الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غفل ]

                                                          غفل : غفل عنه يغفل غفولا وغفلة وأغفله عنه غيره وأغفله : تركه وسها عنه ؛ وأنشد ابن بري في الغفول :


                                                          فابك هلا والليالي بغرة تدور وفي الأيام عنك غفول



                                                          وأغفلت الرجل : أصبته غافلا ، وعلى ذلك فسر بعضهم قوله عز وجل : ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا قال : ولو كان على الظاهر لوجب أن يكون قوله واتبع هواه بالفاء دون الواو ؛ وسئل أبو العباس عن هذه الآية فقال : من جعلناه غافلا ، وكلام العرب أكثره أغفلته سميته غافلا ، وأحلمته سميته حليما ، قال : وفعل هو وأفعلته أنا ، أكثر اللغة ذهب وأذهبته ، هذا أكثر الكلام ، وفعلت أكثرت ذلك فيه مثل غلقت الأبواب وأغلقتها ، وأفعلت يجيء مكان فعلت مثل مهلته وأمهلته ووصيت وأوصيت وسقيت وأسقيت . وفي حديث أبي موسى : لعلنا أغفلنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يمينه أي جعلناه غافلا عن يمينه بسبب سؤالنا ، وقيل : سألناه وقت شغله ولم ننتظر فراغه . يقال : تغفلته واستغفلته أي تحينت غفلته . ويقال : هو في غفل من عيشه أي في سعة ؛ أبو العباس : الغفل الكثير الرفيخ . ونعم أغفال : لا لقحة فيها ولا نجيب . وقال بعض العرب : لنا نعم أغفال ما تبض ؛ يصف سنة أصابتهم فأهلكت جياد مالهم . وقال شمر : إبل أغفال لا سمات عليها ، وقداح أغفال . سيبويه : غفلت صرت غافلا . وأغفلته وغفلت عنه : وصلت غفلي إليه أو تركته على ذكر . قال الليث : أغفلت الشيء تركته غفلا وأنت له ذاكر . قال ابن سيده : وقوله تعالى : وكانوا عنها غافلين يصلح أن يكون - والله أعلم - كانوا في تركهم الإيمان بالله والنظر فيه والتدبر له بمنزلة الغافلين قال : ويجوز أن يكون وكانوا عما يراد بهم من الإثابة عليه غافلين ، والاسم الغفلة والغفل قال :


                                                          إذ نحن في غفل وأكبر همنا     صرف النوى وفراقنا الجيرانا



                                                          وفي الحديث : من اتبع الصيد غفل أي يشتغل به قلبه ويستولي عليه حتى تصير فيه غفلة . والتغافل : تعمد الغفلة على حد ما يجيء عليه هذا النحو . وتغافلت عنه وتغفلته إذا اهتبلت غفلته . ابن السكيت : يقال قد غفلت فيه وأغفلته . والتغفيل : أن يكفيك صاحبك وأنت غافل لا تعنى بشيء . والتغفل : ختل في غفلة . والمغفل : الذي لا فطنة له . والغفول من الإبل : البلهاء التي لا تمتنع من فصيل يرضعها ولا تبالي من حلبها . والغفل : المقيد الذي أغفل فلا يرجى خيره ولا يخشى شره ، والجمع أغفال . والأغفال : الموات . والغفل : سبسب ميتة لا علامة فيها ؛ وأنشد :


                                                          يتركن بالمهامه الأغفال



                                                          وكل ما لا علامة فيه ولا أثر عمارة من الأرضين والطرق ونحوها غفل ، والجمع كالجمع . وفي كتابه لأكيدر : إن لنا الضاحية والمعامي وأغفال الأرض أي المجهولة التي ليس فيها أثر يعرف ، وحكى اللحياني : أرض أغفال كأنهم جعلوا كل جزء منها غفلا . وبلاد أغفال : لا أعلام فيها يهتدى بها ، وكذلك كل ما لا سمة عليه من الإبل والدواب . ودابة غفل : لا سمة عليها . وناقة غفل : لا توسم لئلا تجب عليها صدقة وبه فسر ثعلب قول الراجز :


                                                          لا عيش إلا كل صهباء غفل     تناول الحوض إذا الحوض شغل



                                                          ، وقد أغفلتها إذا لم تسمها . وفي الحديث : أن نفاذة الأسلمي قال : يا رسول الله ، إني رجل مغفل فأين أسم إبلي أي صاحب إبل أغفال لا سمات عليها ، ومنه حديث طهفة : ولنا نعم همل أغفال لا سمات عليها ؛ وقيل : الأغفال هاهنا التي لا ألبان لها ، واحدها غفل ، وقيل : الغفل الذي لا يرجى خيره ولا يخشى شره . وقدح غفل : لا خير فيه ولا نصيب له ولا غرم عليه ، والجمع كالجمع ، وقال اللحياني : قداح غفل على لفظ الواحد ليست فيها فروض ولا لها غنم ولا عليها غرم وكانت تثقل بها القداح كراهية التهمة ؛ يعني بتثقل تكثر ، قال : وهي أربعة : أولها المصدر ، ثم المضعف ، ثم المنيح ، ثم السفيح ؛ [ ص: 68 ] ورجل غفل : لا حسب له ؛ وقيل : هو الذي لا يعرف ما عنده ؛ وقيل : هو الذي لم يجرب الأمور . وشاعر غفل : غير مسمى ولا معروف ، والجمع أغفال : وشعر غفل : لا يعرف قائله . وأرض غفل : لم تمطر . وغفل الشيء : ستره . وغفل الإبل بسكون الفاء : أوبارها ؛ عن أبي حنيفة . والمغفلة : العنفقة عن الزجاجي ؛ ووردت في الحديث . وهي جانبا العنفقة روي عن بعض التابعين : عليك بالمغفلة والمنشلة ؛ المنشلة موضع حلقة الخاتم . وفي حديث أبي بكر : رأى رجلا يتوضأ فقال : عليك بالمغفلة ؛ هي العنفقة يريد الاحتياط في غسلها في الوضوء ، سميت مغفلة لأن كثيرا من الناس يغفل عنها . وغافل وغفلة : اسمان . وبنو غفيلة وبنو المغفل : بطون والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية