الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7492 ) قال : ( ومن دخل إلى أرضهم من الغزاة فارسا ، فنفق فرسه قبل إحراز الغنيمة ، فله سهم راجل ، ومن دخل راجلا ، فأحرزت الغنيمة وهو فارس ، فله سهم الفارس ) وجملة ذلك أن الاعتبار في استحقاق السهم بحالة الإحراز ، فإن أحرزت الغنيمة وهو راجل ، فله سهم راجل ، وإن أحرزت وهو فارس ، فله سهم الفارس ، سواء دخل فارسا أو راجلا . قال أحمد : أنا أرى أن كل من شهد الوقعة على أي حالة كان يعطى ; إن كان فارسا ففارس ، وإن كان راجلا فراجل ; لأن عمر قال : الغنيمة لمن شهد الوقعة . وبهذا قال الأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور .

                                                                                                                                            ونحوه قال ابن عمر . وقال أبو حنيفة : الاعتبار بدخول دار الحرب ، فإن دخل فارسا فله سهم فارس وإن نفق فرسه قبل القتال ، وإن دخل راجلا فله سهم الراجل وإن استفاد فرسا فقاتل عليه . وعنه رواية أخرى كقولنا . قال أحمد : كان سليمان بن موسى يعرضهم إذا أدربوا ، الفارس فارس ، والراجل راجل . لأنه دخل في الحرب بنية القتال ، فلا يتغير سهمه بذهاب دابته ، أو حصول دابة له ، كما لو كان بعد القتال .

                                                                                                                                            ولنا ، أن الفرس حيوان يسهم له ، فاعتبر وجوده حال القتال ، فيسهم له مع الوجود فيه ، ولا يسهم له مع العدم ، كالآدمي ، والأصل في هذا أن حالة استحقاق السهم حالة تقتضي الحرب ، بدليل قول عمر الغنيمة لمن شهد الوقعة .

                                                                                                                                            ولأنها الحال التي يحصل فيها الاستيلاء الذي هو سبب الملك ، بخلاف ما قبل ذلك ، فإن الأموال في أيدي أصحابها ، ولا ندري هل يظفر بهم أو لا ؟ ولأنه لو مات بعض المسلمين قبل الاستيلاء ، لم يستحق شيئا ، ولو وجد مدد في تلك الحال ، أو انفلت أسير فلحق بالمسلمين ، أو أسلم كافر فقاتلوا ، استحقوا السهم ، فدل على أن الاعتبار بحالة الإحراز ، فوجب اعتباره دون غيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية