الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قضم ]

                                                          قضم : قضم الفرس يقضم وخضم الإنسان يخضم وهو كقضم الفرس والقضم بأطراف الأسنان والخضم بأقصى الأضراس ، وأنشد لأيمن بن خريم الأسدي يذكر أهل العراق حين ظهر عبد الملك على مصعب :

                                                          [ ص: 131 ]

                                                          رجوا بالشقاق الأكل خضما وقد رضوا أخيرا من أكل الخضم أن يأكلوا القضما



                                                          ويدل على هذا قول أبي ذر : اخضموا فإنا سنقضم . ابن سيده : القضم أكل بأطراف الأسنان والأضراس ، وقيل : هو أكل الشيء اليابس قضم يقضم قضما ، والخضم : الأكل بجميع الفم ، وقيل : هو أكل الشيء الرطب والقضم دون ذلك . وقولهم : يبلغ الخضم بالقضم ، أي : أن الشبعة قد تبلغ بالأكل بأطراف الفم ، ومعناه أن الغاية البعيدة قد تدرك بالرفق قال الشاعر :


                                                          تبلغ بأخلاق الثياب جديدها     وبالقضم حتى تدرك الخضم بالقضم



                                                          ، وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : ابنوا شديدا وأملوا بعيدا واخضموا فإنا سنقضم ، القضم : الأكل بأطراف الأسنان . وفي حديث أبي ذر : تأكلون خضما ونأكل قضما . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : فأخذت السواك فقضمته وطيبته ، أي : مضغته بأسنانها ولينته . والقضيم : شعير الدابة . وقضمت الدابة شعيرها بالكسر تقضمه قضما : أكلته . وأقضمته أنا إياه ، أي : علفتها القضيم . وقال الليث : القضم أكل دون كما تقضم الدابة الشعير ، واسمه القضيم وقد أقضمته قضيما . قال ابن بري : يقال : قضم الرجل الدابة شعيرها فيعديه إلى مفعولين كما تقول : كسا زيد ثوبا وكسوته ثوبا واستعار عدي بن زيد القضم للنار ، فقال :


                                                          رب نار بت أرمقها     تقضم الهندي والغارا



                                                          والقضيم : ما قضمته . وما للقوم قضيم وقضام وقضمة ومقضم ، أي : ما يقضم عليه ، ومنه قول بعض العرب وقد قدم عليه ابن عم له بمكة ، فقال : إن هذه بلاد مقضم ، وليست ببلاد مخضم . وما ذقت قضاما ، أي : شيئا . وأتتهم قضيمة ، أي : ميرة قليلة . والقضم : ما ادرعته الإبل والغنم من بقية الحلي . والقضم : انصداع في السن ، وقيل : تثلم وتكسر في أطراف الأسنان وتفلل واسوداد ، قضم قضما فهو قضم وأقضم ، والأنثى قضماء . وقد قضم فوه إذا انكسر ونقد مثله . والقضم ، بكسر الضاد : السيف الذي طال عليه الدهر فتكسر حده ، وفي المحكم : وسيف قضم طال عليه الدهر فتكسر حده . وفي مضاربه قضم ، بالتحريك ، أي : تكسر ، والفعل كالفعل قال راشد بن شهاب اليشكري :


                                                          فلا توعدني إنني إن تلاقني     معي مشرفي في مضاربه قضم



                                                          قال ابن بري : ورواه ابن قتيبة قصم بصاد غير معجمة ويروى صدره :


                                                          متى تلقني تلق امرأ ذا شكيمة



                                                          والقضيم : الجلد الأبيض يكتب فيه ، وقيل : هي الصحيفة البيضاء ، وقيل : النطع ، وقيل : هو العيبة ، وقيل : هو الأديم ما كان ، وقيل : هو حصير منسوج خيوطه سيور بلغة أهل الحجاز ، قال النابغة :


                                                          كأن مجر الرامسات ذيولها     عليه قضيم نمقته الصوانع



                                                          والجمع من كل ذلك أقضمة وقضم ، فأما القضم فاسم للجمع عند سيبويه . وفي حديث الزهري : قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن في العسب والقضم ، هي الجلود البيض ، واحدها قضيم ويجمع أيضا على قضم ، بفتحتين كأدم وأديم ، ومنه الحديث : أنه دخل على عائشة - رضي الله عنها - وهي تلعب ببنت مقضمة - هي لعبة تتخذ من جلود بيض ويقال لها بنت قضامة بالضم والتشديد ، قال ابن بري : ولعبة أهل المدينة اسمها بنت قضامة بضم القاف غير مصروف تعمل من جلود بيض . والقضيم : النطع الأبيض ، وقيل : من صحف بيض من القضيمة وهي الصحيفة البيضاء . ابن سيده : والقضيمة الصحيفة البيضاء كالقضيم ، عن اللحياني قال : وجمعها قضم كصحيفة وصحف ، وقضم أيضا قال : وعندي أن قضما اسم لجمع قضيمة كما كان اسما لجمع قضيم وقال أبو عبيد في القضيم بمعنى الجلد الأبيض :


                                                          كأن ما أبقت الروامس منه     والسنون الذواهب الأول
                                                          قرع قضيم غلا صوانعه     في يمني العياب أو كلل



                                                          غلا ، أي : تأنق في صنعه . الليث : والقضيم الفضة وأنشد :


                                                          وثدي ناهدات وبياض كالقضيم



                                                          قال الأزهري : القضيم هاهنا الرق الأبيض الذي يكتب فيه قال : ولا أعرف القضيم بمعنى الفضة فلا أدري ما قول الليث هذا . والقضام والقضاضيم : النخل التي تطول حتى يخف ثمرها ، واحدتها قضامة وقضامة . والقضام : من نجيل السباخ ، قال أبو حنيفة : هو من الحمض ، وقال مرة : هو نبت يشبه الخذراف فإذا جف ابيض ، وله وريقة صغيرة . وفي حديث علي : كانت قريش إذا رأته قالت احذروا الحطم احذروا القضم ، أي : الذي يقضم الناس فيهلكهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية