الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب رقية المريض بالمعوذات والنفث

                                                                                                                2192 حدثني سريج بن يونس ويحيى بن أيوب قالا حدثنا عباد بن عباد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي وفي رواية يحيى بن أيوب بمعوذات

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قولها : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات ) هي بكسر الواو ، ( والنفث ) نفخ لطيف بلا ريق . فيه استحباب النفث في الرقية ، وقد أجمعوا على جوازه ، واستحبه [ ص: 352 ] الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .

                                                                                                                قال القاضي : وأنكر جماعة النفث والتفل في الرقى ، وأجازوا فيها النفخ بلا ريق ، وهذا المذهب والفرق إنما يجيء على قول ضعيف . قيل : إن النفث معه ريق . قال : وقد اختلف العلماء في النفث والتفل ، فقيل هما بمعنى ، ولا يكونان إلا بريق . قال أبو عبيد : يشترط في التفل ريق يسير ، ولا يكون في النفث ، وقيل عكسه . قال : وسئلت عائشة عن نفث النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية ، فقالت : كما ينفث آكل الزبيب لا ريق معه . قال : ولا اعتبار بما يخرج عليه من بلة ، ولا يقصد ذلك ، وقد جاء في حديث الذي رقى بفاتحة الكتاب : فجعل يجمع بزاقه ويتفل . والله أعلم .

                                                                                                                قال القاضي : وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشرة للرقية ، والذكر الحسن . لكن قال : كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى . وكان مالك ينفث إذا رقى نفسه ، وكان يكره الرقية بالحديدة والملح ، والذي يعقد ، والذي يكتب خاتم سليمان ، والعقد عنده أشد كراهة لما في ذلك من مشابهة السحر . والله أعلم .

                                                                                                                وفي هذا الحديث استحباب الرقية بالقرآن وبالأذكار ، وإنما رقى بالمعوذات لأنهن جامعات للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلا ، ففيها الاستعاذة من شر ما خلق ، فيدخل فيه كل شيء ، ومن شر النفاثات في العقد ، ومن شر السواحر ، ومن شر الحاسدين ، ومن شر الوسواس الخناس . والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 353 ] قولها : ( رخص في الرقية من كل ذي حمة ) هي بحاء مهملة مضمومة ثم ميم مخففة ، وهي السم ، ومعناه أذن في الرقية من كل ذات سم .

                                                                                                                قولها : ( قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا ، ووضع سفيان سبابته بالأرض ، ثم رفعها باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا ليشفى به سقيمنا بإذن ربنا ) قال جمهور العلماء : المراد بأرضنا هنا جملة الأرض ، وقيل : أرض المدينة خاصة لبركتها . والريقة أقل من الريق . ومعنى الحديث أنه يأخذ من [ ص: 354 ] ريق نفسه على أصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء ، فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل ، ويقول هذا الكلام في حال المسح . والله أعلم .

                                                                                                                قال القاضي : واختلف قول مالك في رقية اليهودي والنصراني المسلم ، وبالجواز قال الشافعي .




                                                                                                                الخدمات العلمية