ، وحديث خبر أبي ذر على الاستحباب

                                                                                                                                            والسيد مخير بين أن يجعل نفقته من كسبه ، إن كان له كسب ، وبين أن ينفق عليه من ماله ويأخذ كسبه ، أو يجعله برسم خدمته ; لأن الكل ماله ، فإن جعل نفقته في كسبه ، فكانت وفق الكسب ، صرفه إليها ، وإن فضل من الكسب شيء ، فهو لسيده ، وإن كان فيه عوز ، فعلى سيده تمامها وأما الكسوة فبالمعروف من غالب الكسوة لأمثال العبد ، في ذلك البلد الذي هو به ، والأولى أن يلبسه من لباسه ; لقوله عليه السلام : " وليلبسه مما يلبس " ويستحب أن يساوي بين عبيده الذكور في الكسوة والإطعام ، وبين إمائه إن كن للخدمة أو الاستمتاع ، وإن كان فيهن من هو للخدمة ، وفيهن من هو للاستمتاع ، فلا بأس بزيادة من يزيدها للاستمتاع في الكسوة ; لأن ذلك حكم العرف ، ولأن غرضه تحميل من يزيدها للاستمتاع ، بخلاف الخادمة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية