الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غرا ]

                                                          غرا : الغراء : الذي يلصق به الشيء يكون من السمك إذا [ ص: 44 ] فتحت الغين قصرت وإن كسرت مددت تقول منه : غروت الجلد أي ألصقته بالغراء . وغرا السمن قلبه يغروه غروا : لصق به وغطاه . وفي حديث الفرع : لا تذبحها وهي صغيرة لم يصلب لحمها فيلصق بعضها ببعض كالغراء ؛ قال : الغرا بالمد والقصر ، هو الذي يلصق به الأشياء ويتخذ من أطراف الجلود والسمك . ومنه الحديث : فرعوا إن شئتم ولكن لا تذبحوا غراة حتى يكبر ، وهي بالفتح والقصر ، القطعة من الغرا وهي لغة في الغراء . وفي الحديث : لبدت رأسي بغسل أو بغراء . وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي : فكأنما يغرى في صدري أي يلصق به . يقال : غري هذا الحديث في صدري ، بالكسر ، يغرى ، بالفتح ، كأنه ألصق بالغراء . وغري بالشيء يغرى غرا وغراء : أولع به وكذلك أغري به إغراء وغراة وغري وأغراه به لا غير والاسم الغروى ، وقيل : الاسم الغراء ، بالفتح والمد . وحكى أبو عبيد : غاريت بين الشيئين غراء إذا واليت ؛ ومنه قول كثير :

                                                          إذا قلت : أسلو غارت العين بالبكا غراء ومدتها مدامع حفل قال : وهو فاعلت من قولك غريت به أغرى غراء . وغري به غراة ، فهو غري : لزق به ولزمه عن اللحياني . وفي حديث جابر : فلما رأوه أغروا بي تلك الساعة أي لجوا في مطالبتي وألحوا . وغاريته أغاريه مغاراة وغراء إذا لاججته ؛ وقال في بيت كثير :


                                                          إذا قلت أسلو غارت العين بالبكا غراء ومدتها مدامع حفل

                                                          قال : هو من غاريت . وقال خالد بن كلثوم :

                                                          غاريت بين اثنين     وعاديت بين اثنين

                                                          أي واليت ؛ وأنشد أيضا بيت كثير . ويقال : غارت فاعلت من الولاء . وقال أبو عبيدة : هي فاعلت من غريت به أغرى غراء . وأغرى بينهم العداوة : ألقاها كأنه ألزقها بهم والاسم الغراة . والإغراء : الإيساد . وقد أغرى الكلب بالصيد وهو منه لأنه إلزاق ، وأغريت الكلب إذا آسدته وأرشته ، وغريت به غراء أي أولعت وغريت به غراة ؛ قال الحارث :


                                                          لا تحلنا على غراتك إنا     قبل ما قد وشى بنا الأعداء

                                                          أي على إغرائك بنا إغراء وغراة . وهو يغاريه ويواريه ويماريه ويشاره ويلاحه ؛ قال الهذلي :


                                                          ولا بالدلاء له نازع     يغاري أخاه إذا ما نهاه

                                                          وغرا الشيء غروا وغراه : طلاه . وقوس مغروة ومغرية ، بنيت الأخيرة على غريت ، وإلا فأصله الواو وكذلك السهم . ويقال : غروت السهم وغريته بالواو والياء أغروه وأغريه . وهو سهم مغرو ومغري ، قال أوس :


                                                          لأسهمه غار وبار وراصف

                                                          وفي المثل : أدركني ولو بأحد المغروين ؛ قيل : يعني بالمغروين السهم والرمح ؛ عن أبي علي في البصريات ، وقيل : بأحد السهمين . وقال ثعلب : أدركني بسهم أو برمح . قال الأزهري : ومن أمثالهم أنزلني ولو بأحد المغروين ؛ حكاه المفضل أي بأحد السهمين ، قال : وذلك أن رجلا ركب بعيرا صعبا فتقحم به فاستغاث بصاحب له معه سهمان فقال : أنزلني ولو بأحد المغروين ؛ قال ابن بري : يضرب مثلا في السرعة والتعجيل بالإغاثة ولو بأحد السهمين المكسورين ، وقيل : بل الذي لم يجف عليه الغراء . والغراء : ما طلي به . قال بعضهم : غرى السرج ، مقصور مفتوح الأول فإذا كسرته مددته . وقال أبو حنيفة : قوم يفتحون الغرا فيقصرونه وليست بالجيدة . والغري : صبغ أحمر كأنه يغرى به ؛ قال :


                                                          كأنما جبينه غري

                                                          الليث : الغراء ما غريت به شيئا ما دام لونا واحدا . ويقال أيضا : أغريته ، ويقال : مطلي مغرى ، بالتشديد . والغري : صنم كان طلي بدم ؛ أنشد ثعلب :

                                                          كغري أجسدت رأسه فرع بين رئاس وحام أبو سعيد : الغري نصب كان يذبح عليه النسك ؛ وأنشد البيت . والغرى : مقصور : الحسن . والغري : الحسن من الرجال وغيرهم ، وفي التهذيب : الحسن الوجه ؛ وأنشد ابن بري للأعشى :


                                                          وتبسم عن مها شبم غري     إذا تعطي المقبل يستزيد

                                                          وكل بناء حسن غري ، والغريان المشهوران بالكوفة منه ؛ حكاها سيبويه ؛ أنشد ثعلب :


                                                          لو كان شيء له أن لا يبيد     على طول الزمان لما باد الغريان

                                                          قال ابن بري : وأنشد ثعلب :


                                                          لو كان شيء أبى أن لا يبيد     على طول الزمان لما باد الغريان

                                                          قال : وهما بناءان طويلان ، يقال هما قبر مالك وعقيل نديمي جذيمة الأبرش ، وسميا الغريين لأن النعمان بن المنذر كان يغريهما بدم من يقتله في يوم بؤسه ؛ قال خطام المجاشعي :


                                                          أهل عرفت الدار بالغريين     لم يبق من آي بها يحلين
                                                          غير خطام ورماد كنفين     وصاليات ككما يؤثفين

                                                          والغرو : موضع ؛ قال عروة بن الورد :


                                                          وبالغرو والغراء منها منازل     وحول الصفا من أهلها متدور

                                                          والغري والغري : موضع ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


                                                          أغرك يا موصول منها ثمالة     وبقل بأكناف الغري تؤان

                                                          أراد تؤام فأبدل . والغرا : ولد البقرة ؛ وفي التهذيب : البقرة الوحشية ؛ قال الفراء : ويكتب بالألف ، وتثنيته غروان ، وجمعه أغراء . ويقال للحوار أول ما يولد : غرا أيضا . ابن شميل : الغرا منقوص هو الولد الرطب جدا . وكل مولود غرا حتى يشتد لحمه . يقال : أيكلمني فلان وهو غرا وغرس للصبي . والغرو : العجب . ولا غرو ولا غروى أي لا عجب ؛ ومنه قول طرفة :


                                                          فلا غرو إلا جارتي وسؤالها     ألا هل لنا أهل سئلت كذلك

                                                          [ ص: 45 ] وفي الحديث : لا غرو إلا أكلة بهمطة ؛ الغرو : العجب . وغروت ، أي : عجبت . ورجل غراء : لا دابة له ؛ قال أبو نخيلة :


                                                          بل لفظت كل غراء معظم

                                                          وغري العد : برد ماؤه ؛ وروي بيت عمرو بن كلثوم :


                                                          كأن متونهن متون عد     تصفقه الرياح إذا غرينا

                                                          وغري فلان إذا تمادى في غضبه ، وهو من الواو .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية