الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 340 ] الجراح تتنوع نوعين ; أحدهما ، الشجاج ، وهي ما كان في رأس أو وجه . النوع الثاني : ما كان في سائر البدن ، وينقسم قسمين ; أحدهما ، قطع عضو . والثاني : قطع لحم . والمضمون في الآدمي ضربان ; أحدهما ، ما ذكرنا . والثاني : تفويت منفعة ، كتفويت السمع والبصر والعقل .

                                                                                                                                            ( 6896 ) مسألة : قال رحمه الله : ومن أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه الدية ، وما فيه شيئان ، ففي كل واحد منهما نصف الدية وجملة ذلك ، أن كل عضو لم يخلق الله سبحانه وتعالى في الإنسان منه إلا واحدا كاللسان ، والأنف ، والذكر والصلب ، ففيه دية كاملة ; لأن إتلافه إذهاب منفعة الجنس ، وإذهابها كإتلاف النفس ، وما فيه منه شيئان ; كاليدين ، والرجلين ، والعينين ، والأذنين ، والمنخرين ، والشفتين ، والخصيتين ، والثديين ، والأليتين ، ففيهما الدية كاملة ; لأن في إتلافهما إذهاب منفعة الجنس ، وفي إحداهما نصف ; لأن في إتلافه إذهاب نصف منفعة الجنس . وهذه الجملة مذهب الشافعي ولا نعلم فيه مخالفا .

                                                                                                                                            وقد روي عن الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له ، وكان في كتابه : وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية ، وفي اللسان الدية ، وفي الشفتين الدية ، وفي البيضتين الدية ، وفي الذكر الدية ، وفي الصلب الدية ، وفي العينين الدية ، وفي الرجل الواحدة نصف الدية } . رواه النسائي ، وغيره ، ورواه ابن عبد البر ، وقال : كتاب عمرو بن حزم معروف عند الفقهاء ، وما فيه متفق عليه عند العلماء إلا قليلا . ( 6897 ) فصل : وما في الإنسان منه أربعة أشياء ، ففيها الدية ، وفي كل واحد منها ربع الدية ، وهو أجفان العينين وأهدابها . وما فيه منه عشرة ; ففيها الدية ، وفي كل واحد منها عشرها ، وهي أصابع اليدين وأصابع الرجلين . وما فيه منه ثلاثة أشياء ، ففيها الدية ، وفي الواحد ثلثها . وهو المنخران ، والحاجز بينهما .

                                                                                                                                            وعنه ، في المنخرين الدية ، وفي الحاجز حكومة ; لأن المنخرين شيئان من جنس ، فكان فيهما الدية ، كالشفتين . وليس في البدن شيء من جنس يزيد على الدية إلا الأسنان ، فإن في كل سن خمسا من الإبل ، فتزيد على الدية . وقد روي أنه ليس فيها إلا الدية ، قياسا على سائر ما في البدن . والصحيح الأول ; لأن الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ورد بإيجاب خمس في كل سن ، فيجب العمل به ، وإن خالف القياس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية