الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غدا ]

                                                          غدا : الغدوة ، بالضم : البكرة ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس . وغدوة من يوم بعينه ، غير مجراة : علم للوقت . والغداة : كالغدوة وجمعها غدوات . التهذيب : وغدوة معرفة لا تصرف ؛ قال الأزهري : هكذا يقول ، قال النحويون : إنها لا تنون ولا يدخل فيها الألف واللام ، وإذا قالوا الغداة صرفوا ، قال الله تعالى : بالغداة والعشي يريدون وجهه وهي قراءة جميع القراء إلا ما روي عن ابن عامر فإنه قرأ بالغدوة ، وهي شاذة . ويقال : أتيته غدوة ، غير مصروفة ؛ لأنها معرفة مثل سحر إلا أنها من الظروف المتمكنة ، تقول : سير على فرسك غدوة وغدوة وغدوة وغدوة ، فما نون من هذا فهو نكرة ، وما لم ينون فهو معرفة ، والجمع غدى ، ويقال : آتيك غداة غد ، والجمع الغدوات مثل قطاة وقطوات . الليث : يقال : غدا غدك وغدا غدوك ، ناقص وتام ؛ وأنشد للبيد :


                                                          وما الناس إلا كالديار وأهلها بها ، يوم حلوها ، وغدوا بلاقع

                                                          وغد : أصله غدو ، حذفوا الواو بلا عوض ، ويدخل فيه الألف واللام للتعريف ؛ قال :


                                                          اليوم عاجله ويعذل في الغد

                                                          وقال آخر :


                                                          إن كان تفريق الأحبة في غد

                                                          وغدو : هو الأصل كما أتى به لبيد والنسبة إليه غدي ، وإن شئت غدوي ؛ وأنشد ابن بري للراجز :


                                                          لا تغلواها وادلواها دلوا     إن مع اليوم أخاه غدوا

                                                          وفي حديث عبد المطلب والفيل :


                                                          لا يغلبن صليبهم     ومحالهم غدوا محالك

                                                          الغدو : أصل الغد ، وهو اليوم الذي يأتي بعد يومك ، فحذفت لامه ولم يستعمل تاما إلا في الشعر ، ولم يرد عبد المطلب الغد بعينه ، وإنما أراد القريب من الزمان . والغد : ثاني يومك ، محذوف اللام ، وربما كني به عن الزمن الأخير . وفي التنزيل العزيز : سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ؛ يعني يوم القيامة ، وقيل : عنى يوم الفتح . وفي حديث قضاء الصلوات : فليصلها حين يذكرها ، ومن الغد للوقت ؛ قال الخطابي : لا أعلم أحدا من الفقهاء قال إن قضاء الصلوات يؤخر إلى وقت مثلها من الصلوات ويقضى ؛ قال : ويشبه أن يكون الأمر استحبابا ليحوز فضيلة الوقت في القضاء ، ولم يرد إعادة الصلاة المنسية حتى تصلى مرتين ، وإنما أراد أن هذه الصلاة وإن انتقل وقتها للنسيان إلى وقت الذكر فإنها باقية على وقتها فيما بعد ذلك مع الذكر ، لئلا يظن ظان أنها قد سقطت بانقضاء وقتها أو تغيرت بتغيره . وقال ابن السكيت في قوله تعالى : ولتنظر نفس ما قدمت لغد قال : قدمت لغد بغير واو ، فإذا صرفوها قالوا غدوت أغدو غدوا وغدوا فأعادوا الواو . وقال الليث : الغدو جمع مثل الغدوات ، والغدى جمع غدوة ؛ وأنشد :


                                                          بالغدى والأصائل

                                                          وقالوا : إني لآتيه بالغدايا والعشايا . والغداة لا تجمع على الغدايا ولكنهم كسروه على ذلك ليطابقوا بين لفظه ولفظ العشايا ، فإذا أفردوه لم يكسروه . وقال ابن السكيت في قولهم : إني لآتيه بالغدايا والعشايا ، قال : أرادوا جمع الغداة فأتبعوها العشايا للازدواج ، وإذا أفرد لم يجز ، ولكن يقال غداة وغدوات لا غير ، كما قالوا : هنأني الطعام ومرأني ، وإنما قالوا أمرأني . قال ابن الأعرابي : غدية مثل عشية لغة في غدوة كضحية لغة في ضحوة ، فإذا كان كذلك فغدية وغدايا كعشية وعشايا . قال ابن سيده : وعلى هذا لا تقول إنهم إنما كسروا الغدايا من قولهم إني لآتيه بالغدايا والعشايا على الإتباع للعشايا ، إنما كسروه على وجهه لأن فعيلة بابه أن يكسر على فعائل ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ألا ليت حظي من زيارة أميه     غديات قيظ ، أو عشيات أشتيه

                                                          قال : إنما أراد غديات قيظ أو عشيات أشتية لأن غديات القيظ أطول من عشياته ، وعشيات الشتاء أطول من غدياته . والغدو : جمع غداة ، نادرة . وأتيته غديانات ، على غير قياس ، كعشيانات ؛ حكاهما سيبويه وقال : هما تصغير شاذ . وغدا عليه غدوا وغدوا واغتدى : بكر . والاغتداء : الغدو . وغاداه : باكره ، وغدا عليه . والغدو : نقيض الرواح ، وقد غدا يغدو غدوا . وقوله تعالى : بالغدو والآصال أي بالغدوات فعبر بالفعل عن الوقت كما يقال : أتيتك طلوع الشمس أي في وقت طلوع الشمس . ويقال : غدا الرجل يغدو ، فهو غاد . وفي الحديث : لغدوة أو روحة في سبيل الله ؛ الغدوة : المرة من الغدو ، وهو سير أول النهار نقيض الرواح . والغادية : السحابة التي تنشأ غدوة ، وقيل لابنة الخس : ما أحسن شيء ؟ قالت : أثر غادية في إثر سارية في ميثاء رابية ؛ وقيل : الغادية السحابة تنشأ فتمطر غدوة وجمعها غواد ، وقيل : الغادية سحابة تنشأ صباحا . والغداء : الطعام بعينه وهو خلاف العشاء . ابن سيده : الغداء طعام الغدوة ، والجمع أغدية ، عن ابن الأعرابي . أبو [ ص: 20 ] حنيفة : الغداء رعي الإبل في أول النهار ، وقد تغدت وتغدى الرجل وغديته . ورجل غديان وامرأة غديا على فعلى ، وأصلها الواو ولكنها قلبت استحسانا ، لا عن قوة علة ، وغديته فتغدى ، وإذا قيل لك : تغد ، قلت : ما بي غداء ؛ حكاه يعقوب . وتقول أيضا : ما بي من تغد ، وقيل : لا يقال ما بي غداء ولا عشاء لأنه الطعام بعينه ، وإذا قيل لك ادن فكل ، قلت : ما بي أكل بالفتح . وفي حديث السحور : قال هلم إلى الغداء المبارك ، قال : الغداء الطعام الذي يؤكل أول النهار ، فسمي السحور غداء لأنه للصائم بمنزلته للمفطر ؛ ومنه حديث ابن عباس : كنت أتغدى عند عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، في رمضان أي أتسحر . ويقال : غدي الرجل يغدى ، فهو غديان وامرأة غديانة ، وعشي الرجل يعشى فهو عشيان وامرأة عشيانة بمعنى تغدى وتعشى . وما ترك من أبيه مغدى ولا مراحا ، ومغداة ولا مراحة : أي شبها ، حكاهما الفارسي . والغدوي : كل ما في بطون الحوامل ، وقوم يجعلونه في الشاء خاصة . والغدوي : أن يباع البعير أو غيره بما يضرب الفحل ، وقيل : هو أن تباع الشاة بنتاج ما نزا به الكبش ذلك العام ؛ قال الفرزدق :


                                                          ومهور نسوتهم إذا ما أنكحوا     غدوي كل هبنقع تنبال

                                                          قال ابن سيده : والمحفوظ عند أبي عبيد الغذوي ، بالذال المعجمة . وقال شمر : قال بعضهم هو الغذوي ، بالذال المعجمة ، في بيت الفرزدق ، ثم قال : ويروى عن أبي عبيدة أنه قال : كل ما في بطون الحوامل غذوي من الإبل والشاء ، وفي لغة سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ما في بطون الشاء خاصة ؛ وأنشد أبو عبيدة :


                                                          أرجو أبا طلق بحسن ظني     كالغدوي يرتجى أن يغني

                                                          وفي الحديث عن يزيد بن مرة أنه قال : نهي عن الغدوي ، وهو كل ما في بطون الحوامل كانوا يتبايعونه فيما بينهم فنهوا عن ذلك لأنه غرر ؛ وأنشد :


                                                          أعطيت كبشا وارم الطحال     بالغدويات وبالفصال
                                                          وعاجلات آجل السخال     في حلق الأرحام ذي الأقفال

                                                          وبعضهم يرويه بالذال المعجمة . وغادية : امرأة من بني دبير ، وهي غادية بنت قذعة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية