الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7669 ) مسألة ; قال : ولا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب ، وتؤخذ الزكاة من أموالهم ومواشيهم وثمرهم ، مثلي ما يؤخذ من المسلمين بنو تغلب بن وائل ، من العرب ، من ربيعة بن نزار ، انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية ، فدعاهم عمر إلى بذل الجزية ، فأبوا ، وأنفوا ، وقالوا : نحن عرب ، خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة . فقال عمر : لا آخذ من [ ص: 275 ] مشرك صدقة . فلحق بعضهم بالروم ، فقال النعمان بن زرعة : يا أمير المؤمنين ، إن القوم لهم بأس وشدة ، وهم عرب يأنفون من الجزية ، فلا تعن عليك عدوك بهم ، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة . فبعث عمر في طلبهم ، فردهم ، وضعف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين ، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين ، ومن كل عشرين دينارا دينارا ، ومن كل مائتي درهم عشرة دراهم ، وفيما سقت السماء الخمس ، وفيما سقي بنضح أو غرب أو دولاب العشر . فاستقر ذلك من قول عمر ، ولم يخالفه أحد من الصحابة ، فصار إجماعا .

                                                                                                                                            وقال به الفقهاء بعد الصحابة ; منهم ابن أبي ليلى ، والحسن بن صالح ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ، والشافعي . ويروى عن عمر بن عبد العزيز ، أنه أبى على نصارى بني تغلب إلا الجزية ، وقال : لا والله إلا الجزية ، وإلا فقد آذنتكم بالحرب . والحجة لهذا عموم الآية فيهم .

                                                                                                                                            وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي ، لأقتلن مقاتلتهم ، ولأسبين ذراريهم ، فقد نقضوا العهد ، وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم . وذلك أن عمر رضي الله عنه صالحهم على أن لا ينصروا أولادهم . والعمل على الأول ; لما ذكرنا من الإجماع وأما الآية ، فإن هذا المأخوذ منهم جزية باسم الصدقة ، فإن الجزية يجوز أخذها من العروض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية