الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قصب ]

                                                          قصب : القصب : كل نبات ذي أنابيب ، واحدتها قصبة ، وكل نبات كان ساقه أنابيب وكعوبا ، فهو قصب . والقصب : الأباء . والقصباء : جماعة القصب ، واحدتها قصبة وقصباءة . قال سيبويه : الطرفاء والحلفاء والقصباء ونحوها اسم واحد يقع على جميع ، وفيه علامة التأنيث ، وواحده على بنائه ولفظه ، وفيه علامة التأنيث التي فيه ، وذلك قولك للجميع حلفاء ، وللواحدة حلفاء ، لما كانت تقع للجميع ، ولم تكن اسما مكسرا عليه الواحد ، أرادوا أن يكون الواحد من بناء فيه علامة التأنيث ، كما كان ذلك في الأكثر الذي ليس فيه علامة التأنيث ، ويقع مذكرا نحو التمر والبسر والبر والشعير ، وأشباه ذلك ، ولم يجاوزوا البناء الذي يقع للجميع حيث أرادوا واحدا ، فيه علامة تأنيث لأنه فيه علامة التأنيث ، فاكتفوا بذلك ، وبينوا الواحدة بأن وصفوها بواحدة ، ولم يجيئوا بعلامة سوى العلامة التي في الجمع ، ليفرق بين هذا وبين الاسم ، الذي يقع للجميع ، وليس فيه علامة التأنيث نحو التمر والبسر . وتقول : أرطى وأرطاة وعلقى وعلقاة ; لأن الألفات لم تلحق للتأنيث ، فمن ثم دخلت الهاء ، وسنذكر ذلك في ترجمة حلف ، إن شاء الله تعالى . والقصباء : هو القصب النابت ، الكثير في مقصبته . ابن سيده : القصباء منبت القصب . وقد أقصب المكان ، وأرض مقصبة وقصبة : ذات قصب . وقصب الزرع تقصيبا ، وأقصب : صار له قصب ، وذلك بعد التفريخ . والقصبة : كل عظم ذي مخ ، على التشبيه بالقصبة ، والجمع قصب . والقصب : كل عظم مستدير أجوف ، وكل ما اتخذ من فضة أو غيرها ، الواحدة قصبة . والقصب : عظام الأصابع من اليدين والرجلين ، وقيل : هي ما بين كل مفصلين من الأصابع وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : سبط القصب . القصب من العظام : كل عظم أجوف فيه مخ ، واحدته قصبة ، وكل عظم عريض لوح . والقصب : القطع . وقصب الجزار الشاة يقصبها قصبا : فصل قصبها ، وقطعها عضوا عضوا . ودرة قاصبة إذا خرجت سهلة كأنها قضيب فضة . وقصب الشيء يقصبه قصبا واقتصبه : قطعه . والقاصب والقصاب : الجزار وحرفته القصابة . فإما أن يكون من القطع ، وإما أن يكون من أنه يأخذ الشاة بقصبتها ، أي : بساقها ، وسمي القصاب قصابا لتنقيته أقصاب البطن . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : لئن وليت بني أمية لأنفضنهم نفض القصاب التراب الوذمة ، يريد اللحوم التي تعفرت بسقوطها في التراب ، وقيل : أراد بالقصاب السبع . والتراب : أصل ذراع الشاة ، وقد تقدم ذلك في فصل التاء مبسوطا . ابن شميل : أخذ الرجل الرجل فقصبه ، والتقصيب أن يشد يديه إلى عنقه ، ومنه سمي القصاب قصابا . والقاصب : الزامر والقصابة : المزمار ، والجمع قصاب ، قال الأعشى :


                                                          وشاهدنا الجل والياسمي ن والمسمعات بقصابها



                                                          وقال الأصمعي : أراد الأعشى بالقصاب الأوتار التي سويت من الأمعاء ، وقال أبو عمرو : هي المزامير ، والقاصب والقصاب النافخ في القصب ، قال :


                                                          وقاصبون لنا فيها وسمار



                                                          والقصاب بالفتح : الزمار ، وقال رؤبة يصف الحمار :


                                                          في جوفه وحي كوحي القصاب

                                                          [ ص: 112 ] يعني عيرا ينهق . والصنعة القصابة والقصابة والقصبة والقصيبة والتقصيبة والتقصبة : الخصلة الملتوية من الشعر ، وقد قصبه قال بشر بن أبي خازم :


                                                          رأى درة بيضاء يحفل لونها     سخام ، كغربان البرير مقصب



                                                          والقصائب : الذوائب المقصبة ، تلوى ليا حتى تترجل ، ولا تضفر ضفرا ، وهي الأنبوبة أيضا . وشعر مقصب ، أي : مجعد . وقصب شعره ، أي : جعده . ولها قصابتان ، أي : غديرتان ، وقال الليث : القصبة خصلة من الشعر تلتوي ، فإن أنت قصبتها كانت تقصيبة ، والجمع التقاصيب ، وتقصيبك إياها ليك الخصلة إلى أسفلها ، تضمها وتشدها فتصبح وقد صارت تقاصيب ، كأنها بلابل جارية . أبو زيد : القصائب الشعر المقصب ، واحدتها قصيبة . والقصب : مجاري الماء من العيون ، واحدتها قصبة ، قال أبو ذؤيب :


                                                          أقامت به ، فابتنت خيمة     على قصب وفرات نهر



                                                          وقال الأصمعي : قصب البطحاء مياه تجري إلى عيون الركايا ، يقول : أقامت بين قصب ، أي : ركايا وماء عذب . وكل ماء عذب : فرات وكل كثير جرى فقد نهر واستنهر . والقصبة : البئر الحديثة الحفر . التهذيب ، الأصمعي : القصب مجاري ماء البئر من العيون . والقصب : شعب الحلق . والقصب : عروق الرئة ، وهي مخارج الأنفاس ومجاريها . وقصبة الأنف : عظمه . والقصب : المعى والجمع أقصاب . الجوهري : القصب ، بالضم : المعى . وفي الحديث : أن عمرو بن لحي أول من بدل دين إسماعيل - عليه السلام - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فرأيته يجر قصبه في النار ، قيل : القصب اسم للأمعاء كلها ، وقيل : هو ما كان أسفل البطن من الأمعاء ومنه الحديث : الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة كالجار قصبه في النار ، وقال الراعي :


                                                          تكسو المفارق واللبات ذا أرج     من قصب معتلف الكافور دراج



                                                          قال : وأما قول امرئ القيس :


                                                          والقصب مضطمر والمتن ملحوب



                                                          فيريد به الخصر ، وهو على الاستعارة ، والجمع أقصاب ، وأنشد بيت الأعشى :


                                                          والمسمعات بأقصابها



                                                          وقال : أي بأوتارها ، وهي تتخذ من الأمعاء ، قال ابن بري : زعم الجوهري أن قول الشاعر :


                                                          والقصب مضطمر والمتن ملحوب



                                                          لامرئ القيس قال : والبيت لإبراهيم بن عمران الأنصاري وهو بكماله :


                                                          والماء منهمر والشد منحدر     والقصب مضطمر والمتن ملحوب



                                                          وقبله :


                                                          قد أشهد الغارة الشعواء تحملني     جرداء معروقة اللحيين سرحوب
                                                          إذا تبصرها الراءون مقبلة     لاحت لهم غرة منها وتجبيب
                                                          رقاقها ضرم وجريها خذم     ولحمها زيم والبطن مقبوب
                                                          والعين قادحة ، واليد سابحة     والرجل ضارحة ، واللون غربيب



                                                          والقصب من الجوهر : ما كان مستطيلا أجوف ، وقيل : القصب أنابيب من جوهر . وفي الحديث : أن جبريل - عليه السلام - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب . ابن الأثير : القصب في هذا الحديث لؤلؤ مجوف واسع كالقصر المنيف ، والقصب من الجوهر : ما استطال منه في تجويف . وسأل أبو العباس ابن الأعرابي عن تفسيره ، فقال : القصب هاهنا : الدر الرطب والزبرجد الرطب المرصع بالياقوت ، قال : والبيت هاهنا بمعنى القصر والدار ، كقولك بيت الملك ، أي : قصره . والقصبة : جوف القصر ، وقيل : القصر . وقصبة البلد : مدينته ، وقيل : معظمه . وقصبة السواد : مدينتها . والقصبة : جوف الحصن ، يبنى فيه بناء هو أوسطه . وقصبة البلاد : مدينتها . والقصبة : القرية . وقصبة القرية : وسطها . والقصب : ثياب تتخذ من كتان ، رقاق ناعمة ، واحدها قصبي ، مثل عربي وعرب . وقصب البعير الماء يقصبه قصبا : مصه . وبعير قصيب : يقصب الماء ، وقاصب : ممتنع من شرب الماء رافع رأسه عنه ، وكذلك الأنثى بغير هاء . وقد قصب يقصب قصبا وقصوبا وقصب شربه إذا امتنع منه قبل أن يروى . الأصمعي : قصب البعير فهو قاصب إذا أبى أن يشرب . والقوم مقصبون إذا لم تشرب إبلهم . وأقصب الراعي : عافت إبله الماء . وفي المثل : رعى فأقصب يضرب للراعي ; لأنه إذا أساء رعيها لم تشرب الماء لأنها إنما تشرب إذا شبعت من الكلإ . ودخل رؤبة على سليمان بن علي وهو والي البصرة ، فقال : أين أنت من النساء ؟ فقال : أطيل الظمء ثم أرد فأقصب ، وقيل : القصوب الري من ورود الماء وغيره . وقصب الإنسان والدابة والبعير يقصبه قصبا : منعه شربه ، وقطعه عليه قبل أن يروى . وبعير قاصب وناقة قاصب أيضا ، عن ابن السكيت . وأقصب الرجل إذا فعلت إبله ذلك . وقصبه يقصبه قصبا ، وقصبه : شتمه وعابه ووقع فيه . وأقصبه عرضه : ألحمه إياه ، قال الكميت :


                                                          وكنت لهم من هؤلاك وهؤلا     محبا على أني أذم وأقصب



                                                          ورجل قصابة للناس إذا كان يقع فيهم . وفي حديث عبد الملك قال لعروة بن الزبير : هل سمعت أخاك يقصب نساءنا ؟ قال : لا . والقصابة : مسناة تبنى في اللهج كراهية أن يستجمع السيل فيوبل الحائط ، أي : يذهب به الوبل ، وينهدم عراقه . والقصاب : الدبار واحدتها قصبة . والقاصب : المصوت من الرعد . الأصمعي في باب السحاب الذي فيه رعد وبرق : منه المجلجل والقاصب ، [ ص: 113 ] والمدوي والمرتجس ؛ الأزهري : شبه السحاب ذا الرعد بالقاصب ، أي : الزامر . ويقال للمراهن إذا سبق : أحرز قصبة السبق . وفرس مقصب : سابق ، ومنه قوله :


                                                          ذمار العتيك بالجواد المقصب



                                                          وقيل للسابق : أحرز القصب ; لأن الغاية التي يسبق إليها تذرع بالقصب ، وتركز تلك القصبة عند منتهى الغاية ، فمن سبق إليها حازها واستحق الخطر . ويقال : حاز قصب السبق ، أي : استولى على الأمد . وفي حديث سعيد بن العاص : أنه سبق بين الخيل في الكوفة ، فجعلها مائة قصبة ، وجعل لأخيرها قصبة ألف درهم ، أراد : أنه ذرع الغاية بالقصب فجعلها مائة قصبة . والقصيبة : اسم موضع ، قال الشاعر :


                                                          وهل لي إن أحببت أرض عشيرتي     وأحببت طرفاء القصيبة من ذنب



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية