الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 97 ] 56

ثم دخلت سنة ست وخمسين

فيها كان مشتى جنادة بن أبي أمية بأرض الروم ، وقيل : عبد الرحمن بن مسعود .

وقيل : غزا فيها في البحر يزيد بن شجرة ، وفي البر عياض بن الحارث : واعتمر معاوية فيها في رجب ، وحج بالناس الوليد بن عتبة بن أبي سفيان .

ذكر البيعة ليزيد بولاية العهد

وفي هذه السنة بايع الناس يزيد بن معاوية بولاية عهد أبيه .

وكان ابتداء ذلك وأوله من المغيرة بن شعبة ، فإن معاوية أراد أن يعزله عن الكوفة ويستعمل عوضه سعيد بن العاص ، فبلغه ذلك فقال : الرأي أن أشخص إلى معاوية فأستعفيه ليظهر للناس كراهتي للولاية :

فسار إلى معاوية وقال لأصحابه حين وصل إليه : إن لم أكسبكم الآن ولاية وإمارة لا أفعل ذلك أبدا :

ومضى حتى دخل على يزيد وقال [ ص: 98 ] له : إنه قد ذهب أعيان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله وكبراء قريش وذوو أسنانهم ، وإنما بقي أبناؤهم وأنت من أفضلهم وأحسنهم رأيا وأعلمهم ( بالسنة ) والسياسة ، ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة :

قال : أوترى ذلك يتم ؟ قال نعم .

فدخل يزيد على أبيه وأخبره بما قال المغيرة ، فأحضر المغيرة وقال له ما يقول يزيد ، فقال : يا أمير المؤمنين قد رأيت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان ، وفي يزيد منك خلف ، فاعقد له ، فإن حدث بك حادث كان كهفا للناس وخلفا منك ، ولا تسفك دماء ولا تكون فتنة :

قال : ومن لي بهذا ؟

قيل : أكفيك أهل الكوفة ويكفيك زياد أهل البصرة وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك :

قال : فارجع إلى عملك وتحدث مع من تثق إليه في ذلك وترى ونرى :

فودعه ورجع إلى أصحابه :

فقالوا : مه ؟ قال : لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمد وفتقت عليهم فتقا لا يرتق أبدا ، وتمثل :


بمثلي شاهدي النجوى وغالي بي الأعداء والخصم الغضابا

وسار المغيرة حتى قدم الكوفة وذاكر من يثق إليه ومن يعلم أنه شيعة لبني أمية أمر يزيد ، فأجابوا إلى بيعته ، فأوفد منهم عشرة ، ويقال أكثر من عشرة ، وأعطاهم ثلاثين ألف درهم ، وجعل عليهم ابنه موسى بن المغيرة ، وقدموا على معاوية فزينوا له بيعة يزيد ودعوه إلى عقدها :

فقال معاوية : لا تعجلوا بإظهار هذا وكونوا على رأيكم . ثم قال لموسى : بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم ؟ قال : بثلاثين ألفا :

قال : لقد هان عليهم دينهم .

وقيل : أرسل أربعين رجلا وجعل عليهم ابنه عروة ، فلما دخلوا على معاوية قاموا خطباء فقالوا : إنما أشخصهم إليه النظر لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : يا أمير المؤمنين كبرت سنك وخفنا انتشار الحبل ، فانصب لنا علما وحد لنا حدا ننتهي إليه :

فقال : أشيروا علي :

فقالوا : نشير بيزيد ابن أمير المؤمنين . فقال : أوقد رضيتموه ؟ قالوا : نعم :

قال : وذلك رأيكم ؟

قالوا نعم ، ورأي من وراءنا :

فقال معاوية لعروة سرا عنهم : بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم ؟ قال : بأربعمائة دينار :

قال : لقد وجد دينهم عندهم رخيصا :

وقال لهم : ننظر ما قدمتم له ، ويقضي الله ما أراد ، والأناة خير من العجلة . فرجعوا .

[ ص: 99 ] وقوي عزم معاوية على البيعة ليزيد ، فأرسل إلى زياد يستشيره ، فأحضر زياد عبيد بن كعب النميري وقيل له : إن لكل مستشير ثقة ، ولكل سر مستودعا ، وإن الناس قد أبدع بهم خصلتان : إذاعة السر وإخراج النصيحة إلى غير أهلها ، وليس موضع السر إلا أحد رجلين : رجل آخرة يرجو ثوابها ، ورجل دنيا له شرف في نفسه وعقل يصون حسبه ، وقد خبرتهما منك ، وقد دعوتك لأمر اتهمت عليه بطون الصحف ، إن أمير المؤمنين كتب يستشيرني في كذا وكذا ، وإنه يتخوف نفرة الناس ويرجو طاعتهم ، وعلاقة أمر الإسلام وضمانه عظيم ، ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد ، ( فالق أمير المؤمنين وأد إليه فعلات يزيد وقل له رويدك بالأمر ، فأحرى أن يتم لك [ ما تريد ] ، لا تعجل فإن دركا في تأخير خير من فوت في عجلة ) .

فقال له عبيد : أفلا غير هذا ؟ قال : وما هو ؟ قال : لا تفسد على معاوية رأيه ، ولا تبغض إليه ابنه وألقى أنا يزيد فأخبره أن أمير المؤمنين كتب إليك يستشيرك في البيعة له ، وأنك تتخوف خلاف الناس عليه لهنات ينقمونها عليه ، وأنك ترى له ترك ما ينقم عليه لتستحكم له الحجة على الناس ويتم ما تريد ، فتكون قد نصحت أمير المؤمنين وسلمت مما تخاف من أمر الأمة فقال زياد : لقد رميت الأمر بحجره ، اشخص على بركة الله ، فإن أصبت فما لا ينكر ، وإن يكن خطأ فغير مستغش ، وتقول بما ترى ، ويقضي الله بغيب ما يعلم .

فقدم على يزيد فذكر ذلك له ، فكف عن كثير مما كان يصنع ، وكتب زياد معه إلى معاوية يشير بالتؤدة وأن لا يعجل ، فقبل منه .

فلما مات زياد عزم معاوية على البيعة لابنه يزيد ، فأرسل إلى عبد الله بن عمر مائة ألف درهم ، فقبلها ، فلما ذكر البيعة ليزيد قال ابن عمر : هذا أراد أن ديني عندي إذن لرخيص . وامتنع .

ثم كتب معاوية بعد ذلك إلى مروان بن الحكم : إني قد كبرت سني ، ودق عظمي ، وخشيت الاختلاف على الأمة بعدي ، وقد رأيت أن أتخير لهم من يقوم بعدي ، وكرهت أن أقطع أمرا دون مشورة من عندك ، فاعرض ذلك عليهم وأعلمني بالذي [ ص: 100 ] يردون عليك :

فقام مروان في الناس فأخبرهم به ، فقال الناس : أصاب ووفق ، وقد أحببنا أن يتخير لنا فلا يألو .

فكتب مروان إلى معاوية بذلك ، فأعاد إليه الجواب يذكر يزيد ، فقام مروان فيهم وقال : إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل ، وقد استخلف ابنه يزيد بعده .

فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : كذبت والله يا مروان وكذب معاوية ! ما الخيار أردتما لأمة محمد ، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل :

فقال مروان : هذا الذي أنزل الله فيه : والذي قال لوالديه أف لكما الآية .

فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب وقالت : يا مروان يا مروان !

فأنصت مروان وأقبل مروان بوجهه :

فقالت : أنت القائل لعبد الرحمن إنه نزل فيه القرآن ؟ كذبت ! والله ما هو به ولكنه فلان بن فلان ، ولكنك أنت فضض من لعنة نبي الله .

وقام الحسين بن علي فأنكر ذلك ، وفعل مثله ابن عمر وابن الزبير ، فكتب مروان بذلك إلى معاوية ، وكان معاوية قد كتب إلى عماله بتقريظ يزيد ووصفه وأن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار ، فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو بن حزم من المدينة ، والأحنف بن قيس في وفد أهل البصرة ، فقال محمد بن عمرو لمعاوية : إن كل راع مسئول عن رعيته ، فانظر من تولي أمر أمة محمد :

فأخذ معاوية بهر حتى جعل يتنفس في يوم شات ثم وصله وصرفه ، وأمر الأحنف أن يدخل على يزيد ، فدخل عليه ، فلما خرج من عنده قال له : كيف رأيت ابن أخيك ؟ قيل : رأيت شبابا ونشاطا وجلدا ومزاحا .

ثم إن معاوية قال للضحاك بن قيس الفهري ، لما اجتمع الوفود عنده : إني متكلم فإذا سكت فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد وتحثني عليها :

فلما جلس معاوية للناس تكلم ، فعظم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقها وما أمر الله به من طاعة ولاة الأمر :

[ ص: 101 ] ثم ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة وعرض ببيعته ، فعارضه الضحاك فحمد الله وأثنى عليه ثم قيل : يا أمير المؤمنين إنه لا بد للناس من وال بعدك ، وقد بلونا الجماعة والألفة ، فوجدناهما أحقن للدماء ، وأصلح للدهماء ، وآمن للسبل ، وخيرا في العاقبة ، والأيام عوج رواجع ، والله كل يوم في شأن ، ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه وقصد سيرته على ما علمت ، وهو من أفضلنا علما وحلما ، وأبعدنا رأيا ، فوله عهدك واجعله لنا علما بعدك ومفزعا نلجأ إليه ونسكن في ظله .

وتكلم عمرو بن سعيد الأشدق بنحو من ذلك :

ثم قام يزيد بن المقنع العذري فقال : هذا أمير المؤمنين ، وأشار إلى معاوية ، فإن هلك فهذا ، وأشار إلى يزيد ، ومن أبى فهذا ، وأشار إلى سيفه :

فقال معاوية : اجلس فأنت سيد الخطباء . وتكلم من حضر من الوفود .

فقال معاوية للأحنف : ما تقول يا أبا بحر ؟ فقال : نخافكم إن صدقنا ، ونخاف الله إن كذبنا ، وأنت يا أمير المؤمنين أعلم بيزيد في ليله ونهاره وسره وعلانيته ومدخله ومخرجه ، فإن كنت تعلمه لله تعالى وللأمة رضى فلا تشاور [ الناس ] فيه ، وإن كنت تعلم فيه غير ذلك فلا تزوده وأنت صائر إلى الآخرة ، وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا . وقام رجل من أهل الشام فقال : ما ندري ما تقول هذه المعدية العراقية وإنما عندنا سمع وطاعة وضرب وازدلاف .

فتفرق الناس يحكون قول الأحنف ، وكان معاوية يعطي المقارب ويداري المباعد ويلطف به حتى استوثق له أكثر الناس وبايعه . فلما بايعه أهل العراق والشام سار إلى الحجاز في ألف فارس ، لما دنا من المدينة لقيه الحسين بن علي أول الناس ، فلما نظر إليه قال : لا مرحبا ولا أهلا ! بدنة بترقرق دمها والله مهريقه ! قال : مهلا فإني والله لست بأهل لهذه المقالة ! قال : بلى ولشر منها :

ولقيه ابن الزبير فقال : لا مرحبا ولا أهلا خب ضب تلعة ، يدخل رأسه ويضرب بذنبه ، ويوشك والله أن يؤخذ بذنبه ، ويدق ظهره ، نحياه عني ، فضرب وجه راحلته :

ثم لقيه عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال له معاوية : لا [ ص: 102 ] أهلا ولا مرحبا ! شيخ قد خرف وذهب عقله ، ثم أمر فضرب وجه راحلته :

ثم فعل بابن عمر نحو ذلك ، فأقبلوا معه لا يلتفت إليهم حتى دخل المدينة ، فحضروا بابه ، فلم يؤذن لهم على منازلهم ولم يروا منه ما يحبون ، فخرجوا إلى مكة فأقاموا بها ، وخطب معاوية بالمدينة فذكر يزيد فمدحه وقال : من أحق منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه ؟ وما أظن قوما بمنتهين حتى تصيبهم بوائق تجتث أصولهم ، وقد أنذرت إن أغنت النذر ، ثم أنشد متمثلا :


قد كنت حذرتك آل المصطلق     وقلت يا عمرو أطعني وانطلق
إنك إن كلفتني ما لم أطق     ساءك ما سرك مني من خلق


دونك ما استسقيته فاحس وذق

ثم دخل على عائشة ، وقد بلغها أنه ذكر الحسين وأصحابه ، فقال : لأقتلنهم إن لم يبايعوا ، فشكاهم إليها ، فوعظته وقالت له : بلغني أنك تتهدهم بالقتل ، فقال : يا أم المؤمنين هم أعز من ذلك ولكني بايعت ليزيد وبايعه غيرهم ، أفترين أن أنقض بيعة قد تمت ؟ قالت : فارفق بهم فإنهم يصيرون إلى ما تحب إن شاء الله :

قال : أفعل .

وكان في قولها له : ما يؤمنك أن أقعد لك رجلا يقتلك وقد فعلت بأخي ما فعلت ؟ تعني أخاها محمدا .

فقال لها : كلا يا أم المؤمنين ، إني في بيت أمن . قالت : أجل .

ومكث بالمدينة ما شاء الله ثم خرج إلى مكة فلقيه الناس ، فقال أولئك النفر : نتلقاه فلعله قد ندم على ما كان منه ، فلقوه ببطن مر ، فكان أول من لقيه الحسين ، فقال له معاوية : مرحبا وأهلا يا ابن رسول الله وسيد شباب المسلمين ، فأمر له بدابة فركب وسايره ، ثم فعل بالباقين مثل ذلك وأقبل يسايرهم لا يسير معه غيرهم حتى دخل مكة ، فكانوا أول داخل وآخر خارج ، ولا يمضي يوم إلا ولهم صلة ولا يذكر لهم شيئا ، حتى قضى نسكه وحمل أثقاله وقرب مسيره فقال بعض أولئك النفر لبعض : لا تخدعوا فما صنع بكم هذا لحبكم وما صنعه إلا لما يريد :

فأعدوا له جوابا فاتفقوا على أن يكون المخاطب له ابن الزبير .

فأحضرهم معاوية وقال : قد علمتم سيرتي وصلتي لأرحامكم وحملي ما [ ص: 103 ] كان منكم ، ويزيد أخوكم وابن عمكم وأردت أن تقدموه باسم الخلافة وتكونوا أنتم تعزلون وتؤمرون وتجبون المال وتقسمونه لا يعارضكم في شيء من ذلك .

فسكتوا . فقال : ألا تجيبون ؟ مرتين .

ثم أقبل على ابن الزبير ، فقال : هات لعمرك إنك خطيبهم . فقال : نعم ، نخيرك بين ثلاث خصال :

قال : اعرضهن :

قال : تصنع كما صنع رسول - صلى الله عليه وسلم - أو كما صنع أبو بكر أو كما صنع عمر :

قال معاوية : ما صنعوا ؟ قال : قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يستخلف أحدا فارتضى الناس أبا بكر :

قال : ليس فيكم مثل أبي بكر وأخاف الاختلاف :

قالوا : صدقت فاصنع كما صنع أبو بكر فإنه عهد إلى رجل من قاصية قريش ليس من بني أبيه فاستخلفه ، وإن شئت فاصنع كما صنع عمر ، جعل الأمر شورى في ستة نفر ليس فيهم أحد من ولده ولا من بني أبيه :

قال معاوية : هل عندك غير هذا ؟ قال : لا .

ثم قال : فأنتم ؟ قالوا : قولنا قوله .

قال : فإني قد أحببت أن أتقدم إليكم ، إنه قد أعذر من أنذر ، إني كنت أخطب فيكم فيقوم إلي القائم منكم فيكذبني على رءوس الناس فأحمل ذلك وأصفح ، وإني قائم بمقالة ، فأقسم بالله لئن رد علي أحدكم كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف إلى رأسه ، فلا يبقين رجل إلا على نفسه .

ثم دعا صاحب حرسه بحضرتهم فقال : أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين ومع كل واحد سيف ، فإن ذهب رجل منهم يرد علي كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفيهما .

ثم خرج وخرجوا معه حتى رقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم لا يبت أمر دونهم ولا يقضى إلا عن مشورتهم ، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد ، فبايعوا على اسم الله ! فبايع الناس ، وكانوا يتربصون بيعة هؤلاء النفر ، ثم ركب رواحله وانصرف إلى المدينة ، فلقي الناس أولئك النفر فقالوا لهم : زعمتم أنكم لا تبايعون فلم ؟ أرضيتم وأعطيتم وبايعتم ؟ قالوا : والله ما فعلنا :

فقالوا : ما منعكم أن تردوا على الرجل ؟ قالوا : كادنا وخفنا القتل .

وبايعه أهل المدينة ، ثم انصرف إلى الشام وجفا بني هاشم ، فأتاه ابن عباس فقال

[ ص: 104 ] له : ما بالك جفوتنا ؟ قال : إن صاحبكم لم يبايع ليزيد فلم تنكروا ذلك عليه فقال : يا معاوية إني لخليق أن أنحاز إلى بعض السواحل فأقيم به ثم أنطلق بما تعلم حتى أدع الناس كلهم خوارج عليك :

قال : يا أبا العباس تعطون وترضون وترادون .

وقيل : إن ابن عمر قال لمعاوية : أبايعك على أني أدخل فيما تجتمع عليه الأمة ، فوالله لو اجتمعت على حبشي لدخلت معها ثم عاد إلى منزله فأغلق بابه ولم يأذن لأحد .

قلت : ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر لا يستقيم على قول من يجعل وفاته سنة ثلاث وخمسين ، وإنما يصح على قول من يجعلها بعد ذلك الوقت .

التالي السابق


الخدمات العلمية