الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قرم ]

                                                          قرم : القرم بالتحريك : شدة الشهوة إلى اللحم ، قرم إلى اللحم وفي المحكم : قرم يقرم قرما فهو قرم : اشتهاه ثم كثر حتى قالوا مثلا بذلك : قرمت إلى لقائك . وفي الحديث : كان يتعوذ من القرم وهو شدة شهوة اللحم حتى لا يصبر عنه . يقال : قرمت إلى اللحم . وحكى بعضهم فيه : قرمته . وفي حديث الضحية : هذا يوم اللحم فيه مقروم ، قال : هكذا جاء في رواية ، وقيل : تقديره مقروم إليه فحذف الجار . وفي حديث جابر : قرمنا إلى اللحم فاشتريت بدرهم لحما . والقرم : الفحل الذي يترك من الركوب والعمل ويودع للفحلة ، والجمع قروم قال :


                                                          يا بن قروم لسن بالأحفاض



                                                          وقيل : هو الذي لم يمسه الحبل . والأقرم : كالقرم . وأقرمه : جعله قرما وأكرمه عن المهنة ، فهو مقرم ، ومنه قيل للسيد : قرم مقرم تشبيها بذلك . قال الجوهري : وأما الذي في الحديث : كالبعير الأقرم ، فلغة مجهولة . واستقرم البكر قبل أناه ، وفي المحكم : واستقرم البكر صار قرما . والقرم من الرجال : السيد المعظم على المثل بذلك . وفي حديث علي - عليه السلام - : أنا أبو حسن القرم ، أي : المقرم في الرأي . والقرم : فحل الإبل ، أي : أنا فيهم بمنزلة الفحل في الإبل ، قال ابن الأثير : قال الخطابي : وأكثر الروايات القوم ، بالواو ، قال : ولا معنى له ، وإنما هو بالراء ، أي : المقدم في المعرفة وتجارب الأمور . ابن السكيت : أقرمت الفحل ، فهو مقرم ، وهو أن يودع للفحلة من الحمل والركوب ، وهو القرم أيضا . وفي حديث رواه دكين بن سعيد قال : أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر أن يزود النعمان بن مقرن المزني وأصحابه ففتح غرفة له فيها تمر كالبعير الأقرم قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : لا أعرف الأقرم ولكني أعرف المقرم ، وهو البعير المكرم الذي لا يحمل عليه ولا يذلل ، ولكن يكون للفحلة والضراب ، قال : وإنما سمي السيد الرئيس من الرجال المقرم ; لأنه شبه بالمقرم من الإبل لعظم شأنه وكرمه عندهم قال أوس :


                                                          إذا مقرم منا ذرا حد نابه     تخمط فينا ناب آخر مقرم



                                                          أراد إذا هلك منا سيد خلفه آخر . قال الزمخشري : قرم البعير فهو قرم إذا استقرم ، أي : صار قرما . وقد أقرمه صاحبه فهو مقرم إذا تركه للفحلة ، وفعل وأفعل يلتقيان كوجل وأوجل وتبع وأتبع في الفعل وخشن وأخشن وكدر وأكدر في الاسم ، قال : وأما المقروم من الإبل فهو الذي به قرمة ، وهي سمة تكون فوق الأنف تسلخ منها جلدة ثم تجمع فوق أنفه فتلك القرمة ، يقال منه : قرمت البعير أقرمه . ويقال للقرمة أيضا القرام ، ومثله في الجسد الجرفة . الليث : هي القرمة والقرمة لغتان ، وتلك الجلدة التي قطعتها هي القرامة ، وربما قرموا من كركرته وأذنه قرامات يتبلغ بها في القحط . المحكم : وقرم البعير يقرمه قرما قطع من أنفه جلدة لا تبين وجمعها عليه للسمة ، واسم ذلك الموضع القرام والقرمة ، وقيل : القرمة اسم ذلك الفعل . والقرمة والقرامة : الجلدة المقطوعة منه ، فإن كان مثل ذلك الوسم في الجسم بعد الأذن والعنق فهي الجرفة . وناقة قرماء : بها قرم في أنفها ، عن ابن الأعرابي . ابن الأعرابي : في السمات القرمة ، وهي سمة على الأنف ليست بحز ، ولكنها جرفة للجلد ثم يترك كالبعرة ، فإذا حز الأنف حزا فذلك الفقر . يقال : بعير مفقور ومقروم ومجروف ومنه ابن مقروم الشاعر . وقرم الشيء قرما : قشره . والقرامة من الخبز : ما تقشر منه ، وقيل : ما يلتزق منه في التنور ، وكل ما قشرته عن الخبز فهو القرامة . وما في حسبه قرامة ، أي : وصم ، وهما العيب . وقرمه قرما : عابه . والقرم : الأكل ما كان . ابن السكيت : قرم يقرم قرما إذا أكل أكلا ضعيفا . ويقال : هو يتقرم تقرم البهمة . وقرمت البهمة تقرم قرما وقروما وقرمانا وتقرمت : وذلك في أول ما تأكل ، وهو أدنى التناول ، وكذلك الفصيل والصبي في أول أكله . وقرمه هو : علمه ذلك ، ومنه قول الأعرابية ليعقوب تذكر له تربية البهم : ونحن في كل ذلك نقرمه ونعلمه . أبو زيد : يقال للصبي أول ما يأكل قد قرم يقرم قرما وقروما . الفراء : السخلة تقرم قرما إذا تعلمت الأكل ، قال عدي :


                                                          فظباء الروض يقرمن الثمر



                                                          ويقال : قرم الصبي والبهم قرما وقروما ، وهو أكل ضعيف في أول ما يأكل ، وتقرم مثله . وقرم القدح : عجمه قال :


                                                          خرجن حريرات وأبدين مجلدا     ودارت علينا المقرمة الصفر



                                                          يعني أنهن سبين واقتسمن بالقداح التي هي صفتها ، وأراد مجالد فوضع الواحد موضع الجمع . والقرام : ثوب من صوف ملون فيه ألوان من العهن وهو صفيق يتخذ سترا ، وقيل : هو الستر الرقيق ، والجمع قرم وهو المقرمة ، وقيل : المقرمة محبس الفراش . وقرمه بالمقرمة : حبسه بها . والقرام : ستر فيه رقم ونقوش وكذلك المقرم والمقرمة وقال يصف دارا :


                                                          على ظهر جرعاء العجوز كأنها     دوائر رقم في سراة قرام



                                                          وفي حديث عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعلى الباب قرام فيه تماثيل ، وفي رواية : وعلى الباب قرام ستر ، هو الستر الرقيق فإذا خيط فصار كالبيت فهو كلة ، وأنشد بيت لبيد يصف الهودج :


                                                          من كل محفوف يظل عصيه     زوج عليه كلة وقرامها



                                                          وقيل : القرام ثوب من صوف غليظ جدا يفرش في الهودج ثم يجعل في قواعد الهودج أو الغبيط ، وقيل : هو الصفيق من صوف ذي ألوان ، والإضافة فيه كقولك : ثوب قميص ، وقيل : القرام الستر الرقيق وراء الستر الغليظ ، ولذلك أضاف ، وقوله في حديث الأحنف بلغه أن رجلا يغتابه ، فقال :


                                                          عثيثة تقرم جلدا أملسا



                                                          أي : تقرض ، وقد ذكرته في موضعه . والقرم : ضرب من الشجر [ ص: 84 ] حكاه ابن دريد قال : ولا أدري أعربي هو أم دخيل . وقال أبو حنيفة : القرم بالضم شجر ينبت في جوف ماء البحر وهو يشبه شجر الدلب في غلظ سوقه وبياض قشره ، وورقه مثل ورق اللوز والأراك ، وثمره مثل ثمر الصومر ، وماء البحر عدو كل شيء من الشجر إلا القرم والكندلى ، فإنهما ينبتان به . وقارم ومقروم وقريم : أسماء . و بنو قريم : حي . و قرمان : موضع ، وكذلك قرماء ، أنشد سيبويه :


                                                          علا قرماء عالية شواه     كأن بياض غرته خمار



                                                          قيل : هي عقبة ، وقد ذكر ذلك في فرم مستوفى . وقال ابن الأعرابي : هي قرماء بسكون الراء وكذلك أنشد البيت على قرماء ساكنة ، وقال : هي أكمة معروفة ، قال : وقيل قرماء هنا ناقة بها قرم في أنفها ، أي : وسم ، قال : ولا أدري وجهه ولا يعطيه معنى البيت . ابن الأنباري في كتاب المقصور والممدود : جاء على فعلاء ؛ يقال له سحناء ، أي : هيئة وله ثأداء ، أي : أمة ، وقرماء اسم أرض وأنشد البيت ، وقال : كتبت عنه بالقاف ، وكان عندنا فرماء لأرض بمصر ، قال : فلا أدري قرماء أرض بنجد وفرماء بمصر . ومقروم : اسم جبل ، وروي بيت رؤبة :


                                                          ورعن مقروم تسامى أرمه



                                                          والقرم : الجداء الصغار . والقرم : صغار الإبل ، والقزم بالزاي : صغار الغنم وهى الحذف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية