الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عيم ]

                                                          عيم : العيمة : شهوة اللبن . عام الرجل إلى اللبن يعام ويعيم عيما وعيمة : اشتهاه . قال الليث : يقال عمت عيمة وعيما شديدا ، قال : وكل شيء من نحو هذا مما يكون مصدرا لفعلان وفعلى ، فإذا أنثت المصدر فخفف ، وإذا حذفت الهاء فثقل نحو الحيرة والحير ، والرغبة والرغب ، والرهبة والرهب ، وكذلك ما أشبهه من ذواته . وفي الدعاء على الإنسان : ما له آم وعام ؛ فمعنى آم هلكت امرأته ، وعام هلكت ماشيته فاشتاق إلى اللبن . وعام القوم إذا قل لبنهم . وقال اللحياني : عام فقد اللبن ، فلم يزد على ذلك . ورجل عيمان أيمان : ذهبت إبله وماتت امرأته . قال ابن بري : وحكى أبو زيد عن الطفيل بن يزيد امرأة عيمى أيمى ، وهذا يقضي بأن المرأة التي مات زوجها ولا مال لها عيمى أيمى . وامرأة عيمى وجمعها وعيام وعيام كعطشان وعطاش ؛ وأنشد ابن بري للجعدي :


                                                          كذلك يضرب الثور المعنى ليشرب وارد البقر العيام



                                                          وأعام القوم : هلكت إبلهم فلم يجدوا لبنا . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتعوذ من العيمة والغيمة والأيمة ؛ العيمة : شدة الشهوة للبن حتى لا يصبر عنه ، والأيمة : طول العزبة ، والعيم والغيم : العطش ؛ وقال أبو المثلم الهذلي :


                                                          تقول أرى أبينيك اشرهفوا     فهم شعث رءوسهم عيام



                                                          قال الأزهري : أراد أنهم عيام إلى شرب اللبن شديدة شهوتهم له . والعيمة أيضا : شدة العطش ؛ قال أبو محمد الحذلمي :


                                                          تشفى بها العيمة من سقامها



                                                          والعيمة من المتاع : خيرته . قال الأزهري : عيمة كل شيء - بالكسر - [ ص: 357 ] خياره ، وجمعها عيم . وقد اعتام يعتام اعتياما واعتان يعتان اعتيانا إذا اختار ؛ وقال الطرماح يمدح رجلا وصفه بالجود :


                                                          مبسوطة يستن أوراقها     على مواليها ومعتامها



                                                          واعتام الرجل : أخذ العيمة . وفي حديث عمر : إذا وقف الرجل عليك غنمه فلا تعتمه أي : لا تختر غنمه ولا تأخذ منه خيارها . وفي الحديث في صدقة الغنم : يعتامها صاحبها شاة شاة أي يختارها ، ومنه حديث علي : بلغني أنك تنفق مال الله فيمن تعتام من عشيرتك ، وحديثه الآخر : رسوله المجتبى من خلائقه والمعتام لشرع حقائقه ، والتاء في هذه الأحاديث كلها تاء الافتعال . واعتام الشيء : اختاره ؛ قال طرفة :


                                                          أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي     عقيلة مال الفاحش المتشدد



                                                          قال الجوهري : أعامه الله تركه بغير لبن . وأعامنا بنو فلان أي : أخذوا حلائبنا حتى بقينا عيامى نشتهي اللبن ، وأصابتنا سنة أعامتنا ، ومنه قالوا : عام معيم شديد العيمة ؛ وقال الكميت :


                                                          بعام يقول له المؤلفو     ن هذا المعيم لنا المرجل



                                                          وإذا اشتهى الرجل اللبن قيل : قد اشتهى فلان اللبن ، فإذا أفرطت شهوته جدا قيل : قد عام إلى اللبن ، وكذلك القرم إلى اللحم ، والوحم . قال الأزهري : وروي عن المؤرج أنه قال طاب العيام أي : طاب النهار ، وطاب الشرق أي : الشمس ، وطاب الهويم أي : الليل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية