الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ غيل ]

                                                          غيل : الغيل : اللبن الذي ترضعه المرأة ولدها ، وهي تؤتى ، عن ثعلب قالت أم تأبط شرا تؤبنه بعد موته :


                                                          ولا أرضعته غيلا



                                                          [ ص: 111 ] وقيل : الغيل أن ترضع المرأة ولدها على حبل ، واسم ذلك اللبن الغيل أيضا ، وإذا شربه الولد ضوي واعتل عنه . وأغالت المرأة ولدها ، فهي مغيل ، وأغيلته فهي مغيل : سقته الغيل الذي هو لبن المأتية أو لبن الحبلى ، وهي مغيل ومغيل ، والولد مغال ومغيل ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          ومثلك حبلى قد طرقت ومرضعا     فألهيتها عن ذي تمائم مغيل



                                                          وأنشد سيبويه :


                                                          ومثلك بكرا قد طرقت وثيبا



                                                          وأنشد ابن بري للمتنخل الهذلي :


                                                          كالأيم ذي الطرة أو ناشئ     البردي تحت الحفإ المغيل



                                                          وأغال فلان ولده إذا غشي أمه وهي ترضعه ، واستغيلت هي نفسها ، والاسم الغيلة . يقال : أضرت الغيلة بولد فلان إذا أتيت أمه وهي ترضعه ، وكذلك إذا حملت أمه وهي ترضعه . وفي الحديث : لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ثم أخبرت أن فارس والروم تفعل ذلك فلا يضيرهم . ويقال : أغيلت الغنم إذا نتجت في السنة مرتين ؛ قال : وعليه قول الأعشى :


                                                          وسيق إليه الباقر الغيل



                                                          وقال ابن الأثير في شرح النهي عن الغيلة ، قال : هو أن يجامع الرجل زوجته إذا حملت وهي مرضع ، ويقال فيه الغيلة والغيلة بمعنى ، وقيل : الكسر للاسم والفتح للمرة ، وقيل : لا يصح الفتح إلا مع حذف الهاء . والغيلة : هو الغيل ، وذلك أن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع ، وقد أغال الرجل وأغيل . والغيل والمغتال : الساعد الريان الممتلئ ؛ قال :


                                                          لكاعب مائلة في العطفين     بيضاء ذات ساعدين غيلين
                                                          أهون من ليلي وليل الزيدين     وعقب العيس إذا تمطين



                                                          وقال المتنخل الهذلي :


                                                          كوشم المعصم المغتال غلت     نواشزه بوسم مستشاط



                                                          وقال ابن جني : قال الفراء إنما سمي المعصم الممتلئ مغتالا لأنه من الغول ، وليس بقوي لوجودنا ساعد غيل في معناه . وغلام غيل ومغتال : عظيم سمين ، والأنثى غيلة . والغيلة ، بالفتح : المرأة السمينة . أبو عبيدة : امرأة غيلة عظيمة ؛ وقال لبيد :


                                                          ويبري عصيا دونها متلئبة     يرى دونها غولا من الترب غائلا



                                                          أي تربا كثيرا ينهال عليه ؛ يعني ثورا وحشيا يتخذ كناسا في أصل أرطاة والتراب والرمل غلبه لكثرته ؛ وقال آخر :


                                                          يتبعن هيقا جافلا مضللا     قعود حن مستقرا أغيلا



                                                          أراد بالأغيل الممتلئ العظيم : واغتال الغلام أي غلظ وسمن . والغيل : الماء الجاري على وجه الأرض . وفي الحديث : ما سقي بالغيل فيه العشر ، وما سقي بالدلو ففيه نصف العشر ؛ وقيل : الغيل ، بالفتح ، ما جرى من المياه في الأنهار والسواقي وهو الفتح ، وأما الغلل فهو الماء الذي يجري بين الشجر . وقال الليث : الغيل مكان من الغيضة فيه ماء معين ؛ وأنشد :


                                                          حجارة غيل وارسات بطحلب



                                                          والغيل : كل موضع فيه ماء من واد ونحوه . والغيل : العلم في الثوب ، والجمع أغيال ؛ عن أبي عمرو ؛ وبه فسر قول كثير :


                                                          وحشا تعاورها الرياح كأنها     توشيح عصب مسهم الأغيال



                                                          وقال غيره : الغيل الواسع من الثياب ، وزعم أنه يقال : ثوب غيل ؛ قال ابن سيده : وكلا القولين في الغيل ضعيف لم أسمعه إلا في هذا التفسير . والغيل : الشجر الكثير الملتف ، يقال منه : تغيل الشجر ، وقيل : الغيل الشجر الكثير الملتف الذي ليس بشوك ؛ وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          أسد أضبط يمشي     بين طرفاء وغيل

                                                          وقال أبو حنيفة : الغيل جماعة القصب والحلفاء ؛ قال رؤبة :


                                                          في غيل قصباء وخيس مختلق



                                                          والجمع أغيال . والغيل ، بالكسر : الأجمة ، وموضع الأسد غيل مثل خيس ، ولا تدخله الهاء ، والجمع غيول ؛ قالعبد الله بن عجلان النهدي :

                                                          وحقة مسك من نساء لبستها شبابي وكأس باكرتني شمولها جديدة سربال الشباب كأنها سقية بردي نمتها غيولها

                                                          قال ابن بري : والغيول هاهنا جمع غيل ، وهو الماء يجري بين الشجر لأن الماء يسقي والأجمة لا تسقي . وفي حديث قس : أسد غيل ، الغيل بالكسر : شجر ملتف يستتر فيه كالأجمة ؛ وفي قصيد كعب :


                                                          ببطن عثر غيل دونه غيل



                                                          وقول الشاعر :


                                                          كذوائب الحفأ الرطيب عطابه     غيل ومد بجانبيه الطحلب



                                                          غيل : الماء الجاري على وجه الأرض . والمغيل : النابت في الغيل ؛ قال المتنخل الهذلي يصف جارية :


                                                          كالأيم ذي الطرة أو ناشئ     البردي تحت الحفإ المغيل



                                                          والمغيل : كالمغيل ، وقيل : كل شجرة كثرت أفنانها وتمت والتفت فهي متغيلة . والمغيال : الشجرة الملتفة الأفنان الكثيرة الورق الوافرة الظل . وأغيل الشجر وتغيل واستغيل : عظم والتف . ابن الأعرابي : الغوائل خروق في الحوض ، واحدتها غائلة ؛ وأنشد :


                                                          وإذا الذنوب أحيل في متثلم     شربت غوائل مائه وهزوم



                                                          [ ص: 112 ] والغائلة : الحقد الباطن ، اسم كالوابلة . وفلان قليل الغائلة والمغالة أي الشر . الكسائي : الغوائل الدواهي . والغيلة بالكسر : الخديعة والاغتيال . وقتل فلان غيلة أي خدعة ، وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فإذا صار إليه قتله وقد اغتيل . قال أبو بكر : الغيلة في كلام العرب إيصال الشر والقتل إليه من حيث لا يعلم ولا يشعر . قال أبو العباس : قتله غيلة إذا قتله من حيث لا يعلم ، وفتك به إذا قتله من حيث يراه وهو غار غافل غير مستعد . وغال فلانا كذا وكذا إذا وصل إليه منه شر ؛ وأنشد :


                                                          وغال امرأ ما كان يخشى غوائله



                                                          أي أوصل إليه الشر من حيث لا يعلم فيستعد . ويقال : قد اغتاله إذا فعل به ذلك . وفي حديث عمر : أن صبيا قتل بصنعاء غيلة فقتل به عمر سبعة ، أي في خفية واغتيال وهو أن يخدع ويقتل في موضع لا يراه فيه أحد . والغيلة : فعلة من الاغتيال . وفي حديث الدعاء : وأعوذ بك أن أغتال من تحتي ، أي أدهى من حيث لا أشعر ، يريد به الخسف . والغيلة : الشقشقة ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          أصهب هدار لكل أركب     بغيلة تنسل نحو الأنيب

                                                          وإبل غيل : كثيرة وكذلك البقر ؛ وأنشد بيت الأعشى :


                                                          إني لعمر الذي خطت مناشبها     تخدي ، وسيق إليه الباقر الغيل



                                                          ويروى : خطت مناسمها ، الواحد غيول ، حكى ذلك ابن جني عن أبي عمرو الشيباني عن جده . وقال أبو عمرو : الغيول المنفرد من كل شيء ، وجمعه غيل ، ويروى العيل في البيت بعين غير معجمة ، يريد الجماعة أي سيق إليه الباقر الكثير . وقال أبو منصور : والغيل السمان أيضا . وغيلان : اسم رجل . وغيلان بن حريث : من شعرائهم ، وكذا وقع في كتاب سيبويه ، وقيل : غيلان حرب ، قال : ولست منه على ثقة . واسم ذي الرمة : غيلان بن عقبة ؛ قال ابن بري : من اسمه غيلان جماعة : منهم غيلان ذو الرمة ، وغيلان بن حريث الراجز ، وغيلان بن خرشة الضبي ، وغيلان بن سلمة الثقفي . وأم غيلان : شجر السمر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية