الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قرظ ]

                                                          قرظ : القرظ : شجر يدبغ به ، وقيل : هو ورق السلم يدبغ به الأدم ، ومنه أديم مقروظ ، وقد قرظته أقرظه قرظا . قال أبو حنيفة : القرظ أجود ما تدبغ به الأهب في أرض العرب وهي تدبغ بورقه وثمره . وقال مرة : القرظ شجر عظام لها سوق غلاظ أمثال شجر [ ص: 75 ] الجوز وورقه أصغر من ورق التفاح ، وله حب يوضع في الموازين ، وهو ينبت في القيعان ، واحدته قرظة ، وبها سمي الرجل قرظة وقريظة . وإبل قرظية : تأكل القرظ . وأديم قرظي : مدبوغ بالقرظ . وكبش قرظي وقرظي : منسوب إلى بلاد القرظ ، وهي اليمن ; لأنها منابت القرظ . وقرظ السقاء يقرظه قرظا : دبغه بالقرظ أو صبغه به . وحكى أبو حنيفة عن ابن مسحل : أديم مقرظ كأنه على أقرظته ، قال : ولم نسمعه ، واسم الصبغ القرظي على إضافة الشيء إلى نفسه . وفي الحديث : أن عمر دخل عليه وإن عند رجليه قرظا مصبورا . وفي الحديث : أتي بهدية في أديم مقروظ ، أي : مدبوغ بالقرظ . والقارظ : الذي يجمع القرظ ويجتنيه . ومن أمثالهم : لا يكون ذلك حتى يئوب القارظان وهما رجلان : أحدهما من عنزة ، والآخر عامر بن تميم بن يقدم بن عنزة ، خرجا ينتحيان القرظ ويجتنيانه فلم يرجعا فضرب بهما المثل . قال أبو ذؤيب :


                                                          وحتى يئوب القارظان كلاهما وينشر في القتلى كليب لوائل



                                                          وقال ابن الكلبي : هما قارظان وكلاهما من عنزة ، فالأكبر منهما يذكر بن عنزة كان لصلبه ، والأصغر هو رهم بن عامر من عنزة ، وكان من حديث الأول أن حزيمة بن نهد كان عشق ابنته فاطمة بنت يذكر وهو القائل فيها :


                                                          إذا الجوزاء أردفت الثريا     ظننت بآل فاطمة الظنونا



                                                          وأما الأصغر منهما فإنه خرج يطلب القرظ أيضا فلم يرجع ، فصار مثلا في انقطاع الغيبة ، وإياهما أرادأبو ذؤيب في البيت بقوله :


                                                          وحتى يئوب القارظان كلاهما



                                                          قال ابن بري : ذكر القزاز في كتاب الظاء أن أحد القارظين يقدم بن عنزة والآخر عامر بن هيصم بن يقدم بن عنزة . ابن سيده : ولا آتيك القارظ العنزي ، أي : لا آتيك ما غاب القارظ العنزي ، فأقام القارظ العنزي مقام الدهر ونصبه على الظرف ، وهذا اتساع وله نظائر ، قال بشر لابنته عند الموت :


                                                          فرجي الخير وانتظري إيابي     إذا ما القارظ العنزي آبا



                                                          التهذيب : من أمثال العرب في الغائب : لا يرجى إيابه حتى يئوب العنزي القارظ ، وذلك أنه خرج يجني القرظ ففقد ، فصار مثلا للمفقود الذي يؤيس منه . والقراظ : بائع القرظ . والتقريظ : مدح الإنسان وهو حي ، والتأبين مدحه ميتا . وقرظ الرجل تقريظا : مدحه وأثنى عليه ، مأخوذ من تقريظ الأديم يبالغ في دباغه بالقرظ ، وهما يتقارظان الثناء . وقولهم : فلان يقرظ صاحبه تقريظا ، بالظاء والضاد ، جميعا عن أبي زيد ، إذا مدحه بباطل أو حق . وفي الحديث : لا تقرظوني كما قرظت النصارى عيسى ، التقريظ : مدح الحي ووصفه . ومنه حديث علي - عليه السلام - : ولا هو أهل لما قرظ به ، أي : مدح ، وحديثه الآخر : يهلك في رجلان : محب مفرط يقرظني بما ليس في ، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني . التهذيب في ترجمة قرض : وقرظ الرجل ، بالظاء ، إذا ساد بعد هوان . أبو زيد : قرظ فلان فلانا ، وهما يتقارظان المدح إذا مدح كل واحد منهما صاحبه ، ومثله يتقارضان بالضاد ، وقد قرضه إذا مدحه أو ذمه . فالتقارظ في المدح والخير خاصة ، والتقارض في الخير والشر . و سعد القرظ : مؤذن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بقباء فلما ولي عمر أنزله المدينة فولده إلى اليوم يؤذنون في مسجد المدينة . .

                                                          والقريظ : فرس لبعض العرب . و بنو قريظة : حي من يهود ، وهم و النضير قبيلتان من يهود خيبر ، وقد دخلوا في العرب على نسبهم إلى هارون أخي موسى - عليهما السلام - منهم محمد بن كعب القرظي . و بنو قريظة : إخوة النضير ، وهما حيان من اليهود الذين كانوا بالمدينة فأما قريظة فإنهم أبيروا لنقضهم العهد ، ومظاهرتهم المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أمر بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم واستفاءة أموالهم : وأما بنو النضير فإنهم أجلوا إلى الشام وفيهم نزلت سورة الحشر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية