الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7566 ) مسألة ; قال : ( وإذا سبى المشركون من يؤدي إلينا الجزية ، ثم قدر عليهم ، ردوا إلى ما كانوا عليه ، ولم يسترقوا ، وما أخذه العدو منهم من مال أو رقيق ، رد إليهم ، إذا علم به قبل أن يقسم ، ويفادى بهم بعد أن يفادى بالمسلمين ) وجملة ذلك أن أهل الحرب إذا استولوا على أهل ذمتنا ، فسبوهم ، وأخذوا أموالهم ، ثم قدر عليهم وجب ردهم إلى ذمتهم ، ولم يجز استرقاقهم . في قول عامة أهل العلم ; منهم الشعبي ، ومالك ، والليث ، والأوزاعي ، والشافعي ، [ ص: 228 ] وإسحاق ، ولا نعلم لهم مخالفا ; وذلك لأن ذمتهم باقية ، ولم يوجد منهم ما يوجب نقضها .

                                                                                                                                            وحكم أموالهم ، حكم أموال المسلمين في حرمتها . قال علي رضي الله عنه : إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا ، وأموالهم كأموالنا . فمتى علم صاحبها قبل قسمها وجب ردها إليه ، وإن علم بعد القسمة ، فعلى الروايتين ; إحداهما ، لا حق له فيه . والثانية ، هو له بثمنه ; لأن أموالهم معصومة كأموال المسلمين .

                                                                                                                                            وأما فداؤهم ، فظاهر كلام الخرقي ، أنه يجب فداؤهم ، سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا . وهذا قول عمر بن عبد العزيز ، والليث ; لأننا التزمنا حفظهم ، بمعاهدتهم ، وأخذ جزيتهم ، فلزمنا القتال من ورائهم ، والقيام دونهم ، فإذا عجزنا عن ذلك ، وأمكننا تخليصهم ، لزمنا ذلك ، كمن يحرم عليه إتلاف شيء ، فإذا أتلفه غرمه . وقال القاضي : إنما يجب فداؤهم إذا استعان بهم الإمام في قتاله فسبوا وجب عليه فداؤهم ; لأن أسرهم كان لمعنى من جهته . وهو المنصوص عن أحمد .

                                                                                                                                            ومتى وجب فداؤهم ، فإنه يبدأ بفداء المسلمين قبلهم ; لأن حرمة المسلم أعظم ، والخوف عليه أشد ، وهو معرض لفتنته عن دين الحق ، بخلاف أهل الذمة .

                                                                                                                                            ( 7567 ) فصل : ويجب فداء أسرى المسلمين إذا أمكن . وبهذا قال عمر بن عبد العزيز ، ومالك ، وإسحاق . ويروي عن ابن الزبير ، أنه سأل الحسن بن علي : على من فكاك الأسير ؟ قال : على الأرض التي يقاتل عليها .

                                                                                                                                            وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أطعموا الجائع ، وعودوا المريض ، وفكوا العاني } . وروى سعيد ، بإسناده عن حبان بن أبي جبلة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم ، ويؤدوا عن غارمهم } . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار " أن يعقلوا معاقلهم ، وأن يفكوا عانيهم بالمعروف " . وفادى النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من المسلمين بالرجل الذي أخذه من بني عقيل ، وفادى بالمرأة التي استوهبها من سلمة بن الأكوع رجلين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية