الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 177 ] [ قلع ]

                                                          قلع : القلع : انتزاع الشيء من أصله ، قلعه يقلعه قلعا وقلعه واقتلعه وانقلع واقتلع وتقلع ، قال سيبويه : قلعت الشيء حولته من موضعه ، واقتلعته : استلبته . والقلاع والقلاعة والقلاعة بالتشديد والتخفيف : قشر الأرض الذي يرتفع عن الكمأة فيدل عليها وهي القلفعة والقلفعة . والقلاع أيضا : الطين الذي ينشق إذا نضب عنه الماء فكل قطعة منه قلاعة . والقلاع أيضا : الطين اليابس واحدته قلاعة . والقلاعة : المدرة المقتلعة أو الحجر يقتلع من الأرض ويرمى به . ورمي بقلاعة أي بحجة تسكته وهو على المثل . والقلاع : الحجارة . والقلاع : صخور عظام متقلعة ، واحدته قلاعة والحجارة الضخمة هي القلع أيضا . والقلاعة : صخرة عظيمة وسط فضاء سهل . والقلعة : صخرة عظيمة تنقلع عن الجبل صعبة المرتقى ، قال الأزهري : تهال إذا رأيتها ذاهبة في السماء ، وربما كانت كالمسجد الجامع ومثل الدار ومثل البيت منفردة صعبة لا ترتقى . والقلعة : الحصن الممتنع في جبل وجمعها قلاع وقلع وقلع ، قال ابن بري : غير الجوهري يقول القلعة بفتح اللام الحصن في الجبل ، وجمعه قلاع وقلع وقلع . وأقلعوا بهذه البلاد إقلاعا : بنوها فجعلوها كالقلعة ، وقيل : القلعة بسكون اللام حصن مشرف ، وجمعه قلوع . والقلعة بسكون اللام : النخلة التي تجتث من أصلها قلعا أو قطعا ، عن أبي حنيفة . وقلع الوالي قلعا وقلعة فانقلع : عزل . والمقلوع : الأمير المعزول . والدنيا دار قلعة ، أي : انقلاع . ومنزلنا منزل قلعة ، بالضم أي لا نملكه . ومجلس قلعة إذا كان صاحبه يحتاج إلى أن يقوم مرة بعد مرة . وهذا منزل قلعة أي ليس بمستوطن ، ويقال : هم على قلعة أي على رحلة . وفي حديث علي كرم الله وجهه : أحذركم الدنيا فإنها منزل قلعة أي تحول وارتحال . والقلعة من المال : ما لا يدوم . والقلعة أيضا : المال العارية . وفي الحديث : بئس المال القلعة ، قال ابن الأثير : هو العارية لأنه غير ثابت في يد المستعير ومنقلع إلى مالكه . والقلعة أيضا : الرجل الضعيف . وقلع الرجل قلعا وهو قلع وقلع وقلعة وقلاع : لم يثبت في البطش ولا على السرج . والقلع : الذي لا يثبت على الخيل . وفي حديث جرير ، قال : يا رسول الله ، إني رجل قلع فادع الله لي ، قال الهروي : القلع الذي لا يثبت على السرج ، قال : ورواه بعضهم بفتح القاف وكسر اللام بمعناه ، قال : وسماعي القلع . والقلع : مصدر قولك قلع القدم ، بالكسر ، إذا كانت قدمه لا تثبت عند الصراع فهو قلع . والقلع والقلع : الرجل البليد الذي لا يفهم . وشيخ قلع : يتقلع إذا قام عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          إني لأرجو محرزا أن ينفعا إياي لما صرت شيخا قلعا



                                                          وتقلع في مشيته : مشى كأنه ينحدر . وفي الحديث وفي صفته صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا مشى تقلع . وفي حديث ابن أبي هالة : إذا زال زال قلعا ، والمعنى واحد ، قيل : أراد قوة مشيه ، وأنه كان يرفع رجليه من الأرض إذا مشى رفعا بائنا بقوة ، لا كمن يمشي اختيالا وتنعما ويقارب خطاه ، فإن ذلك من مشي النساء ويوصفن به وأما إذا زال زال قلعا فيروى ، بالفتح ، والضم ، فبالفتح هو مصدر بمعنى الفاعل أي يزول قالعا لرجله من الأرض وهو ، بالضم ، إما مصدر أو اسم ، وهو بمعنى الفتح ، وحكى ابن الأثير عن الهروي ، قال : قرأت هذا الحرف في غريب الحديث لابن الأنباري قلعا بفتح القاف وكسر اللام ، قال : وكذلك قرأته بخط الأزهري وهو كما جاء ، وقال الأزهري : يقال هو كقوله : كأنما ينحط في صبب ، وقال ابن الأثير : الانحدار من الصبب والتقلع من الأرض قريب بعضه من بعض ، أراد أنه كان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة . والقلاع والخراع واحد : وهو أن يكون البعير صحيحا فيقع ميتا ، ويقال : انقلع وانخرع . والقلع والقلع : الكنف يكون فيه الأدوات ، وفي المحكم : يكون فيه زاد الراعي وتواديه وأصرته . وفي حديث سعد ، قال : لما نودي ليخرج من في المسجد إلا آل رسول الله وآل علي خرجنا من المسجد نجر قلاعنا أي كنفنا وأمتعتنا ، واحدها قلع ، بالفتح ، وهو الكنف يكون فيه زاد الراعي ومتاعه ، قال أبو محمد الفقعسي :


                                                          يا ليت أني وقشاما نلتقي     وهو على ظهر البعير الأورق
                                                          وأنا فوق ذات غرب خيفق     ثم اتقى وأي عصر يتقي
                                                          بعلبة وقلعه المعلق



                                                          أي : وأي زمان يتقي ، وجمعه : قلعة وقلاع . وفي المثل : شحمتي في قلعي ، يضرب مثلا لمن حصل ما يريد ، وقيل للذئب : ما تقول في غنم فيها غليم ؟ قال : شعراء في إبطي أخاف إحدى حظياته ، قيل : فما تقول في غنم فيها جويرية ؟ فقال : شحمتي في قلعي ، الشعراء : ذباب يلسع ، وحظياته : سهامه تصغير حظوات . والقلع : قطع من السحاب كأنها الجبال ، واحدتها قلعة ، قال ابن أحمر :


                                                          تفقأ فوقه القلع السواري     وجن الخازباز به جنونا

                                                          ، وقيل : القلعة من السحاب التي تأخذ جانب السماء ، وقيل : هي السحابة الضخمة ، ، والجمع من كل ذلك قلع . والقلوع : الناقة الضخمة الجافية ، ولا يوصف به الجمل وهي الدلوح أيضا . والقيلع : المرأة الضخمة الجافية ، قال الأزهري : وهذا كله مأخوذ من القلعة ، وهي السحابة الضخمة ، وكذلك قلعة الجبل والحجارة . والقلع : شراع السفينة ، والجمع قلاع . وفي حديث علي كرم الله وجهه : كأنه قلع داري ، القلع ، بالكسر : شراع السفينة والداري : البحار والملاح ، وقال الأعشى :


                                                          يكب الخلية ذات القلاع     وقد كاد جؤجؤها ينحطم

                                                          وقد يكون القلاع واحدا ، وفي التهذيب : الجمع القلع ، قال ابن سيده : وأرى أن كراعا ا حكى قلع السفينة على مثال قمع . وأقلع السفينة : عمل لها قلاعا أو كساها إياه ، وقيل : المقلعة من السفن العظيمة تشبه بالقلع من الجبال ، قال يصف السفن :


                                                          مواخر في سماء اليم مقلعة     إذا علوا ظهر موج ثمت انحدروا

                                                          [ ص: 178 ] قال الليث : شبهها بالقلعة أقلعت جعلت كأنها قلعة ، قال الأزهري : أخطأ الليث التفسير ولم يصب ، ومعنى السفن المقلعة التي مدت عليها القلاع ، وهي الشراع والجلال التي تسوقها الريح بها ، وقال ابن بري : ليس في قوله مقلعة ما يدل على السير من جهة اللفظ ، إنما يفهم ذلك من فحوى الكلام ؛ لأنه قد أحاط العلم بأن السفينة متى رفع قلعها فإنها سائرة ، فهذا شيء حصل من جهة المعنى لا من جهة أن اللفظ يقتضي ذلك ، وكذلك إذا قلت أقلع أصحاب السفن وأنت تريد أنهم ساروا من موضع متوجهين إلى آخر ، وإنما الأصل فيه أقلعوا سفنهم أي رفعوا قلاعها ، وقد علم أنهم متى رفعوا قلاع سفنهم فإنهم سائرون من ذلك الموضع متوجهون إلى غيره ، وإلا فليس يوجد في اللغة أنه يقال : أقلع الرجل ، إذا سار ، وإنما يقال : أقلع عن الشيء إذا كف عنه . وفي حديث مجاهد في قوله تعالى : وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام هو ما رفع قلعه ، والجواري السفن والمراكب ، وسفن مقلعات ، قال ابن بري : يقال : أقلعت السفينة ، إذا رفعت قلعها عند المسير ، ولا يقال : أقلعت السفينة ; لأن الفعل ليس لها ، وإنما هو لصاحبها . وقوس قلوع : تنفلت في النزع ، فتنقلب أنشد ابن الأعرابي :


                                                          لا كزة السهم ولا قلوع     يدرج تحت عجسها اليربوع



                                                          وفي التهذيب : القلوع القوس التي إذا نزع فيها انقلبت ، قال أبو سعيد : الأغراض التي ترمى أولها غرض المقالعة ، وهو الذي يقرب من الأرض فلا يحتاج الرامي أن يمد به اليد مدا شديدا ، ثم غرض الفقرة . والإقلاع عن الأمر : الكف عنه . يقال : أقلع فلان عما كان عليه أي كف عنه . وفي حديث المزادتين : لقد أقلع عنها أي كف وترك . وأقلع الشيء : انجلى ، وأقلع السحاب كذلك . وفي التنزيل : ويا سماء أقلعي أي أمسكي عن المطر ، وقال خالد بن زهير :


                                                          فأقصر ولم تأخذك مني سحابة     ينفر شاء المقلعين خواتها

                                                          قيل : عنى بالمقلعين الذين لم تصبهم السحابة كذلك فسره السكري ، وأقلعت عنه الحمى كذلك والقلع حين إقلاعها . يقال : تركت فلانا في قلع وقلع من حماه ، يسكن ويحرك أي في إقلاع من حماه . الأصمعي : القلع الوقت الذي تقلع فيه الحمى ، والقلوع اسم من القلاع ، ومنه قول الشاعر :


                                                          كأن نطاة خيبر زودته     بكور الورد ريثة القلوع

                                                          والقلعة : الشقة ، وجمعها : قلع . والقالع : دائرة بمنسج الدابة يتشاءم بها وهو اسم ، قال أبو عبيد : دائرة القالع وهي التي تكون تحت اللبد ، وهي تكره ولا تستحب . وفي الحديث : لا يدخل الجنة قلاع ولا ديبوب ، القلاع : الساعي إلى السلطان بالباطل في حق الناس ، والقلاع : القواد ، والقلاع : النباش ، والقلاع : الكذاب . ابن الأعرابي : القلاع : الذي يقع في الناس عند الأمراء ، سمي قلاعا لأنه يأتي الرجل المتمكن عند الأمير فلا يزال يشي به حتى يقلعه ويزيله عن مرتبته ، كما يقلع النبات من الأرض ونحوه ، ومنه حديث الحجاج : قال لأنس رضي الله عنه : لأقلعنك قلع الصمغة أي لأستأصلنك ، كما يستأصل الصمغة قالعها من الشجرة . والديبوب : النمام القتات . والقلاع بالتخفيف : من أدواء الفم والحلق معروف ، وقيل : هو داء يصيب الصبيان في أفواههم . وبعير مقلوع إذا كان بين يديك قائما فسقط ميتا وهو القلاع ، عن ابن الأعرابي ، وقد انقلع . والقولع : طائر أحمر الرجلين كأن ريشه شيب مصبوغ ، ومنها ما يكون أسود الرأس وسائر خلقه أغبر وهو يوطوط ، حكاها كراع في باب فوعل . والقلعة وقلعة والقليعة كلها : مواضع . وسيف قلعي : منسوب إليه لعتقه . وفي الحديث : سيوفنا قلعية ، قال ابن الأثير : منسوبة إلى القلعة بفتح القاف واللام وهي موضع بالبادية تنسب السيوف إليه ، قال الراجز :


                                                          محارف بالشاء والأباعر     مبارك بالقلعي الباتر



                                                          والقلعي : الرصاص الجيد ، وقيل : هو الشديد البياض . والقلع : اسم المعدن الذي ينسب إليه الرصاص الجيد . والقلعان من بني نمير : صلاءة وشريح ابنا عمر بن خويلفة بن عبد الله بن الحارث بن نمير ، وقال :


                                                          رغبنا عن دماء بني قريع     إلى القلعين إنهما اللباب
                                                          وقلنا للدليل أقم إليهم     فلا تلغى لغيرهم كلاب

                                                          تلغى : تنبح . وقلاع : اسم رجل عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          لبئس ما مارست يا قلاع     جئت به في صدره اختضاع



                                                          ومرج القلعة ، بالتحريك : موضع بالبادية ، وقال الفراء : مرج القلعة بالتحريك القرية التي دون حلوان ، ولا يقال القلعة . ابن الأعرابي : القلاع نبت من الجنبة وهو نعم المرتع رطبا كان أو يابسا . والمقلاع : الذي يرمى به الحجر . والقلاع : الشرطي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية