الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قيل ]

                                                          قيل : القائلة : الظهيرة . يقال : أتانا عند القائلة ، وقد تكون بمعنى القيلولة أيضا وهي النوم في الظهيرة . المحكم : القائلة نصف النهار . الليث : القيلولة نومة نصف النهار وهي القائلة ، قال يقيل وقد قال القوم قيلا وقائلة وقيلولة ومقالا ومقيلا ، الأخيرة عن سيبويه . والمقيل أيضا : الموضع . ابن بري : وقد جاء المقال لموضع القيلولة ، قال الشاعر :


                                                          فما إن يرعوين لمحل سبت وما إن يرعوين على مقال

                                                          وقالت قريش لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن فتح الله عليه الفتوح : [ ص: 237 ] إنا لأكرم مقاما وأحسن مقيلا ، فأنزل الله تعالى : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ، قال الفراء : قال بعض المحدثين يروى أنه يفرغ من حساب الناس في نصف ذلك اليوم ، فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، فذلك قوله تعالى : خير مستقرا وأحسن مقيلا ، قال : وأهل الكلام إذا اجتمع لهم أحمق وعاقل لم يستجيزوا أن يقولوا : هذا أحمق الرجلين ولا أعقل الرجلين ، ويقولون : لا تقول : هذا أعقل الرجلين ، إلا لعاقل يفضل على صاحبه ، قال الفراء : وقد قال الله عز وجل : خير مستقرا فجعل أهل الجنة خيرا مستقرا من أهل النار ، وليس في مستقر أهل النار شيء من الخير ، فاعرف ذلك من خطئهم ، وقال أبو طالب : إنما جاز ذلك لأنه موضع ، فيقال : هذا الموضع خير من ذلك الموضع ، وإذا كان نعتا لم يستقم أن يكون نعت واحد لاثنين مختلفين ، قال الأزهري : ونحو ذلك قال الزجاج : وقال : يفرق بين المنازل والنعوت ، قال أبو منصور : والقيلولة عند العرب والمقيل الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر وإن لم يكن مع ذلك نوم ، والدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها . وروي في الحديث : قيلوا فإن الشياطين لا تقيل . وفي الحديث : كان لا يقيل مالا ولا يبيته ، أي : كان لا يمسك من المال ما جاءه صباحا إلى وقت القائلة وما جاءه مساء لا يمسكه إلى الصباح . والمقيل والقيلولة : الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم ، يقال : قال يقيل قيلولة فهو قائل . ومنه حديث زيد بن عمرو بن نفيل : ما مهاجر كمن قال ، وفي رواية : ما مهجر ، أي : ليس من هاجر عن وطنه أو خرج في الهاجرة كمن سكن في بيته عند القائلة وأقام به ، وفي حديث أم معبد :


                                                          رفيقين قالا خيمتي أم معبد

                                                          أي : نزلا فيها عند القائلة إلا أنه عداه بغير حرف جر . وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بتعهن وهو قائل السقيا ، تعهن والسقيا : موضعان بين مكة والمدينة ، أي : أنه يكون بالسقيا وقت القائلة ، أو هو من القول ، أي : يذكر أنه يكون بالسقيا ، ومنه حديث الجنائز : هذه فلانة ماتت ظهرا وأنت صائم قائل ، أي : ساكن في البيت عند القائلة ، وفي شعر ابن رواحة :


                                                          اليوم نضربكم على تنزيله     ضربا يزيل الهام عن مقيله

                                                          الهام : جمع هامة وهي أعلى الرأس ، ومقيله : موضعه مستعار من موضع القائلة ، وسكون الباء من نضربكم من جائزات الشعر وموضعها الرفع . وتقيلوا : ناموا في القائلة ، قال سيبويه : ولا يقال : ما أقيله ، استغنوا عنه بما أنومه ، كما قالوا : تركت ، ولم يقولوا ، ودعت ، لا لعلة . ورجل قائل ، والجمع قيل بالتشديد وقيال ، والقيل اسم للجمع كالشرب والصحب والسفر ، قال :


                                                          إن قال قيل لم أقل في القيل

                                                          فجاء بالجمعين ، وقيل : هو جمع قائل . وما أكلأ قائلته ، أي : نومه ، فأما قول العجاج :


                                                          إذا بدا دهانج ذو أعدال

                                                          فقد يكون على الفعل الذي هو قال كضراب وشتام ، وقد يكون على النسب ، كما قالوا : نبال ، لصاحب النبل . وشربت الإبل قائلة ، أي : في القائلة ، كقولك : شربت ظاهرة ، أي : في الظهيرة . وقد يكون ( قائلة ) هنا مصدرا كالعافية . وأقالها هو وقيلها : أوردها ذلك الوقت . واقتال : شرب نصف النهار . والقيل : اللبن الذي يشرب نصف النهار وقت القائلة ، وقوله :


                                                          وكيف لا أبكي على علاتي     صبائحي غبائقي قيلاتي

                                                          عنى به ذوات قيلاتي ، فقيلات على هذا جمع قيلة التي هي المرة الواحدة من القيل ، الأزهري : أنشدني أعرابي :


                                                          مالي لا أسقي حبيباتي     وهن يوم الورد أمهاتي
                                                          صبائحي غبائقي قيلاتي

                                                          أراد بحبيباته إبله التي يسقيها ويشرب ألبانها جعلهن كأمهاته . والقيول : كالقيل اسم كالصبوح والغبوق ، وقيل الرجل : سقاه القيل . وتقيل هو القيل : شربه أنشد ثعلب :


                                                          ولقد تقيل صاحبي من لقحة     لبنا يحل ولحمها لا يطعم

                                                          الجوهري : يقال قيله فتقيل ، أي : سقاه نصف النهار فشرب ، قال الراجز :


                                                          يا رب مهر مزعوق     مقيل أو مغبوق
                                                          من لبن الدهم الروق

                                                          ويقال : هو شروب للقيل إذا كان مهيافا دقيق الخصر يحتاج إلى شرب نصف النهار ، وقال يقيل قيلا إذا شرب نصف النهار وتقيل أيضا . وحكى ابن درستويه اقتال ووزنه افتعل . وقد تقدم في ترجمة ( قول ) . واقتلت اقتيالا إذا شربت القيل . التهذيب : القيل شرب نصف النهار ; وأنشد :


                                                          يسقين رفها بالنهار والليل     من الصبوح والغبوق والقيل

                                                          جعل القيل هاهنا شربة نصف النهار ، وقالت أم تأبط شرا : ما سقيته غيلا ولا حرمته قيلا . وفي حديث خزيمة : وأكتفي من حمله بالقيلة ، القيلة والقيل : شرب نصف النهار ، يعني أنه يكتفي بتلك الشربة لا يحتاج إلى حملها للخصب والسعة . وتقيل الناقة : حلبها عند القائلة ، ، تقول : هذه قيلي وقيلتي . وفي ترجمة ( صبح ) : والقيل والقيلة الناقة التي تحلب في ذلك الوقت ، قال الأزهري : سمعت العرب تقول للناقة التي يشربون لبنها نصف النهار : قيلة ، وهن قيلاتي للقاح التي يحتلبونها وقت القائلة . والمقيل : محلب ضخم يحلب فيه في القائلة ، عن الهجري ; وأنشد :


                                                          عنز من السك ضبوب قنفل     تكاد من غزر تدق المقيل

                                                          وقاله البيع قيلا وأقاله إقالة ، وحكى اللحياني أن قلته لغة ضعيفة . واستقالني : طلب إلي أن أقيله . وتقايل البيعان : تفاسخا صفقتهما . وتركتهما يتقايلان البيع ، أي : يستقيل كل واحد منهما صاحبه . وقد تقايلا بعدما تبايعا ، أي : تتاركا . وأقلته البيع إقالة : وهو فسخه ، قال : وربما قالوا : قلته البيع فأقالني إياه . وفي الحديث : من أقال نادما أقاله الله من [ ص: 238 ] نار جهنم . وفي رواية : أقاله الله عثرته ، أي : وافقه على نقض البيع وأجابه إليه . يقال : أقاله يقيله إقالة . وتقايلا إذا فسخا البيع وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما ، قال : وتكون الإقالة في البيعة والعهد . وفي حديث ابن الزبير : لما قتل عثمان قلت : لا أستقيلها أبدا ، أي : لا أقيل هذه العثرة ولا أنساها . والاستقالة : طلب الإقالة . وتقيل الماء في المكان المنخفض : اجتمع .أبو زيد : يقال تقيل فلان أباه وتقيضه تقيلا وتقيضا إذا نزع إليه في الشبه ، ويقال : أقال الله فلانا عثرته بمعنى الصفح عنه . وفي الحديث : أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم وأقال الله عثرتك وأقالكها . والقيل : الملك من ملوك حمير يتقيل من قبله من ملوكهم يشبهه ، وجمعه أقيال وقيول ، ومنه الحديث : إلى قيل ذي رعين ، أي : ملكها ، وهي قبيلة من اليمن تنسب إلى ذي رعين ، وهو من أذواء اليمن وملوكها ، وقال ثعلب : الأقيال الملوك من غير أن يخص بها ملوك حمير . واقتال شيئا بشيء : بدله عن الزجاجي . ابن الأعرابي : يقال أدخل بعيرك السوق واقتل به غيره ، أي : استبدل به ; وأنشد :


                                                          واقتلت بالجدة لونا أطحلا

                                                          أي : استبدلت ; وأنشد ابن بري في ترجمة ( قول ) :


                                                          ورد هموم طرقت بالبلبال     وظلم ساع وأمير مقتال

                                                          أي : مختار قد جعل بدلا من غيره ، قال أبو منصور : والمقايلة والمقايضة المبادلة يقال : قايضه وقايله إذا بادله . والقيلة والقيلة : الأدرة . وفي حديث أهل البيت : ولا حامل القيلة ، القيلة بالكسر : الأدرة ، وهو انتفاخ الخصية . ورماه الله بقيلة مكسورة ، أي : الأدر ، وقيل : اسم رجل من عاد ، وقيل : وافد عاد . وقيلة : موضع . وقيلة : أم الأوس والخزرج . وفي حديث سلمان : ابني قيلة ، يريد الأوس والخزرج قبيلتي الأنصار . وقيلة : اسم أم لهم قديمة ، وهي قيلة بنت كاهل . وقيال بكسر القاف : اسم جبل بالبادية عال .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية