الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر

                                                                                                                2077 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث أن ابن معدان أخبره أن جبير بن نفير أخبره أن عبد الله بن عمرو بن العاص أخبره قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها وحدثنا زهير بن حرب حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن علي بن المبارك كلاهما عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد وقالا عن خالد بن معدان

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( حدثنا محمد بن مثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث أن ابن معدان أخبره أن جبير بن نفير أخبره أن عبد الله بن عمرو بن العاص أخبره قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين ، فقال : إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) .

                                                                                                                وفي الرواية الأخرى ( قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال : ( أأمك أمرتك بهذا ؟ ( قلت : أغسلهما ، قال : ( بل أحرقهما ) وفي رواية علي رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي والمعصفر .

                                                                                                                هذا الإسناد الذي ذكرناه فيه أربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض ، وهم يحيى بن سعيد الأنصاري ، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، وخالد بن معدان ، وجبير بن نفير . واختلف العلماء في الثياب المعصفرة ، وهي المصبوغة بعصفر ، فأباحها جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ، ومالك ، لكنه قال : غيرها أفضل منها ، وفي رواية عنه أنه أجاز لبسها في البيوت وأفنية الدور ، وكرهه في المحافل والأسواق ونحوها ، وقال جماعة من العلماء : هو مكروه كراهة تنزيه ، وحملوا النهي على هذا ؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء . وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة ، وقال الخطابي : النهي [ ص: 246 ] منصرف إلى ما صبغ من الثياب بعد النسج ، فأما ما صبغ غزله ، ثم نسج ، فليس بداخل في النهي . وحمل بعض العلماء النهي هنا على المحرم بالحج أو العمرة ليكون موافقا لحديث ابن عمر رضي الله عنه : نهي المحرم أن يلبس ثوبا مسه ورس أو زعفران . وأما البيهقي رضي الله عنه فأتقن المسألة فقال في كتابه معرفة السنن : نهى الشافعي الرجل عن المزعفر ، وأباح المعصفر . قال الشافعي : وإنما رخصت في المعصفر لأني لم أجد أحدا يحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه ، إلا ما قال علي رضي الله عنه : نهاني ، ولا أقول : نهاكم . قال البيهقي : وقد جاءت أحاديث تدل على النهي على العموم ، ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص هذا الذي ذكره مسلم ، ثم أحاديث أخر ، ثم قال : ولو بلغت هذه الأحاديث الشافعي لقال بها إن شاء الله ، ثم ذكر بإسناده ما صح عن الشافعي أنه قال : إذا كان حديث النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي فاعملوا بالحديث ، ودعوا قولي ، وفي رواية ، فهو مذهبي .

                                                                                                                قال البيهقي : قال الشافعي : وأنهى الرجل الحلال بكل حال أن يتزعفر . قال : وآمره إذا تزعفر أن يغسله . قال البيهقي : فتبع السنة في المزعفر ، فمتابعتها في المعصفر أولى . قال : وقد كره المعصفر بعض السلف ، وبه قال أبو عبد الله الحليمي من أصحابنا ، ورخص فيه جماعة ، والسنة أولى بالاتباع . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية