الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أخذ ]

                                                          أخذ : الأخذ : خلاف العطاء ، وهو أيضا التناول . أخذت الشيء آخذه أخذا : تناولته ، وأخذه يأخذه أخذا ؛ والإخذ بالكسر : الاسم . وإذا أمرت قلت : خذ ، وأصله " أؤخذ " إلا أنهم استثقلوا الهمزتين فحذفوهما تخفيفا ؛ قال ابن سيده : فلما اجتمعت همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت الهمزة الأصلية فزال الساكن فاستغني عن الهمزة الزائدة ، وقد جاء على الأصل فقيل : أوخذ ؛ وكذلك القول في الأمر من " أكل ، وأمر " وأشباه ذلك ؛ ويقال : خذ الخطام وخذ بالخطام بمعنى . والتأخاذ : تفعال من الأخذ ؛ قال الأعشى :


                                                          ليعودن لمعد عكرة دلج الليل وتأخاذ المنح



                                                          قال ابن بري : والذي في شعر الأعشى :


                                                          ليعيدن لمعد عكرها     دلج الليل وتأخاذ المنح



                                                          أي : عطفها . يقال : رجع فلان إلى عكره ؛ أي : إلى ما كان عليه ، وفسر العكر بقوله : " دلج الليل وتأخاذ المنح " . والمنح : جمع منحة ، وهي الناقة يعيرها صاحبها لمن يحلبها وينتفع بها ثم يعيدها . وفي النوادر : إخاذة الحجفة مقبضها ، وهي ثقافها . وفي الحديث : جاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها أقيد جملي ، وفي حديث آخر : أؤخذ جملي . فلم تفطن لها حتى فطنت فأمرت بإخراجها ؛ وفي حديث آخر : قالت لها : أؤخذ جملي ، قالت : نعم . التأخيذ : حبس السواحر أزواجهن عن غيرهن من النساء ، وكنت بالجمل عن زوجها ولم تعلم عائشة رضي الله عنها ، فلذلك أذنت لها فيه . والتأخيذ : أن تحتال المرأة بحيل في منع زوجها من جماع غيرها ، وذلك نوع من السحر . يقال : لفلانة أخذة تؤخذ بها الرجال عن النساء ، وقد أخذته الساحرة تأخيذا ؛ ومنه قيل للأسير : أخيذ . وقد أخذ فلان إذا أسر ؛ ومنه قوله تعالى : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم معناه والله أعلم : ائسروهم . الفراء : أكذب من أخيذ الجيش ، وهو الذي يأخذه أعداؤه فيستدلونه على قومه ، فهو يكذبهم بجهده . والأخيذ : المأخوذ . والأخيذ : الأسير . والأخيذة : المرأة لسبي . وفي الحديث : " أنه أخذ السيف ، وقال من يمنعك مني ؟ فقال : كن خير آخذ " أي : خير آسر . والأخيذة : ما اغتصب من شيء فأخذ . وآخذه بذنبه مؤاخذة : عاقبه ، وفي التنزيل العزيز : فكلا أخذنا بذنبه ، وقوله عز وجل : وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها أي : أخذتها بالعذاب ، فاستغنى عنه لتقدم ذكره في قوله : ويستعجلونك بالعذاب ، وفي الحديث : " من أصاب من ذلك شيئا أخذ به " . يقال : أخذ فلان بذنبه ؛ أي : حبس وجوزي عليه وعوقب به . " وإن أخذوا على أيديهم نجوا " . يقال : أخذت على يد فلان إذا منعته عما يريد أن يفعله ، كأنك أمسكت على يده . وقوله عز وجل : وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه قال الزجاج : معناه ليتمكنوا منه فيقتلوه . وآخذه : كأخذه . وفي التنزيل العزيز : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا . والعامة تقول واخذه . وأتى العراق وما أخذ إخذه ، وذهب الحجاز وما أخذ إخذه ، وولي فلان مكة وما أخذ إخذها ؛ أي : ما يليها وما هو في ناحيتها ، واستعمل فلان على الشام وما أخذ إخذه ؛ بالكسر ؛ أي : لم يأخذ ما وجب عليه من حسن السيرة ولا تقل أخذه ، وقال الفراء : ما والاه [ ص: 64 ] وكان في ناحيته . وذهب بنو فلان ومن أخذ إخذهم وأخذهم ؛ يكسرون الألف ويضمون الذال ، وإن شئت فتحت الألف وضممت الذال ؛ أي : ومن سار سيرهم . ومن قال : ومن أخذ إخذهم ؛ أي : ومن أخذه إخذهم وسيرتهم . والعرب تقول : لو كنت منا لأخذت بإخذنا ؛ بكسر الألف ، أي : بخلائقنا وزينا وشكلنا وهدينا . وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          فلو كنتم منا أخذنا بأخذكم     ولكنها الأوجاد أسفل سافل



                                                          فسره : فقال : " أخذنا بأخذكم " أي : أدركنا إبلكم فرددناها عليكم ، لم يقل ذلك غيره . وفي الحديث : " قد أخذوا أخذاتهم ؛ أي : نزلوا منازلهم ؛ قال ابن الأثير : هو بفتح الهمزة والخاء . والأخذة ؛ بالضم : رقية تأخذ العين ونحوها كالسحر ، أو خرزة يؤخذ بها النساء الرجال ، من التأخيذ . وآخذه : رقاه . وقالت أخت صبح العادي تبكي أخاها صبحا ، وقد قتله رجل سيق إليه على سرير ؛ لأنها قد كانت أخذت عنه القائم والقاعد والساعي والماشي والراكب ، أخذت عنك الراكب والساعي والماشي والقاعد والقائم ، ولم آخذ عنك النائم ؛ وفي صبح هذا يقول لبيد :


                                                          ولقد رأى صبح سواد خليله     ما بين قائم سيفه والمحمل



                                                          عنى بخليله كبده ؛ لأنه يروى أن الأسد بقر بطنه ، وهو حي ، ننظر إلى سواد كبده . ورجل مؤخذ عن النساء : محبوس . وائتخذنا في القتال ؛ بهمزتين : أخذ بعضنا بعضا . والاتخاذ : افتعال أيضا من الأخذ إلا أنه أدغم بعد تليين الهمزة وإبدال التاء ، ثم لما كثر استعماله على لفظ الافتعال توهموا أن التاء أصلية فبنوا منه فعل يفعل . قالوا : تخذ يتخذ وقرئ : ( لتخذت عليه أجرا ) وحكى المبرد أن بعض العرب يقول : استخذ فلان أرضا يريد اتخذ أرضا فتبدل من إحدى التاءين سينا كما أبدلوا التاء مكان السين في قولهم ست ؛ ويجوز أن يكون أراد استفعل من تخذ يتخذ فحذف إحدى التاءين تخفيفا ، كما قالوا : ظلت من ظللت . قال ابن شميل : استخذت عليهم يدا وعندهم سواء ؛ أي : اتخذت . والإخاذة : الضيعة يتخذها الإنسان لنفسه ؛ وكذلك الإخاذ وهي أيضا أرض يحوزها الإنسان لنفسه أو السلطان . والأخذ : ما حفرت كهيئة الحوض لنفسك ، والجمع الأخذان ، تمسك الماء أياما . والإخذ والإخذة : ما حفرته كهيئة الحوض ، والجمع أخذ وإخاذ . والإخاذ : الغدر ، وقيل : الإخاذ واحد ، والجمع آخاذ ، نادر ، وقيل : والإخاذ والإخاذة بمعنى ، والإخاذة : شيء كالغدير ، والجمع إخاذ ، وجمع الإخاذ أخذ مثل كتاب وكتب ، وقد يخفف ؛ قال الشاعر :


                                                          وغادر الأخذ والأوجاذ مترعة     تطفو وأسجل أنهاء وغدرانا



                                                          وفي حديث مسروق بن الأجدع قال : ما شبهت بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا الإخاذ تكفي الإخاذة الراكب ، وتكفي الإخاذة الراكبين ، وتكفي الإخاذة الفئام من الناس ؛ وقال أبو عبيد : هو الإخاذ بغير هاء ، وهو مجتمع الماء شبيه بالغدير ؛ قال عدي بن زيد يصف مطرا :


                                                          فاض فيه مثل العهون من الرو     ض وما ضن بالإخاذ غدر



                                                          وجمع الإخاذ أخذ ؛ وقال الأخطل :


                                                          فظل مرتبئا والأخذ قد حميت     وظن أن سبيل الأخذ مثمود



                                                          وقاله أيضا أبو عمرو وزاد فيه : وأما الإخاذة ؛ بالهاء ، فإنها الأرض يأخذها الرجل فيحوزها لنفسه ويتخذها ويحييها . وقيل : الإخاذ جمع الإخاذة ، وهو مصنع للماء يجتمع فيه . والأولى أن يكون جنسا للإخاذة لا جمعا ، ووجه التشبيه مذكور في سياق الحديث في قوله : ( تكفي الإخاذة الراكب ) وباقي الحديث يعني أن فيهم الصغير والكبير والعالم والأعلم ، ومنه حديث الحجاج في صفة الغيث : وامتلأت الإخاذ ؛ أبو عدنان : إخاذ جمع إخاذة ، وأخذ جمع إخاذ ؛ وقال أبو عبيدة : الإخاذة والإخاذ بالهاء وغير الهاء جمع إخذ ، والإخذ صنع الماء يجتمع فيه . وفي حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا ، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت فيها إخاذات أمسكت الماء فنفع الله بها الناس ، فشربوا منها وسقوا ورعوا ، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، وكذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " . الإخاذات : الغدران التي تأخذ ماء السماء فتحبسه على الشاربة ، الواحدة إخاذة . والقيعان : جمع قاع ، وهي أرض حرة لا رمل فيها ولا يثبت عليها الماء لاستوائها ، ولا غدر فيها تمسك الماء ، فهي لا تنبت الكلأ ولا تمسك الماء . ا ه . وأخذ يفعل كذا ؛ أي : جعل ، وهي عند سيبويه من الأفعال التي لا يوضع اسم الفاعل في موضع الفعل الذي هو خبرها . وأخذ في كذا ؛ أي : بدأ . ونجوم الأخذ : منازل القمر ؛ لأن القمر يأخذ كل ليلة في منزل منها ؛ قال :


                                                          وأخوت نجوم الأخذ إلا أنضة     أنضة محل ليس قاطرها يثري



                                                          قوله : يثري يبل الأرض ، وهي نجوم الأنواء . وقيل : إنما قيل لها نجوم الأخذ ؛ لأنها تأخذ كل يوم في نوء ولأخذ القمر في منازلها كل ليلة في منزل منها ، وقيل : نجوم الأخذ التي يرمى بها مسترق السمع ، والأول أصح . وائتخذ القوم يأتخذون ائتخاذا ، وذلك إذا تصارعوا فأخذ كل منهم على مصارعه أخذة يعتقله بها ، وجمعها أخذ ؛ ومنه قول الراجز :


                                                          وأخذ وشغربيات أخر



                                                          الليث : يقال اتخذ فلان مالا يتخذه اتخاذا ، وتخذ يتخذ تخذا ، وتخذت مالا ؛ أي : كسبته ، ألزمت التاء الحرف كأنها أصلية ، قال الله عز وجل : ( لو شئت لتخذت عليه أجرا ) قال الفراء : قرأ مجاهد [ ص: 65 ] لتخذت; قال : وأنشدني العتابي :


                                                          تخذها سرية تقعده

                                                          قال : وأصلها افتعلت ، قال أبو منصور : وصحت هذه القراءة عن ابن عباس وبها قرأ أبو عمرو بن العلاء ، وقرأ أبو زيد : ( لتخذت عليه أجرا ) . قال : وكذلك مكتوب هو في الإمام وبه يقرأ القراء ; ومن قرأ لاتخذت - بفتح الخاء وبالألف - فإنه يخالف الكتاب . وقال الليث : من قرأ لاتخذت فقد أدغم التاء في الياء فاجتمعت همزتان فصيرت إحداهما ياء ، وأدغمت كراهة التقائهما . والأخذ من الإبل : الذي أخذ فيه السمن ، والجمع أواخذ . وأخذ الفصيل ، بالكسر ، يأخذ أخذا ، فهو أخذ : أكثر من اللبن حتى فسد بطنه وبشم واتخم . أبو زيد : إنه لأكذب من الأخيذ الصيحان ، وروي عن الفراء أنه قال : من الأخذ الصيحان بلا ياء ; قال أبو زيد : هو الفصيل الذي اتخذ من اللبن . والأخذ : شبه الجنون ، فصيل أخذ على فعل ، وأخذ البعير أخذا ، وهو أخذ : أخذه مثل الجنون يعتريه ، وكذلك الشاة ، وقياسه أخذ . والأخذ : الرمد ، وقد أخذت عينه أخذا . ورجل أخذ : بعينه أخذ مثل جنب أي رمد ، والقياس أخذ كالأول . ورجل مستأخذ : كأخذ ، قال أبو ذؤيب :


                                                          يرمي الغيوب بعينيه ومطرفه     مغض كما كسف المستأخذ الرمد

                                                          والمستأخذ : الذي به أخذ من الرمد . والمستأخذ : المطأطئ الرأس من رمد أو وجع أو غيره . أبو عمرو : يقال أصبح فلان مؤتخذا لمرضه ومستأخذا إذا أصبح مستكينا . وقولهم : خذ عنك أي خذ ما أقول ودع عنك الشك والمراء ; فقال : خذ الخطام . وقولهم : أخذت كذا يبدلون الذال تاء فيدغمونها في التاء ، وبعضهم يظهر الذال ، وهو قليل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية