الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قصر ]

                                                          قصر : القصر والقصر في كل شيء : خلاف الطول ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          عادت محورته إلى قصر

                                                          قال : معناه إلى قصر ، وهما لغتان . وقصر الشيء بالضم يقصر قصرا : خلاف طال ، وقصرت من الصلاة أقصر قصرا . والقصير : خلاف الطويل . وفي حديث سبيعة : نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى ، القصرى تأنيث الأقصر ، يريد سورة الطلاق ، والطولى سورة البقرة لأن عدة الوفاة في البقرة أربعة أشهر وعشر ، وفي سورة الطلاق وضع الحمل ، وهو قوله عز وجل : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن . وفي الحديث : أن أعرابيا جاءه فقال : علمني عملا يدخلني الجنة ، فقال : لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة، أي : جئت بالخطبة قصيرة وبالمسألة عريضة ، يعني قللت الخطبة وأعظمت المسألة . وفي حديث علقمة : كان إذا خطب في نكاح قصر دون أهله ، أي : خطب إلى من هو دونه وأمسك عمن هو فوقه ، وقد قصر قصرا وقصارة ، الأخيرة عن اللحياني ، فهو قصير ، والجمع قصراء وقصار ، والأنثى قصيرة ، والجمع قصار . وقصرته تقصيرا إذا صيرته قصيرا .

                                                          وقالوا : لا وفائت نفسي القصير ، يعنون النفس لقصر وقته ، الفائت هنا هو الله - عز وجل - . والأقاصر : جمع أقصر مثل أصغر وأصاغر ، وأنشد الأخفش :


                                                          إليك ابنة الأغيار ، خافي بسالة ال     رجال ، وأصلال الرجال أقاصره
                                                          ولا تذهبن عيناك في كل شرمح     طوال فإن الأقصرين أمازره



                                                          يقول لها : لا تعيبيني بالقصر فإن أصلال الرجال ودهاتهم أقاصرهم ، وإنما قال : أقاصره على حد قولهم هو أحسن الفتيان وأجمله : يريد : وأجملهم : وكذا قوله فإن الأقصرين أمازره ، يريد أمازرهم ، وواحد أمازر أمزر ، مثل أقاصر وأقصر في البيت المتقدم ، والأمزر هو أفعل ، من قولك : مزر الرجل مزارة ، فهو مزير ، وهو أمزر منه وهو الصلب الشديد والشرمح الطويل . وأما قولهم في المثل : لا يطاع لقصير أمر فهو قصير بن سعد اللخمي صاحب جذيمة الأبرش . وفرس قصير ، أي : مقربة لا تترك أن ترود لنفاستها ، قال مالك بن زغبة ، وقال ابن بري : هو لزغبة الباهلي وكينته أبو شقيق يصف فرسه وأنها تصان لكرامتها وتبذل إذا نزلت شدة :


                                                          وذات مناسب جرداء بكر     كأن سراتها كر مشيق
                                                          تنيف بصلهب للخيل عال     كأن عموده جذع سحوق
                                                          تراها عند قبتنا قصيرا     ونبذلها إذا باقت بئوق



                                                          البئوق : الداهية : وباقتهم : أهلكتهم ودهتهم . وقوله : وذات مناسب يريد فرسا منسوبة من قبل الأب والأم . وسراتها : أعلاها . والكر بفتح الكاف هنا : الحبل . والمشيق : المداول . وتنيف تشرف . والصلهب : العنق الطويل ، والسحوق من النخل : ما طال . ويقال للمحبوسة من الخيل : قصير ، وقوله :


                                                          لو كنت حبلا لسقيتها بيه     أو قاصرا وصلته بثوبيه



                                                          قال ابن سيده : أراه على النسب لا على الفعل ، وجاء قوله : ها بيه وهو منفصل مع قوله ثوبيه ; لأن ألفها حينئذ غير تأسيس ، وإن كان الروي حرفا مضمرا مفردا ، إلا أنه لما اتصل بالياء قوي فأمكن فصله . وتقاصر : أظهر القصر . وقصر الشيء : جعله قصيرا . والقصير من الشعر : خلاف الطويل . وقصر الشعر : كف منه وغض حتى قصر . وفي التنزيل العزيز : محلقين رءوسكم ومقصرين والاسم منه القصار ، عن ثعلب . وقصر من شعره تقصيرا إذا حذف منه شيئا ولم يستأصله . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه مر برجل قد قصر الشعر في السوق فعاقبه ، قصر الشعر إذا جزه ، وإنما عاقبه لأن الريح تحمله فتلقيه في الأطعمة . وقال الفراء : قلت لأعرابي بمنى : آلقصار أحب إليك أم الحلق ؟ يريد : التقصير أحب إليك أم حلق الرأس . وإنه لقصير العلم على المثل . والقصر : خلاف المد ، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر . والمقصور : من عروض المديد والرمل ما أسقط آخره وأسكن نحو فاعلاتن حذفت نونه وأسكنت تاؤه فبقي فاعلات ، فنقل إلى فاعلان نحو قوله :


                                                          لا يغرن امرأ عيشه     كل عيش صائر للزوال



                                                          وقوله في الرمل :


                                                          أبلغ النعمان عني مألكا     إنني قد طال حبسي وانتظار



                                                          قال ابن سيده : هكذا أنشده الخليل بتسكين الراء ولو أطلقه لجاز ، ما لم يمنع منه مخافة إقواء ، وقول ابن مقبل :


                                                          نازعت ألبابها لبي بمقتصر      [ ص: 116 ] من الأحاديث حتى زدنني لينا



                                                          إنما أراد بقصر من الأحاديث فزدنني بذلك لينا ، والقصر : الغاية ، قاله أبو زيد وغيره ، وأنشد :


                                                          عش ما بدا لك قصرك الموت     لا معقل منه ولا فوت
                                                          بينا غنى بيت وبهجته     زال الغنى وتقوض البيت



                                                          وفي الحديث : من شهد الجمعة فصلى ولم يؤذ أحدا بقصره إن لم يغفر له جمعته تلك ذنوبه كلها أن تكون كفارته في الجمعة التي تليها ، أي : غايته . يقال : قصرك أن تفعل كذا ، أي : حسبك وكفايتك وغايتك ، وكذلك قصارك وقصاراك ، وهو من معنى القصر الحبس لأنك إذا بلغت الغاية حبستك ، والباء زائدة دخلت على المبتدإ دخولها في قولهم : بحسبك قول السوء ، وجمعته منصوبة على الظرف . وفي حديث معاذ : فإن له ما قصر في بيته ، أي : ما حبسه . وفي حديث أسماء الأشهلية : إنا معشر النساء محصورات مقصورات . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : فإذا هم ركب قد قصر بهم الليل ، أي : حبسهم . وفي حديث ابن عباس : قصر الرجال على أربع من أجل أموال اليتامى ، أي : حبسوا أو منعوا عن نكاح أكثر من أربع . ابن سيده : يقال قصرك وقصارك وقصارك وقصيراك وقصاراك أن تفعل كذا ، أي : جهدك وغايتك وآخر أمرك وما اقتصرت عليه ، قال الشاعر :


                                                          لها تفرات تحتها وقصارها     إلى مشرة لم تعتلق بالمحاجن



                                                          وقال الشاعر :


                                                          إنما أنفسنا عارية     والعواري قصارى أن ترد



                                                          ويقال : المتمني قصاراه الخيبة . والقصر كفك نفسك عن أمر وكفكها عن أن تطمح بها غرب الطمع . ويقال : قصرت نفسي عن هذا أقصرها قصرا . ابن السكيت : أقصر عن الشيء إذا نزع عنه وهو يقدر عليه ، وقصر عنه إذا عجز عنه ولم يستطعه ، وربما جاءا بمعنى واحد إلا أن الأغلب عليه الأول ، قال لبيد :


                                                          فلست وإن أقصرت عنه بمقصر



                                                          قال المازني : يقول لست وإن لمتني حتى تقصر بي بمقصر عما أريد ، وقال امرؤ القيس :


                                                          فتقصر عنها خطوة وتبوص



                                                          ويقال : قصرت بمعنى قصرت ، قال حميد :


                                                          فلئن بلغت لأبلغن متكلفا     ولئن قصرت لكارها ما أقصر



                                                          وأقصر فلان عن الشيء يقصر إقصارا إذا كف عنه وانتهى . والإقصار : الكف عن الشيء . وأقصرت عن الشيء : كففت ونزعت مع القدرة عليه ، فإن عجزت عنه قلت : قصرت بلا ألف . وقصرت عن الشيء قصورا : عجزت عنه ولم أبلغه . ابن سيده : قصر عن الأمر يقصر قصورا وأقصر وقصر وتقاصر ، كله : انتهى قال :


                                                          إذا غم خرشاء الثمالة أنفه     تقاصر منها للصريح فأقنعا



                                                          وقيل : التقاصر هنا من القصر ، أي : قصر عنقه عنها ، وقيل : قصر عنه تركه وهو لا يقدر عليه ، وأقصر تركه وكف عنه وهو يقدر عليه . والتقصير في الأمر : التواني فيه . والاقتصار على الشيء : الاكتفاء به . واستقصره ، أي : عده مقصرا ، وكذلك إذا عده قصيرا . وقصر فلان في حاجتي إذا ونى فيها ، وقوله أنشده ثعلب :


                                                          يقول وقد نكبتها عن بلادها     أتفعل هذا يا حيي على عمد ؟
                                                          فقلت له قد كنت فيها مقصرا     وقد ذهبت في غير أجر ولا حمد



                                                          قال : هذا لص ؛ يقول صاحب الإبل لهذا اللص : تأخذ إبلي وقد عرفتها ، وقوله : فقلت له قد كنت فيها مقصرا ، يقول كنت لا تهب ولا تسقي منها ، قال اللحياني : ويقال للرجل إذا أرسلته في حاجة فقصر دون الذي أمرته به إما لحر وإما لغيره . ما منعك أن تدخل المكان الذي أمرتك به إلا أنك أحببت القصر والقصر والقصرة ، أي : أن تقصر . وتقاصرت نفسه : تضاءلت . وتقاصر الظل : دنا وقلص . وقصر الظلام : اختلاطه ، وكذلك المقصر ، والجمع المقاصر ، عن أبي عبيد ، وأنشد لابن مقبل يصف ناقته :


                                                          فبعثتها تقص المقاصر بعدما     كربت حياة النار للمتنور



                                                          قال خالد بن جنبة : المقاصر أصول الشجر ، الواحد مقصور ، وهذا البيت ذكره الأزهري في ترجمة وقص شاهدا على وقصت الشيء إذا كسرته ، تقص المقاصر ، أي : تدق وتكسر . ورضي بمقصر ، بكسر الصاد مما كان يحاول ، أي : بدون ما كان يطلب . ورضيت من فلان بمقصر ومقصر ، أي : أمر دون . وقصر سهمه عن الهدف قصورا : خبا فلم ينته إليه . وقصر عني الوجع والغضب يقصر قصورا وقصر : سكن وقصرت أنا عنه ، وقصرت له من قيده أقصر قصرا : قاربت . وقصرت الشيء على كذا إذا لم تجاوز به غيره . يقال : قصرت اللقحة على فرسي إذا جعلت درها له . وامرأة قاصرة الطرف : لا تمده إلى غير بعلها . وقال أبو زيد : قصر فلان على فرسه ثلاثا أو أربعا من حلائبه يسقيه ألبانها . وناقة مقصورة على العيال : يشربون لبنها ، قال أبو ذؤيب :


                                                          قصر الصبوح لها فشرج لحمها     بالني فهي تتوخ فيه الإصبع



                                                          وقصره على الأمر قصرا : رده إليه . وقصرت الستر : أرخيته . وفي حديث إسلام ثمامة : فأبى أن يسلم قصرا فأعتقه ، يعني حبسا عليه وإجبارا . يقال : قصرت نفسي على الشيء إذا حبستها عليه وألزمتها إياه ، وقيل : أراد قهرا وغلبة ، من القسر فأبدل السين صادا ، وهما يتبادلان في كثير من الكلام ، ومن الأول الحديث : ولتقصرنه على الحق قصرا . وقصر الشيء يقصره قصرا : حبسه ، ومنه مقصورة الجامع ، قال أبو دواد يصف فرسا :


                                                          فقصرن الشتاء بعد عليه     وهو للذود أن يقسمن جار



                                                          أي : حبسن عليه يشرب ألبانها في شدة الشتاء . قال ابن جني : وهذا جواب كم كأنه قال كم قصرن عليه وكم ظرف ومنصوبه الموضع ، فكان قياسه أن يقول ستة أشهر ; لأن كم سؤال عن قدر من العدد محصور ، فنكرة هذا كافية من معرفته ، ألا ترى أن قولك عشرون والعشرون وعشروك فائدته في العدد واحدة ؟ لكن المعدود معرفة في جواب كم مرة ، ونكرة أخرى ، فاستعمل الشتاء وهو معرفة في جواب كم ، وهذا تطوع بما لا يلزم وليس عيبا بل هو زائد على [ ص: 117 ] المراد ، وإنما العيب أن يقصر في الجواب عن مقتضى السؤال ، فأما إذا زاد عليه فالفضل له ، وجاز أن يكون الشتاء جوابا لكم من حيث كان عددا في المعنى ، ألا تراه ستة أشهر ؟ قال : ووافقنا أبو علي - رحمه الله تعالى - ونحن بحلب على هذا الموضع من الكتاب وفسره ونحن بحلب ، فقال : إلا في هذا البلد فإنه ثمانية أشهر ، ومعنى قوله :


                                                          وهو للذود أن يقسمن جار



                                                          أي : أنه يجيرها من أن يغار عليها فتقسم ، وموضع أن نصب كأنه قال : لئلا يقسمن ومن أن يقسمن فحذف وأوصل . ومرأة قصورة وقصيرة : مصونة محبوسة مقصورة في البيت لا تترك أن تخرج ، قال كثير :


                                                          وأنت التي حببت كل قصيرة     إلي وما تدري بذاك القصائر
                                                          عنيت قصورات الحجال ، ولم أرد     قصار الخطى ، شر النساء البحاتر



                                                          وفي التهذيب : عنيت قصورات الحجال ، ويقال للجارية المصونة التي لا بروز لها : قصيرة وقصورة ، وأنشد الفراء :


                                                          وأنت التي حببت كل قصورة



                                                          وشر النساء البهاتر . التهذيب : القصر الحبس قال الله تعالى : حور مقصورات في الخيام ، أي : محبوسات في خيام من الدر مخدرات على أزواجهن في الجنات ، وامرأة مقصورة ، أي : مخدرة . وقال الفراء في تفسير مقصورات ، قال : قصرن على أزواجهن ، أي : حبسن فلا يردن غيرهم ولا يطمحن إلى من سواهم . قال : والعرب تسمي الحجلة المقصورة والقصورة ، وتسمي المقصورة من النساء القصورة ، والجمع القصائر ، فإذا أرادوا قصر القامة قالوا : امرأة قصيرة وتجمع قصارا . وأما قوله تعالى : وعندهم قاصرات الطرف أتراب قال الفراء : قاصرات الطرف حور قد قصرن أنفسهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم ، ومنه قول امرئ القيس :


                                                          من القاصرات الطرف لو دب محول     من الذر فوق الإتب منها لأثرا



                                                          وقال الفراء : امرأة مقصورة الخطو شبهت بالمقيد الذي قصر القيد خطوه ، ويقال لها : قصير الخطى ، وأنشد :


                                                          قصير الخطى ما تقرب الجيرة القصى     ولا الأنس الأدنين إلا تجشما



                                                          التهذيب : وقد تجمع القصيرة من النساء قصارة ، ومنه قول الأعشى :


                                                          لا ناقصي حسب ولا     أيد ، إذا مدت قصاره



                                                          قال الفراء : والعرب تدخل الهاء في كل جمع على فعال ، يقولون : الجمالة والحبالة والذكارة والحجارة ، قال : جمالات صفر . ابن سيده : وأما قول الشاعر :


                                                          وأهوى من النسوان كل قصيرة     لها نسب في الصالحين قصير



                                                          فمعناه أنه يهوى من النساء كل مقصورة يغنى بنسبها إلى أبيها عن نسبها إلى جدها . أبو زيد : يقال أبلغ هذا الكلام بني فلان قصرة ومقصورة ، أي : دون الناس ، وقد سميت المقصورة مقصورة لأنها قصرت على الإمام دون الناس . وفلان قصير النسب إذا كان أبوه معروفا إذ ذكره للابن كفاية عن الانتماء إلى الجد الأبعد ، قال رؤبة :


                                                          قد رفع العجاج ذكري فادعني     باسم إذا الأنساب طالت يكفني



                                                          ودخل رؤبة على النسابة البكري ، فقال : من أنت ؟ قال : رؤبة بن العجاج . قال : قصرت وعرفت . وسيل قصير : لا يسيل واديا مسمى إنما يسيل فروع الأودية وأفناء الشعاب وعزاز الأرض . والقصر من البناء : معروف ، وقال اللحياني : هو المنزل ، وقيل : كل بيت من حجر ، قرشية ، سمي بذلك لأنه تقصر فيه الحرم ، أي : تحبس وجمعه قصور . وفي التنزيل العزيز : ويجعل لك قصورا . والمقصورة : الدار الواسعة المحصنة ، وقيل : هي أصغر من الدار ، وهو من ذلك أيضا . والقصورة والمقصورة : الحجلة عن اللحياني . الليث : المقصورة مقام الإمام ، وقال : إذا كانت دار واسعة محصنة الحيطان فكل ناحية منها على حيالها مقصورة وجمعها مقاصر ومقاصير ، وأنشد :


                                                          ومن دون ليلى مصمتات المقاصر



                                                          المصمت : المحكم . وقصارة الدار : مقصورة منها لا يدخلها غير صاحب الدار . قال أسيد : قصارة الأرض طائفة منها قصيرة قد علم صاحبها أنها أسمنها أرضا وأجودها نبتا قدر خمسين ذراعا أو أكثر ، وقصارة الدار : مقصورة منها لا يدخلها غير صاحب الدار ، قال : وكان أبي وعمي على الحمى فقصرا منها مقصورة لا يطؤها غيرهما . واقتصر على الأمر : لم يجاوزه . وماء قاصر ، أي : بارد . وماء قاصر : يرعى المال حوله لا يجاوزه ، وقيل : هو البعيد عن الكلإ . ابن السكيت : ماء قاصر ومقصر إذا كان مرعاه قريبا ، وأنشد :


                                                          كانت مياهي نزعا قواصرا     ولم أكن أمارس الجرائرا



                                                          والنزع : جمع النزوع وهي البئر التي ينزع منها باليدين نزعا ، وبئر جرور : يستقى منها على بعير ، وقوله أنشده ثعلب في صفة نخل :


                                                          فهن يروين بطل قاصر



                                                          قال : عنى أنها تشرب بعروقها . وقال ابن الأعرابي : الماء البعيد من الكلإ قاصر ثم باسط ثم مطلب . وكلأ قاصر : بينه وبين الماء نبحة كلب أو نظرك باسطا . وكلأ باسط : قريب ، وقوله أنشده ثعلب :


                                                          إليك ابنة الأغيار خافي بسالة الر     جال ، وأصلال الرجال أقاصره



                                                          لم يفسره قال ابن سيده : وعندي أنه عنى حبائس قصائر . والقصارة والقصري والقصرة والقصرى والقصر الأخيرة عن اللحياني : ما يبقى في المنخل بعد الانتخال ، وقيل : هو ما يخرج من القت وما يبقى في السنبل من الحب بعد الدوسة الأولى ، وقيل : القشرتان اللتان على الحبة سفلاهما الحشرة وعلياهما القصرة . الليث : والقصر كعابر الزرع الذي يخلص من البر وفيه بقية من [ ص: 118 ] الحب ، يقال له القصرى ، على فعلى . الأزهري : وروى أبو عبيد ، حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المزارعة أن أحدهم كان يشترط جداول والقصارة ، القصارة بالضم : ما سقى الربيع فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك . قال أبو عبيد : والقصارة ما بقي في السنبل من الحب مما لا يتخلص بعدما يداس ، قال : وأهل الشام يسمونه القصري بوزن القبطي ، قال الأزهري : هكذا أقرأنيه ابن هاجك عن ابن جبلة عن أبي عبيد ، بكسر القاف وسكون الصاد وكسر الراء وتشديد الياء ، قال : وقال عثمان بن سعيد : سمعت أحمد بن صالح يقول هي القصرى إذا ديس الزرع فغربل ، فالسنابل الغليظة هي القصرى على فعلى . وقال اللحياني : نقيت من قصره وقصله ، أي : من قماشه . وقال أبو عمرو : القصل والقصر أصل التبن . وقال ابن الأعرابي : القصرة قشر الحبة إذا كانت في السنبلة ، وهي القصارة : وذكر النضر عن أبي الخطاب أنه قال : الحبة عليها قشرتان : فالتي تلي الحبة الحشرة والتي فوق الحشرة القصرة . والقصر : قشر الحنطة إذا يبست . والقصيراة : ما يبقى في السنبل بعدما يداس . والقصرة بالتحريك : أصل العنق . قال اللحياني : إنما يقال لأصل العنق قصرة إذا غلظت ، والجمع قصر ، وبه فسر ابن عباس قوله عز وجل : إنها ترمي بشرر كالقصر بالتحريك ، وفسره قصر النخل يعني الأعناق . وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى : إنها ترمي بشرر كالقصر هو بالتحريك ، قال : كنا نرفع الخشب للشتاء ثلاث أذرع أو أقل ونسميه القصر ونريد قصر النخل ، وهو ما غلظ من أسفلها أو أعناق الإبل ، واحدتها قصرة ، وقيل في قوله بشرر كالقصر قيل : أقصار جمع الجمع . وقال كراع : القصرة أصل العنق والجمع أقصار ، قال : وهذا نادر إلا أن يكون على حذف الزائد . وفي حديث سلمان قال لأبي سفيان وقد مر به : لقد كان في قصرة هذا موضع لسيوف المسلمين ، وذلك قبل أن يسلم فإنهم كانوا حراصا على قتله ، وقيل : كان بعد إسلامه . وفي حديث أبي ريحانة : إني لأجد في بعض ما أنزل من الكتب الأقبل القصير القصرة صاحب العراقين مبدل السنة يلعنه أهل السماء وأهل الأرض ، ويل له ثم ويل له ، وقيل : القصر أعناق الرجال والإبل ، قال :


                                                          لا تدلك الشمس إلا حذو منكبه     في حومة تحتها الهامات والقصر



                                                          وقال الفراء في قوله تعالى : إنها ترمي بشرر كالقصر قال : يريد القصر من قصور مياه العرب ، وتوحيده وجمعه عربيان . قال : ومثله : سيهزم الجمع ويولون الدبر معناه الأدبار قال : ومن قرأ كالقصر فهو أصل النخل ، وقال الضحاك : القصر هي أصول الشجر العظام . وفي الحديث : من كان له بالمدينة أصل فليتمسك به ومن لم يكن فليجعل له بها أصلا ولو قصرة ، القصرة بالفتح والتحريك : أصل الشجرة ، وجمعها قصر ، أراد فليتخذ له بها ولو أصل نخلة واحدة . والقصرة أيضا : العنق وأصل الرقبة . قال : وقرأ الحسن كالقصر ، مخففا ، وفسره الجذل من الخشب ، الواحدة قصرة مثل تمر وتمرة ، وقال قتادة : كالقصر يعني أصول النخل والشجر . النضر : القصار ميسم يوسم به قصرة العنق . يقال : قصرت الجمل قصرا فهو مقصور . قال : ولا يقال إبل مقصرة . ابن سيده : القصار سمة على القصر وقد قصرها . والقصر : أصول النخل والشجر وسائر الخشب ، وقيل : هي بقايا الشجر ، وقيل : إنها ترمي بشرر كالقصر ، وكالقصر ، فالقصر : أصول النخل والشجر ، والقصر من البناء ، وقيل : القصر هنا الحطب الجزل حكاه اللحياني عن الحسن . والقصر : المجدل وهو الفدن الضخم ، والقصر : داء يأخذ في القصرة . وقال أبو معاذ النحوي : واحد قصر النخل قصرة وذلك أن النخلة تقطع قدر ذراع يستوقدون بها في الشتاء ، وهو من قولك للرجل : إنه لتام القصرة إذا كان ضخم الرقبة ، والقصر يبس في العنق ، قصر ، بالكسر ، يقصر قصرا ، فهو قصر وأقصر ، والأنثى قصراء ، قال ابن السكيت : هو داء يأخذ البعير في عنقه فيلتوي فيكتوى في مفاصل عنقه فربما برأ . أبو زيد : يقال قصر الفرس يقصر قصرا إذا أخذه وجع في عنقه ، يقال : به قصر . الجوهري : وقصر الرجل إذا اشتكى ذلك . يقال : قصر البعير ، بالكسر ، يقصر قصرا . والتقصار والتقصارة بكسر التاء : القلادة للزومها قصرة العنق ، وفي الصحاح : قلادة شبيهة بالمخنقة ، والجمع التقاصير ، قال عدي بن زيد العبادي :


                                                          ولها ظبي يؤرثها     عاقد في الجيد تقصارا



                                                          وقال أبو وجزة السعدي :


                                                          وغدا نوائح معولات بالضحى     ورق تلوح فكلهن قصارها



                                                          قالوا : قصارها أطواقها . قال الأزهري : كأنه شبه بقصار الميسم وهو العلاط . وقال نصير : القصرة أصل العنق في مركبه في الكاهل وأعلى الليتين ، قال : ويقال لعنق الإنسان كله قصرة . والقصرة : زبرة الحداد عن قطرب . الأزهري : أبو زيد : قصر فلان يقصر قصرا إذا ضم شيئا إلى أصله الأول ، وقصر قيد بعيره قصرا إذا ضيقه ، وقصر فلان صلاته يقصرها قصرا في السفر . قال الله تعالى : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة وهو أن تصلي الأولى والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ، فأما العشاء الأولى وصلاة الصبح فلا قصر فيهما ، وفيها لغات : يقال قصر الصلاة وأقصرها وقصرها ، كل ذلك جائز ، والتقصير من الصلاة ومن الشعر مثل القصر . وقال ابن سيده : وقصر الصلاة ، ومنها يقصر قصرا وقصر نقص ورخص ، ضد . وأقصرت من الصلاة : لغة في قصرت . وفي حديث السهو : أقصرت الصلاة أم نسيت ، يروى على ما لم يسم فاعله وعلى تسمية الفاعل بمعنى النقص . وفي الحديث : قلت لعمر إقصار الصلاة اليوم ، قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية من أقصر الصلاة لغة شاذة في قصر . وأقصرت المرأة : ولدت أولادا قصارا ، وأطالت إذا ولدت أولادا طوالا . وفي الحديث : إن الطويلة قد تقصر وإن القصيرة قد تطيل . وأقصرت النعجة والمعز فهي مقصر ، إذا أسنتا حتى تقصر أطراف أسنانهما ، حكاها يعقوب . والقصر والمقصر والمقصر [ ص: 119 ] والمقصرة : العشي . قال سيبويه : ولا يحقر القصير استغنوا عن تحقيره بتحقير المساء . والمقاصر والمقاصير : العشايا ، الأخيرة نادرة ، قالابن مقبل :


                                                          فبعثتها تقص المقاصر ، بعدما     كربت حياة النار للمتنور



                                                          وقصرنا وأقصرنا قصرا : دخلنا في قصر العشي ، كما تقول : أمسينا في المساء . وقصر العشي يقصر قصورا إذا أمسيت ؛ قال العجاج :


                                                          حتى إذا ما قصر العشي



                                                          ويقال : أتيته قصرا ، أي : عشيا ، وقال كثير عزة :


                                                          كأنهم قصرا مصابيح راهب     بموزن ، روى بالسليط ذبالها
                                                          هم أهل ألواح السرير ويمنه     قرابين أردافا لها وشمالها



                                                          الأرداف : الملوك في الجاهلية ، والاسم منه الردافة ، وكانت الردافة في الجاهلية لبني يربوع . والردافة : أن يجلس الردف عن يمين الملك ، فإذا شرب الملك ، شرب الردف بعده قبل الناس ، وإذا غزا الملك قعد الردف مكانه فكان خليفة على الناس حتى يعود الملك ، وله من الغنيمة المرباع . وقرابين الملك : جلساؤه وخاصته ، واحدهم قربان . وقوله : هم أهل ألواح السرير ، أي : يجلسون مع الملك على سريره لنفاستهم وجلالتهم . وجاء فلان مقصرا حين قصر العشاء ، أي : كاد يدنو من الليل ، وقال ابن حلزة :


                                                          آنست نبأة وأفزعها الق     ناص قصرا وقد دنا الإمساء



                                                          ومقاصير الطريق : نواحيها ، واحدتها مقصرة ، على غير قياس . والقصريان والقصيريان ضلعان تليان الطفطفة ، وقيل : هما اللتان تليان الترقوتين . والقصيرى : أسفل الأضلاع ، وقيل هي الضلع التي تلي الشاكلة ، وهي الواهنة ، وقيل : هي آخر ضلع في الجنب . التهذيب : والقصرى والقصيرى الضلع التي تلي الشاكلة بين الجنب والبطن وأنشد :


                                                          نهد القصيرى يزينه خصله



                                                          وقال أبو دواد :


                                                          وقصرى شنج الأنسا     ء نباح من الشعب



                                                          أبو الهيثم : القصرى أسفل الأضلاع ، والقصيرى أعلى الأضلاع ، وقال أوس :


                                                          معاود تأكال القنيص ، شواؤه     من اللحم قصرى رخصة وطفاطف



                                                          قال : وقصرى هاهنا اسم ، ولو كانت نعتا لكانت بالألف واللام . قال : وفي كتاب أبي عبيد : القصيرى هي التي تلي الشاكلة ، وهي ضلع الخلف ، فأما قوله أنشده اللحياني :


                                                          لا تعدليني بظرب جعد     كز القصيرى مقرف المعد



                                                          قال ابن سيده : عندي أن القصيرى أحد هذه الأشياء التي ذكرنا في القصيرى ، قال : وأما اللحياني فحكى أن القصيرى هنا أصل العنق ، قال : وهذا غير معروف في اللغة إلا أن يريد القصيرة ، وهو تصغير القصرة من العنق ، فأبدل الهاء لاشتراكهما في أنهما علما تأنيث . والقصرة : الكسل ، قال الأزهري : أنشدني المنذري رواية عن ابن الأعرابي :


                                                          وصارم يقطع أغلال القصر     كأن في متنته ملحا يذر
                                                          أو زحف ذر دب في آثار ذر



                                                          ويروى :


                                                          كأن فوق متنه ملحا يذر



                                                          ابن الأعرابي : القصر والقصار الكسل . وقال أعرابي : أردت أن آتيك فمنعني القصار ، قال : والقصار والقصار والقصرى والقصر ، كله أخرى الأمور . وقصر المجد معدنه ، وقال عمرو بن كلثوم :


                                                          أباح لنا قصور المجد دينا



                                                          ويقال : ما رضيت من فلان بمقصر ومقصر ، أي : بأمر من دون ، أي : بأمر يسير ، ومن زائدة . ويقال : فلان جاري مقاصري ، أي : قصره بحذاء قصري ، وأنشد :


                                                          لتذهب إلى أقصى مباعدة جسر     فما بي إليها من مقاصرة فقر

                                                          يقول : لا حاجة لي في جوارهم . وجسر : من محارب . والقصيرى والقصرى : ضرب من الأفاعي ، يقال : قصرى قبال ، وقصيرى قبال . والقصرة : القطعة من الخشب . وقصر الثوب قصارة ، عن سيبويه ، وقصره كلاهما : حوره ودقه ومنه سمي القصار . وقصرت الثوب تقصيرا مثله . والقصار والمقصر : المحور للثياب ; لأنه يدقها بالقصرة التي هي القطعة من الخشب ، وحرفته القصارة . والمقصرة : خشبة القصار . التهذيب : والقصار يقصر الثوب قصرا . والمقصر : الذي يخس العطاء ويقلله . والتقصير : إخساس العطية . وهو ابن عمي قصرة ، بالضم ، ومقصورة ، وابن عمي دنيا ودنيا ، أي : داني النسب وكان ابن عمه لحا ، وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          رهط التلب هؤلا مقصورة



                                                          قال : مقصورة ، أي : خلصوا فلم يخالطهم غيرهم من قومهم ، وقال اللحياني : تقال هذه الأحرف في ابن العمة وابن الخالة وابن الخال . وتقوصر الرجل : دخل بعضه في بعض . والقوصرة والقوصرة ، مخفف ومثقل : وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البواري ، قال : وينسب إلى علي - كرم الله وجهه - :


                                                          أفلح من كانت له قوصره     يأكل منها كل يوم مره



                                                          قال ابن دريد : لا أحسبه عربيا . ابن الأعرابي : العرب تكني عن المرأة بالقارورة والقوصرة . قال ابن بري : وهذا الرجز ينسب إلى علي - عليه السلام - وقالوا : أراد بالقوصرة المرأة وبالأكل النكاح . قال ابن بري : وذكر الجوهري أن القوصرة قد تخفف راؤها ولم يذكر عليه شاهدا . قال : وذكر بعضهم أن شاهده قول أبي يعلى المهلبي :


                                                          وسائل الأعلم ابن قوصرة     متى رأى بي عن العلى قصرا ؟



                                                          قال : وقالوا ابن قوصرة هنا المنبوذ . قال : وقال ابن حمزة : أهل البصرة يسمون المنبوذ ابن قوصرة ، وجد في قوصرة أو في غيرها ، قال : وهذا البيت شاهد عليه . وقيصر : اسم ملك يلي الروم . [ ص: 120 ] وقيل : قيصر ملك الروم . والأقيصر : صنم كان يعبد في الجاهلية ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وأنصاب الأقيصر حين أضحت     تسيل على مناكبها الدماء



                                                          وابن أقيصر رجل بصير بالخيل . وقاصرون وقاصرين : موضع ، وفي النصب والخفض قاصرين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية