الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قفف ]

                                                          قفف : القفة : الزبيل ، والقفة : قرعة يابسة ، وفي المحكم : كهيئة القرعة تتخذ من خوص ونحوه تجعل فيها المرأة قطنها ; وأنشد ابن بري شاهدا على قول الجوهري القفة القرعة اليابسة للراجز :


                                                          رب عجوز رأسها كالقفه تمشي بخف معها هرشفه



                                                          ويروى : كالكفه . ويروى : تحمل خفا ، قال أبو عبيدة : القفعة مثل القفة من الخوص . قال الأزهري : ورأيت الأعراب يقولون : القفعة القفة ، ويجعلون لها معاليق يعلقونها بها من آخرة الرحل ، يلقي الراكب فيها زاده وتمره ، وهي مدورة كالقرعة ، وفي حديث أبي ذر : وضعي قفتك ، القفة : شبه زبيل صغير من خوص ، يجتنى فيه الرطب ، وتضع فيه النساء غزلهن ، ويشبه به الشيخ والعجوز . والقفة : الرجل القصير القليل اللحم ، وقيل : القفة الشيخ الكبير القصير القليل اللحم . الليث : يقال شيخ كالقفة ، وعجوز كالقفة ; وأنشد :


                                                          كل عجوز رأسها كالقفه



                                                          واستقف الشيخ : تقبض وانضم وتشنج . ومنه حديث رقيقة : فأصبحت مذعورة وقد قف جلدي أي تقبض كأنه يبس وتشنج ، وقيل : أرادت قف شعري فقام من الفزع ، ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها - : لقد تكلمت بشيء قف له شعري . والقفة : الشجرة اليابسة البالية ، يقال : كبر حتى صار كأنه قفة . الأزهري : القفة شجرة مستديرة ترتفع عن الأرض قدر شبر وتيبس فيشبه بها الشيخ إذا عسا فيقال : كأنه قفة . وروي عن أبي رجاء العطاردي أنه قال : يأتونني فيحملونني كأنني قفة حتى يضعوني في مقام الإمام ، فأقرأ بهم الثلاثين والأربعين في ركعة ، قال القتيبي : كبر حتى صار كأنه قفة أي شجرة بالية يابسة ، قال الأزهري : وجائز أن يشبه الشيخ بقفة الخوص . وحكى ابن الأثير : القفة الشجرة ، بالفتح ، والقفة : الزبيل ، بالضم . وقفت الأرض تقف قفا وقفوفا : يبس بقلها ، وكذلك قف البقل . والقف والقفيف : ما يبس من البقل وسائر النبت ، وقيل : ما تم يبسه من أحرار البقول وذكورها ، قال :


                                                          صافت يبيسا وقفيفا تلهمه



                                                          وقيل : لا يكون القف إلا من البقل والقفعاء ، واختلفوا في القفعاء ، فبعض يبقلها وبعض يعشبها ، وكل ما يبس فقد قف . وقال الأصمعي : قف العشب إذا اشتد يبسه . يقال : الإبل فيما شاءت من جفيف وقفيف . الأزهري : القف ، بفتح القاف ، ما يبس من البقول وتناثر حبه وورقه ، فالمال يرعاه ويسمن عليه ، يقال له : القف والقفيف والقميم . ويقال للثوب إذا جف بعد الغسل : قد قف قفوفا . أبو حنيفة : أقفت السائمة وجدت المراعي يابسة ، وأقفت عين المريض إقفافا والباكي : ذهب دمعها وارتفع سوادها . وأقفت الدجاجة إقفافا ، وهي مقف : انقطع بيضها ، وقيل : جمعت البيض في بطنها ، وفي التهذيب : أقفت الدجاجة إذا أقطعت وانقطع بيضها . والقفة من الرجال ، بفتح القاف : الصغير الجثة القليل . والقفة : الرعدة ، وعليه قفة أي رعدة وقشعريرة . وقف يقف قفوفا : أرعد واقشعر . وقف شعري أي قام من الفزع . الفراء : قف جلده يقف قفوفا ، يريد : اقشعر ، وأنشد :


                                                          وإني لتعروني لذكراك قفة كما     انتفض العصفور من سبل القطر



                                                          وفي حديث سهل بن حنيف : فأخذته قفقفة أي رعدة . يقال : تقفقف من البرد إذا انضم وارتعد . وقف الشيء : ظهره . والقفة والقف : ما ارتفع من متون الأرض وصلبت حجارته ، وقيل : هو كالغبيط من الأرض ، وقيل : هو ما بين النشزين وهو مكرمة ، وقيل : القف أغلظ من الجرم والحزن ، وقال شمر : القف ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلا . والقفقفة : الرعدة من حمى أو غضب أو نحوه ، وقيل : هي الرعدة مغموما ، وقد تقفقف وقفقف ، قال :


                                                          نعم ضجيع الفتى إذا برد     الليل سحيرا فقفقف الصرد



                                                          وسمع له قفقفة إذا تطهر فسمع لأضراسه تقعقع من البرد . وفي حديث سالم بن عبد الله : فلما خرج من عند هشام أخذته قفقفة ، الليث : القفقفة اضطراب الحنكين واصطكاك الأسنان من الصرد أو من نافض الحمى ، وأنشد ابن بري :


                                                          قفقاف ألحي الواعسات العمه



                                                          الأصمعي : تقفقف من البرد وترفرف بمعنى واحد . ابن شميل : القفة رعدة تأخذ من الحمى ، وقال ابن شميل : القف حجارة غاص بعضها ببعض ، مترادف بعضها إلى بعض حمر لا يخالطها من اللين والسهولة شيء ، وهو جبل غير أنه ليس بطويل في السماء ، فيه إشراف على ما حوله ، وما أشرف منه على الأرض حجارة ، تحت الحجارة أيضا حجارة ، ولا تلقى قفا إلا وفيه حجارة متقلعة عظام مثل الإبل البروك وأعظم ، وصغار ، قال : ورب قف حجارته فنادير أمثال البيوت ، قال : ويكون في القف رياض وقيعان ، فالروضة حينئذ من القف الذي هي فيه ، ولو ذهبت تحفر فيه لغلبتك كثرة حجارتها ، وهي إذا رأيتها رأيتها طينا وهي تنبت وتعشب ، قال : وإنما قف القف حجارته ، قال رؤبة :


                                                          وقف أقفاف ورمل بحون



                                                          قال أبو منصور : وقفاف الصمان على هذه الصفة ، وهي بلاد عريضة واسعة ، فيها رياض وقيعان وسلقان كثيرة ، وإذا أخصبت ربعت العرب جميعا لسعتها وكثرة عشب قيعانها ، وهي من حزون نجد . وفي حديث أبي موسى : دخلت عليه فإذا هو جالس على رأس البئر وقد توسط قفها ، قف البئر : هو الدكة التي تجعل حولها . وأصل القف ما غلظ من الأرض وارتفع ، أو هو من القف اليابس لأن ما ارتفع حول البئر يكون يابسا في الغالب . والقف أيضا : واد من أودية المدينة عليه مال لأهلها ، ومنه حديث معاوية : أعيذك بالله أن تنزل واديا فتدع أوله يرف وآخره يقف أي ييبس ، وقيل : القف آكام [ ص: 163 ] ومخارم وبراق ، وجمعه قفاف وأقفاف ، عن سيبويه ، وقال في باب معدول النسب الذي يجيء على غير قياس : إذا نسبت إلى قفاف قلت قفي ، فإن كان عنى جمع قف فليس من شاذ النسب إلا أن يكون عنى به اسم موضع أو رجل ، فإن ذلك إذا نسبت إليه قلت : قفافي لأنه ليس بجمع ، فيرد إلى واحد للنسب . والقفة ، بالكسر : أول ما يخرج من بطن الصبي حين يولد . الليث : القفة بنة الفأس ، قال الأزهري : بنة الفأس أصلها الذي فيه خرتها الذي يجعل فيه فعالها . والقفة : الأرنب ، عن كراع . وقيس قفة : لقب ، قال سيبويه : لا يكون في قفة التنوين ; لأنك أردت المعرفة التي أردتها حين قلت قيس ، فلو نونت قفة كان الاسم نكرة ، كأنك قلت : قفة معرفة ثم لصقت قيسا إليها بعد تعريفها . والقفان : موضع ، قال البرجمي :


                                                          خرجنا من القفين لا حي مثلنا     بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا



                                                          والقفان : الجماعة . وقفان كل شيء : جماعه . وفي حديث عمر : أن حذيفة - رضي الله عنهما - قال له : إنك تستعين بالرجل الفاجر ! فقال : إني لأستعين بالرجل لقوته ثم أكون على قفانه ، قال أبو عبيد : قفان كل شيء جماعه واستقصاء معرفته ، يقول : أكون على تتبع أمره حتى أستقصي علمه وأعرفه ، قال أبو عبيد : ولا أحسب هذه الكلمة عربية إنما أصلها قبان ، ومنه قولهم : فلان قبان على فلان إذا كان بمنزلة الأمين عليه والرئيس الذي يتتبع أمره ويحاسبه ، ولهذا قيل للميزان الذي يقال له القبان : قبان . قال ابن الأثير : يقال : أتيته على قفان ذلك وقافيته أي على أثره ، وقيل في حديث عمر : إنه يقول : أستعين بالرجل الكافي القوي وإن لم يكن بذلك الثقة ، ثم أكون من ورائه وعلى إثره أتتبع أمره وأبحث عن حاله ، فكفايته لي تنفعني ومراقبتي له تمنعه من الخيانة . وقفان : فعال من قولهم في القفا : القفن ، ومن جعل النون زائدة فهو فعلان ، قال : وذكره الهروي و الأزهري في ( قفف ) ، على أن النون زائدة ، وذكره الجوهري في ( قفن ) ، وقال : القفان القفا والنون زائدة ، وقيل : هو معرب قبان الذي يوزن به . وجاء على قفان ذلك أي على أثره . والقفاف : الذي يسرق الدراهم بين أصابعه ، وقد قف يقف ، وأهل العراق يقولون للسوقي الذي يسرق بكفيه إذا انتقد الدراهم : قفاف . وقد قف منها كذا وكذا درهما ، وقال :


                                                          فقف بكفه سبعين منها     من السود المروقة الصلاب



                                                          وفي الحديث أن بعضهم ضرب مثلا فقال : إن قفافا ذهب إلى صيرفي بدراهم ، القفاف : الذي يسرق الدراهم بكفه عند الانتقاد . يقال : قف فلان درهما . والقفان : القرسطون ، قال ابن الأعرابي : هو عربي صحيح لا وضع له في العجمية ، فعلى هذا تكون فيه النون زائدة لأن ما في آخره نون بعد ألف فإن فعلانا فيه أكثر من فعال . وقدم وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من أنتم ؟ فقالوا : بنو غيان ، فقال : بل بنو رشدان ، فلو تصورت عنده غيان فعالا من الغين ، وهو النو والعطش لقال : بنو رشاد ، فدل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أن فعلانا مما آخره نون أكثر من فعال مما آخره نون . وأما الأصمعي فقال : قفان قبان بالباء التي بين الباء والفاء ، أعربت بإخلاصها فاء ، وقد يجوز إخلاصها باء لأن سيبويه قد أطلق ذلك في الباء التي بين الفاء والباء . وقفقفا الظليم : جناحاه ، وقول ابن أحمر يصف الظليم والبيض :


                                                          فظل يحفهن بقفقفيه     ويلحفهن هفهافا ثخينا



                                                          يصف ظليما حضن بيضه وقفقف عليه بجناحيه عند الحضان ، فيريد أنه يحف بيضه ويجعل جناحيه له كاللحاف ، وهو رقيق مع ثخنه . وقفقفا الطائر : جناحاه . والقفقفان : الفكان . وقفقف النبت وتقفقف وهو قفقاف : يبس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية