الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7217 ) مسألة : قال : ( وإذا قال له : يا لوطي . سئل عما أراد ، فإن قال : أردت أنك من قوم لوط . فلا شيء عليه ، وإن قال أردت أنك تعمل عمل قوم لوط ، فهو كمن قذف بالزنا ) في هذه المسألة فصلان ( 7218 ) الفصل الأول : أن من قذف رجلا بعمل قوم لوط ، إما فاعلا وإما مفعولا ، فعليه حد القذف . وبه قال الحسن ، والنخعي ، والزهري ، ومالك ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، وأبو ثور .

                                                                                                                                            وقال عطاء ، وقتادة ، وأبو حنيفة : لا حد عليه ; لأنه قذف بما لا يوجب الحد عنده ، وعندنا هو موجب للحد ، وقد بيناه فيما مضى . وكذلك لو قذف امرأة أنها وطئت في دبرها ، أو قذف رجلا بوطء امرأة في دبرها ، فعليه الحد عندنا ، وعند أبي حنيفة ، لا حد عليه .

                                                                                                                                            ومبنى الخلاف هاهنا على الخلاف في وجوب حد الزنا على فاعل ذلك ، وقد تقدم الكلام فيه ، فأما إن قذفه بإتيان بهيمة ، انبنى ذلك على وجوب الحد على فاعله ، فمن أوجب الحد على فاعله ، أوجب حد القذف على القاذف به ، ومن لا فلا . وكل ما لا يجب الحد بفعله ، لا يجب الحد على القاذف به ، كما لو قذف إنسانا بالمباشرة دون الفرج ، أو بالوطء بالشبهة ، أو قذف امرأة بالمساحقة ، أو بالوطء مستكرهة ، لم يجب الحد على القاذف ; ولأنه رماه بما لا يوجب الحد ، فأشبه ما لو قذفه باللمس والنظر . وكذلك لو قال : يا كافر ، يا فاسق ، يا سارق ، يا منافق ، يا فاجر ، يا [ ص: 80 ] خبيث ، يا أعور ، يا أقطع ، يا أعمى ابن الزمن الأعمى الأعرج . فلا حد في ذلك كله ; لأنه قذف بما لا يوجب الحد ، فلم يوجب الحد ، كما لو قال يا كاذب . يا نمام . ولا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم . ولكنه يعزر ; لسب الناس وأذاهم ، فأشبه ما لو قذف من لا يوجب قذفه الحد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية