الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قور ]

                                                          قور : قار الرجل يقور : مشى على أطراف قدميه ليخفي مشيه ، قال :


                                                          زحفت إليها بعدما كنت مزمعا على صرمها وانسبت بالليل قائرا

                                                          وقار القانص الصيد يقوره قورا : ختله . والقارة : الجبيل الصغير ، وقال اللحياني : هو الجبيل الصغير المنقطع عن الجبال . والقارة : الصخرة السوداء ، وقيل : هي الصخرة العظيمة وهي أصغر من الجبل ، وقيل : هي الجبيل الصغير الأسود المنفرد شبه الأكمة . وفي الحديث : صعد قارة الجبل ، كأنه أراد جبلا صغيرا فوق الجبل ، كما يقال : صعد قنة الجبل ، أي : أعلاه . ابن شميل : القارة جبيل مستدق ملموم طويل في السماء لا يقود في الأرض كأنه جثوة ، وهو عظيم مستدير . والقارة : الأكمة ، قال منظور بن مرثد الأسدي :


                                                          هل تعرف الدار بأعلى ذي القور     قد درست غير رماد مكفور


                                                          مكتئب اللون مروح ممطور     أزمان عيناء سرور المسرور

                                                          قوله : بأعلى ذي القور ، أي : بأعلى المكان الذي بالقور ، وقوله : قد درست غير رماد مكفور ، أي : درست معالم الدار إلا رمادا مكفورا ، وهو الذي سفت عليه الريح التراب فغطاه وكفره ، وقوله : مكتئب اللون يريد أنه يضرب إلى السواد ، كما يكون وجه الكئيب ، ومروح : أصابته الريح ، وممطور : أصابه المطر ، وعيناء مبتدأ وسرور المسرور خبره ، والجملة في موضع خفض بإضافة أزمان إليها ، والمعنى : هل تعرف الدار في الزمان الذي كانت فيه عيناء سرور من رآها وأحبها ؟ والقارة : الحرة وهي أرض ذات حجارة سود ، والجمع : قارات وقار وقور وقيران . وفي الحديث : فله مثل قور حسمى ، وفي قصيد كعب :


                                                          وقد تلفع بالقور العساقيل

                                                          وفي حديث أم زرع : على رأس قور وعث ، قال الليث : القور جمع القارة ، والقيران جمع القارة ، وهي الأصاغر من الجبال والأعاظم من الآكام ، وهي متفرقة خشنة كثيرة الحجارة . ودار قوراء : واسعة الجوف . والقار : القطيع الضخم من الإبل . والقار أيضا : اسم للإبل ، قالالأغلب العجلي :


                                                          ما إن رأينا ملكا أغارا     أكثر منه قرة وقارا
                                                          وفارسا يستلب الهجارا

                                                          القرة والقار : الغنم . والهجار : طوق الملك بلغة حمير ، قال ابن سيده : وهذا كله بالواو ; لأن انقلاب الألف عن الواو عينا أكثر من انقلابها عن الياء . وقار الشيء قورا وقوره : قطع من وسطه خرقا مستديرا . وقور الجيب : فعل به مثل ذلك . الجوهري : قوره واقتوره واقتاره كله بمعنى قطعه . وفي حديث الاستسقاء : فتقور السحاب ، أي : تقطع وتفرق فرقا مستديرة ، ومنه قوارة القميص والجيب والبطيخ . وفي حديث معاوية : في فنائه أعنز درهن غبر يحلبن في مثل قوارة حافر البعير ، أي : ما استدار من باطن حافره ، يعني صغر المحلب وضيقه ، وصفه باللؤم والفقر ، واستعار للبعير حافرا مجازا ، وإنما يقال له : خف . والقوارة : ما قور من الثوب وغيره ، وخص اللحياني به قوارة الأديم . وفي أمثال العرب : قوري والطفي ، إنما يقوله الذي يركب بالظلم ، فيسأل صاحبه فيقول : ارفق أبق أحسن ، التهذيب : قال هذا المثل رجل كان لامرأته خدن ، فطلب إليها أن تتخذ له شراكين من شرج است زوجها ، قال : ففظعت بذلك ، فأبى أن يرضى دون فعل ما سألها ، فنظرت فلم تجد لها وجها ترجو به السبيل إليه إلا بفساد ابن لها ، فعمدت فعصبت على مباله عقبة فأخفتها ، فعسر عليه البول ، فاستغاث بالبكاء ، فسألها أبوه عم أبكاه ، فقالت : أخذه الأسر ، وقد نعت له دواؤه ، فقال : وما هو ؟ فقالت : طريدة تقد له من شرج استك ، فاستعظم ذلك والصبي يتضور ، فلما رأى ذلك بخع لها به ، وقال لها : قوري والطفي ، فقطعت منه طريدة ترضية لخليلها ، ولم تنظر سداد بعلها ، وأطلقت عن الصبي ، وسلمت الطريدة إلى خليلها ، يقال ذلك عند الأمر بالاستبقاء من الغرير أو عند المرزئة في سوء التدبير وطلب ما لا يوصل إليه . وقار المرأة : ختنها ، وهو من ذلك ، قال جرير :


                                                          تفلق عن أنف الفرزدق عارد     له فضلات لم يجد من يقورها

                                                          والقارة : الدبة . والقارة : قوم رماة من العرب . وفي المثل : قد أنصف القارة من راماها . وقارة : قبيلة ، وهم عضل والديش ابنا الهون بن خزيمة من كنانة ، سموا قارة لاجتماعهم والتفافهم لما أراد ابن الشداخ أن يفرقهم في بني كنانة ، قال شاعرهم :


                                                          دعونا قارة لا تنفرونا     فنجفل مثل إجفال الظليم

                                                          وهم رماة . وفي حديث الهجرة : حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة ، وهو سيد القارة ، وفي التهذيب وغيره : وكانوا رماة الحدق في الجاهلية ، وهم اليوم في اليمن ينسبون إلى أسد ، والنسبة إليهم قاري ، وزعموا أن رجلين التقيا : أحدهما قاري والآخر أسدي ، فقال القاري : إن شئت صارعتك ، وإن شئت سابقتك ، وإن شئت راميتك ، فقال : اخترت المراماة ، فقال القاري : قد أنصفتني ; وأنشد :


                                                          قد أنصف القارة من راماها     إنا إذا ما فئة نلقاها
                                                          نرد أولاها على أخراها

                                                          ثم انتزع له سهما فشك فؤاده ، وقيل : القارة في هذا المثل الدبة ، وذكر ابن بري ، قال : قال بعض أهل اللغة : إنما قيل : القارة من راماها ، لحرب كانت بين قريش وبين بكر بن عبد مناة بن كنانة ، قال : وكانت القارة مع قريش ، فلما التقى الفريقان راماهم الآخرون حين رمتهم القارة ، فقيل : قد أنصفكم هؤلاء الذين ساووكم في العمل الذي هو صناعتكم ، وأراد الشداخ أن يفرق القارة في قبائل كنانة فأبوا ، وقيل في مثل : لا يفطن الدب إلا الحجارة . ابن الأعرابي : القير الأسوار من الرماة الحاذق ، من قار يقور ، ويقال : قرت خف البعير قورا واقترته إذا قورته ، وقرت البطيخة قورتها . والقوارة : مشتقة من [ ص: 217 ] قوارة الأديم والقرطاس ، وهو ما قورت من وسطه ورميت ما حواليه ، كقوارة الجيب إذا قورته وقرته . والقوارة أيضا : اسم لما قطعت من جوانب الشيء المقور . وكل شيء قطعت من وسطه خرقا مستديرا فقد قورته . والاقورار : تشنج الجلد وانحناء الصلب هزالا وكبرا . واقور الجلد اقورارا : تشنج ، كما قال رؤبة بن العجاج :


                                                          وانعاج عودي كالشظيف الأخشن     بعد اقورار الجلد والتشنن

                                                          يقال : عجته فانعاج ، أي : عطفته فانعطف . والشظيف من الشجر : الذي لم يجد ريه فصلب وفيه ندوة . والتشنن : هو الإخلاق ، ومنه الشنة : القربة البالية ، وناقة مقورة وقد اقور جلدها وانحنت وهزلت . وفي حديث الصدقة : ولا مقورة الألياط ، الاقورار : الاسترخاء في الجلود ، والألياط : جمع ليط ، وهو قشر العود ، شبهه بالجلد لالتزاقه باللحم ، أراد غير مسترخية الجلود لهزالها . وفي حديث أبي سعيد : كجلد البعير المقور . واقترت حديث القوم إذا بحثت عنه . وتقور الليل إذا تهور ، قال ذو الرمة :


                                                          حتى ترى أعجازه تقور

                                                          أي : تذهب وتدبر . وانقارت الركية انقيارا إذا تهدمت ، قال الأزهري : وهو مأخوذ من قولك : قرته فانقار ، قال الهذلي :


                                                          جاد وعقت مزنه الريح وان     قار به العرض ولم يشمل

                                                          أراد : كأن عرض السحاب انقار ، أي : وقعت منه قطعة لكثرة انصباب الماء ، وأصله من قرت عينه إذا قلعتها . والقور : العور ، وقد قرت فلانا إذا فقأت عينه ، وتقورت الحية إذا تثنت ، قال الشاعر يصف حية :


                                                          تسري إلى الصوت والظلماء داجنة     تقور السيل لاقى الحيد فاطلعا

                                                          وانقارت البئر : انهدمت . ويوم ذي قار : يوم لبني شيبان ، وكان أبرويز أغزاهم جيشا ، فظفرت بنو شيبان ، وهو أول يوم انتصرت فيه العرب من العجم . وفلان ابن عبد القاري : منسوب إلى القارة ، وعبد منون ، ولا يضاف . والاقورار : الضمر والتغير ، وهو أيضا السمن ضد ، قال :


                                                          قربن مقورا كأن وضينه     بنيق إذا ما رامه العقر أحجما

                                                          والقور : الحبل الجيد الحديث من القطن ، حكاه أبو حنيفة ، وقال مرة : هو من القطن ما زرع من عامه . ولقيت منه الأقورين والأمرين والبرحين والأقوريات : وهي الدواهي العظام ، قال نهار بن توسعة :


                                                          وكنا قبل ملك بني سليم     نسومهم الدواهي الأقورينا

                                                          والقور : التراب المجتمع . وقوران : موضع . الليث : القارية طائر من السودانيات أكثر ما تأكل العنب والزيتون ، وجمعها : قواري ، سميت قارية لسوادها ، قال أبو منصور : هذا غلط لو كان كما قال : سميت قارية لسوادها تشبيها بالقار ، لقيل : قارية بتشديد الياء ، كما قالوا : عارية من أعار يعير ، وهي عند العرب قارية بتخفيف الياء . وروي عن الكسائي : القارية طير خضر ، وهي التي تدعى القوارير ، قال : والقري أول طير قطوعا خضر سود المناقير طوالها أضخم من الخطاف وروى أبو حاتم عن الأصمعي : القارية طير أخضر وليس بالطائر الذي نعرف نحن ، وقال ابن الأعرابي : القارية طائر مشئوم عند العرب ، وهو الشقراق . واقورت الأرض اقورارا إذا ذهب نباتها . وجاءت الإبل مقورة ، أي : شاسفة ; وأنشد :


                                                          ثم قفلن قفلا مقورا

                                                          قفلن ، أي : ضمرن ويبسن ، قال أبو وجزة يصف ناقة قد ضمرت :


                                                          كأنما اقور في أنساعها لهق     مرمع بسواد الليل مكحول

                                                          والمقور أيضا من الخيل : الضامر ، قال بشر :


                                                          يضمر بالأصائل فهو نهد     أقب مقلص فيه اقورار



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية