الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7352 ) مسألة : قال ( ويضرب الرجل في سائر الحدود قائما بسوط لا خلق ولا جديد ، ولا يمد ، ولا يربط ، ويتقى وجهه ) . وقوله : في سائر الحدود . يعني جميع الحدود التي فيها الضرب ، وفي هذه المسألة ثلاث مسائل : ( 7353 ) المسألة الأولى : أن الرجل يضرب قائما . وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي . وقال مالك : يضرب جالسا . رواه حنبل ، عن أحمد ; لأن الله تعالى لم يأمر بالقيام ; ولأنه مجلود في حد ، فأشبه المرأة .

                                                                                                                                            ولنا قول علي رضي الله عنه : لكل موضع في الجسد حظ - يعني في الحد - إلا الوجه والفرج . وقال للجلاد : اضرب ، وأوجع ، واتق الرأس والوجه . ولأن قيامه وسيلة إلى إعطاء كل عضو حظه من الضرب ، وقوله : إن الله لم يأمر بالقيام . قلنا : ولم يأمر بالجلوس ، ولم يذكر الكيفية ، فعلمناها من دليل آخر ، ولا يصح قياس الرجل على المرأة في هذا ; لأن المرأة يقصد سترها ، ويخشى هتكها . إذا ثبت هذا ، فإن الضرب يفرق على جميع جسده ; ليأخذ كل عضو منه حصته ، ويكثر منه في مواضع اللحم ، كالأليتين والفخذين ، ويتقي المقاتل ، وهي الرأس والوجه والفرج ، من الرجل والمرأة جميعا . وقال مالك : يضرب الظهر ، وما يقاربه . وقال أبو يوسف : يضرب الرأس أيضا ; لأن عليا لم يستثنه .

                                                                                                                                            ولنا على مالك قول علي ; ولأن ما عدا الأعضاء الثلاثة ليس بمقتل ، فأشبهت الظهر . وعلى أبي يوسف ، أن [ ص: 142 ] الرأس مقتل ، فأشبه الوجه ; ولأنه ربما ضربه في رأسه ، فذهب بسمعه وبصره وعقله ، أو قتله ، والمقصود أدبه لا قتله .

                                                                                                                                            وقولهم : لم يستثنه علي ممنوع فقد ذكرنا عنه ، أنه قال : اتق الرأس والوجه ، ولو لم يذكره صريحا ، فقد ذكره دلالة ; لأنه في معنى ما استثناه ، فيقاس عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية