الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قمح ]

                                                          قمح : القمح : البر حين يجري الدقيق في السنبل ، وقيل : من لدن الإنضاج إلى الاكتناز ، وقد أقمح السنبل . الأزهري : إذا جرى الدقيق في السنبل تقول قد جرى القمح في السنبل وقد أقمح البر ، قال الأزهري : وقد أنضج ونضج . والقمح : لغة شامية وأهل الحجاز قد تكلموا بها . وفي الحديث : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من بر أو صاعا من قمح ، البر والقمح : هما الحنطة ، وأو للشك من الراوي لا للتخيير ، وقد تكرر ذكر القمح في الحديث . والقميحة : الجوارش . والقمح مصدر قمحت السويق . وقمح الشيء والسويق واقتمحه سفه . واقتمحه أيضا : أخذه في راحته فلطعه . والاقتماح : أخذ الشيء في راحتك ثم تقتمحه في فيك ، والاسم القمحة كاللقمة . والقمحة : ما ملأ فمك من الماء . والقميحة : السفوف من السويق وغيره . والقمحة والقمحان والقمحان : الذريرة ، وقيل : الزعفران ، وقيل : الورس ، وقيل : زبد الخمر ، وقيل : طيب ، قال النابغة :


                                                          إذا فضت خواتمه علاه يبيس القمحان من المدام



                                                          يقول : إذا فتح رأس الحب من حباب الخمر العتيقة رأيت عليها بياضا يتغشاها مثل الذريرة ، قال أبو حنيفة : لا أعلم أحدا من الشعراء ذكر القمحان غير النابغة ، قال : وكان النابغة يأتي المدينة وينشد بها الناس ويسمع منهم وكانت بالمدينة جماعة الشعراء ، قال : وهذه رواية البصريين ورواه غيرهم " علاه يبيس القمحان " . وتقمح الشراب : كرهه لإكثار منه أو عيافة له أو قلة ثفل في جوفه أو لمرض . والقامح : الكاره للماء لأية علة كانت . الجوهري : وقمح البعير ، بالفتح ، قموحا وقامح إذا رفع رأسه عند الحوض وامتنع من الشرب فهو بعير قامح . يقال : شرب فتقمح وانقمح بمعنى إذا رفع رأسه وترك الشرب ريا . وقد قامحت إبلك إذا وردت ولم تشرب ورفعت رءوسها من داء يكون بها أو برد ، وهي إبل مقامحة ، أبو زيد : تقمح فلان من الماء إذا شرب الماء وهو متكاره ، وناقة مقامح بغير هاء من إبل قماح على طرح الزائد ، قالبشر بن أبي خازم يذكر سفينة وركبانها :


                                                          ونحن على جوانبها قعود     نغض الطرف كالإبل القماح

                                                          والاسم القماح والقامح . والمقامح أيضا من الإبل : الذي اشتد عطشه حتى فتر لذلك فتورا شديدا . وذكر الأزهري في ترجمة حمم الإبل : إذا أكلت النوى أخذها الحمام والقماح ، فأما القماح فإنه يأخذها السلاح ويذهب طرقها ورسلها ونسلها : وأما الحمام فسيأتي في بابه . وشهرا قماح وقماح : شهرا الكانون ؛ لأنهما يكره فيهما شرب الماء إلا على ثفل ، قال مالك بن خالد الهذلي :


                                                          فتى ما ابن الأغر إذا شتونا     وحب الزاد في شهري قماح



                                                          ويروى : قماح وهما لغتان ، وقيل : سميا بذلك ; لأن الإبل فيهما تقامح عن الماء فلا تشربه ، الأزهري : هما أشد الشتاء بردا سميا شهري قماح لكراهة كل ذي كبد شرب الماء فيهما ، ولأن الإبل لا تشرب فيهما إلا تعذيرا ، قال شمر : يقال لشهري قماح : شيبان وملحان ، قال الجوهري : سميا شهري قماح ; لأن الإبل إذا وردت آذاها برد الماء فقامحت . وبعير مقمح : لا يكاد يرفع بصره . والمقمح : الذليل . وفي التنزيل : فهي إلى الأذقان فهم مقمحون أي خاشعون أذلاء لا يرفعون أبصارهم . والمقمح : الرافع رأسه لا يكاد يضعه فكأنه ضد . والإقماح : رفع الرأس وغض البصر ، يقال : أقمحه الغل إذا ترك رأسه مرفوعا من ضيقه ، قال الأزهري : قال الليث : القامح والمقامح من الإبل الذي اشتد عطشه حتى فتر . وبعير مقمح ، وقد قمح يقمح من شدة العطش قموحا وأقمحه العطش فهو مقمح ، قال الله تعالى : فهي إلى الأذقان فهم مقمحون خاشعون لا يرفعون أبصارهم ، قال الأزهري : كل ما قاله الليث في تفسير القامح والمقامح وفي تفسير قوله عز وجل : فهم مقمحون فهو خطأ ، وأهل العربية والتفسير على غيره . فأما المقامح فإنه روي عن الأصمعي أنه قال : بعير مقامح ، وكذلك الناقة بغير هاء إذا رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب ، قال : وجمعه قماح ; وأنشد بيت بشر يذكر السفينة وركبانها ، وقال أبو عبيد : قمح البعير يقمح قموحا وقمه يقمه قموها إذا رفع رأسه ولم يشرب الماء ، وروي عن الأصمعي أنه قال : التقمح كراهة الشرب ، قال : وأما قوله تعالى : فهم مقمحون فإن سلمة روى عن الفراء أنه قال : المقمح الغاض بصره بعد رفع رأسه ، وقال الزجاج : المقمح الرافع رأسه الغاض بصره . وفي حديث علي كرم الله وجهه ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ستقدم على الله تعالى أنت وشيعتك راضين مرضيين ، ويقدم عليك عدوك غضابا مقمحين ثم جمع يده إلى عنقه يريهم كيف الإقماح ، الإقماح : رفع الرأس وغض البصر . يقال : أقمحه الغل إذا تركه مرفوعا من ضيقه ، وقيل : للكانونين شهرا قماح ; لأن الإبل إذا وردت الماء فيهما ترفع رءوسها لشدة برده ، قال : وقوله : فهي إلى الأذقان هي كناية عن الأيدي لا عن الأعناق ; لأن الغل يجعل اليد تلي الذقن والعنق وهو مقارب للذقن ، قال الأزهري : وأراد عز وجل أن أيديهم لما غلت عند أعناقهم رفعت الأغلال أذقانهم ورءوسهم صعدا كالإبل الرافعة رءوسها ، قال الليث : يقال في مثل : الظمأ القامح خير من الري [ ص: 187 ] الفاضح ، قال الأزهري : وهذا خلاف ما سمعناه من العرب ، والمسموع منهم : الظمأ الفادح خير من الري الفاضح ، ومعناه العطش الشاق خير من ري يفضح صاحبه ، وقال أبو عبيد في قول أم زرع : وعنده أقول فلا أقبح وأشرب فأتقمح أي أروى حتى أدع الشرب ، أرادت أنها تشرب حتى تروى وترفع رأسها ، ويروى بالنون ، قال الأزهري : وأصل التقمح في الماء فاستعارته للبن . أرادت أنها تروى من اللبن حتى ترفع رأسها عن شربه ، كما يفعل البعير إذا كره شرب الماء ، وقال ابن شميل : إن فلانا لقموح للنبيذ أي شروب له ، وإنه لقحوف للنبيذ . وقد قمح الشراب والنبيذ والماء واللبن واقتمحه وهو شربه إياه ، وقمح السويق قمحا ، وأما الخبز والتمر فلا يقال فيهما قمح إنما يقال القمح فيما يسف . وفي الحديث : أنه كان إذا اشتكى تقمح كفا من حبة السوداء . يقال : قمحت السويق ، بكسر الميم ، إذا استففته . والقمحى والقمحاة : الفيشة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية