الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قوس ]

                                                          قوس : القوس : معروفة عجمية وعربية . الجوهري : القوس يذكر ويؤنث ، فمن أنث قال في تصغيرها : قويسة ، ومن ذكر قال : قويس . وفي المثل : هو من خير قويس سهما . ابن سيده : القوس التي يرمى عنها ، أنثى ، وتصغيرها : قويس بغير هاء ، شذت عن القياس ولها نظائر قد حكاها سيبويه ، والجمع : أقوس وأقواس وأقياس على المعاقبة ، حكاها يعقوب ، وقياس ، وقسي وقسي ، كلاهما على القلب عن قووس ، وإن كان قووس لم يستعمل ، استغنوا بقسي عنه فلم يأت إلا مقلوبا . وقسي قال ابن جني : وفيه صنعة ، قال أبو عبيد : جمع القوس : قياس ، قال القلاخ بن حزن :


                                                          ووتر الأساور القياسا صغدية تنتزع الأنفاسا

                                                          الأساور : جمع أسوار ، وهو المقدم من أساورة الفرس . والصغد : [ ص: 218 ] جيل من العجم ، ويقال : إنه اسم بلد . وقولهم في جمع القوس : قياس أقيس ، من قول من يقول : قسي ; لأن أصلها قوس ، فالواو منها قبل السين ، وإنما حولت الواو ياء لكسرة ما قبلها ، فإذا قلت في جمع القوس : قسي أخرت الواو بعد السين ، قال : فالقياس جمع القوس أحسن من القسي ، وقال الأصمعي : من القياس الفجاء . الجوهري : وكان أصل قسي : قووس ; لأنه فعول ، إلا أنهم قدموا اللام وصيروه قسو على فلوع ، ثم قلبوا الواو ياء وكسروا القاف كما كسروا عين عصي ، فصارت : قسي على فليع ، كانت من ذوات الثلاثة فصارت من ذوات الأربعة ، وإذا نسبت إليها قلت : قسوي ; لأنها فلوع مغير من فعول ، فتردها إلى الأصل ، وربما سموا الذراع قوسا . ورجل متقوس قوسه ، أي : معه قوس . والمقوس ، بالكسر : وعاء القوس . ابن سيده : وقاوسني فقسته ، عن اللحياني ، لم يزد على ذلك ، قال : وأراه أراد حاسنني بقوسه ، فكنت أحسن قوسا منه ، كما تقول : كارمني فكرمته ، وشاعرني فشعرته ، وفاخرني ففخرته ، إلا أن مثل هذا إنما هو في الأعراض نحو الكرم والفخر ، وهو في الجواهر كالقوس ونحوها قليل ، قال وقد عمل سيبويه في هذا بابا فلم يذكر فيه شيئا من الجواهر . وقوس قزح : الخط المنعطف في السماء على شكل القوس ، ولا يفصل من الإضافة ، وقيل : إنما هو قوس الله ; لأن قزح اسم شيطان . وقوس الرجل : ما انحنى من ظهره ، هذه عن ابن الأعرابي ، قال : أراه على التشبيه . وتقوس قوسه : احتملها . وتقوس الشيء واستقوس : انعطف . ورجل أقوس ومتقوس ومقوس : منعطف ، قال الراجز :


                                                          مقوسا قد ذرئت مجاليه

                                                          واستعاره بعض الرجاز لليوم ، فقال :


                                                          إني إذا وجه الشريب نكسا     وآض يوم الورد أجنا أقوسا
                                                          أوصي بأولى إبلي أن تحبسا

                                                          وشيخ أقوس : منحني الظهر . وقد قوس الشيخ تقويسا ، أي : انحنى ، واستقوس مثله وتقوس ظهره ، قال امرؤ القيس :


                                                          أراهن لا يحببن من قل ماله     ولا من رأين الشيب فيه وقوسا

                                                          وحاجب مقوس : على التشبيه بالقوس . وحاجب مستقوس ونؤي مستقوس إذا صار مثل القوس ، ونحو ذلك مما ينعطف انعطاف القوس ، قال ذو الرمة :


                                                          ومستقوس قد ثلم السيل جدره     شبيه بأعضاد الخبيط المهدم

                                                          ورجل قواس وقياس : للذي يبري القياس ، قال : وهذا على المعاقبة . والقوس : القليل من التمر يبقى في أسفل الجلة ، مؤنث أيضا ، وقيل : الكتلة من التمر ، والجمع كالجمع ، يقال : ما بقي إلا قوس في أسفلها . ويروى عن عمرو بن معديكرب أنه قال : تضيفت خالد بن الوليد ، وفي رواية : تضيفت بني فلان فأتوني بثور وقوس وكعب ، فالقوس : الشيء من التمر يبقى في أسفل الجلة ، والكعب : الشيء المجموع من السمن يبقى في النحي ، والثور : القطعة من الأقط . وفي حديث وفد عبد القيس : قالوا لرجل منهم : أطعمنا من بقية القوس الذي في نوطك . وقوسى : اسم موضع . والقوس بضم القاف : رأس الصومعة ، وقيل : هو موضع الراهب ، وقيل : صومعة الراهب ، وقيل : هو الراهب بعينه ، قال جرير وذكر امرأة :


                                                          لا وصل إذ صرفت هند ولو وقفت     لاستفتنتني وذا المسحين في القوس
                                                          قد كنت تربا لنا يا هند فاعتبري     ماذا يريبك من شيبي وتقويسي

                                                          أي : قد كنت تربا من أترابي وشبت ، كما شبت فما بالك يريبك شيبي ولا يريبني شيبك ؟ ابن الأعرابي : القوس بيت الصائد . والقوس أيضا : زجر الكلب إذا خسأته قلت له : قوس قوس ، قال : فإذا دعوته قلت له : قس قس ، وقوقس إذا أشلى الكلب . والقوس : الزمان الصعب ، يقال : زمان أقوس وقوس وقوسي إذا كان صعبا . والأقوس من الرمل : المشرف كالإطار ، قال الراجز :


                                                          أثنى ثناء من بعيد المحدس     مشهورة تجتاز جوز الأقوس

                                                          أي : تقطع وسط الرمل . وجوز كل شيء : وسطه ، والقوس : برج في السماء . وقست الشيء بغيره وعلى غيره أقيس قيسا وقياسا فانقاس إذا قدرته على مثاله ، وفيه لغة أخرى : قسته أقوسه قوسا وقياسا ، ولا تقل : أقسته ، والمقدار مقياس . ابن سيده : قست الشيء قسته ، وأهل المدينة يقولون : لا يجوز هذا في القوس ، يريدون : القياس . وقايست بين الأمرين مقايسة وقياسا ، ويقال : قايست فلانا إذا جاريته في القياس . وهو يقتاس الشيء بغيره ، أي : يقيسه به ، ويقتاس بأبيه اقتياسا ، أي : يسلك سبيله ويقتدي به . والمقوس : الحبل الذي تصف عليه الخيل عند السباق ، وجمعه : مقاوس ، ويقال المقبض أيضا ، قال أبو العيال الهذلي :


                                                          إن البلاء لدى المقاوس مخرج     ما كان من غيب ورجم ظنون

                                                          قال ابن الأعرابي : الفرس يجري بعتقه وعرقه ، فإذا وضع في المقوس جرى بجد صاحبه . الليث : قام فلان على مقوس ، أي : على حفاظ . وليل أقوس : شديد الظلمة ، عن ثعلب ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          يكون من ليلي وليل كهمس     وليل سلمان الغسي الأقوس
                                                          واللامعات بالنشوع النوس

                                                          وقوست السحابة : تفجرت ؛ عنه أيضا ; وأنشد :


                                                          سلبت حمياها فعادت لنجرها     وآلت كمزن قوست بعيون

                                                          أي : تفجرت بعيون من المطر . وروى المنذر عن أبي الهيثم أنه قال : يقال إن الأرنب قالت : لا يدريني إلا الأجنى الأقوس الذي يبدرني ولا ييأس ، قوله : لا يدريني ، أي : لا يختلني . والأجنى الأقوس : الممارس الداهية من الرجال . يقال : إنه لأجنى أقوس إذا كان كذلك ، [ ص: 219 ] وبعضهم يقول : أحوى أقوس ، يريدون بالأحوى الألوى ، وحويت ولويت واحد ; وأنشد :


                                                          ولا يزال وهو أجنى أقوس     يأكل أو يحسو دما ويلحس



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية