الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كبب

                                                          كبب : كب الشيء يكبه ، وكبكبه : قلبه . وكب الرجل إناءه يكبه كبا ، وحكى ابن الأعرابي أكبه ; وأنشد :


                                                          يا صاحب القعو المكب المدبر إن تمنعي قعوك أمنع محوري



                                                          وكبه لوجهه فانكب أي صرعه . وأكب هو على وجهه . وهذا من النوادر أن يقال : أفعلت أنا ، وفعلت غيري . يقال : كب الله عدو المسلمين ، ولا يقال أكب . وفي حديث ابن زمل : فأكبوا رواحلهم على الطريق ، هكذا الرواية ; قيل والصواب : كبوا أي ألزموها الطريق . يقال : كببته فأكب ، وأكب الرجل يكب على عمل عمله إذا لزمه ; وقيل : هو من باب حذف الجار ، وإيصال الفعل ، فالمعنى : جعلوها مكبة على قطع الطريق أي لازمة له غير عادلة عنه . وكببت القصعة : قلبتها على وجهها ، وطعنه فكبه لوجهه كذلك ; قال أبو النجم :


                                                          فكبه بالرمح في دمائه



                                                          وفي حديث معاوية : إنكم لتقلبون حولا قلبا إن وقي كبة النار ; الكبة بالفتح : شدة الشيء ومعظمه . وكبة النار : صدمتها . وأكب على الشيء : أقبل عليه يفعله ; ولزمه ; وانكب بمعنى ; قال لبيد :


                                                          جنوح الهالكي على يديه     مكبا ، يجتلي نقب النصال



                                                          وأكب فلان على فلان يطالبه . والفرس يكب الحمار إذا ألقاه على وجهه ; وأنشد :


                                                          فهو يكب العيط منها للذقن



                                                          والفارس يكب الوحش إذا طعنها فألقاها على وجوهها . وكب فلان البعير إذا عقره ; قال :


                                                          يكبون العشار لمن أتاهم     إذا لم تسكت المائة الوليدا



                                                          أي يعقرونها . وأكب الرجل يكب إكبابا إذا ما نكس . وأكب على الشيء : أقبل عليه ولزمه . وأكب للشيء : تجانأ . ورجل مكب ومكباب : كثير النظر إلى الأرض . وفي التنزيل العزيز : أفمن يمشي مكبا على وجهه . وكبكبه أي كبه ، وفي التنزيل العزيز : فكبكبوا فيها . والكبة ، بالضم : جماعة الخيل ، وكذلك الكبكبة . وكبة الخيل : معظمها ، عن ثعلب . وقال أبو رياش : الكبة إفلات الخيل ، وهي على المقوس للجري أو للحملة . والكبة ، بالفتح : الحملة في الحرب ، والدفعة في القتال ، والجري وشدته ; وأنشد :


                                                          ثار غبار الكبة المائر



                                                          ومن كلام بعضهم لبعض الملوك : طعنته في الكبة ، طعنة في السبة ، فأخرجتها من اللبة . والكبكبة : كالكبة . ورماهم بكبته أي بجماعته ونفسه وثقله . وكبة الشتاء : شدته ودفعته . والكبة : الزحام . وفي حديث أبي قتادة : فلما رأى الناس الميضأة تكابوا عليها أي ازدحموا ، وهي تفاعلوا من الكبة ، بالضم ، وهي الجماعة من الناس وغيرهم . وفي حديث ابن مسعود : أنه رأى جماعة ذهبت فرجعت ، فقال : إياكم وكبة السوق فإنها كبة الشيطان أي جماعة السوق . والكب : الشيء المجتمع من تراب وغيره . وكبة الغزل ما جمع منه ، مشتق من ذلك . الصحاح : الكبة الجروهق من الغزل ، تقول منه : كببت الغزل أي جعلته كببا . ابن سيده : كب الغزل : جعله كبة . والكبة : الإبل العظيمة . وفي المثل : إنك لكالبائع الكبة بالهبة ; الهبة : الريح . ومنهم من رواه : لكالبائع الكبة بالهبة ; بتخفيف الباءين من الكلمتين ; جعل الكبة من الكابي ، والهبة من الهابي . قال الأزهري : وهكذا قال أبو زيد في هذا المثل ، شدد الباءين من الكبة والهبة ; قال : ويقال عليه كبة وبقرة أي عليه عيال . ونعم كباب إذا ركب بعضه بعضا من كثرته ; قال الفرزدق :


                                                          كباب من الأخطار كان مراحه     عليها ، فأودى الظلف منه وجامله



                                                          والكباب : الكثير من الإبل ، والغنم ونحوهما ; وقد يوصف به فيقال : نعم كباب . وتكببت الإبل إذا صرعت من داء أو هزال . والكباب التراب ; والكباب : الطين اللازب ; والكباب : الثرى ; والكباب بالضم : ما تكبب من الرمل أي تجعد لرطوبته ; قال ذو الرمة يصف ثورا حفر أصل أرطاة ليكنس فيه من الحر :


                                                          توخاه بالأظلاف ، حتى كأنما     يثرن الكباب الجعد عن متن محمل


                                                          هكذا أورده الجوهري يثرن ; قال ابن بري : وصواب إنشاده : يثير أي [ ص: 8 ] توخى الكناس يحفره بأظلافه . والمحمل : محمل السيف ، شبه عرق الأرطى به . ويقال : تكبب الرمل إذا ندي فتعقد ، ومنه سميت كبة الغزل . والكباب : الثرى الندي ، والجعد الكثير الذي قد لزم بعضه بعضا ; وقال أمية يذكر حمامة نوح :


                                                          فجاءت بعدما ركضت بقطف     عليه الثأط والطين الكباب



                                                          والكباب : الطباهجة ، والفعل التكبيب ، وتفسير الطباهجة مذكور في موضعه . وكب الكباب : عمله . والكب : ضرب من الحمض ، يصلح ورقه لأذناب الخيل ، يحسنها ويطولها ، وله كعوب وشوك مثل السلج ، ينبت فيما رق من الأرض وسهل ، واحدته : كبة ; وقيل هو من نجيل العلاة ; وقيل : هو شجر . ابن الأعرابي : من الحمض النجيل والكب وأنشد :


                                                          يا إبل السعدي ! لا تأتبي     لنجل القاحة ، بعد الكب



                                                          أبو عمرو : كب الرجل إذا أوقد الكب ، وهو شجر جيد الوقود ، والواحدة كبة . وكب إذا قلب . وكب إذا ثقل . وألقى عليه كبته أي ثقله . قال : والمكببة حنطة غبراء ، وسنبلها غليظ ، أمثال العصافير وتبنها غليظ لا تنشط له الأكلة . والكبة : الجماعة من الناس ; قال أبو زبيد :


                                                          وصاح من صاح في الإحلاب وانبعثت     وعاث في كبة الوعواع والعير



                                                          وقال آخر :


                                                          تعلم أن محملنا ثقيل     وأن ذياد كبتنا شديد



                                                          والكبكب والكبكبة : كالكبة . وفي الحديث : كبكبة من بني إسرائيل أي جماعة . والكبابة : دواء . والكبكبة : الرمي في الهوة ، وقد كبكبه . وفي التنزيل العزيز : فكبكبوا فيها هم والغاوون ; قال الليث : أي دهوروا ، وجمعوا ثم رمي بهم في هوة النار ; وقال الزجاج كبكبوا طرح بعضهم على بعض ; وقال أهل اللغة : معناه دهوروا وحقيقة ذلك في اللغة تكرير الانكباب ، كأنه إذا ألقي ينكب مرة بعد مرة ، حتى يستقر فيها ، نستجير بالله منها ; وقيل قوله : فكبكبوا فيها أي جمعوا ، مأخوذ من الكبكبة . وكبكب الشيء : قلب بعضه على بعض . ورجل كباكب : مجتمع الخلق . ورجل كبكب : مجتمع الخلق شديد ; ونعم كباكب : كثير . وجاء متكبكبا في ثيابه أي متزملا . وكبكب : اسم جبل بمكة ، ولم يقيده في الصحاح بمكان ; قال الشاعر :


                                                          يكن ما أساء النار في رأس كبكبا



                                                          وقيل : هو ثنية ; وقد صرفه امرؤ القيس في قوله :


                                                          غداة غدوا فسالك بطن نخلة     وآخر منهم جازع نجد كبكب



                                                          وترك الأعشى صرفه في قوله :


                                                          ومن يغترب عن قومه لا يزل     يرى مصارع مظلوم مجرا ومسحبا
                                                          وتدفن منه الصالحات ، وإن يسئ     يكن ما أساء النار في رأس كبكبا



                                                          ويقال للجارية السمينة : كبكابة وبكباكة . وكباب وكباب وكباب : اسم ماء بعينه ; قال الراعي :


                                                          قام السقاة فناطوها إلى خشب     على كباب ، وحوم حامس برد

                                                          وقيل : كباب اسم بئر بعينها . و قيس كبة : قبيلة من بني بجيلة ; قال الراعي يهجوهم :


                                                          قبيلة من قيس كبة ساقها     إلى أهل نجد ، لؤمها وافتقارها



                                                          وفي النوادر : كمهلت المال كمهلة ، وحبكرته حبكرة ، ودبكلته دبكلة ، وحبحبته حبحبة ، وزمزمته زمزمة ، وصرصرته صرصرة ، وكركرته إذا جمعته ، ورددت أطراف ما انتشر منه ; وكذلك كبكبته .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية