الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غرنق ]

                                                          غرنق : الغرنوق : الناعم المنتشر من النبات . أبو حنيفة : الغرنوق نبت ينبت في أصول العوسج وهو الغرانق أيضا ؛ قال ابن ميادة :


                                                          ولا زال يسقى سدره وغرانقه

                                                          والغرنوق والغرنوق والغرنيق والغرنيق والغرناق والغرانق والغرونق ، كله : الأبيض الشاب الناعم الجميل قال :


                                                          إذ أنت غرناق الشباب ميال     ذو دأيتين ينفجان السربال

                                                          استعار الدأيتين للرجل ، وإنما هما للناقة والجمل . وفي حديث علي ، عليه السلام : فكأني أنظر إلى غرنوق من قريش يتشحط في دمه أي شاب ناعم . وشباب غرانق : تام ، وشاب غرانق ؛ قال :


                                                          ألا إن تطلاب الصبى منك ضلة     وقد فات ريعان الشباب الغرانق

                                                          وأورده الأزهري :


                                                          ألا إن تطلابي لمثلك زلة

                                                          وامرأة غرانقة وغرانق : شابة ممتلئة ؛ أنشد ابن الأعرابي :

                                                          قلت لسعد وهو بالأزارق عليك بالمحض وبالمشارق واللهو عند بادن غرانق والغرانقة : الرجال الشباب ، ويقال للشاب نفسه الغرانق والغرنوق . والغرانق : الذي في أصل العوسج وهو لين النبات ؛ حكاه أبو حنيفة وكذلك الغرانيق . والغرنوق والغرنيق ، بضم الغين وفتح النون : طائر أبيض ، وقيل : هو طائر أسود من طير الماء طويل العنق ؛ قال أبو ذؤيب الهذلي يصف غواصا :

                                                          أجاز إلينا لجة بعد لجة أزل كغرنيق الضحول عموج أزل : أرسح ، والضحول : جمع ضحل وهو الماء القليل ، وعموج : يتعمج ويلتوي ؛ وإذا وصف بها الرجل فواحدهم غرنيق وغرنوق ، بكسر الغين وفتح النون فيهما . وغرنوق ، بالضم ، وغرانق : وهو الشاب الناعم ، والجمع الغرانق ، بالفتح ، والغرانيق والغرانقة . أبو عمرو : الغرنوق طير أبيض من طير الماء ؛ ذكره في حديث ابن عباس : إن جنازته لما أتي به الوادي أقبل طائر أبيض غرنوق كأنه قبطية حتى دخل في نعشه ، قال : فرمقته فلم أره خرج حتى دفن . الأصمعي : الغرنيق الكركي ، وقال غيره : هو طائر طويل القوائم . ابن السكيت : الغرانيق طير مثل الكراكي ، واحدها غرنوق ؛ وأنشد :


                                                          أو طعم غادية في جوف ذي حدب     من ساكب المزن يجري في الغرانيق

                                                          أراد بذي حدب سيلا له عرق وقوله من ساكب المزن أي مما كان ساكبا من المزن ، وقوله يجري في الغرانيق أي يجري مع الغرانيق فأقام في مقام مع . وقال غيره : واحد الغرانيق غرنيق وغرناق . وفي الحديث : تلك الغرانيق العلا ؛ هي الأصنام ، وهي في الأصل الذكور من طير الماء . ابن الأنباري : الغرانيق الذكور من الطير واحدها غرنوق وغرنيق ، سمي به لبياضه ، وقيل : هو الكركي ، وكانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله عز وجل وتشفع لهم إليه ، فشبهت بالطيور التي تعلو وترتفع في السماء ؛ قال : ويجوز أن تكون الغرانيق في الحديث جمع الغرانق وهو الحسن ، يقال : غرانق وغرانق وغرانيق ، قال : وقد جاءت حروف لا يفرق بين واحدها وجمعها إلا بالفتح والضم : فمنها عذافر وعذافر وعراعر اسم الملك وعراعر ، وقناقن للمهندس ، جمعه قناقن ، وعجاهن للعروس وجمعه عجاهن ، وقباقب للعام الثالث وجمعه قباقب . وقالشمر : لمة غرانقة وغرانقية وهي الناعمة تفيئها الريح ، وقال : الغرانق الشاب الحسن الشعر الجميل الناعم وهو الغرنوق والغرناق والغرنوق وجمعه غرانق وغرانقة ؛ وأنشد :


                                                          قلى الفتاة مفارق الغرناق

                                                          قال ابن جني : وذكر سيبويه الغرنيق في بنات الأربعة وذهب إلى أن النون فيه أصل لا زائدة ، فسألت أبا علي عن ذلك فقلت له : من أين له ذلك ولا نظير له من أصول بنات الأربعة يقابلها ، وما أنكرت أن تكون زائدة لما لم نجد لها أصلا يقابلها كما قلنا في خنثعبة وكنهبل وعنصل وعنظب ونحو ذلك ، فلم يزد في الجواب على أن قال : إنه قد ألحق به العليق ، والإلحاق لا يوجد إلا بالأصول ، وهذه دعوى عارية من الدليل وذلك أن العليق وزنه فعيل وعينه مضعفة وتضعيف العين لا يوجد للإلحاق ، ألا ترى إلى قلف وإمعة وسكين وكلاب ؟ ليس شيء من ذلك بملحق لأن الإلحاق لا يكون من لفظ العين ، والعلة في ذلك أن أصل تضعيف العين إنما هو للفعل نحو قطع وكسر ، فهو في الفعل مفيد للمعنى ، وكذلك هو في كثير من الأسماء نحو سكير وخمير وشراب وقطاع أي يكثر ذلك منه وفيه فلما كان أصل تضعيف العين إنما هو للفعل على التكثير لم يمكن أن يجعل للإلحاق ، وذلك أن العناية بمفيد المعنى عند العرب أقوى من العناية بالملحق ؛ لأن صناعة الإلحاق لفظية لا معنوية ، فهذا يمنع من أن يكون العليق ملحقا بغرنيق ، وإذا بطل ذلك احتاج كون النون أصلا إلى دليل ، وإلا كانت زائدة ، قال : والقول فيه عندي أن هذه النون قد ثبتت في هذه اللفظة أنى تصرفت ثبات بقية أصول الكلمة ، وذلك أنهم يقولون غرنيق وغرنيق وغرنوق وغرانق وغرونق ، وثبتت أيضا في التكسير فقالوا غرانيق وغرانقة ، فلما ثبتت النون في هذه المواضع كلها ثبات بقية أصول الكلمة حكم بكونها أصلا ؛ وقول جنادة بن عامر :


                                                          بذي ربد تخال الإثر فيه     مدب غرانق خاضت نقاعا

                                                          أراد غرانيق فحذف . ابن شميل : الغرنوق الخصلة المفتلة من الشعر . ابن الأعرابي : جذب غرنوقه وهي ناصيته ، وجذب نغروقه وهي شعر قفاه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية