الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7493 ) قال : ( ويعطي ثلاثة أسهم ; سهم له ، وسهمان لفرسه ) أكثر أهل العلم على أن الغنيمة تقسم للفارس منها ثلاثة أسهم ; سهم له ، وسهمان لفرسه ، وللراجل سهم .

                                                                                                                                            قال ابن المنذر : هذا مذهب عمر بن عبد العزيز ، والحسن ، وابن سيرين ، وحسين بن ثابت ، وعوام علماء الإسلام في القديم والحديث ; منهم مالك ومن تبعه من أهل المدينة ، والثوري ومن وافقه من أهل العراق ، والليث بن سعد ومن تبعه من أهل مصر ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وقال أبو حنيفة : للفرس سهم واحد .

                                                                                                                                            لما روى مجمع بن جارية ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم خيبر على أهل الحديبية ، فأعطى الفارس سهمين ، وأعطى الراجل سهما . رواه أبو داود . ولأنه حيوان ذو سهم ، فلم يزد على سهم ، كالآدمي . ولنا ، ما روى ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم ; سهمان لفرسه ، وسهم له متفق [ ص: 201 ] عليه .

                                                                                                                                            وعن أبي رهم وأخيه ، أنهما كانا فارسين يوم خيبر ، فأعطيا ستة أسهم ; أربعة أسهم لفرسيهما ، وسهمين لهما . رواه سعيد بن منصور ، وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى الفارس ثلاثة أسهم وأعطى الراجل سهما . وقال خالد الحذاء : لا يختلف فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم هكذا للفرس سهمين ، ولصاحبه سهما ، وللراجل سهما . وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن : أما بعد ; فإن سهمان الخيل مما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين للفرس ، وسهما للراجل ، ولعمري لقد كان حديثا ما أشعر أن أحدا من المسلمين هم بانتقاض ذلك ، فمن هم بانتقاض فعاقبه ، والسلام عليك . رواهما سعيد ، والأثرم . وهذا يدل على ثبوت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا ، وأنه أجمع عليه ، فلا يعول على ما خالفه .

                                                                                                                                            فأما حديث مجمع ، فيحتمل أنه أراد أعطى الفارس سهمين لفرسه ، وأعطى الراجل سهما ، يعني صاحبه ، فيكون ثلاثة أسهم ، على أن حديث ابن عمر أصح منه ، وقد وافقه حديث أبي رهم وأخيه ، وابن عباس ، وهؤلاء أحفظ وأعلم ، وابن عمر وأبو رهم وأخوه ممن شهدوا وأخذوا السهمان ، وأخبروا عن أنفسهم أنهم أعطوا ذلك ، فلا يعارض ذلك بخبر شاذ تعين غلطه ، أو حمله على ما يخالف ظاهره ، وقياس الفرس على الآدمي غير صحيح ; لأن أثرها في الحرب أكثر ، وكلفتها أعظم ، فينبغي أن يكون سهمها أكثر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية