الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        تفسير سورة هود عليه السلام

                                                                                                                                                                                                                                        وهي مكية

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير

                                                                                                                                                                                                                                        (1) يقول تعالى: هذا كتاب عظيم، ونزل كريم، أحكمت آياته أي: أتقنت وأحسنت، صادقة أخبارها، عادلة أوامرها ونواهيها، فصيحة ألفاظه بهية معانيه.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم فصلت أي: ميزت وبينت بيانا في أعلى أنواع البيان، من لدن حكيم يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها، لا يأمر ولا ينهى إلا بما تقتضيه حكمته، خبير مطلع على الظواهر والبواطن.

                                                                                                                                                                                                                                        فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير، فلا تسأل بعد هذا، عن عظمته وجلالته واشتماله على كمال الحكمة، وسعة الرحمة.

                                                                                                                                                                                                                                        (2) وإنما أنزل الله كتابه لأن لا تعبدوا إلا الله أي: لأجل إخلاص الدين كله لله، وأن لا يشرك به أحد من خلقه.

                                                                                                                                                                                                                                        إنني لكم أيها الناس منه أي: من الله ربكم نذير لمن تجرأ على المعاصي بعقاب الدنيا والآخرة، وبشير للمطيعين لله بثواب الدنيا والآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                        (3) وأن استغفروا ربكم عن ما صدر منكم من الذنوب ثم توبوا إليه فيما تستقبلون من أعماركم، بالرجوع إليه، بالإنابة والرجوع عما يكرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال: يمتعكم متاعا حسنا أي: يعطيكم من رزقه، ما تتمتعون به وتنتفعون.

                                                                                                                                                                                                                                        إلى أجل مسمى أي: إلى وقت وفاتكم ويؤت منكم كل ذي فضل فضله أي: يعطي أهل الإحسان والبر من فضله وبره، ما هو جزاء لإحسانهم، من حصول ما يحبون، ودفع ما يكرهون.

                                                                                                                                                                                                                                        وإن تولوا عن ما دعوتكم إليه، بل أعرضتم عنه، وربما كذبتم به فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 738 ] (4) فيجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله: وهو على كل شيء قدير كالدليل على إحياء الله الموتى، فإنه على كل شيء قدير ، ومن جملة الأشياء إحياء الموتى، وقد أخبر بذلك وهو أصدق القائلين، فيجب وقوع ذلك عقلا ونقلا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية