الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قطع ]

                                                          قطع : القطع : إبانة بعض أجزاء الجرم من بعض فصلا . قطعه يقطعه قطعا وقطيعة وقطوعا ، قال :


                                                          فما برحت حتى استبان سقابها قطوعا لمحبوك من الليف حادر



                                                          والقطع : مصدر قطعت الحبل قطعا فانقطع . والمقطع ، بالكسر : ما يقطع به الشيء . وقطعه واقتطعه فانقطع وتقطع ، شدد للكثرة . فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا أي تقسموه . ، قال الأزهري : وأما قوله : فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا فإنه واقع كقولك قطعوا أمرهم ، قال لبيد في الوجه اللازم :


                                                          وتقطعت أسبابها ورمامها



                                                          أي انقطعت حبال مودتها ، ويجوز أن يكون معنى قوله : فتقطعوا أمرهم بينهم أي تفرقوا في أمرهم ، نصب أمرهم بنزع في منه ، قال الأزهري : وهذا القول عندي أصوب . وقوله تعالى : وقطعن أيديهن [ ص: 139 ] أي : قطعنها قطعا بعد قطع وخدشنها خدشا كثيرا ولذلك شدد ، وقوله تعالى : وقطعناهم في الأرض أمما أي فرقناهم فرقا ، وقال : وتقطعت بهم الأسباب أي انقطعت أسبابهم ووصلهم ، وقول أبي ذؤيب :


                                                          كأن ابنة السهمي درة قامس     لها بعد تقطيع النبوح وهيج



                                                          أراد بعد انقطاع النبوح ، والنبوح : الجماعات ، أراد بعد الهدو والسكون بالليل ، قال : وأحسب الأصل فيه القطع وهو طائفة من الليل . وشيء قطيع : مقطوع . والعرب تقول : اتقوا القطيعاء أي اتقوا أن يتقطع بعضكم من بعض في الحرب . والقطعة والقطاعة : ما قطع من الحوارى من النخالة . والقطاعة ، بالضم : ما سقط عن القطع . وقطع النخالة من الحوارى : فصلها منه ، عن اللحياني : وتقاطع الشيء : بان بعضه من بعض ، وأقطعه إياه : أذن له في قطعه . وقطعات الشجر : أبنها التي تخرج منها إذا قطعت ، الواحدة قطعة . وأقطعته قضبانا من الكرم أي أذنت له في قطعها . والقطيع : الغصن تقطعه من الشجرة ، والجمع أقطعة وقطع وقطعات وأقاطيع كحديث وأحاديث . والقطع من الشجر : كالقطيع ، والجمع أقطاع ، قال أبو ذؤيب :


                                                          عفا غير نؤي الدار ما إن تبينه     وأقطاع طفي قد عفت في المعاقل



                                                          والقطع أيضا : السهم يعمل من القطيع والقطع اللذين هما المقطوع من الشجر ، وقيل : هو السهم العريض ، وقيل : القطع نصل قصير عريض السهم ، وقيل : القطع النصل القصير ، والجمع أقطع وأقطاع وقطوع وقطاع ومقاطيع ، جاء على غير واحده نادرا كأنه إنما جمع مقطاعا ، ولم يسمع ، كما قالوا ملامح ومشابه ولم يقولوا ملمحة ولا مشبهة ، قال بعض الأغفال يصف درعا :


                                                          لها عكن ترد النبل خنسا     وتهزأ بالمعابل والقطاع



                                                          وقال ساعدة بن جؤية :


                                                          وشقت مقاطيع الرماة فؤاده     إذا يسمع الصوت المغرد يصلد



                                                          والمقطع والمقطاع : ما قطعته به . قال الليث : القطع القضيب الذي يقطع لبري السهام ، وجمعه قطعان وأقطع ، وأنشد لأبي ذؤيب :


                                                          ونميمة من قانص متلبب     في كفه جشء أجش وأقطع



                                                          قال : أراد السهام ، قال الأزهري : وهذا غلط ، قال الأصمعي : القطع من النصال القصير العريض ، وكذلك قال غيره سواء كان النصل مركبا في السهم أو لم يكن مركبا سمي قطعا لأنه مقطوع من الحديث وربما سموه مقطوعا ، والمقاطيع جمعه وسيف قاطع وقطاع ومقطع . وحبل أقطاع : مقطوع كأنهم جعلوا كل جزء منه قطعا ، وإن لم يتكلم به ، وكذلك ثوب أقطاع وقطع عن اللحياني . والمقطوع من المديد والكامل والرجز : الذي حذف منه حرفان نحو فاعلاتن ذهب منه تن فصار محذوفا فبقي فاعلن ثم ذهب من فاعلن النون ثم أسكنت اللام فنقل في التقطيع إلى فعلن ، كقوله في المديد :


                                                          إنما الذلفاء ياقوتة     أخرجت من كيس دهقان



                                                          فقوله قاني فعلن ، وكقوله في الكامل :


                                                          وإذا دعونك عمهن فإنه     نسب يزيدك عندهن خبالا



                                                          فقوله نخبالا فعلاتن وهو مقطوع ، وكقوله في الرجز :


                                                          دار لسلمى إذ سليمى جارة     قفر ترى آياتها مثل الزبر



                                                          وكقوله في الرجز :


                                                          القلب منها مستريح سالم     والقلب مني جاهد مجهود



                                                          فقوله مجهود مفعولن . وتقطيع الشعر : وزنه بأجزاء العروض وتجزئته بالأفعال . وقاطع الرجلان بسيفيهما إذا نظرا أيهما أقطع ، وقاطع فلان فلانا بسيفيهما كذلك . ورجل لطاع قطاع : يقطع نصف اللقمة ويرد الثاني ، واللطاع مذكور في موضعه . وكلام قاطع على المثل : كقولهم نافذ . والأقطع : المقطوع اليد ، والجمع قطع وقطعان مثل أسود وسودان . ويد قطعاء : مقطوعة ، وقد قطع وقطع قطعا . والقطعة والقطعة ، بالضم ، مثل الصلعة والصلعة : موضع القطع من اليد ، وقيل : بقية اليد المقطوعة ، وضربه بقطعته . وفي الحديث : أن سارقا سرق فقطع فكان يسرق بقطعته ، بفتحتين ، هي الموضع المقطوع من اليد ، قال : وقد تضم القاف وتسكن الطاء فيقال : بقطعته ، قال الليث : يقولون قطع الرجل ولا يقولون قطع الأقطع لأن الأقطع لا يكون أقطع حتى يقطعه غيره ، ولو لزمه ذلك من قبل نفسه لقيل قطع أو قطع ، وقطع الله عمره على المثل . وفي التنزيل : فقطع دابر القوم الذين ظلموا ، قال ثعلب : معناه استؤصلوا من آخرهم . ومقطع كل شيء ومنقطعه : آخره حيث ينقطع كمقاطع الرمال والأودية والحرة وما أشبهها . ومقاطيع الأودية : مآخيرها . ومنقطع كل شيء : حيث ينتهي إليه طرفه . والمنقطع : الشيء نفسه . وشراب لذيذ المقطع أي الآخر والخاتمة . وقطع الماء قطعا : شقه وجازه . وقطع به النهر وأقطعه إياه وأقطعه به : جاوزه ، وهو من الفصل بين الأجزاء . وقطعت النهر قطعا وقطوعا : عبرت . ومقاطع الأنهار : حيث يعبر فيه . والمقطع : غاية ما قطع . يقال : مقطع الثوب ومقطع الرمل للذي لا رمل وراءه . والمقطع : الموضع الذي يقطع فيه النهر من المعابر . ومقاطع القرآن : مواضع الوقوف ، ومبادئه : مواضع الابتداء . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - حين ذكر أبا بكر - رضي الله عنه - : ليس فيكم من تقطع عليه الأعناق مثل أبي بكر ، أراد أن السابق منكم الذي لا يلحق شأوه في الفضل أحد لا يكون مثلا لأبي بكر لأنه أسبق السابقين ، وفي النهاية : أي ليس فيكم أحد سابق إلى الخيرات تقطع أعناق مسابقيه حتى لا يلحقه أحد مثل أبي بكر - رضي الله عنه - . يقال للفرس الجواد : تقطعت أعناق الخيل عليه فلم تلحقه ، وأنشد ابن الأعرابي للبعيث :


                                                          طمعت بليلى أن تريع وإنما     تقطع أعناق الرجال المطامع
                                                          وبايعت ليلى في الخلاء ولم يكن     شهودي على ليلى عدول مقانع



                                                          ومنه حديث أبي ذر : فإذا هي يقطع دونها السراب أي تسرع إسراعا كثيرا تقدمت به وفاتت حتى إن السراب يظهر دونها أي من ورائها [ ص: 140 ] لبعدها في البر . ومقطعات الشيء : طرائقه التي يتحلل إليها ويتركب عنها كمقطعات الكلام ، ومقطعات الشعر ومقاطيعه : ما تحلل إليه وتركب عنه من أجزائه التي يسميها عروضيو العرب الأسباب والأوتاد . والقطاع والقطاع : صرام النخل مثل الصرام والصرام ، وقطع النخل يقطعه قطعا وقطاعا وقطاعا ، عن اللحياني : صرمه . قال سيبويه : قطعته أوصلت إليه القطع واستعملته فيه . وأقطع النخل إقطاعا إذا أصرم وحان قطاعه . وأقطعته : أذنت له في قطاعه . وانقطع الشيء : ذهب وقته ، ومنه قولهم : انقطع البرد والحر . وانقطع الكلام : وقف فلم يمض . وقطع لسانه : أسكته بإحسانه إليه . وانقطع لسانه : ذهبت سلاطته . وامرأة قطيع الكلام إذا لم تكن سليطة . وفي الحديث لما أنشده العباس بن مرداس أبياته العينية : اقطعوا عني لسانه أي أعطوه وأرضوه حتى يسكت ، فكنى باللسان عن الكلام . ومنه الحديث : أتاه رجل فقال : إني شاعر ، فقال : يا بلال اقطع لسانه ! فأعطاه أربعين درهما . قال الخطابي : يشبه أن يكون هذا ممن له حق في بيت المال ، كابن السبيل وغيره فتعرض له بالشعر فأعطاه لحقه أو لحاجته لا لشعره . وأقطع الرجل إذا انقطعت حجته وبكتوه بالحق فلم يجب ، فهو مقطع . وقطعه قطعا أيضا : بكته ، وهو قطيع القول وأقطعه ، وقد قطع وقطع قطاعة . وأقطع الشاعر : انقطع شعره . وأقطعت الدجاجة مثل أقفت : انقطع بيضها ، قال الفارسي : وهذا كما عادلوا بينهما بأصفى . وقطع به وانقطع وأقطع وأقطع : ضعف عن النكاح . وأقطع به إقطاعا ، فهو مقطع إذا لم يرد النساء ولم ينهض عجارمه . وانقطع بالرجل والبعير : كلا . وقطع بفلان فهو مقطوع به ، وانقطع به فهو منقطع به إذا عجز عن سفره من نفقة ذهبت ، أو قامت عليه راحلته ، أو أتاه أمر لا يقدر على أن يتحرك معه ، وقيل : هو إذا كان مسافرا فأبدع به وعطبت راحلته وذهب زاده وماله . وقطع به إذا انقطع رجاؤه . وقطع به قطعا إذا قطع به الطريق . وفي الحديث : فخشينا أن يقتطع دوننا أي يؤخذ وينفرد به . وفي الحديث : ولو شئنا لاقتطعناهم . وفي الحديث : كان إذا أراد أن يقطع بعثا أي يفرد قوما يبعثهم في الغزو ويعينهم من غيرهم . ويقال للغريب بالبلد : أقطع عن أهله إقطاعا ، فهو مقطع عنهم ومنقطع ، وكذلك الذي يفرض لنظرائه ويترك هو . وأقطعت الشيء إذا انقطع عنك . يقال : قد أقطعت الغيث . وعود مقطع إذا انقطع عن الضراب . والمقطع ، بفتح الطاء : البعير إذا جفر عن الضراب ، قال النمر بن تولب يصف امرأته :


                                                          قامت تباكى أن سبأت لفتية     زقا وخابية بعود مقطع



                                                          وقد أقطع إذا جفر . وناقة قطوع : ينقطع لبنها سريعا . والقطع والقطيعة : الهجران ضد الوصل ، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر ، وهو على المثل . ورجل قطوع لإخوانه ومقطاع : لا يثبت على مؤاخاة . وتقاطع القوم : تصارموا . وتقاطعت أرحامهم : تحاصت . وقطع رحمه قطعا وقطيعة وقطعها : عقها ولم يصلها ، والاسم القطيعة . ورجل قطعة وقطع ومقطع وقطاع : يقطع رحمه . وفي الحديث : من زوج كريمة من فاسق فقد قطع رحمها ، وذلك أن الفاسق يطلقها ثم لا يبالي أن يضاجعها . وفي حديث صلة الرحم : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، القطيعة : الهجران والصد ، وهي فعيلة من القطع ، ويريد به ترك البر والإحسان إلى الأهل والأقارب ، وهي ضد صلة الرحم . وقوله تعالى : أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أي تعودوا إلى أمر الجاهلية فتفسدوا في الأرض وتئدوا البنات ، وقيل : تقطعوا أرحامكم تقتل قريش بني هاشم وبنو هاشم قريشا . ورحم قطعاء بيني وبينك إذا لم توصل . ويقال : مد فلان إلى فلان بثدي غير أقطع ومت ، بالتاء أي توسل إليه بقرابة قريبة ، وقال :


                                                          دعاني فلم أورأ به فأجبته     فمد بثدي بيننا غير أقطعا



                                                          والأقطوعة : ما تبعثه المرأة إلى صاحبتها علامة للمصارمة والهجران ، وفي التهذيب : تبعث به الجارية إلى صاحبها ، وأنشد :


                                                          وقالت لجاريتيها اذهبا     إليه بأقطوعة إذ هجر



                                                          والقطع : البهر لقطعه الأنفاس . ورجل قطيع : مبهور بين القطاعة ، وكذلك الأنثى بغير هاء . ورجل قطيع القيام إذا وصف بالضعف أو السمن . وامرأة قطوع وقطيع : فاترة القيام . وقد قطعت المرأة إذا صارت قطيعا . والقطع والقطع في الفرس وغيره : البهر وانقطاع بعض عروقه . وأصابه قطع أو بهر : وهو النفس العالي من السمن وغيره . وفي حديث ابن عمر : أنه أصابه قطع أو بهر فكان يطبخ له الثوم في الحسا فيأكله ، قال الكسائي : القطع الدبر ، وأنشد أبو عبيد لأبي جندب الهذلي :


                                                          وإني إذا ما آنس . . . مقبلا     يعاودني قطع جواه طويل



                                                          يقول : إذا رأيت إنسانا ذكرته . وقال ابن الأثير : القطع انقطاع النفس وضيقه . والقطع : البهر يأخذ الفرس وغيره . يقال : قطع الرجل ، فهو مقطوع ، ويقال للفرس إذا انقطع عرق في بطنه أو شحم : مقطوع ، وقد قطع . واقتطعت من الشيء قطعة ، يقال : اقتطعت قطيعا من غنم فلان . والقطعة من الشيء : الطائفة منه . واقتطع طائفة من الشيء : أخذها . والقطيعة : ما اقتطعته منه . وأقطعني إياها : أذن لي في اقتطاعها . واستقطعه إياها : سأله أن يقطعه إياها . وأقطعته قطيعة أي طائفة من أرض الخراج . وأقطعه نهرا : أباحه له . وفي حديث أبيض بن حمال : أنه استقطعه الملح الذي بمأرب فأقطعه إياه ، قال ابن الأثير : سأله أن يجعله له إقطاعا يتملكه ويستبد به وينفرد ، والإقطاع يكون تمليكا وغير تمليك . يقال : استقطع فلان الإمام قطيعة فأقطعه إياها إذا سأله أن يقطعها له ويبنيها ملكا له فأعطاه إياها . والقطائع إنما تجوز في عفو البلاد التي لا ملك لأحد عليها ولا عمارة فيها لأحد فيقطع الإمام المستقطع منها قدر ما يتهيأ له عمارته بإجراء الماء إليه ، أو باستخراج عين منه ، أو بتحجر عليه للبناء فيه ، قال الشافعي : ومن الإقطاع إقطاع إرفاق لا تمليك ، كالمقاعدة بالأسواق التي هي طرق المسلمين ، فمن قعد في موضع منها كان له بقدر ما يصلح له ما كان مقيما فيه ، فإذا فارقه لم يكن له منع غيره منه كأبنية العرب وفساطيطهم ، فإذا انتجعوا لم يملكوا بها حيث نزلوا ، ومنها [ ص: 141 ] إقطاع السكنى . وفي الحديث عن أم العلاء الأنصارية قالت : لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة أقطع الناس الدور فطار سهم عثمان بن مظعون علي ، ومعناه أنزلهم في دور الأنصار يسكنونها معهم ثم يتحولون عنها ، ومنه الحديث : أنه أقطع الزبير نخلا ، يشبه أنه إنما أعطاه ذلك من الخمس الذي هو سهمه لأن النخل مال ظاهر العين حاضر النفع فلا يجوز إقطاعه ، وكان بعضهم يتأول إقطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - المهاجرين الدور على معنى العارية ، وأما إقطاع الموات فهو تمليك . وفي الحديث في اليمين : أو يقتطع بها مال امرئ مسلم أي يأخذه لنفسه متملكا ، وهو يفتعل من القطع . ورجل مقطع : لا ديوان له . وفي الحديث : كانوا أهل ديوان أو مقطعين ، بفتح الطاء ، ويروى مقتطعين ; لأن الجند لا يخلون من هذين الوجهين . وقطع الرجل بحبل يقطع قطعا : اختنق به . وفي التنزيل : فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر قالوا : ليقطع أي ليختنق ; لأن المختنق يمد السبب إلى السقف ثم يقطع نفسه من الأرض حتى يختنق ، قالالأزهري : وهذا يحتاج إلى شرح يزيد في إيضاحه ، والمعنى ، والله أعلم ، من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا حتى يظهره على الدين كله ، فليمت غيظا ، وهو تفسير قوله فليمدد بسبب إلى السماء والسبب الحبل يشده المختنق إلى سقف بيته ، وسماء كل شيء سقفه ، ثم ليقطع أي ليمد الحبل مشدودا في عنقه مدا شديدا يوتره حتى ينقطع فيموت مختنقا ، وقال الفراء : أراد ليجعل في سماء بيته حبلا ثم ليختنق به ، فذلك قوله ثم ليقطع اختناقا . وفي قراءة عبد الله : ثم ليقطعه يعني السبب وهو الحبل ، وقيل : معناه ليمد الحبل المشدود في عنقه حتى ينقطع نفسه فيموت . وثوب يقطعك ويقطعك ويقطع لك تقطيعا : يصلح عليك قميصا ونحوه . وقال الأزهري : إذا صلح أن يقطع قميصا ، قال الأصمعي : لا أعرف هذا ثوب يقطع ولا يقطع ولا يقطعني ولا يقطعني ، هذا كله من كلام المولدين ، قال أبو حاتم : وقد حكاه أبو عبيد ة عن العرب . والقطع : وجع في البطن ومغس . والتقطيع : مغس يجده الإنسان في بطنه وأمعائه . يقال : قطع فلان في بطنه تقطيعا . والقطيع : الطائفة من الغنم والنعم ونحوه ، والغالب عليه أنه من عشر إلى أربعين ، وقيل : ما بين خمس عشرة إلى خمس وعشرين ، والجمع أقطاع وأقطعة وقطعان وقطاع وأقاطيع ، قال سيبويه : هو مما جمع على غير بناء واحده ، ونظيره عندهم حديث وأحاديث . والقطعة : كالقطيع . والقطيع : السوط يقطع من جلد سير ويعمل منه ، وقيل : هو مشتق من القطيع الذي هو المقطوع من الشجر ، وقيل : هو المنقطع الطرف ، وعم أبو عبيد بالقطيع ، وحكى الفارسي : قطعته بالقطيع أي ضربته به ، كما قالوا سطته بالسوط ، قال الأعشى :


                                                          ترى عينها صغواء في جنب موقها     تراقب كفي والقطيع المحرما



                                                          قال ابن بري : السوط المحرم الذي لم يلين بعد . الليث : القطيع السوط المنقطع . قال الأزهري : سمي السوط قطيعا لأنهم يأخذون القد المحرم فيقطعونه أربعة سيور ثم يفتلونه ويلوونه ويتركونه حتى ييبس فيقوم قياما كأنه عصا ، سمي قطيعا لأنه يقطع أربع طاقات ثم يلوى . والقطع والقطاع : اللصوص يقطعون الأرض . وقطاع الطريق : الذين يعارضون أبناء السبيل فيقطعون بهم السبيل . ورجل مقطع : مجرب . وإنه لحسن التقطيع ، أي القد . وشيء حسن التقطيع إذا كان حسن القد . ويقال : فلان قطيع فلان أي شبيهه في قده وخلقه ، وجمعه أقطعاء . ومقطع الحق : ما يقطع به الباطل ، وهو أيضا موضع التقاء الحكم ، وقيل : هو حيث يفصل بين الخصوم بنص الحكم ، قال زهير :


                                                          وإن الحق مقطعه ثلاث :     يمين أو نفار أو جلاء



                                                          ويقال : الصوم مقطعة للنكاح . والقطع والقطعة والقطيع والقطع والقطاع : طائفة من الليل تكون من أوله إلى ثلثه ، وقيل للفزاري : ما القطع من الليل ؟ فقال : حزمة تهورها أي قطعة تحزرها ولا تدري كم هي . والقطع : ظلمة آخر الليل ، ومنه قوله تعالى : فأسر بأهلك بقطع من الليل ، قال الأخفش : بسواد من الليل ، قال الشاعر :


                                                          افتحى الباب فانظري في النجوم     كم علينا من قطع ليل بهيم



                                                          وفي التنزيل : قطعا من الليل مظلما وقرئ : قطعا ، والقطع : اسم ما قطع . يقال : قطعت الشيء قطعا ، واسم ما قطع فسقط قطع . قال ثعلب : من قرأ قطعا ، جعل المظلم من نعته ، ومن قرأ قطعا جعل المظلم قطعا من الليل ، وهو الذي يقول له البصريون الحال . وفي الحديث : إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم ، قطع الليل طائفة منه وقطعة ، وجمع القطعة قطع ، أراد فتنة مظلمة سوداء تعظيما لشأنها . والمقطعات من الثياب : شبه الجباب ونحوها من الخز وغيره . وفي التنزيل : قطعت لهم ثياب من نار ، أي خيطت وسويت وجعلت لبوسا لهم . وفي حديث ابن عباس في صفة نخل الجنة ، قال : نخل الجنة سعفها كسوة لأهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم ، قال ابن الأثير : لم يكن يصفها بالقصر لأنه عيب . وقال ابن الأعرابي : لا يقال للثياب القصار مقطعات ، قال شمر : ومما يقوي قوله حديث ابن عباس في وصف سعف الجنة لأنه لا يصف ثياب أهل الجنة بالقصر لأنه عيب ، وقيل : المقطعات لا واحد لها فلا يقال للجبة القصيرة مقطعة ، ولا للقميص مقطع ، وإنما يقال لجملة الثياب القصار مقطعات ، وللواحد ثوب . وفي الحديث : أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه مقطعات له ، قال ابن الأثير : أي ثياب قصار لأنها قطعت عن بلوغ التمام ، وقيل : المقطع من الثياب كل ما يفصل ويخاط من قميص وجباب وسراويلات وغيرها ، وما لا يقطع منها كالأردية والأزر والمطارف والرياط التي لم تقطع ، وإنما يتعطف بها مرة ويتلفع بها أخرى ، وأنشد شمر لرؤبة يصف ثورا وحشيا :


                                                          كأن نصعا فوقه مقطعا     مخالط التقليص إذ تدرعا



                                                          قال ابن الأعرابي : يقول كأن عليه نصعا مقلصا عنه ، يقول : تخال أنه ألبس ثوبا أبيض مقلصا عنه لم يبلغ كراع ه لأنها سود ليست على لونه ، وقول الراعي :

                                                          [ ص: 142 ]

                                                          فقودوا الجياد المسنفات وأحقبوا     على الأرحبيات الحديد المقطعا



                                                          يعني الدروع . والحديد المقطع : هو المتخذ سلاحا . يقال : قطعنا الحديد أي صنعناه دروعا وغيرها من السلاح . وقال أبو عمرو : مقطعات الثياب والشعر قصارها . والمقطعات : الثياب القصار والأبيات القصار ، وكل قصير مقطع ومتقطع ، ومنه حديث ابن عباس : وقت صلاة الضحى إذا تقطعت الظلال ، يعني قصرت لأنها تكون ممتدة في أول النهار فكلما ارتفعت الشمس تقطعت الظلال وقصرت ، وسميت الأراجيز مقطعات لقصرها ، ويروى أن جرير بن الخطفى كان بينه وبين رؤبة اختلاف في شيء فقال : أما والله لئن سهرت له ليلة لأدعنه وقلما تغني عنه مقطعاته ، يعني أبيات الرجز . ويقال للرجل القصير : إنه لمقطع مجذر . والمقطع : مثال يقطع عليه الأديم والثوب وغيره . والقاطع : كالمقطع اسم كالكاهل والغارب . وقال أبو الهيثم : إنما هو القطاع لا القاطع ، قال : وهو مثل لحاف وملحف وقرام ومقرم وسراد ومسرد . والقطع : ضرب من الثياب الموشاة ، والجمع قطوع . والمقطعات : برود عليها وشي مقطع . والقطع : النمرقة أيضا . والقطع : الطنفسة تكون تحت الرحل على كتفي البعير ، والجمع كالجمع ، قال الأعشى :


                                                          أتتك العيس تنفح في براها     تكشف عن مناكبها القطوع



                                                          قال ابن بري : الشعر لعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص يمدح معاوية ويقال لزياد الأعجم ، وبعده :


                                                          بأبيض من أمية مضرحي     كأن جبينه سيف صنيع



                                                          وفي حديث ابن الزبير والجني : فجاء وهو على القطع فنفضه ، وفسر القطع بالطنفسة تحت الرحل على كتفي البعير . وقاطعه على كذا وكذا من الأجر والعمل ونحوه مقاطعة . قال الليث : ومقطعة الشعر هنات صغار مثل شعر الأرانب ، قال الأزهري : هذا ليس بشيء وأراه إنما أراد ما يقال للأرنب السريعة ، ويقال للأرنب السريعة : مقطعة الأسحار ، ومقطعة النياط ومقطعة السحور ، كأنها تقطع عرقا في بطن طالبها من شدة العدو ، أو رئات من يعدو على أثرها ليصيدها ، وهذا كقولهم فيها محشئة الكلاب ، ومن قال النياط بعد المفازة فهي تقطعه أيضا أي تجاوزه ، قال يصف الأرنب :


                                                          كأني إذ مننت عليك خيري     مننت على مقطعة النياط



                                                          وقال الشاعر :


                                                          مرطى مقطعة سحور بغاتها     من سوسها التوتير مهما تطلب



                                                          ويقال لها أيضا : مقطعة القلوب ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          كأني إذ مننت عليك فضلي     مننت على مقطعة القلوب
                                                          أرينب خلة باتت تغشى     أبارق كلها وخم جديب



                                                          ويقال : هذا فرس يقطع الجري أي يجري ضروبا من الجري لمرحه ونشاطه . وقطع الجواد الخيل تقطيعا : خلفها ومضى ، قال أبو الخشناء ، ونسبه الأزهري إلى الجعدي :


                                                          يقطعهن بتقريبه     ويأوي إلى حضر ملهب



                                                          ويقال : جاءت الخيل مقطوطعات أي سراعا بعضها في إثر بعض . وفلان منقطع القرين في الكرم والسخاء إذا لم يكن له مثل ، وكذلك منقطع العقال في الشر والخبث ، قال الشماخ :


                                                          رأيت عرابة الأوسي يسمو     إلى الخيرات منقطع القرين



                                                          أبو عبيد ة في الشيات : ومن الغرر المتقطعة وهي التي ارتفع بياضها من المنخرين حتى تبلغ الغرة عينيه دون جبهته . وقال غيره : المقطع من الحلي هو الشيء اليسير منه القليل ، والمقطع من الذهب اليسير كالحلقة والقرط والشنف والشذرة وما أشبهها ، ومنه الحديث : أنه نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا ، أراد الشيء اليسير وكره الكثير الذي هو عادة أهل السرف والخيلاء والكبر ، واليسير هو ما لا تجب فيه الزكاة ، قال ابن الأثير : ويشبه أن يكون إنما كره استعمال الكثير منه ; لأن صاحبه ربما بخل بإخراج زكاته فيأثم بذلك عند من أوجب فيه الزكاة . وقطع عليه العذاب : لونه وجزأه ولون عليه ضروبا من العذاب . والمقطعات : الديار . والقطيع : شبيه بالنظير . وأرض قطيعة : لا يدرى أخضرتها أكثر أم بياضها الذي لا نبات به ، وقيل : التي بها نقاط من الكلإ . والقطعة : قطعة من الأرض إذا كانت مفروزة ، وحكي عن أعرابي أنه قال : ورثت من أبي قطعة . قال ابن السكيت : ما كان من شيء قطع من شيء ، فإن كان المقطوع قد يبقى منه الشيء ويقطع قلت : أعطني قطعة ، ومثله الخرقة ، وإذا أردت أن تجمع الشيء بأسره حتى تسمي به قلت : أعطني قطعة ، وأما المرة من الفعل فبالفتح قطعت قطعة ، وقال الفراء : سمعت بعض العرب يقول غلبني فلان على قطعة من الأرض ، يريد أرضا مفروزة مثل القطعة ، فإن أردت بها قطعة من شيء قطع منه قلت قطعة . وكل شيء يقطع منه ، فهو مقطع . والمقطع : موضع القطع . والمقطع : مصدر كالقطع . وقطعت الخمر بالماء إذا مزجته ، وقد تقطع فيه الماء ، وقال ذو الرمة :


                                                          يقطع موضوع الحديث ابتسامها     تقطع ماء المزن في نزف الخمر



                                                          موضوع الحديث : مخفوضه وهو أن تخلطه بالابتسام كما يخلط الماء بالخمر إذا مزج . وأقطع القوم إذا انقطعت مياه السماء فرجعوا إلى أعداد المياه ، قال أبو وجزة :


                                                          تزور بي القوم الحواري إنهم     مناهل أعداد إذا الناس أقطعوا



                                                          وفي الحديث : كانت يهود قوما لهم ثمار لا تصيبها قطعة أي عطش بانقطاع الماء عنها . ويقال : أصابت الناس قطعة أي ذهبت مياه ركاياهم . ويقال للقوم إذا جفت مياههم : أصابتهم قطعة منكرة . وقد قطع ماء قليبكم إذا ذهب أو قل ماؤه . وقطع الماء قطوعا وأقطع ، عن ابن الأعرابي : قل وذهب فانقطع ، والاسم القطعة . يقال : أصاب الناس قطع وقطعة إذا انقطع ماء بئرهم في القيظ . وبئر مقطاع : ينقطع ماؤها سريعا . ويقال : قطعت الحوض قطعا إذا ملأته إلى نصفه أو ثلثه ثم قطعت الماء ، ومنه قول ابن مقبل يذكر الإبل :


                                                          قطعنا لهن الحوض فابتل شطره     بشرب غشاش وهو ظمآن سائره



                                                          [ ص: 143 ] أي باقيه . وأقطعت السماء بموضع كذا إذا انقطع المطر هناك وأقلعت . يقال : مطرت السماء ببلد كذا وأقطعت ببلد كذا . وقطعت الطير قطاعا وقطاعا وقطوعا واقطوطعت : انحدرت من بلاد البرد إلى بلاد الحر . والطير تقطع قطوعا إذا جاءت من بلد إلى بلد في وقت حر أو برد ، وهي قواطع . ابن السكيت : كان ذلك عند قطاع الطير وقطاع الماء ، وبعضهم يقول قطوع الطير وقطوع الماء ، وقطاع الطير : أن يجيء من بلد إلى بلد ، وقطاع الماء : أن ينقطع . أبو زيد : قطعت الغربان إلينا في الشتاء قطوعا ورجعت في الصيف رجوعا ، والطير التي تقيم ببلد شتاءها وصيفها هي الأوابد ، ويقال : جاءت الطير مقطوطعات وقواطع بمعنى واحد . والقطيعاء ، ممدود مثال الغبيراء : التمر الشهريز ، وقال كراع : هو صنف من التمر فلم يحله ، قال :


                                                          باتوا يعشون القطيعاء جارهم     وعندهم البرني في جلل دسم



                                                          وفي حديث وفد عبد القيس : تقذفون فيه من القطيعاء ، قال : هو نوع من التمر ، وقيل : هو البسر قبل أن يدرك . ويقال : لأقطعن عنق دابتي أي لأبيعنها ، وأنشد لأعرابي تزوج امرأة وساق إليها مهرها إبلا :


                                                          أقول والعيساء تمشي والفضل     في جلة منها عراميس عطل
                                                          قطعت الأحراح أعناق الإبل



                                                          ابن الأعرابي : الأقطع الأصم ، قال : وأنشدني أبو المكارم :


                                                          إن الأحيمر حين أرجو رفده     غمرا لأقطع سيئ الإصران



                                                          قال : الإصران جمع إصر وهو الخنابة ، وهو سم الأنف . والخنابتان : مجريا النفس من المنخرين . والقطعة في طيء كالعنعنة في تميم ، وهو أن يقول : يا أبا الحكا ، يريد يا أبا الحكم ، فيقطع كلامه . ولبن قاطع أي حامض . وبنو قطيعة : قبيلة حي من العرب ، والنسبة إليهم قطعي . وبنو قطعة : بطن أيضا . قال الأزهري : في آخر هذه الترجمة : كل ما مر في هذا الباب من هذه الألفاظ فالأصل واحد والمعاني متقاربة وإن اختلفت الألفاظ ، وكلام العرب يأخذ بعضه برقاب بعض ، وهذا دليل على أنه أوسع الألسنة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية