الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قصص ]

                                                          قصص : قص الشعر والصوف والظفر يقصه قصا وقصصه وقصاه على التحويل : قطعه . وقصاصة الشعر : ما قص منه ، هذه عن اللحياني ، وطائر مقصوص الجناح . وقصاص الشعر ، بالضم ، وقصاصه وقصاصه ، والضم أعلى : نهاية منبته ومنقطعه على الرأس في وسطه ، وقيل : قصاص الشعر حد القفا ، وقيل : هو حيث تنتهي نبتته من مقدمه ومؤخره ، وقيل : قصاص الشعر نهاية منبته من مقدم الرأس . ويقال هو ما استدار به كله من خلف وأمام وما حواليه ، ويقال : قصاصة الشعر . قال الأصمعي : يقال ضربه على قصاص شعره ومقص ومقاص . وفي حديث جابر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسجد على قصاص الشعر وهو بالفتح والكسر منتهى شعر الرأس حيث يؤخذ بالمقص ، وقد اقتص وتقصص وتقصى ، والاسم القصة . والقصة من الفرس : شعر الناصية ، وقيل : ما أقبل من الناصية على الوجه . والقصة بالضم : شعر الناصية ، قال عدي بن زيد يصف فرسا :


                                                          له قصة فشغت حاجبي ه والعين تبصر ما في الظلم



                                                          وفي حديث سلمان : ورأيته مقصصا هو الذي له جمة . وكل خصلة من الشعر قصة . وفي حديث أنس : وأنت يومئذ غلام ولك قرنان أو قصتان ، ومنه حديث معاوية : تناول قصة من شعر كانت في يد حرسي . والقصة : تتخذها المرأة في مقدم رأسها تقص ناحيتيها عدا جبينها . والقص : أخد الشعر بالمقص ، وأصل القص القطع . يقال : قصصت ما بينهما ، أي : قطعت . والمقص : ما قصصت به ، أي : قطعت . قال أبو منصور : القصاص في الجراح مأخوذ من هذا إذا اقتص له منه بجرحه مثل جرحه إياه أو قتله به . الليث : القص فعل القاص إذا قص القصص ، والقصة معروفة . ويقال : في رأسه قصة يعني الجملة من الكلام ، ونحوه قوله تعالى : نحن نقص عليك أحسن القصص ، أي : نبين لك أحسن البيان . والقاص : الذي يأتي بالقصة من فصها . ويقال : قصصت الشيء إذا تتبعت أثره شيئا بعد شيء ومنه قوله تعالى : وقالت لأخته قصيه ، أي : اتبعي أثره ويجوز بالسين : قسست قسا . والقصة : الخصلة من الشعر . وقصة المرأة : ناصيتها ، والجمع من ذلك كله قصص وقصاص . وقص الشاة وقصصها : ما قص من صوفها . وشعر قصيص : مقصوص . وقص النساج الثوب : قطع هدبه وهو من ذلك . والقصاصة : ما قص من الهدب والشعر . والمقص : المقراض وهما مقصان . والمقصان : ما يقص به الشعر ولا يفرد ، هذا قول أهل اللغة ، قال ابن سيده : وقد حكاه سيبويه مفردا في باب ما يعتمل به . وقصه يقصه : قطع أطراف أذنيه عن ابن الأعرابي . قال : ولد لمرأة مقلات فقيل لها : قصيه فهو أحرى أن يعيش لك ، أي : خذي من أطراف أذنيه ففعلت فعاش . وفي الحديث : قص الله بها خطاياه ، أي : نقص وأخذ . والقص والقصص والقصقص : الصدر من كل شيء ، وقيل : هو وسطه ، وقيل : هو عظمه . وفي المثل : هو ألزق بك من شعرات قصك وقصصك . والقص : رأس الصدر ، يقال له بالفارسية : سرسينه يقال للشاة وغيرها . الليث : القص هو المشاش المغروز فيه أطراف شراسيف الأضلاع في وسط الصدر ، قال الأصمعي : يقال في مثل : هو ألزم لك من شعيرات قصك وذلك أنها كلما جزت نبتت ، وأنشد هو وغيره :


                                                          كم تمششت من قص وأنفحة     جاءت إليك بذاك الأضؤن السود



                                                          وفي حديث صفوان بن محرز : أنه كان إذا قرأ : وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون بكى حتى نقول : قد اندق قصص زوره وهو منبت شعره على صدره ، ويقال له : القصص والقص . وفي حديث المبعث : أتاني آت فقد من قصي إلى شعرتي ، القص والقصص : عظم الصدر المغروز فيه شراسيف الأضلاع في وسطه . وفي حديث عطاء : كره أن تذبح الشاة من قصها ، والله أعلم .

                                                          والقصة : الخبر وهو القصص . وقص علي خبره يقصه قصا وقصصا : أورده . والقصص : الخبر المقصوص ، بالفتح ، وضع موضع المصدر حتى صار أغلب عليه . والقصص بكسر القاف : جمع القصة التي تكتب . وفي حديث غسل دم الحيض : فتقصه بريقها ، أي : تعض موضعه من الثوب بأسنانها وريقها ليذهب أثره كأنه من القص القطع أو تتبع الأثر ، ومنه الحديث : فجاء واقتص أثر الدم . وتقصص كلامه : حفظه . وتقصص الخبر : تتبعه . والقصة : الأمر والحديث . واقتصصت الحديث . رويته على وجهه وقص عليه الخبر قصصا . وفي حديث الرؤيا : لا تقصها إلا على واد . يقال : قصصت الرؤيا على فلان إذا أخبرته بها ، أقصها قصا . والقص : البيان والقصص بالفتح : الاسم . والقاص : الذي يأتي بالقصة على وجهها كأنه يتتبع معانيها وألفاظها . وفي الحديث : لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال ، أي : لا ينبغي ذلك إلا لأمير يعظ الناس ويخبرهم بما مضى ليعتبروا ، وأما مأمور بذلك فيكون حكمه حكم الأمير ولا يقص مكتسبا أو يكون القاص مختالا يفعل ذلك تكبرا على الناس أو مرائيا يرائي الناس بقوله وعمله لا يكون وعظه وكلامه حقيقة ، وقيل : أراد الخطبة ; لأن الأمراء كانوا يلونها في الأول ويعظون الناس فيها ويقصون عليهم أخبار الأمم السالفة . وفي الحديث : القاص ينتظر المقت لما يعرض في قصصه من الزيادة والنقصان ، ومنه الحديث : أن بني إسرائيل لما قصوا هلكوا ، وفي رواية : لما هلكوا قصوا ، أي : اتكلوا على القول وتركوا العمل فكان ذلك سبب هلاكهم أو العكس لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص . وقص آثارهم يقصها قصا وقصصا وتقصصها : تتبعها بالليل ، وقيل : هو تتبع الأثر ، أي : وقت كان . قال تعالى : فارتدا على آثارهما قصصا . وكذلك اقتص أثره [ ص: 121 ] وتقصص ومعنى فارتدا على آثارهما قصصا ، أي : رجعا من الطريق الذي سلكاه يقصان الأثر ، أي : يتبعانه ، وقال أمية بن أبي الصلت :


                                                          قالت لأخت له قصيه عن جنب     وكيف يقفو بلا سهل ولا جدد ؟



                                                          قال الأزهري : القص اتباع الأثر . ويقال : خرج فلان قصصا في أثر فلان وقصا ، وذلك إذا اقتص أثره ، وقيل : القاص يقص القصص لإتباعه خبرا بعد خبر وسوقه الكلام سوقا . وقال أبو زيد : تقصصت الكلام حفظته . والقصيصة : البعير أو الدابة يتبع بها الأثر . والقصيصة : الزاملة الضعيفة يحمل عليها المتاع والطعام لضعفها . والقصيصة : شجرة تنبت في أصلها الكمأة ، ويتخذ منها الغسل ، والجمع قصائص وقصيص ، قال الأعشى :


                                                          فقلت ولم أملك أبكر بن وائل !     متى كنت فقعا نابتا بقصائصا ؟



                                                          وأنشد ابن بري لامرئ القيس :


                                                          تصيفها حتى إذا لم يسغ لها     حلي بأعلى حائل وقصيص



                                                          وأنشد لعدي بن زيد :


                                                          يجني له الكمأة ربعية     بالخبء تندى في أصول القصيص



                                                          وقال مهاصر النهشلي :


                                                          جنيتها من مجتنى عويص     من مجتنى الإجرد والقصيص



                                                          ويروى :


                                                          جنيتها من منبت عويص     من منبت الإجرد والقصيص



                                                          وقد أقصت الأرض ، أي : أنبتته . قال أبو حنيفة : زعم بعض الناس أنه إنما سمي قصيصا لدلالته على الكمأة كما يقتص الأثر ، قال : ولم أسمعه ، يريد أنه لم يسمعه من ثقة . الليث : القصيص نبت ينبت في أصول الكمأة ، وقد يجعل غسلا للرأس كالخطمي ، وقال : القصيصة نبت يخرج إلى جانب الكمأة . وأقصت الفرس وهي مقص من خيل مقاص : عظم ولدها في بطنها ، وقيل : هي مقص حتى تلقح ، ثم معق حتى يبدو حملها ثم نتوج ، وقيل : هي التي امتنعت ثم لقحت ، وقيل : أقصت الفرس فهي مقص إذا حملت . والإقصاص من الحمر : في أول حملها والإعقاق آخره . وأقصت الفرس والشاة وهي مقص : استبان ولدها أو حملها ، قال الأزهري : لم أسمعه في الشاء لغير الليث . ابن الأعرابي : لقحت الناقة وحملت الشاة وأقصت الفرس والأتان في أول حملها ، وأعقت في آخره إذا استبان حملها . وضربه حتى أقص على الموت ، أي : أشرف . وأقصصته على الموت ، أي : أدنيته . قال الفراء : قصه من الموت وأقصه بمعنى ، أي : دنا منه وكان يقول : ضربه حتى أقصه الموت . الأصمعي : ضربه ضربا أقصه من الموت ، أي : أدناه من الموت حتى أشرف عليه ، وقال :


                                                          فإن يفخر عليك بها أمير     فقد أقصصت أمك بالهزال



                                                          أي : أدنيتها من الموت . وأقصته شعوب إقصاصا : أشرف عليها ثم نجا . والقصاص والقصاصاء والقصاصاء : القود وهو القتل بالقتل أو الجرح بالجرح . والتقاص : التناصف في القصاص قال :


                                                          فرمنا القصاص وكان التقا     ص حكما وعدلا على المسلمينا



                                                          قال ابن سيده : قوله التقاص شاذ ; لأنه جمع بين الساكنين في الشعر ، ولذلك رواه بعضهم : وكان القصاص ولا نظير له إلا بيت واحد أنشده الأخفش :


                                                          ولولا خداش أخذت دوا     ب سعد ، ولم أعطه ما عليها



                                                          قال أبو إسحق : أحسب هذا البيت إن كان صحيحا فهو :

                                                          ولولا خداش أخذت دوابب سعد ، ولم أعطه ما عليها لأن إظهار التضعيف جائز في الشعر أو : أخذت رواحل سعد . وتقاص القوم إذا قاص كل واحد منهم صاحبه في حساب أو غيره . والاقتصاص : أخذ القصاص . والإقصاص : أن يؤخذ لك القصاص وقد أقصه . وأقص الأمير فلانا من فلان إذا اقتص له منه فجرحه مثل جرحه أو قتله قودا . واستقصه : سأله أن يقصه منه . الليث : القصاص والتقاص في الجراحات شيء بشيء ، وقد اقتص من فلان وقد أقصصت فلانا من فلان أقصه إقصاصا ، وأمثلت منه إمثالا فاقتص منه وامتثل . والاستقصاص : أن يطلب أن يقص ممن جرحه . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقص من نفسه . يقال : أقصه الحاكم يقصه إذا مكنه من أخذ القصاص ، وهو أن يفعل به مثل فعله ، من قتل أو قطع أو ضرب أو جرح ، والقصاص الاسم ، ومنه حديث عمر : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشارب ، فقال لمطيع بن الأسود : اضربه الحد ، فرآه عمر وهو يضربه ضربا شديدا ، فقال : قتلت الرجل كم ضربته ؟ قال ستين ، فقال عمر : أقص منه بعشرين ، أي : اجعل شدة الضرب الذي ضربته قصاصا بالعشرين الباقية وعوضا عنها . وحكى بعضهم : قوص زيد ما عليه ولم يفسره ، قال ابن سيده : وعندي أنه في معنى حوسب بما عليه إلا أنه عدي بغير حرف ; لأن فيه معنى أغرم ونحوه . والقصة والقصة والقص : الجص ، لغة حجازية ، وقيل : الحجارة من الجص ، وقد قصص داره ، أي : جصصها . ومدينة مقصصة : مطلية بالقص ، وكذلك قبر مقصص . وفي الحديث : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تقصيص القبور وهو بناؤها بالقصة . والتقصيص : هو التجصيص ، وذلك أن الجص يقال له القصة . يقال : قصصت البيت وغيره ، أي : جصصته . وفي حديثزينب : يا قصة على ملحودة ، شبهت أجسامهم بالقبور المتخذة من الجص ، وأنفسهم بجيف الموتى التي تشتمل عليها القبور . والقصة : القطنة أو الخرقة البيضاء التي تحتشي بها المرأة عند الحيض . وفي حديث الحائض : لا تغتسلن حتى ترين القصة البيضاء ، يعني بها ما تقدم أو حتى تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها المرأة الحائض ، كأنها قصة بيضاء لا يخالطها صفرة ولا ترية ، وقيل : إن القصة كالخيط الأبيض تخرج بعد انقطاع الدم كله ، وأما الترية فهو الخفي ، وهو أقل من الصفرة ، وقيل : هو الشيء [ ص: 122 ] الخفي اليسير من الصفرة والكدرة تراها المرأة بعد الاغتسال من الحيض ، فأما ما كان من أيام الحيض فهو حيض وليس بترية ، ووزنها تفعلة ، قال ابن سيده : والذي عندي أنه إنما أراد ماء أبيض من مصالة الحيض في آخره ، شبهه بالجص وأنث ; لأنه ذهب إلى الطائفة كما حكاه سيبويه من قولهم لبنة وعسلة . والقصاص : لغة في القص اسم كالجيار . وما يقص في يده شيء ، أي : ما يبرد ولا يثبت عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          لأمك ويلة وعليك أخرى     فلا شاة تقص ولا بعير



                                                          والقصاص : ضرب من الحمض . قال أبو حنيفة : القصاص شجر باليمن تجرسه النحل فيقال لعسلها عسل قصاص ، واحدته قصاصة . وقصقص الشيء : كسره . والقصقص والقصقصة ، بالضم ، والقصاقص من الرجال : الغليظ الشديد مع قصر . وأسد قصقص وقصقصة وقصاقص : عظيم الخلق شديد ، قال :


                                                          قصقصة قصاقص مصدر     له صلا وعضل منقر



                                                          وقال ابن الأعرابي : هو من أسمائه . الجوهري : وأسد قصقاص ، بالفتح ، وهو نعت له في صوته . والقصقاص : من أسماء الأسد ، وقيل : هو نعت له في صوته . الليث : القصقاص نعت من صوت الأسد في لغة ، والقصقاص أيضا : نعت الحية الخبيثة ، قال : ولم يجئ بناء على وزن فعلال غيره ، إنما حد أبنية المضاعف على وزن فعلل أو فعلول أو فعلل أو فعليل مع كل مقصور ممدود منه ، قال : وجاءت خمس كلمات شواذ وهي : ضلضلة وزلزل وقصقاص والقلنقل والزلزال ، وهو أعمها ; لأن مصدر الرباعي يحتمل أن يبنى كله على فعلال وليس بمطرد ، وكل نعت رباعي فإن الشعراء يبنونه على فعالل مثل قصاقص ، كقول القائل في وصف بيت مصور بأنواع التصاوير :


                                                          فيه الغواة مصورو     ن فحاجل منهم وراقص
                                                          والفيل يرتكب الردا     ف عليه والأسد القصاقص



                                                          التهذيب : أما ما قاله الليث في القصاقص بمعنى صوت الأسد ونعت الحية الخبيثة فإني لم أجده لغير الليث ، قال : وهو شاذ إن صح . وروي عن أبي مالك : أسد قصاقص ومصامص وفرافض شديد . ورجل قصاقص فرافض : يشبه بالأسد . وجمل قصاقص ، أي : عظيم . وحية قصقاص : خبيث . والقصقاص : ضرب من الحمض ، قال أبو حنيفة : هو ضعيف دقيق أصفر اللون . وقصاقصا الوركين : أعلاهما . وقصاقصة : موضع . قال : وقال أبو عمرو : القصقاص أشنان الشأم . وفي حديث أبي بكر : خرج زمن الردة إلى ذي القصة هي بالفتح موضع قريب من المدينة كان به حصى بعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد بن مسلمة وله ذكر في حديث الردة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية