الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عير ]

                                                          عير : العير : الحمار ، أيا كان أهليا أو وحشيا ، وقد غلب على الوحشي ، والأنثى عيرة . قال أبو عبيد : ومن أمثالهم في الرضا بالحاضر ونسيان الغائب قولهم : إن ذهب العير فعير في الرباط ؛ قال : ولأهل الشام في هذا مثل : عير بعير وزيادة عشرة . وكان خلفاء بني أمية كلما مات واحد منهم زاد الذي يخلفه في عطائهم عشرة فكانوا يقولون هذا عند ذلك . ومن أمثالهم : فلان أذل من العير ، فبعضهم يجعله الحمار الأهلي ، وبعضهم يجعله الوتد ؛ وقول شمر :


                                                          لو كنت عيرا كنت عير مذلة أو كنت عظما كنت كسر قبيح



                                                          أراد بالعير الحمار ، وبكسر القبيح طرف عظم المرفق الذي لا لحم عليه ؛ قال : ومنه قولهم فلان أذل من العير . وجمع العير أعيار وعيار [ ص: 349 ] وعيور وعيورة وعيارات ، ومعيوراء اسم للجمع . قال الأزهري : المعيورا الحمير - مقصور - وقد يقال المعيوراء ممدودة ، مثل المعلوجاء والمشيوخاء والمأتوناء ، يمد ذلك كله ويقصر . وفي الحديث : إذا أراد الله بعبد شرا أمسك عليه بذنوبه حتى يوافيه يوم القيامة كأنه عير ؛ العير : الحمار الوحشي ، وقيل : أراد الجبل الذي بالمدينة اسمه عير ، شبه عظم ذنوبه به . وفي حديث علي : لأن أمسح على ظهر عير بالفلاة أي : حمار وحش ؛ فأما قول الشاعر :


                                                          أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة     وفي الحرب أشباه النساء العوارك



                                                          فإنه لم يجعلهم أعيارا على الحقيقة لأنه إنما يخاطب قوما ، والقوم لا يكونون أعيارا إنما شبههم بها في الجفاء والغلظة ، ونصبه على معنى أتلونون وتنقلون مرة كذا ومرة كذا ؟ وأما قول سيبويه : لو مثلت الأعيار في البدل من اللفظ بالفعل لقلت : أتعيرون إذا أوضحت معناه ، فليس من كلام العرب ، إنما أراد أن يصوغ فعلا أي : بناء كيفية البدل من اللفظ بالفعل ، وقوله لأنك إنما تجريه مجرى ما له فعل من لفظه ، يدلك على أن قوله تعيرون ليس من كلام العرب . والعير : العظم الناتئ وسط الكف ، والجمع أعيار . وكتف معيرة ومعيرة على الأصل : ذات عير . وعير النصل : الناتئ في وسطه ؛ قال الراعي :


                                                          فصادف سهمه أحجار قف     كسرن العير منه والغرارا



                                                          وقيل : عير النصل وسطه . وقال أبو حنيفة : قال أبو عمرو : نصل معير فيه عير . والعير من أذن الإنسان والفرس : ما تحت الفرع من باطنه كعير السهم ، وقيل : العيران متنا أذني الفرس . وفي حديث أبي هريرة : إذا توضأت فأمر على عيار الأذنين الماء ؛ العيار جمع عير ، وهو الناتئ المرتفع من الأذن . وكل عظم ناتئ من البدن : عير . وعير القدم : الناتئ في ظهرها . وعير الورقة : الخط الناتئ في وسطها كأنه جدير . وعير الصخرة : حرف ناتئ فيها خلقة ، وقيل : كل ناتئ في وسط مستو عير . وعير الأذن : الوتد الذي في باطنها . والعير : ماقئ العين ؛ عن ثعلب ، وقيل : العير إنسان العين ، وقيل لحظها ؛ قال تأبط شرا :


                                                          ونار قد حضأت بعيد وهن     بدار ما أريد بها مقاما
                                                          سوى تحليل راحلة وعير     أكالئه مخافة أن يناما



                                                          وفي المثل : جاء قبل عير وما جرى أي : قبل لحظة العين . قال أبو طالب : العير المثال الذي في الحدقة يسمى اللعبة ؛ قال والذي جرى الطرف ، وجريه حركته ؛ والمعنى : قبل أن يطرف الإنسان ، وقيل : عير العين جفنها . قال الجوهري : يقال فعلت ذلك قبل عير وما جرى . قال أبو عبيدة : ولا يقال أفعل ؛ وقول الشماخ :


                                                          أعدو القبصى قبل عير وما جرى     ولم تدر ما خبري ولم أدر ما لها



                                                          فسره ثعلب فقال : معناه قبل أن أنظر إليك ، ولا يتكلم بشيء عن ذلك في النفي . والقبصى والقمصى : ضرب من العدو فيه نزو . وقال اللحياني : العير هنا الحمار الوحشي ، ومن قال : قبل عائر وما جرى ، عنى السهم . والعير : الوتد . والعير : الجبل ، وقد غلب على جبل بالمدينة . والعير : السيد والملك . وعير القوم : سيدهم ؛ وقوله :


                                                          زعموا أن كل من ضرب العي     ر موال لنا وأنا الولاء



                                                          قيل : معناه كل من ضرب بجفن على عير ، وقيل : يعني الوتد ، أي : من ضرب وتدا من أهل العمد ، وقيل : يعني إيادا لأنهم أصحاب حمير ، وقيل : يعني جبلا ، ومنهم من خص فقال : جبلا بالحجاز ، وأدخل عليه اللام كأنه جعله من أجبل كل واحد منها عير ، وجعل اللام زائدة على قوله :


                                                          ولقد نهيتك عن بنات الأوبر



                                                          إنما أراد بنات أوبر فقال : كل من ضربه أي ضرب فيه وتدا أو نزله ، وقيل : يعني المنذر بن ماء السماء لسيادته ، ويروى الولاء - بالكسر - حكى الأزهري عن أبي عمرو بن العلاء ، قال : مات من كان يحسن تفسير بيت الحارث بن حلزة : زعموا أن كل من ضرب العير ( البيت ) . قال أبو عمرو : العير هو الناتئ في بؤبؤ العين ، ومعناه أن كل من انتبه من نومه حتى يدور عيره جنى جناية فهو مولى لنا ؛ يقولونه ظلما وتجنيا ؛ قال : ومنه قولهم : أتيتك قبل عير وما جرى أي : قبل أن ينتبه نائم . وقال أحمد بن يحيى في قوله : وما جرى ، أرادوا وجريه ، أرادوا المصدر . ويقال : ما أدري أي من ضرب العير هو ، أي : أي الناس هو ؛ حكاه يعقوب . والعيران : المتنان يكتنفان جانبي الصلب . والعير : الطبل . وعار الفرس والكلب يعير عيارا : ذهب كأنه منفلت من صاحبه يتردد . ومن أمثالهم : كلب عائر خير من كلب رابض ؛ فالعائر المتردد ، وبه سمي العير لأنه يعير فيتردد في الفلاة . وعار الفرس إذا ذهب على وجهه وتباعد عن صاحبه . وعار الرجل في القوم يضربهم : مثل عاث . الأزهري : فرس عيار إذا عاث ، وهو الذي يكون نافرا ذاهبا في الأرض . وفرس عيار بأوصال أي : يعير هاهنا وهاهنا من نشاطه . وفرس عيار إذا نشط فركب جانبا ثم عدل إلى جانب آخر من نشاطه ؛ وأنشد أبو عبيد :


                                                          ولقد رأيت فوارسا من قومنا     غنظوك غنظ جرادة العيار



                                                          قال ابن الأعرابي في مثل العرب : غنظوه غنظ جرادة العيار ؛ قال : العيار رجل ، وجرادة فرس ؛ قال : وغيره يخالفه ويزعم أن جرادة العيار جرادة وضعت بين ضرسيه فأفلتت ، وقيل : أراد بجرادة العيار جرادة وضعها في فيه فأفلتت من فيه ، قال : وغنظه ووكظه يكظه وكظا ، وهي المواكظة والمواظبة ، كل ذلك إذا لازمه وغمه بشدة تقاض وخصومة ؛ وقال :


                                                          لو يوزنون عيارا أو مكايلة     مالوا بسلمى ولم يعدلهم أحد



                                                          وقصيدة عائرة : سائرة ، والفعل كالفعل ، والاسم العيارة . وفي الحديث : أنه كان يمر بالتمرة العائرة فما يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون من الصدقة ؛ العائرة : الساقطة لا يعرف لها مالك ، من عار [ ص: 350 ] الفرس إذا انطلق من مربطه مارا على وجهه ؛ ومنه الحديث : مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين غنمين أي : المترددة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع . وفي حديث ابن عمر في الكلب الذي دخل حائطه : إنما هو عائر ؛ وحديثه الآخر : أن فرسا له عار أي : أفلت وذهب على وجهه . ورجل عيار : كثير المجيء والذهاب في الأرض ، وربما سمي الأسد بذلك لتردده ومجيئه وذهابه في طلب الصيد قال أوس بن حجر :


                                                          ليث عليه من البردي هبرية     كالمزبراني عيار بأوصال



                                                          أي : يذهب بها ويجيء ؛ قال ابن بري : من رواه ( عيار ) - بالراء - فمعناه أنه يذهب بأوصال الرجال إلى أجمته ، ومنه قولهم ما أدري أي الجراد عاره ، ويروى عيال ، وسنذكره في موضعه ؛ وأنشد الجوهري :


                                                          لما رأيت أبا عمرو رزمت له     مني كما رزم العيار في الغرف



                                                          جمع غريف وهو الغابة . قال : وحكى الفراء رجل عيار إذا كان كثير التطواف والحركة ذكيا ؛ وفرس عيار وعيال ؛ والعيرانة من الإبل : الناجية في نشاط ، من ذلك ، وقيل : شبهت بالعير في سرعتها ونشاطها ، وليس ذلك بقوي ؛ وفي قصيد كعب :


                                                          عيرانة قذفت بالنحض عن عرض



                                                          هي الناقة الصلبة تشبيها بعير الوحش ، والألف والنون زائدتان . ابن الأعرابي : العير الفرس النشيط . قال : والعرب تمدح بالعيار وتذم به ، يقال : غلام عيار نشيط في المعاصي ، وغلام عيار نشيط في طاعة الله - تعالى . قال الأزهري : والعير جمع عائر وهو النشيط ، وهو مدح وذم . عاور البعير عيرانا إذا كان في شول فتركها وانطلق نحو أخرى يريد القرع ، والعائرة التي تخرج من الإبل إلى أخرى ليضربها الفحل . وعار في الأرض يعير أي : ذهب ، وعار الرجل في القوم يضربهم بالسيف عيرانا : ذهب وجاء ؛ ولم يقيده الأزهري بضرب ولا بسيف بل قال : عار الرجل يعير عيرانا ، وهو تردده في ذهابه ومجيئه ؛ ومنه قيل : كلب عائر وعيار ، وهو من ذوات الياء ، وأعطاه من المال عائرة عينين أي : ما يذهب فيه البصر مرة هنا ومرة هنا ، وقد تقدم في ( عور ) أيضا . وعيران الجراد وعوائره : أوائله الذاهبة المفترقة في قلة . ويقال : ما أدري أي الجراد عاره أي : ذهب به وأتلفه ، لا آتي له في قول الأكثر ، وقيل : يعيره ويعوره ؛ وقول مالك بن زغبة :


                                                          إذا انتسئوا فوت الرماح أتتهم     عوائر نبل كالجراد نطيرها



                                                          عنى به الذاهبة المتفرقة ؛ وأصله في الجراد فاستعاره . قال المؤرج : ومن أمثالهم : عير عاره وتده ؛ عاره أي : أهلكه كما يقال لا أدري أي الجراد عاره . وعرت ثوبه : ذهبت به . وعير الدينار : وازن به آخر . وعير الميزان والمكيال وعاورهما وعايرهما وعاير بينهما معايرة وعيارا : قدرهما ونظر ما بينهما ؛ ذكر ذلك أبو الجراح في باب ما خالفت العامة فيه لغة العرب . ويقال : فلان يعاير فلانا ويكايله أي : يساميه ويفاخره . وقال أبو زيد : يقال هما يتعايبان ويتعايران ، فالتعاير التساب ، والتعايب دون التعاير إذا عاب بعضهم بعضا . والمعيار من المكاييل : ما عير . قال الليث : العيار ما عايرت به المكاييل ، فالعيار صحيح تام واف ، تقول : عايرت به أي : سويته ، وهو العيار والمعيار . يقال : عايروا ما بين مكاييلكم وموازينكم ، وهو فاعلوا من العيار ، ولا تقل : عيروا . وعيرت الدنانير : وهو أن تلقي دينارا دينارا فتوازن به دينارا دينارا ، وكذلك عيرت تعييرا إذا وزنت واحدا واحدا ، يقال هذا في الكيل والوزن . قال الأزهري : فرق الليث بين عايرت وعيرت ، فجعل عايرت في المكيال وعيرت في الميزان ؛ قال : والصواب ما ذكرناه في عايرت وعيرت فلا يكون عيرت إلا من العار والتعيير ؛ وأنشد الباهلي قول الراجز :


                                                          وإن أعارت حافرا معارا     وأبا حمت نسوره الأوقارا



                                                          وقال : ومعنى أعارت رفعت وحولت ، قال : ومنه إعارة الثياب والأدوات . واستعار فلان سهما من كنانته : رفعه وحوله منها إلى يده ؛ وأنشد قوله :


                                                          هتافة تخفض من يديرها     وفي اليد اليمنى لمستعيرها
                                                          شهباء تروي الريش من بصيرها



                                                          شهباء : معبلة ، والهاء في مستعيرها لها ، والبصيرة : طريقة الدم . والعير ، مؤنثة : القافلة ، وقيل : العير الإبل التي تحمل الميرة ، لا واحد لها من لفظها . وفي التنزيل : ولما فصلت العير وروى سلمة عن الفراء أنه أنشده قول ابن حلزة :


                                                          زعموا أن كل من ضرب العير



                                                          بكسر العين . قال : والعير الإبل ، أي : كل من ركب الإبل موال لنا أي : العرب كلهم موال لنا من أسفل لأنا أسرنا فيهم فلنا نعم عليهم ؛ قال ابن سيده : وهذا قول ثعلب ، والجمع عيرات ، قال سيبويه : جمعوه بالألف والتاء لمكان التأنيث وحركوا الياء لمكان الجمع بالتاء وكونه اسما فاجتمعوا على لغة هذيل لأنهم يقولون جوزات وبيضات . قال : وقد قال بعضهم عيرات - بالإسكان - ولم يكسر على البناء الذي يكسر عليه مثله ، جعلوا التاء عوضا من ذلك ، كما فعلوا ذلك في أشياء كثيرة لأنهم مما يستغنون بالألف والتاء عن التكسير ، وبعكس ذلك ، وقال أبو الهيثم في قوله : ولما فصلت العير كانت حمرا ، قال : وقول من قال العير الإبل خاصة باطل . العير : كل ما امتير عليه من الإبل والحمير والبغال ، فهو عير قال : وأنشدني نصير لأبي عمرو السعدي في صفة حمير سماها عيرا :


                                                          أهكذا لا ثلة ولا لبن     ولا يزكين إذا الدين اطمأن
                                                          مفلطحات الروث يأكلن     الدمن لا بد أن يخترن
                                                          مني بين أن يسقن     عيرا أو يبعن بالثمن



                                                          قال : وقال نصير الإبل لا تكون عيرا حتى يمتار عليها . وحكى الأزهري عن ابن الأعرابي قال : العير من الإبل ما كان عليه حمله أو لم يكن . وفي حديث عثمان : أنه كان يشتري العير حكرة ، ثم [ ص: 351 ] يقول : من يربحني عقلها ؟ العير : الإبل بأحمالها فعل من عار يعير إذا سار ، وقيل : هي قافلة الحمير ، وكثرت حتى سميت بها كل قافلة ، فكل قافلة عير كأنها جمع عير ، وكان قياسها أن يكون فعلا - بالضم - كسقف في سقف إلا أنه حوفظ على الياء بالكسرة نحو عين . وفي الحديث : أنهم كانوا يترصدون عيرات قريش ؛ هو جمع عير ، يريد إبلهم ودوابهم التي كانوا يتاجرون عليها . وفي حديث ابن عباس : أجاز لها العيرات ؛ هي جمع عير أيضا ؛ قال سيبويه : اجتمعوا فيها على لغة هذيل ، يعني تحريك الياء ، والقياس التسكين ؛ وقول أبي النجم :


                                                          وأتت النمل القرى بعيرها     من حسك التلع ومن خافورها



                                                          إنما استعاره للنمل ، وأصله فيما تقدم . وفلان عيير وحده إذا انفرد بأمره ، وهو في الذم ، كقولك : نسيج وحده ، في المدح . وقال ثعلب : عيير وحده أي : يأكل وحده . قال الأزهري : فلان عيير وحده وجحيش وحده ، وهما اللذان لا يشاوران الناس ولا يخالطانهم وفيهما مع ذلك مهانة وضعف . وقال الجوهري : فلان عيير وحده وهو المعجب برأيه ، وإن شئت كسرت أوله مثل شييخ وشييخ ، ولا تقل : عوير ولا شويخ . والعار : السبة والعيب ، وقيل : هو كل شيء يلزم به سبة أو عيب ، والجمع أعيار . ويقال : فلان ظاهر الأعيار أي : ظاهر العيوب ؛ قال الراعي :


                                                          ونبت شر بني تميم منصبا     دنس المروءة ظاهر الأعيار



                                                          كأنه مما يعير به ، والفعل منه التعيير ، ومن هذا قيل : هم يتعيرون من جيرانهم الماعون والأمتعة ؛ قال الأزهري : وكلام العرب يتعورون - بالواو - وقد عيره الأمر ؛ قال النابغة :


                                                          وعيرتني بنو ذبيان خشيته     وهل علي بأن أخشاك من عار



                                                          وتعاير القوم : عير بعضهم بعضا ، والعامة تقول : عيره بكذا . والمعاير : المعايب ؛ يقال : عاره إذا عابه ؛ قالت ليلى الأخيلية :


                                                          لعمرك ما بالموت عار على امرئ     إذا لم تصبه في الحياة المعاير



                                                          وتعاير القوم : تعايبوا . والعارية : المنيحة ، ذهب بعضهم إلى أنها من العار ، وهو قويل ضعيف ، وإنما غرهم منه قولهم يتعيرون العواري ، وليس على وضعه إنما هي معاقبة من الواو إلى الياء . وقال الليث : سميت العارية عارية لأنها عار على من طلبها . وفي الحديث : أن امرأة مخزومية كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر بها فقطعت يدها ؛ الاستعارة من العارية ، وهي معروفة . قال ابن الأثير : وذهب عامة أهل العلم إلى أن المستعير إذا جحد العارية لا يقطع لأنه جاحد خائن ، وليس بسارق ، والخائن والجاحد لا قطع عليه نصا وإجماعا . وذهب إسحاق إلى القول بظاهر هذا الحديث ، وقال أحمد : لا أعلم شيئا يدفعه ؛ قال الخطابي : وهو حديث مختصر اللفظ والسياق وإنما قطعت المخزومية لأنها سرقت ، وذلك بين في رواية عائشة لهذا الحديث ؛ ورواه مسعود بن الأسود فذكر أنها سرقت قطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفا لها بخاص صفتها إذ كانت الاستعارة والجحد معروفة بها ومن عادتها ، كما عرفت بأنها مخزومية ، إلا أنها لما استمر بها هذا الصنيع ترقت إلى السرقة ، واجترأت عليها ، فأمر بها فقطعت . والمستعير : السمين من الخيل . والمعار : المسمن . يقال : أعرت الفرس أسمنته ؛ قال :


                                                          أعيروا خيلكم ثم اركضوها     أحق الخيل بالركض المعار



                                                          ومنهم من قال : المعار المنتوف الذنب ، وقال قوم : المعار المضمر المقدح ، وقيل : المضمر المعار لأن طريقة متنه نتأت فصار لها عير ناتئ ، وقال ابن الأعرابي وحده : هو من العارية ، وذكره ابن بري أيضا وقال : لأن المعار يهان بالابتذال ولا يشفق عليه شفقة صاحبه ؛ وقيل في قوله :


                                                          أعيروا خيلكم ثم اركبوها



                                                          إن معنى أعيروها أي : ضمروها بترديدها ، من عار يعير ، إذا ذهب وجاء . وقد روي المعار - بكسر الميم - والناس رووه المعار ؛ قال : والمعار الذي يحيد عن الطريق براكبه كما يقال حاد عن الطريق ؛ قال الأزهري : مفعل من عار يعير كأنه في الأصل معير ، فقيل معار . قال الجوهري : وعار الفرس أي : انفلت وذهب هاهنا وهاهنا من المرح ، وأعاره صاحبه ، فهو معار ؛ ومنه قول الطرماح :


                                                          وجدنا في كتاب بني تميم     أحق الخيل بالركض المعار



                                                          قال : والناس يرونه المعار من العارية ، وهو خطأ ؛ قال ابن بري : وهذا البيت يروى لبشر بن أبي خازم . وعير السراة : طائر كهيئة الحمامة قصير الرجلين مسرولهما أصفر الرجلين والمنقار أكحل العينين صافي اللون إلى الخضرة أصفر البطن وما تحت جناحيه وباطن ذنبه كأنه برد وشي ، ويجمع عيور السراة ، والسراة موضع بناحية الطائف ، ويزعمون أن هذا الطائر يأكل ثلاثمائة تينة من حيث تطلع من الورق صغارا وكذلك العنب . والعير : اسم رجل كان له واد مخصب ، وقيل : هو اسم موضع خصيب غيره الدهر فأقفر ، فكانت العرب تستوحشه وتضرب به المثل في البلد الوحش ، وقيل : هو اسم واد ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          وواد كجوف العير قفر مضلة     قطعت بسام ساهم الوجه حسان


                                                          قال الأزهري : قوله كجوف العير ، أي : كوادي العير وكل واد عند العرب : جوف . ويقال للموضع الذي لا خير فيه : هو كجوف عير لأنه لا شيء في جوفه ينتفع به ؛ ويقال : أصله قولهم أخلى من جوف حمار . وفي حديث أبي سفيان : قال رجل : أغتال محمدا ثم آخذ في عير عدوي أي : أمضي فيه وأجعله طريقي وأهرب ؛ حكى ذلك ابن الأثير عن أبي موسى . وعير : اسم جبل ؛ قال الراعي :


                                                          بأعلام مركوز فعير فعزب     مغاني أم الوبر إذ هي ما هيا



                                                          وفي الحديث : أنه حرم ما بين عير إلى ثور ؛ هما جبلان ، وقال ابن الأثير : جبلان بالمدينة ، وقيل : ثور بمكة ؛ قال : ولعل الحديث ما بين [ ص: 352 ] عير إلى أحد ، وقيل : بمكة أيضا جبل يقال له عير . وابنة معير : الداهية . وبنات معير : الدواهي ؛ يقال : لقيت منه ابنة معير ؛ يريدون الداهية والشدة . وتعار - بكسر التاء : اسم جبل ؛ قال بشر يصف ظعنا ارتحلن من منازلهن فشبههن في هوادجهن بالظباء في أكنستها :


                                                          وليل ما أتين على أروم     وشابة عن شمائلها تعار
                                                          كأن ظباء أسنمة عليها     كوانس قالصا عنها المغار



                                                          المغار : أماكن الظباء ، وهي كنسها . وشابة وتعار : جبلان في بلاد قيس . وأروم وشابة : موضعان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية