الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7382 ) : ( وإذا حمل عليه جمل صائل ، فلم يقدر على الامتناع منه إلا بضربه ، فضربه فقتله ، فلا ضمان عليه ) . وجملته أن الإنسان إذا صالت عليه بهيمة ، فلم يمكنه دفعها إلا بقتلها ، جاز له قتلها إجماعا ، وليس عليه ضمانها إذا كانت لغيره . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وإسحاق .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة وأصحابه : عليه ضمانها ; لأنه أتلف مال غيره لإحياء نفسه ، فكان عليه ضمانه ، كالمضطر إلى طعام غيره إذا أكله . وكذلك قالوا في غير المكلف من الآدميين ، كالصبي والمجنون : يجوز قتله ، ويضمنه ; لأنه لا يملك إباحة نفسه ، ولذلك لو ارتد ، لم يقتل .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه قتله بالدفع الجائز ، فلم يضمنه ، كالعبد ، ولأنه حيوان ، جاز إتلافه فلم يضمنه ، كالآدمي المكلف ، ولأنه قتله لدفع شره ، فأشبه العبد ; وذلك لأنه إذا قتله لدفع شره ، كان الصائل هو القاتل لنفسه ، فأشبه ما لو نصب حربة في طريقه ، فقذف نفسه عليها ، فمات بها . وفارق المضطر ; فإن الطعام لم يلجئه إلى إتلافه ، ولم يصدر منه ما يزيل عصمته ، ولهذا لو قتل المحرم صيدا لصياله لم يضمنه ، ولو قتله لاضطراره إليه ضمنه ، ولو قتل المكلف لصياله ، لم يضمنه ، ولو قتله ليأكله في المخمصة وجب القصاص ، وغير المكلف كالمكلف في هذا .

                                                                                                                                            وقولهم : لا يملك إباحة نفسه .

                                                                                                                                            قلنا : والمكلف لا يملك إباحة دمه ، ولو قال : أبحت دمي . لم يبح ، على أنه صال ، فقد أبيح دمه بفعله ، فيجب أن يسقط ضمانه ، كالمكلف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية