الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب نهي الآكل مع جماعة عن قران تمرتين ونحوهما في لقمة إلا بإذن أصحابه

                                                                                                                2045 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت جبلة بن سحيم قال كان ابن الزبير يرزقنا التمر قال وقد كان أصاب الناس يومئذ جهد وكنا نأكل فيمر علينا ابن عمر ونحن نأكل فيقول لا تقارنوا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقران إلا أن يستأذن الرجل أخاه قال شعبة لا أرى هذه الكلمة إلا من كلمة ابن عمر يعني الاستئذان وحدثناه عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن شعبة بهذا الإسناد وليس في حديثهما قول شعبة ولا قوله وقد كان أصاب الناس يومئذ جهد

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                فيه : شعبة عن جبلة بن سحيم قال : كان ابن الزبير - رضي الله عنه - يرزقنا التمر وكان أصاب الناس يومئذ جهد فكنا نأكل ، فيمر علينا ابن عمر - رضي الله عنه - ونحن نأكل فيقول : لا تقارنوا ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقران إلا أن يستأذن الرجل أخاه ، قال شعبة : لا أرى هذه الكلمة إلا من كلمة ابن عمر - رضي الله عنه - يعني الاستئذان ) .

                                                                                                                وفي الرواية الأخرى : ( عن سفيان عن جبلة عن ابن عمر : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه ) . هذا النهي متفق عليه حتى يستأذنهم ، فإذا أذنوا فلا بأس .

                                                                                                                واختلفوا في أن هذا النهي على التحريم أو على الكراهة والأدب ؟ فنقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنه للتحريم ، وعن غيرهم أنه للكراهة والأدب ، والصواب التفصيل ، فإن كان الطعام مشتركا بينهم فالقران حرام إلا برضاهم ، ويحصل الرضا بتصريحهم به ، أو بما يقوم مقام التصريح من قرينة حال أو إدلال عليهم كلهم بحيث يعلم يقينا أو ظنا قويا أنهم يرضون به ، ومتى شك في رضاهم فهو حرام ، وإن كان الطعام لغيرهم أو لأحدهم اشترط رضاه وحده ، فإن قرن بغير رضاه فحرام ، ويستحب أن يستأذن الآكلين معه [ ص: 197 ] ولا يجب .

                                                                                                                وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به فلا يحرم عليه القران ، ثم إن كان في الطعام قلة فحسن ألا يقرن لتساويهم ، وإن كان كثيرا بحيث يفضل عنهم فلا بأس بقرانه ، لكن الأدب مطلقا : التأدب في الأكل وترك الشره ، إلا أن يكون مستعجلا ، ويريد الإسراع لشغل آخر كما سبق في الباب قبله ، وقال الخطابي : إنما كان هذا في زمنهم ، وحين كان الطعام ضيقا ، فأما اليوم مع اتساع الحال فلا حاجة إلى الإذن ، وليس كما قال ، بل الصواب ما ذكرنا من التفصيل ، فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، لو ثبت السبب ، كيف وهو غير ثابت . والله أعلم .

                                                                                                                وقوله : ( أصاب الناس جهد ) يعني قلة وحاجة ومشقة .

                                                                                                                وقوله : ( يقرن ) أي يجمع وهو بضم الراء وكسرها لغتان .

                                                                                                                وقوله : ( نهى عن الإقران ) هكذا هو في الأصول ، والمعروف في اللغة القران ، يقال : قرن بين الشيئين ، قالوا : ولا يقال : أقرن .

                                                                                                                وقوله : ( قال شعبة : لا أرى هذه الكلمة إلا من كلمة ابن عمر ) يعني بالكلمة الكلام ، وهو شائع معروف ، وهذا الذي قاله شعبة لا يؤثر في رفع الاستئذان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه نفاه بظن وحسبان ، وقد أثبته سفيان في الرواية الثانية فثبت .

                                                                                                                باب في ادخار التمر ونحوه من الأقوات للعيال فيه قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لا يجوع أهل بيت عندهم التمر " وفي الرواية الأخرى : " بيت لا تمر فيه جياع أهله " . فيه فضيلة التمر ، وجواز الادخار للعيال ، والحث عليه .

                                                                                                                [ ص: 198 ] وفي إسناده عبد الله بن مسلمة عن يعقوب بن محمد بن طحلاء عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمهم عائشة . أما طحلاء فبفتح الطاء وإسكان الحاء المهملتين وبالمد ، وأما أبو الرجال فلقب له لأنه كان له عشرة أولاد رجال ، وأمه عمرة بنت عبد الرحمن ، وهذا الإسناد كله مدنيون .




                                                                                                                الخدمات العلمية