الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قرب ]

                                                          قرب : القرب نقيض البعد . قرب الشيء ، بالضم ، يقرب قربا وقربانا وقربانا ، أي : دنا فهو قريب الواحد والاثنان والجميع في ذلك سواء ؛ وقوله تعالى : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب جاء في التفسير : أخذوا من تحت أقدامهم ؛ وقوله تعالى : وما يدريك لعل الساعة قريب ذكر قريبا ; لأن تأنيث الساعة غير حقيقي ، وقد يجوز أن يذكر ; لأن الساعة في معنى البعث ؛ وقوله تعالى : واستمع يوم ينادي المناد من مكان قريب ، أي : ينادي بالحشر من مكان قريب ، وهي الصخرة التي في بيت المقدس ويقال : إنها في وسط الأرض قال سيبويه : إن قربك زيدا ، ولا تقول : إن بعدك زيدا ; لأن القرب أشد تمكنا في الظرف من البعد ، وكذلك : إن قريبا منك زيدا وأحسنه أن تقول : إن زيدا قريب منك ؛ لأنه اجتمع معرفة ونكرة ، وكذلك البعد في الوجهين ، وقالوا : هو قرابتك ، أي : قريب منك في [ ص: 53 ] المكان ، وكذلك : هو قرابتك في العلم ؛ وقولهم : ما هو بشبيهك ولا بقرابة من ذلك مضمومة القاف ، أي : ولا بقريب من ذلك . أبو سعيد : يقول الرجل لصاحبه إذا استحثه : تقرب ، أي : اعجل ، سمعته من أفواههم وأنشد :


                                                          يا صاحبي ترحلا وتقربا فلقد أنى لمسافر أن يطربا



                                                          التهذيب : وما قربت هذا الأمر ولا قربته قال الله تعالى : ولا تقربا هذه الشجرة وقال ولا تقربوا الزنا كل ذلك من قربت أقرب . ويقال : فلان يقرب أمرا ، أي : يغزوه ، وذلك إذا فعل شيئا أو قال قولا يقرب به أمرا يغزوه ، ويقال : لقد قربت أمرا ما أدري ما هو . وقربه منه وتقرب إليه تقربا وتقرابا واقترب وقاربه . وفي حديث أبي عارم : فلم يزل الناس مقاربين له ، أي : يقربون حتى جاوز بلاد بني عامر ، ثم جعل الناس يبعدون منه . وافعل ذلك بقراب مفتوح ، أي : بقرب عن ابن الأعرابي ؛ وقوله تعالى : إن رحمة الله قريب من المحسنين ، ولم يقل قريبة ؛ لأنه أراد بالرحمة الإحسان ؛ ولأن ما لا يكون تأنيثه حقيقيا جاز تذكيره ، وقال الزجاج : إنما قيل قريب ; لأن الرحمة ، والغفران ، والعفو في معنى واحد ، وكذلك كل تأنيث ليس بحقيقي ، قال : وقالالأخفش : جائز أن تكون الرحمة هاهنا بمعنى المطر ، قال : وقال بعضهم هذا ذكر ليفصل بين القريب من القرب ، والقريب من القرابة ، قال : وهذا غلط ، كل ما قرب من مكان أو نسب فهو جار على ما يصيبه من التذكير والتأنيث ، قالالفراء : إذا كان القريب في معنى المسافة يذكر ويؤنث ، وإذا كان في معنى النسب يؤنث بلا اختلاف بينهم . تقول : هذه المرأة قريبتي ، أي : ذات قرابتي ، قال ابن بري : ذكر الفراء أن العرب تفرق بين القريب من النسب ، والقريب من المكان ، فيقولون : هذه قريبتي من النسب ، وهذه قريبي من المكان ، ويشهد بصحة قوله قول امرئ القيس :


                                                          له الويل إن أمسى ولا أم هاشم     قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا



                                                          فذكر قريبا ، وهو خبر عن أم هاشم ، فعلى هذا يجوز : قريب مني ، يريد قرب المكان ، وقريبة مني يريد قرب النسب . ويقال : إن فعيلا قد يحمل على فعول ؛ لأنه بمعناه ، مثل رحيم ورحوم ، وفعول لا تدخله الهاء ، نحو امرأة صبور ، فلذلك قالوا : ريح خريق ، وكنيبة خصيف ، وفلانة مني قريب . وقد قيل : إن قريبا أصله في هذا أن يكون صفة لمكان ، كقولك : هي مني قريبا ، أي : مكانا قريبا ، ثم اتسع في الظرف فرفع وجعل خبرا . التهذيب : والقريب نقيض البعيد يكون تحويلا فيستوي في الذكر والأنثى ، والفرد والجميع ، كقولك : هو قريب ، وهي قريب ، وهم قريب ، وهن قريب . ابن السكيت : تقول العرب : هو قريب مني ، وهما قريب مني ، وهم قريب مني ، وكذلك المؤنث : هي قريب مني ، وهي بعيد مني ، وهما بعيد ، وهن بعيد مني ، وقريب ، فتوحد قريبا وتذكره ؛ لأنه إن كان مرفوعا فإنه في تأويل : هو في مكان قريب مني . وقال الله تعالى : إن رحمة الله قريب من المحسنين . وقد يجوز قريبة وبعيدة بالهاء تنبيها على قربت وبعدت ، فمن أنثها في المؤنث ثنى وجمع ، وأنشد :


                                                          ليالي لا عفراء منك بعيدة     فتسلى ولا عفراء منك قريب



                                                          واقترب الوعد ، أي : تقارب . وقاربته في البيع مقاربة . والتقارب : ضد التباعد . وفي الحديث : إذا تقارب الزمان ، وفي رواية : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ، قال ابن الأثير : أراد اقتراب الساعة ، وقيل : اعتدال الليل والنهار ، وتكون الرؤيا فيه صحيحة لاعتدال الزمان . واقترب : افتعل من القرب . وتقارب : تفاعل منه ، ويقال للشيء إذا ولى وأدبر : تقارب . وفي حديث المهدي : يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر أراد : يطيب الزمان حتى لا يستطال وأيام السرور والعافية قصيرة ، وقيل : هو كناية عن قصر الأعمار وقلة البركة . ويقال : قد حيا وقرب ، إذا قال : حياك الله وقرب دارك . وفي الحديث : من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، المراد بقرب العبد من الله عز وجل ، القرب بالذكر ، والعمل الصالح لا قرب الذات والمكان ; لأن ذلك من صفات الأجسام والله يتعالى عن ذلك ويتقدس . والمراد بقرب الله تعالى من العبد قرب نعمه وألطافه منه ، وبره وإحسانه إليه وترادف مننه عنده وفيض مواهبه عليه . وقراب الشيء وقرابه وقرابته : ما قارب قدره . وفي الحديث : إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة ، أي : بما يقارب ملأها ، وهو مصدر قارب يقارب . والقراب : مقاربة الأمر قال عويف القوافي يصف نوقا :


                                                          هو ابن منضجات كن قدما     يزدن على العديد قراب شهر



                                                          وهذا البيت أورده الجوهري :

                                                          يردن على الغدير قراب شهر

                                                          . قال ابن بري : صواب إنشاده : يزدن على العديد ، من معنى الزيادة على العدة ، لا من معنى الورد على الغدير . والمنضجة : التي تأخرت ولادتها عن حين الولادة شهرا ، وهو أقوى للولد . قال : والقراب أيضا إذا قارب أن يمتلئ الدلو ، وقال العنبر بن تميم وكان مجاورا في بهراء :


                                                          قد رابني من دلوي اضطرابها     والنأي من بهراء واغترابها
                                                          إلا تجي ملأى يجي قرابها



                                                          ذكر أنه لما تزوج عمرو بن تميم أم خارجة نقلها إلى بلده ، وزعم الرواة أنها جاءت بالعنبر معها صغيرا ، فأولدها عمرو بن تميم أسيدا والهجيم ، والقليب ، فخرجوا ذات يوم يستقون ، فقل عليهم الماء ، فأنزلوا مائحا من تميم فجعل المائح يملأ دلو الهجيم وأسيد ، والقليب ، فإذا وردت دلو العنبر تركها تضطرب ، فقال العنبر هذه الأبيات . وقال الليث : القراب ، والقراب مقاربة الشيء . تقول : معه ألف درهم أو قرابه ومعه ملء قدح ماء أو قرابه . وتقول : أتيته قراب العشي ، وقراب الليل . وإناء قربان : قارب الامتلاء وجمجمة قربى : كذلك . وقد أقربه وفيه قربه وقرابه . قال سيبويه : الفعل من قربان قارب . قال : ولم يقولوا : قرب استغناء بذلك . وأقربت القدح من قولهم : قدح قربان إذا قارب أن يمتلئ ، وقدحان قربانان ، والجمع قراب ، مثل عجلان وعجال ، تقول : هذا قدح قربان ماء ، وهو الذي [ ص: 54 ] قد قارب الامتلاء . ويقال : لو أن لي قراب هذا ذهبا ، أي : ما يقارب ملأه . والقربان بالضم : ما قرب إلى الله عز وجل . وتقربت به تقول منه : قربت لله قربانا . وتقرب إلى الله بشيء ، أي : طلب به القربة عنده تعالى . والقربان : جليس الملك وخاصته لقربه منه ، وهو واحد القرابين تقول : فلان من قربان الأمير ومن بعدانه . وقرابين الملك : وزراؤه وجلساؤه وخاصته . وفي التنزيل العزيز : واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا . وقال في موضع آخر : إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار . وكان الرجل إذا قرب قربانا سجد لله ، فتنزل النار فتأكل قربانه فذلك علامة قبول القربان ، وهي ذبائح كانوا يذبحونها . الليث : القربان ما قربت إلى الله تبتغي بذلك قربة ووسيلة . وفي الحديث صفة هذه الأمة في التوراة : قربانهم دماؤهم . القربان مصدر قرب يقرب ، أي : يتقربون إلى الله بإراقة دمائهم في الجهاد . وكان قربان الأمم السالفة ذبح البقر والغنم والإبل . وفي الحديث : الصلاة قربان كل تقي ، أي : إن الأتقياء من الناس يتقربون بها إلى الله تعالى ، أي : يطلبون القرب منه بها . وفي حديث الجمعة : من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، أي : كأنما أهدى ذلك إلى الله تعالى كما يهدى القربان إلى بيت الله الحرام . الأحمر : الخيل المقربة التي تكون قريبة معدة . وقال شمر : الإبل المقربة التي حزمت للركوب ، قالها أعرابي من غني . وقال : المقربات من الخيل : التي ضمرت للركوب . أبو سعيد : الإبل المقربة التي عليها رحال مقربة بالأدم ، وهي مراكب الملوك ، قال : وأنكر الأعرابي هذا التفسير . وفي حديث عمر رضي الله عنه : ما هذه الإبل المقربة ، قال : هكذا روي بكسر الراء ، وقيل : هي بالفتح ، وهي التي حزمت للركوب ، وأصله من القراب . ابن سيده : المقربة ، والمقرب من الخيل : التي تدنى وتقرب وتكرم ، ولا تترك أن ترود ، قال ابن دريد : إنما يفعل ذلك بالإناث لئلا يقرعها فحل لئيم . وأقربت الحامل ، وهي مقرب : دنا ولادها وجمعها مقاريب ، كأنهم توهموا واحدها على هذا مقرابا ، وكذلك الفرس والشاة ، ولا يقال للناقة إلا أدنت فهي مدن ، قالتأم تأبط شرا تؤبنه بعد موته :


                                                          وابناه وابن الليل     ليس بزميل شروب للقيل
                                                          يضرب بالذيل     كمقرب الخيل



                                                          ؛ لأنها تضرج من دنا منها ويروى كمقرب الخيل بفتح الراء ، وهو المكرم . الليث : أقربت الشاة ، والأتان فهي مقرب ، ولا يقال للناقة إلا أدنت فهي مدن . العدبس الكناني : جمع المقرب من الشاء : مقاريب ، وكذلك هي محدث ، وجمعه محاديث . التهذيب : والقريب ، والقريبة ذو القرابة ، والجمع من النساء قرائب ومن الرجال أقارب ، ولو قيل : قربى لجاز . والقرابة والقربى : الدنو في النسب ، والقربى في الرحم ، وهي في الأصل مصدر . وفي التنزيل العزيز : والجار ذي القربى . وما بينهما مقربة ومقربة ومقربة ، أي : قرابة . وأقارب الرجل وأقربوه : عشيرته الأدنون . وفي التنزيل العزيز : وأنذر عشيرتك الأقربين . وجاء في التفسير أنه لما نزلت هذه الآية صعد الصفا ونادى الأقرب فالأقرب فخذا فخذا يا بني عبد المطلب يا بني هاشم يا بني عبد مناف يا عباس يا صفية : إني لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم ، هذا عن الزجاج : وتقول : بيني وبينه قرابة وقرب وقربى ومقربة ومقربة وقربة وقربة بضم الراء ، وهو قريبي وذو قرابتي وهم أقربائي وأقاربي . والعامة تقول : هو قرابتي وهم قراباتي ؛ وقوله تعالى : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، أي : إلا أن تودوني في قرابتي ، أي : في قرابتي منكم . ويقال : فلان ذو قرابتي وذو قرابة مني وذو مقربة وذو قربى مني . قال الله تعالى : يتيما ذا مقربة . قال : ومنهم من يجيز فلان قرابتي ، والأول أكثر . وفي حديث عمر رضي الله عنه : إلا حامى على قرابته ، أي : أقاربه سموا بالمصدر كالصحابة . والتقرب : التدني إلى شيء والتوصل إلى إنسان بقربة أو بحق ، والإقراب : الدنو . وتقارب الزرع إذا دنا إدراكه . ابن سيده : وقارب الشيء داناه ، وتقارب الشيئان : تدانيا . وأقرب المهر ، والفصيل وغيره ، إذا دنا للإثناء أو غير ذلك من الأسنان . والمتقارب في العروض : فعولن ثماني مرات ، وفعولن فعولن فعل مرتين ، سمي متقاربا ؛ لأنه ليس في أبنية الشعر شيء تقرب أوتاده من أسبابه كقرب المتقارب ، وذلك لأن كل أجزائه مبني على وتد وسبب . ورجل مقارب ومتاع مقارب : ليس بنفيس . وقال بعضهم : دين مقارب بالكسر ومتاع مقارب بالفتح . الجوهري : شيء مقارب بكسر الراء ، أي : وسط بين الجيد والرديء ، قال : ولا تقل مقارب ، وكذلك إذا كان رخيصا . والعرب تقول : تقاربت إبل فلان ، أي : قلت وأدبرت ، قال جندل :


                                                          غرك أن تقاربت أباعري     وأن رأيت الدهر ذا الدوائر



                                                          ويقال للشيء إذا ولى وأدبر : قد تقارب . ويقال للرجل القصير : متقارب ومتآزف . الأصمعي : إذا رفع الفرس يديه معا ووضعهما معا ، فذلك التقريب وقال أبو زيد : إذا رجم الأرض رجما فهو التقريب . يقال : جاءنا يقرب به فرسه . وقارب الخطو : داناه . والتقريب في عدو الفرس : أن يرجم الأرض بيديه وهما ضربان : التقريب الأدنى ، وهو الإرخاء والتقريب الأعلى ، وهو الثعلبية . الجوهري : التقريب ضرب من العدو يقال : قرب الفرس إذا رفع يديه معا ووضعهما معا في العدو ، وهو دون الحضر . وفي حديث الهجرة : أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي . قرب الفرس يقرب تقريبا إذا عدا عدوا دون الإسراع . وقرب الشيء بالكسر يقربه قربا وقربانا : أتاه فقرب ودنا منه . وقربته تقريبا : أدنيته . والقرب : طلب الماء ليلا ، وقيل : هو أن لا يكون بينك وبين الماء إلا ليلة . وقال ثعلب : إذا كان بين الإبل وبين الماء يومان ، فأول يوم تطلب فيه الماء هو القرب ، والثاني الطلق . قربت الإبل تقرب قربا وأقربها ، وتقول : قربت أقرب قرابة ، مثل كتبت أكتب كتابة ، إذا سرت إلى الماء وبينك وبينه ليلة . قال الأصمعي : قلت لأعرابي : ما [ ص: 55 ] القرب ؟ فقال : سير الليل لورد الغد قلت : ما الطلق ؟ فقال : سير الليل لورد الغب . يقال : قرب بصباص ، وذلك أن القوم يسيمون الإبل وهم في ذلك يسيرون نحو الماء ، فإذا بقيت بينهم وبين الماء عشية عجلوا نحوه ، فتلك الليلة ليلة القرب . قال الخليل : والقارب طالب الماء ليلا ، ولا يقال ذلك لطالب الماء نهارا . وفي التهذيب : القارب الذي يطلب الماء ولم يعين وقتا . الليث : القرب أن يرعى القوم بينهم وبين المورد وفي ذلك يسيرون بعض السير حتى إذا كان بينهم وبين الماء ليلة أو عشية عجلوا فقربوا يقربون قربا ، وقد أقربوا إبلهم وقربت الإبل . قال : والحمار القارب ، والعانة القوارب : وهي التي تقرب القرب ، أي : تعجل ليلة الورد . الأصمعي : إذا خلى الراعي وجوه إبله إلى الماء وتركها في ذلك ترعى ليلتئذ ، فهي ليلة الطلق ، فإن كان الليلة الثانية فهي ليلة القرب ، وهو السوق الشديد . وقال الأصمعي : إذا كانت إبلهم طوالق قيل أطلق القوم فهم مطلقون ، وإذا كانت إبلهم قوارب ، قالوا : أقرب القوم فهم قاربون ، ولا يقال مقربون ، قال : وهذا الحرف شاذ . أبو زيد : أقربتها حتى قربت تقرب . وقال أبو عمرو في الإقراب ، والقرب مثله ، قال لبيد :


                                                          إحدى بني جعفر كلفت بها     لم تمس مني نوبا ولا قربا



                                                          قال ابن الأعرابي : القرب ، والقرب واحد في بيت لبيد . قال أبو عمرو : القرب في ثلاثة أيام أو أكثر ، وأقرب القوم فهم قاربون على غير قياس ، إذا كانت إبلهم متقاربة ، وقد يستعمل القرب في الطير ، وأنشد ابن الأعرابي لخليج الأعيوي :


                                                          قد قلت يوما والركاب كأنها     قوارب طير حان منها ورودها



                                                          ، وهو يقرب حاجة أي : يطلبها وأصلها من ذلك . وفي حديث ابن عمر : إن كنا لنلتقي في اليوم مرارا ، يسأل بعضنا بعضا وأن نقرب بذلك إلى أن نحمد الله تعالى ، قال الأزهري : أي : ما نطلب بذلك إلا حمد الله تعالى . قال الخطابي : نقرب ، أي : نطلب ، والأصل فيه طلب الماء ، ومنه ليلة القرب : وهي الليلة التي يصبحون منها على الماء ، ثم اتسع فيه ، فقيل : فلان يقرب حاجته ، أي : يطلبها فأن الأولى هي المخففة من الثقيلة والثانية نافية . وفي الحديث قال له رجل : ما لي هارب ولا قارب ، أي : ما له وارد يرد الماء ولا صادر يصدر عنه . وفي حديث علي كرم الله وجهه : وما كنت إلا كقارب ورد وطالب وجد . ويقال : قرب فلان أهله قربانا إذا غشيها . والمقاربة ، والقراب : المشاغرة للنكاح ، وهو رفع الرجل . والقراب : غمد السيف والسكين ونحوهما ، وجمعه قرب . وفي الصحاح : قراب السيف غمده وحمالته . وفي المثل : الفرار بقراب أكيس قال ابن بري : هذا المثل ذكره الجوهري بعد قراب السيف على ما تراه وكان صواب الكلام أن يقول قبل المثل : والقراب القرب ، ويستشهد بالمثل عليه . والمثل لجابر بن عمرو المزني ، وذلك أنه كان يسير في طريق فرأى أثر رجلين وكان قائفا ، فقال : أثر رجلين شديد كلبهما عزيز سلبهما ، والفرار بقراب أكيس ، أي : بحيث يطمع في السلامة من قرب . ومنهم من يرويه بقراب بضم القاف . وفي التهذيب : الفرار قبل أن يحاط بك أكيس لك . وقرب قرابا وأقربه : عمله . وأقرب السيف والسكين : عمل لها قرابا . وقربه : أدخله في القراب ، وقيل : قرب السيف جعل له قرابا ، وأقربه : أدخله في قرابه . الأزهري : قراب السيف شبه جراب من آدم ، يضع الراكب فيه سيفه بجفنه وسوطه وعصاه وأداته . وفي كتابه لوائل بن حجر : لكل عشر من السرايا ما يحمل القراب من التمر . قال ابن الأثير : هو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه ، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره ، قال ابن الأثير : قال الخطابي الرواية بالباء هكذا قال : ولا موضع له هاهنا . قال : وأراه القراف جمع قرف ، وهي أوعية من جلود يحمل فيها الزاد للسفر ، ويجمع على قروف أيضا . والقربة من الأساقي . ابن سيده : القربة الوطب من اللبن ، وقد تكون للماء ، وقيل : هي المخروزة من جانب واحد ، والجمع في أدنى العدد : قربات وقربات وقربات ، والكثير قرب ، وكذلك جمع كل ما كان على فعلة ، مثل سدرة وفقرة لك أن تفتح العين وتكسر وتسكن . وأبو قربة : فرس عبيد بن أزهر . والقرب : الخاصرة ، والجمع أقراب ، وقال الشمردل يصف فرسا :


                                                          لاحق القرب ، والأياطل نهد     مشرف الخلق في مطاه تمام



                                                          التهذيب : فرس لاحق الأقراب يجمعونه وإنما له قربان لسعته ، كما يقال شاة ضخمة الخواصر ، وإنما لها خاصرتان واستعاره بعضهم للناقة ، فقال :


                                                          حتى يدل عليها خلق أربعة     في لازق لاحق الأقراب فانشملا



                                                          أراد : حتى دل فوضع الآتي موضع الماضي ، قال أبو ذؤيب يصف الحمار ، والأتن :


                                                          فبدا له أقراب هذا رائغا     عنه فعيث في الكنانة يرجع



                                                          وقيل : القرب ، والقرب من لدن الشاكلة إلى مراق البطن مثل عسر وعسر ، وكذلك من لدن الرفغ إلى الإبط قرب من كل جانب . وفي حديث المولد : فخرج عبد الله بن عبد المطلب أبو النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم متقربا متخصرا بالبطحاء فبصرت به ليلى العدوية ، قوله متقربا ، أي : واضعا يده على قربه ، أي : خاصرته ، وهو يمشي ، وقيل : هو الموضع الرقيق أسفل من السرة ، وقيل متقربا ، أي : مسرعا عجلا ويجمع على أقراب ، ومنه قصيد كعب بن زهير :


                                                          يمشي القراد عليها ، ثم يزلقه     عنها لبان وأقراب زهاليل



                                                          التهذيب : في الحديث ثلاث لعينات : رجل عور الماء المعين المنتاب ورجل عور طريق المقربة ، ورجل تغوط تحت شجرة ، قال أبو عمرو : المقربة المنزل ، وأصله من القرب ، وهو السير قال الراعي :


                                                          في كل مقربة يدعن رعيلا



                                                          وجمعها مقارب . والمقرب : سير الليل ، قال طفيل يصف الخيل :


                                                          معرقة الألحي تلوح متونها     تثير القطا في منهل بعد مقرب



                                                          وفي الحديث : من غير المقربة ، والمطربة فعليه لعنة الله . المقربة : [ ص: 56 ] طريق صغير ينفذ إلى طريق كبير ، وجمعها المقارب ، وقيل : هو من القرب ، وهو السير بالليل ، وقيل : السير إلى الماء . التهذيب ، الفراء جاء في الخبر : اتقوا قراب المؤمن أو قرابته فإنه ينظر بنور الله يعني فراسته وظنه الذي هو قريب من العلم والتحقق ; لصدق حدسه وإصابته . والقراب ، والقرابة : القريب يقال : ما هو بعالم ولا قراب عالم ولا قرابة عالم ولا قريب من عالم . والقرب : البئر القريبة الماء فإذا كانت بعيدة الماء فهي النجاء وأنشد :


                                                          ينهضن بالقوم عليهن الصلب     موكلات بالنجاء والقرب



                                                          يعني : الدلاء ؛ وقوله في الحديث : سددوا وقاربوا ، أي : اقتصدوا في الأمور كلها واتركوا الغلو فيها والتقصير ، يقال : قارب فلان في أموره إذا اقتصد ؛ وقوله في حديث ابن مسعود : أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في الصلاة فلم يرد عليه ، قال : فأخذني ما قرب وما بعد ، يقال للرجل إذا أقلقه الشيء وأزعجه : أخذه ما قرب وما بعد ، وما قدم وما حدث ، كأنه يفكر ، ويهتم في بعيد أموره وقريبها ، يعني أيها كان سببا في الامتناع من رد السلام عليه . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : لآتينكم بما يشبهها ، ويقرب منها . وفي حديثه الآخر : إني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . والقارب : السفينة الصغيرة مع أصحاب السفن الكبار البحرية ، كالجنائب لها تستخف لحوائجهم ، والجمع القوارب . وفي حديث الدجال : فجلسوا في أقرب السفينة ، واحدها قارب وجمعه قوارب ، قال : فأما أقرب فإنه غير معروف في جمع قارب ، إلا أن يكون على غير قياس ، وقيل : أقرب السفينة أدانيها ، أي : ما قارب إلى الأرض منها . والقريب : السمك المملح ، ما دام في طراءته ، وقربت الشمس للمغيب : ككربت وزعم يعقوب أن القاف بدل من الكاف . والمقارب : الطرق . وقريب : اسم رجل . وقريبة : اسم امرأة . وأبو قريبة : رجل من رجازهم . والقرنبى : نذكره في ترجمة قرنب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية