الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قمر ]

                                                          قمر : القمرة : لون إلى الخضرة ، وقيل : بياض فيه كدرة ، حمار أقمر . والعرب تقول في السماء إذا رأتها : كأنها بطن أتان قمراء أمطر ما يكون . وسنمة قمراء : بيضاء ، قال ابن سيده : أعني بالسنمة أطراف الصليان التي ينسلها أي يلقيها . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال ، فقال : هجان أقمر ، قال ابن قتيبة : الأقمر الأبيض الشديد البياض ، والأنثى قمراء ، ويقال للسحاب الذي يشتد ضوءه لكثرة مائه : سحاب أقمر . وأتان قمراء أي بيضاء . وفي حديث حليمة : ومعنا أتان قمراء ، وقد تكرر ذكر القمرة في الحديث ، ويقال : إذا رأيت السحابة كأنها بطن أتان قمراء فذلك الجود . وليلة قمراء أي مضيئة . وأقمرت ليلتنا : أضاءت . وأقمرنا أي طلع علينا القمر . والقمر : الذي في السماء ، قال ابن سيده : والقمر يكون في الليلة الثالثة من الشهر ، وهو مشتق من القمرة ، والجمع أقمار . وأقمر : صار قمرا ، وربما قالوا : أقمر الليل ولا يكون إلا في الثالثة ، أنشد الفارسي :


                                                          يا حبذا العرصات لي لا في ليال مقمرات

                                                          أبو الهيثم : يسمى القمر لليلتين من أول الشهر هلالا ، ولليلتين من آخره ليلة ست وعشرين وليلة سبع وعشرين هلالا ، ويسمى ما بين ذلك قمرا . الجوهري : القمر بعد ثلاث إلى آخر الشهر يسمى قمرا لبياضه ، وفي كلام بعضهم قمير وهو تصغيره . والقمران : الشمس والقمر ، والقمراء : ضوء القمر ، وليلة مقمرة وليلة قمراء : مقمرة ، قال :


                                                          يا حبذا القمراء والليل الساج     وطرق مثل ملاء النساج



                                                          وحكى ابن الأعرابي : ليل قمراء ، قال ابن سيده : وهو غريب ، قال : وعندي أنه عنى بالليل الليلة أو أنثه على تأنيث الجمع ، قال : ونظيره ما حكاه من قولهم ليل ظلماء ، قال : إلا أن ظلماء أسهل من قمراء ، قال : ولا أدري لأي شيء استسهل ظلماء ، إلا أن يكون سمع العرب تقوله أكثر . وليلة قمرة : قمراء عن ابن الأعرابي ، قال : وقيل لرجل : أي النساء أحب إليك ؟ قال : بيضاء بهترة ، حالية عطرة ، حيية خفرة ، كأنها ليلة قمرة ، قال ابن سيده : وقمرة عندي على النسب . ووجه أقمر : مشبه بالقمر . وأقمر الرجل : ارتقب طلوع القمر ، قال ابن أحمر :


                                                          لا تقمرن على قمر وليلته     لا عن رضاك ولا بالكره مغتصبا



                                                          ابن الأعرابي : يقال للذي قلصت قلفته حتى بدا رأس ذكره : عضه القمر ; وأنشد :


                                                          فداك نكس لا يبض حجره     مخرق العرض جديد ممطره
                                                          في ليل كانون شديد خصره     عض بأطراف الزبانى قمره



                                                          يقول : هو أقلف ليس بمختون إلا ما نقص منه القمر ، وشبه قلفته بالزبانى ، وقيل : معناه أنه ولد والقمر في العقرب فهو مشئوم . والعرب تقول : استرعيت مالي القمر إذا تركته هملا ليلا بلا راع يحفظه ، واسترعيته الشمس إذا أهملته نهارا ، قال طرفة :

                                                          [ ص: 188 ]

                                                          وكان لها جاران قابوس منهما     وبشر ولم أسترعها الشمس والقمر



                                                          أي : لم أهملها ، قال وأراد البعيث هذا المعنى بقوله :


                                                          بحبل أمير المؤمنين سرحتها     وما غرني منها الكواكب والقمر



                                                          وتقمرته : أتيته في القمراء . وتقمر الأسد : خرج يطلب الصيد في القمراء ومنه قول عبد الله بن عثمة الضبي :


                                                          أبلغ عثيمة أن راعي إبله     سقط العشاء به على سرحان
                                                          سقط العشاء به على متقمر     حامي الذمار معاود الأقران



                                                          قال ابن بري : هذا مثل لمن طلب خيرا فوقع في شر ، قال : وأصله أن يكون الرجل في مفازة فيعوي لتجيبه الكلاب بنباحها ، فيعلم إذا نبحته الكلاب أنه موضع الحي فيستضيفهم ، فيسمع الأسد أو الذئب عواءه فيقصد إليه فيأكله ، قال : وقد قيل : إن سرحان هاهنا اسم رجل كان مغيرا فخرج بعض العرب بإبله ليعشيها فهجم عليه سرحان فاستاقها ، قال : فيجب على هذا أن لا ينصرف سرحان للتعريف وزيادة الألف والنون ، قال : والمشهور هو القول الأول . وقمروا الطير : عشوها في الليل بالنار ليصيدوها وهو منه ، وقول الأعشى :


                                                          تقمرها شيخ عشاء فأصبحت     قضاعية تأتي الكواهن ناشصا



                                                          يقول : صادها في القمراء ، وقيل : معناه بصر بها في القمراء ، وقيل : اختدعها كما يختدع الطير ، وقيل : ابتنى عليها في ضوء القمر ، وقال أبو عمرو : تقمرها أتاها في القمراء ، وقال الأصمعي : تقمرها طلب غرتها وخدعها ، وأصله تقمر الصياد الظباء والطير بالليل إذا صادها في ضوء القمر فتقمر أبصارها فتصاد ، وقال أبو زبيد يصف الأسد :


                                                          وراح على آثارهم يتقمر

                                                          أي : يتعاهد غرتهم ، وكأن القمار مأخوذ من الخداع ، يقال : قامره بالخداع فقمره ، قال ابن الأعرابي في بيت الأعشى : تقمرها تزوجها وذهب بها وكان قلبها مع الأعشى فأصبحت وهي قضاعية ، وقال ثعلب : سألت ابن الأعرابي عن معنى قوله : تقمرها ، فقال : وقع عليها وهو ساكت فظنته شيطانا . وسحاب أقمر : ملآن ، قال :


                                                          سقى دارها جون الربابة مخضل     يسح فضيض الماء من قلع قمر



                                                          وقمرت القربة تقمر قمرا إذا دخل الماء بين الأدمة والبشرة فأصابها قضأ وفساد ، وقال ابن سيده : وهو شيء يصيب القربة من القمر كالاحتراق . وقمر السقاء قمرا : بانت أدمته من بشرته . وقمر قمرا : أرق في القمر فلم ينم . وقمرت الإبل : تأخر عشاؤها أو طال في القمر ، والقمر : تحير البصر من الثلج . وقمر الرجل يقمر قمرا : حار بصره في الثلج فلم يبصر . وقمرت الإبل أيضا : رويت من الماء . وقمر الكلأ والماء وغيره : كثر . وماء قمر : كثير عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          في رأسه نطافة ذات أشر     كنطفان الشن في الماء القمر



                                                          وأقمرت الإبل : وقعت في كلأ كثير . وأقمر الثمر إذا تأخر إيناعه ولم ينضج حتى يدركه البرد فتذهب حلاوته وطعمه . وقامر الرجل مقامرة وقمارا : راهنه وهو التقامر . والقمار : المقامرة . وتقامروا : لعبوا القمار . وقميرك : الذي يقامرك ، عن ابن جني ، وجمعه أقمار عنه أيضا ، وهو شاذ كنصير وأنصار ، وقد قمره يقمره قمرا . وفي حديث أبي هريرة : من قال : تعال أقامرك فليتصدق بقدر ما أراد أن يجعله خطرا في القمار . الجوهري : قمرت الرجل أقمره ، بالكسر ، قمرا إذا لاعبته فيه فغلبته ، وقامرته فقمرته أقمره ، بالضم ، قمرا إذا فاخرته فيه فغلبته . وتقمر الرجل : غلب من يقامره . أبو زيد : يقال في مثل : وضعت يدي بين إحدى مقمورتين أي بين إحدى شرتين . والقمراء : طائر صغير من الدخاخيل . التهذيب : القمراء دخلة من الدخل ، والقمري : طائر يشبه الحمام القمر البيض . ابن سيده : القمرية ضرب من الحمام . الجوهري : القمري منسوب إلى طير قمر ، وقمر إما أن يكون جمع أقمر مثل أحمر وحمر ، وإما أن يكون جمع قمري مثل رومي وروم وزنجي وزنج ، قال أبو عامر جد العباس بن مرداس :


                                                          لا نسب اليوم ولا خلة     اتسع الفتق على الراتق
                                                          لا صلح بيني فاعلموه ولا     بينكم ما حملت عاتقي
                                                          سيفي وما كنا بنجد وما     قرقر قمر الواد بالشاهق



                                                          قال ابن بري : سبب هذا الشعر أن النعمان بن المنذر بعث جيشا إلى بني سليم لشيء كان وجد عليهم من أجله ، وكان مقدم الجيش عمرو بن فرتنا فمر الجيش على غطفان فاستجاشوهم على بني سليم ، فهزمت بنو سليم جيش النعمان ، وأسروا عمرو بن فرتنا ، فأرسلت غطفان إلى بني سليم ، وقالوا : ننشدكم بالرحم التي بيننا إلا ما أطلقتم عمرو بن فرتنا ، فقال أبو عامر هذه الأبيات أي لا نسب بيننا وبينكم ولا خلة أي ولا صداقة بعدما أعنتم جيش النعمان ، ولم تراعوا حرمة النسب بيننا وبينكم ، وقد تفاقم الأمر بيننا فلا يرجى صلاحه ، فهو كالفتق الواسع في الثوب يتعب من يروم رتقه ، وقطع همزة اتسع ضرورة وحسن له ذلك كونه في أول النصف الثاني ؛ لأنه بمنزلة ما يبتدأ به ، ويروى البيت الأول : اتسع الحزف على الراقع ، قال : فمن رواه على هذا فهو لأنس بن العباس ، وليس لأبي عامر جد العباس ، قال : والأنثى من القماري قمرية ، والذكر ساق حر ، والجمع قماري غير مصروف ، وقمر . وأقمر البسر : لم ينضج حتى أدركه البرد فلم يكن له حلاوة . وأقمر التمر : ضربه البرد فذهبت حلاوته قبل أن ينضج . ونخلة مقمار : بيضاء البسر . وبنو قمر : بطن من مهرة بن حيدان . وبنو قمير : بطن منهم . وقمار : موضع إليه ينسب العود القماري . وعود قماري : منسوب إلى موضع ببلاد الهند . وقمرة عنز : موضع ، قال الطرماح :


                                                          ونحن حصدنا . . . . صرخد     بقمرة عنز نهشلا أيما حصد



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية