الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7890 ) فصل : وإن عين أضحية ، فذبحها غيره بغير إذنه ، أجزأت عن صاحبها ، ولا ضمان على ذابحها . وبهذا قال أبو حنيفة وقال مالك : هي شاة لحم ، لصاحبها أرشها ، وعليه بدلها ; لأن الذبح عبادة ، فإذا فعلها غير صاحبها عنه بغير إذنه لم تقع الموقع ، كالزكاة . وقال الشافعي : تجزئ عن صاحبها ، وله على ذابحها أرش ما بين قيمتها صحيحة ومذبوحة ; لأن الذبح أحد مقصودي الهدي ، فإذا فعله فاعل بغير إذن المضحي ، ضمنه ، كتفرقة اللحم .

                                                                                                                                            ولنا ، على مالك ، أنه فعل لا يفتقر إلى النية ، فإذا فعله غير الصاحب أجزأ عنه ، كغسل ثوبه من النجاسة . وعن الشافعي ، أنها أضحية أجزأت عن صاحبها ، ووقعت موقعها ، فلم يضمن ذابحها ، كما لو كان بإذن ، ولأنه إراقة دم تعين إراقته لحق الله - تعالى ، فلم يضمن مريقه ، كقاتل المرتد بغير إذن الإمام ، ولأن الأرش لو وجب ، فإنما يجب ما بين كونها مستحقة الذبح في هذه الأيام متعينة له وما بين كونها مذبوحة ، ولا قيمة لهذه الحياة ، ولا تفاوت بين القيمتين ، فتعذر [ ص: 362 ] وجود الأرش ووجوبه ، ولأنه لو وجب الأرش لم يخل إما أن يجب للمضحي ، أو للفقراء ، لا جائز أن يجب للفقراء ; لأنهم إنما يستحقونها مذبوحة ، ولو دفعها إليهم في الحياة لم يجز ، ولا جائز أن يجب له ; لأنه لا يجوز أن يأخذ بدل شيء منها ، كعضو من أعضائها ، ولأنهم وافقونا في أن الأرش لا يدفع إليه ، فيتعذر إيجابه ، لعدم مستحقه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية