الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في نكاح الرقيق ( السيد بإذنه في نكاح عبده لا يضمن ) بذلك الإذن كما دل عليه السياق الذي هو نفي كون الإذن سببا للضمان ، واحتمال أنه لإفادة كون الإذن سببا لنفي الضمان بعيد من السياق والمعنى ، لأن نفي الضمان هو الأصل فلا يحتاج لبيان سبب له آخر فيسقط القول بأنه كان الأحسن لا يضمن بإذنه في نكاح عبده ليكون نصا في الأول

                                                                                                                            ( مهرا ونفقة ) أي مؤنة بل قد تطلق عليها غالبا في كلامهم

                                                                                                                            ( في الجديد ) لعدم التزامها تعريضا ولا تصريحا ، بل لو ضمن ذلك عند إذنه لم يضمنه لتقدم ضمانه على وجوبه ، بخلافه بعد العقد فيصح في المهر إن علمه لا النفقة إلا فيما وجب منها قبل الضمان وعلمه

                                                                                                                            ( وهما في كسبه ) كذمته لأنه بالإذن رضي بصرف كسبه فيهما ولا يعتبر كسبه الحادث بعد الإذن في النكاح بل الحادث

                                                                                                                            ( بعد النكاح ) ووجوب الدفع وهو في مهر مفوضة بفرض صحيح أو

                                                                                                                            [ ص: 329 ] وطء ومهر غيرها الحال بالعقد والمؤجل بالحلول وفي النفقة بالتمكين ، وإنما اعتبر في إذنه له في الضمان كسبه بعد الإذن وإن تأخر الضمان عنه لثبوت المضمون حالة الإذن ثم لا هنا كما مر

                                                                                                                            ( المعتاد ) كالحرفة

                                                                                                                            ( والنادر ) كلقطة ووصية وكيفية تعلقهما بالكسب أن ينظر في كسبه كل يوم فتؤدي منه النفقة لأن الحاجة لها ناجزة ، ثم إن فضل شيء صرف للمهر الحال حتى يفرغ ، ثم يصرف للسيد ولا يدخر شيء منه للنفقة أو الحلول في المستقبل لعدم وجوبهما ، وقول الغزالي يصرف للمهر أولا ثم للنفقة حمله ابن الرفعة على ما لو امتنعت من تسليم نفسها حتى تقبض جميع المهر ، ونازع الأذرعي في المقالتين ثم بحث عدم تعين كل منهما لأنهما دين في كسبه فيصرفه عما شاء من المهر أو النفقة وهو القياس بل نقله في توسطه عن بعض محققي العصر

                                                                                                                            ( فإن كان مأذونا له في التجارة ) فيجبان

                                                                                                                            ( فيما بيده من ربح ) ولو قبل الإذن في النكاح

                                                                                                                            ( وكذا رأس مال في الأصح ) لأنه لزمه بعقد مأذون فيه فكان كدين التجارة ، وبه فارق ما مر في الكسب أنه لا يتعلق به إلا بعد الوجوب ، ويفرق أيضا بأن القن لا تعلق له ولا شبهة فيما حصل بكسبه وإن وفره السيد تحت يده ، بخلاف مال التجارة لأنه مفوض لرأيه فله فيه نوع استقلال ويجبان في كسبه هنا أيضا ، فإذا لم يف أحدهما تمم من الآخر .

                                                                                                                            والثاني لا كسائر أموال السيد

                                                                                                                            ( وإن لم يكن مكتسبا ولا مأذونا له ) أو زاد على ما قدر له

                                                                                                                            ( ففي ذمته ) يطالب به بعد عتقه لوجوبه برضا مستحقه

                                                                                                                            ( وفي قول على السيد ) لأن الإذن لمن هذا حاله التزام للمؤن

                                                                                                                            ( وله المسافرة به ) إن تكفل المهر والنفقة ولم يتعلق به حق للغير كرهن وإلا اشترط رضاه

                                                                                                                            ( ويفوت الاستمتاع ) عليه لملكه الرقبة فقدم حقه ، نعم للعبد استصحاب زوجته معه والكراء من كسبه فإن لم يطلبها للسفر معه فنفقتها باقية بحالها

                                                                                                                            ( وإذا لم يسافر ) به أو سافر به معها

                                                                                                                            ( لزمه تخليته ليلا ) أي بعضه الآتي في الأمة ووقت فراغ شغله بعد النزول في السفر كما صرح به الزركشي

                                                                                                                            ( للاستمتاع ) لأنه وقت الاستراحة ، ومن ثم لو كان عمله ليلا انعكس الحكم ،

                                                                                                                            [ ص: 330 ] وقيده جمع بما إذا لم تكن بمنزل سيده لتمكنه منها كل وقت .

                                                                                                                            قال الأذرعي : ومحله إن كان يدخل عليها كل وقت وإلا كأن كان يستخدمه جميع النهار في نحو زرعه فلا فرق

                                                                                                                            ( ويستخدمه نهارا ) إن تكفل

                                                                                                                            ( المهر والنفقة ) أي تحملهما وهو موسر أو أداهما ولو معسرا

                                                                                                                            ( وإلا فيخليه لكسبهما ) لإحالته حقوق النكاح على كسبه

                                                                                                                            ( وإن استخدمه ) نهارا

                                                                                                                            ( بلا تكفل ) أو حبسه بلا استخدام

                                                                                                                            ( لزمه الأقل من أجرة مثل ) له مدة الاستخدام أو الحبس أي من ابتدائه إلى وقت المطالبة

                                                                                                                            ( وكل المهر ) الحال أخذا مما مر

                                                                                                                            ( والنفقة ) أي المؤنة مدة أحد ذينك أيضا ، فإن لم يكن مهر أو كان وهو مؤجل كما علم مما تقررناه فالأقل من النفقة والأجرة كما هو ظاهر لأن أجرته إن زادت فالزيادة لسيده وإن نقصت لم يلزمه الإتمام ، وبه فارق ما لو استخدمه أجنبي فإنه يلزمه أجرة المثل مطلقا ، ويؤخذ من ذلك أن استخدامه بلا تكفل وحبسه بلا استخدام ولا تكفل لا إثم عليه فيه لانتفاء الضرر على الزوجة منه بوجه وخرج بنهار ما لو استخدمه ليلا ونهارا فلا يلزمه في مقابلة الليل شيء ، ويتعين فرضه فيمن عمله نهارا وإلا كالأتوني فالليل في حقه كالنهار كما مر وفي استخدام ليل لا يعطل شغله نهارا

                                                                                                                            ( وقيل يلزمه المهر والنفقة ) مطلقا لأنه ربما كسب في ذلك اليوم ما يفي بالجميع ، ورد بأن الأصل خلاف ذلك وعلى الوجهين المراد نفقة مدة نحو الاستخدام كما مر وقيل مدة النكاح .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في نكاح الرقيق

                                                                                                                            ( قوله : في نكاح الرقيق ) أي وفيما يتبع ذلك كما لو قتلت الحرة نفسها ( قوله : ليكون نصا في الأول ) على أن هذا المعنى مستفاد من التركيب على ما ذكره المصنف أيضا لأن الجار متعلق بالفعل وهو يضمن ، فلا فرق بين تقدمه وتأخره ( قوله : بل لو ضمن ذلك ) أي لو ذكر ما يدل على الضمان كأن قال تزوج وعلي المهر والنفقة ( قوله : لم يضمنه ) أي لم يلزمه ( قوله : لتقدم ضمانه ) أي السيد ( قوله : على وجوبه ) أي ما ذكر من المهر والنفقة ( قوله وهما في كسبه ) هل ولو خصه بأحدهما أو نفاه عنهما تأمل ا هـ كذا بهامش ، والأقرب نعم لأن الإذن في النكاح إذن فيما يترتب عليه كما لو أذن له في الضمان ونهاه عن الأداء فإنه إذا غرم يرجع بما غرمه على الأصل ( قوله بعد الإذن في النكاح ) صريح في أن ما كسبه بين الإذن والنكاح لا يتعلق به مهر ونفقة ، لكن في سم على منهج عبارة الروض تعلق بما في يده من حادث بعد موجبهما وكذا ربح ورأس مال ا هـ .

                                                                                                                            قال بر : والظاهر أن مثل ذلك أكسابه بغير التجارة التي بعد الإذن ولو قبل النكاح ا هـ .

                                                                                                                            أقول : صرح به في شرح الروض ا هـ .

                                                                                                                            أقول : فما هنا محمول على غير المأذون له في التجارة وما في شرح الروض على خلافه ( قوله : وهو ) أي وجوب

                                                                                                                            [ ص: 329 ] الدفع ( قوله : ومهر غيرها الحال ) أي إذا كانت مطيقة للوطء فلو كانت صغيرة لا تطيقه كأن زوج أمته الصغيرة برقيق فلا يجب إلا بعد الإطاقة كما يأتي في الصداق ( قوله : أن ينظر في كسبه كل يوم ) أي وجوبا أخذا من قوله لأن الحاجة إلخ ( قوله : لأن الحاجة لها ) أي النفقة ( قوله : في المقالتين ) هما قوله وكيفيته إلخ وقوله وقول الغزالي ( قوله : وهو القياس ) معتمد ( قوله : فيما بيده من ربح ) ومثله ما كسبه بغير التجارة قبل النكاح على ما قدمنا عن شرح الروض ، لكن قضية ما فرق به الشارح هنا بين مال التجارة والكسب خلافه لأن دين التجارة لا يتعلق به ، ولا شبهة للرقيق فيه إلا أن يقال لما جعل له السيد نوع استقلال بالتصرف صار له شبهة في كل ما بيده ( قوله : وبه فارق ) أي بقوله لأنه لزمه إلخ ، وقوله ما مر : أي في قوله ولا يعتبر كسبه ( قوله : إن تكفل المهر والنفقة ) ظاهر إطلاقه توقف جواز السفر به على ذلك أنه لا فرق في ذلك بين طويل السفر وقصيره ، ولو قيل بجواز السفر به إذا التزم أقل الأمرين مما يحصله من الكسب مدة سفر السيد وأجرة مثله مدة السفر لم يبعد ، وكتب أيضا لطف الله به قوله إن تكفل المهر والنفقة : أي سواء الحال والمؤجل على ما اقتضاه إطلاقه ، وقد يتوقف في المؤجل لعدم استحقاق المطالبة به ، وسيأتي في قول الشارح فإن لم يكن مهر أو كان وهو مؤجل إلخ التصريح بأن اللازم له الأقل من النفقة والأجرة ( قوله : والكراء ) أي لها ( قوله : انعكس الحكم ) أي فتلزمه تخليته نهارا ويستخدمه ليلا

                                                                                                                            [ ص: 330 ] قوله : وقيده ) أي قيد قول المصنف لزمه تخليته ليلا ( قوله : فلا فرق ) أي بين كونها بمنزلة السيد أو لا ( قوله : إن تكفل المهر والنفقة ) قال بعضهم : وجميع ما سبق في عبد كسوب أما العاجز عن الكسب جملة فالظاهر أن للسيد السفر به واستخدامه حضرا من غير التزام شيء ا هـ سم على المنهاج .

                                                                                                                            وأقره الشهاب الرملي ( قوله : أي من ابتدائه ) مجرد تصوير والمراد الأقل من الأجرة مدة الاستخدام ( قوله : أحد ذينك ) أي مدة الاستخدام والحبس ( قوله : مطلقا ) أي أقل أو أكثر ( قوله لانتفاء الضرر على الزوجة إلخ ) أي للزوم السيد أقل الأمرين من الأجرة والنفقة والمهر ( قوله وإلا كالأتوني ) عبارة المصباح : والأتوني وازن رسول .

                                                                                                                            قال الأزهري : هو للحمام والجصاصة ، وجمعته العرب على أتاتين بتاءين نقلا عن الفراء ، وقال الجوهري : هو مثقل ، قال : والعامة تخففه ويقال هو مولد ، وهذا القول ضعيف بالنقل الصحيح أن العرب جمعته على أتاتين وأتن بالمكان أتونا من باب قعد أقام ا هـ ( قوله في حقه كالنهار ) أي فلا يطالب بخدمة النهار ويلزمه أقل الأمرين من أجرة خدمة الليل ( قوله : والنفقة مطلقا ) أي سواء كانت قدر الأجرة أو زادت عليها ( قوله : ما يفي بالجميع ) أي جميع المؤن السابقة واللاحقة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 328 ] فصل ) في نكاح الرقيق ( قوله : فيسقط القول بأنه كان الأحسن إلخ ) في سقوط القول بما ذكر بمجرد ما قرره نظر ظاهر ، إذ هو لا يدفع الأحسنية المذكورة ، ومن ثم اعترف بها حج بعد أن أشار إلى الاعتراض على المتن ورده باللفظ الذي [ ص: 329 ] ذكره الشارح ( قوله : أو زاد ) أي الرقيق في المهر الذي قدره له السيد [ ص: 330 ] قوله : إلى وقت المطالبة ) أي والصورة أن الاستخدام أو الحبس باق بقرينة ما قبله ( قوله : كالنهار ) أي فيلزمه هنا الأقل أيضا كما صرح به حج ( قوله : كما مر ) أي من مطلق كون الليل في حقه كالنهار وإن كان ما مر في تخليته للاستمتاع وهنا في لزوم الأقل المذكور ( قوله : وفي استخدام ليل لا يعطل إلخ ) المراد أنه كان عمله ليلا يعطل شغله نهارا يلزمه الأقل المذكور .

                                                                                                                            وإن كان عمله المعتاد نهار . ا هـ . كذا ظهر فليراجع




                                                                                                                            الخدمات العلمية