الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7449 ) مسألة وإذا حمل الرجل على دابة ، فإذا رجع من الغزو فهي له . إلا أن يقول : هي حبيس . فلا يجوز أن تباع إلا أن تصير في حال لا تصلح فيه للغزو ، فتباع ، وتجعل في حبيس آخر ، وكذلك المسجد إذا ضاق بأهله ، أو كان في مكان لا ينتفع به ، جاز أن يباع ، ويجعل في مكان ينتفع به ، وكذلك الأضحية إذا أبدلها بخير منها قوله :

                                                                                                                                            حمل الرجل على دابة . يعني أعطيها ليغزو عليها ، فإذا غزا عليها ، ملكها كما يملك النفقة المدفوعة إليه ، إلا أن تكون عارية ، فتكون لصاحبها ، أو حبيسا فتكون حبيسا بحاله . قال عمر رضي الله عنه : حملت على فرس عتيق في سبيل الله ، فأضاعه صاحبه الذي كان عنده ، فأردت أن أشتريه ، وظننت أنه بائعه برخص ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { لا تشتره ، ولا تعد في صدقتك ، وإن أعطاكه بدرهم ، فإن العائد في صدقته ، كالكلب يعود في قيئه } . متفق عليه .

                                                                                                                                            وهذا يدل على أنه ملكه ، لولا ذلك ما باعه ، ويدل على أنه ملكه بعد الغزو ; لأنه أقامه للبيع بالمدينة ، ولم يكن ليأخذه من عمر ، ثم يقيمه للبيع في الحال ، فدل على أنه أقامه للبيع بعد غزوه عليه . وذكر أحمد نحوا من هذا الكلام . وسئل : متى يطيب له الفرس ؟ قال : إذا غزا عليه . قيل له : فإن العدو جاءنا فخرج على هذا الفرس في الطلب إلى خمسة فراسخ ثم رجع .

                                                                                                                                            قال : لا ، حتى يكون غزو . قيل له : فحديث ابن عمر : إذا بلغت وادي القرى ، فشأنك به ، قال ابن عمر كان يصنع ذلك في ماله ، ورأى أنه إنما يستحقه إذا غزا عليه . وهذا قول أكثر أهل العلم ، منهم سعيد بن المسيب ، والقاسم ، ويحيى الأنصاري ، ومالك ، والليث ، والثوري . ونحوه عن الأوزاعي . قال ابن المنذر : ولم أعلم أحدا يقول : إن له أن يبيعه في مكانه .

                                                                                                                                            وكان مالك لا يرى أن ينتفع بثمنه في غير سبيل الله ، إلا أن يقول له : شأنك به ما أردت . [ ص: 179 ] ولنا ، حديث عمر ، وليس فيه ما اشترط مالك ، فأما إذا قال : هي حبيس .

                                                                                                                                            فلا يجوز بيعها ، وقد سبق شرح هذه المسألة في باب الوقف ، ويأتي شرح حكم الأضحية في بابها ، إن شاء الله ( 7450 ) فصل : قال أحمد : لا يركب دواب السبيل في حاجة ، ويركبها ويستعملها في سبيل الله ، ولا يركب في الأمصار والقرى ، ولا بأس أن يركبها ويعلفها ، وأكره سياق الرمك على الفرس الحبيس ، وسهم الفرس الحبيس لمن غزا عليه ، ولا يباع الفرس الحبيس إلا من علة ، إذا عطب يصير للطحن ، ويصير ثمنه في مثله ، أو ينفق ثمنه على الدواب الحبيس . وإذا أراد أن يشتري فرسا ليحمل عليه ، فقال أحمد : يستحب شراؤها من غير الثغر ، ليكون توسعة على أهل الثغر في الجلب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية