الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كرس

                                                          كرس : تكرس الشيء وتكارس : تراكم وتلازب . وتكرس أس البناء : صلب واشتد . والكرس : الصاروج . والكرس ، بالكسر : أبوال الإبل والغنم وأبعارها يتلبد بعضها على بعض في الدار ، والدمن ما سودوا من آثار البعر وغيره . ويقال : أكرست الدار . والكرس : كرس البناء ، وكرس الحوض : حيث تقف النعم فيتلبد ، وكذلك كرس الدمنة إذا تلبدت فلزقت بالأرض . ورسم مكرس ، بتخفيف الراء ، ومكرس : كرس ; قال العجاج :


                                                          يا صاح ، هل تعرف رسما مكرسا ؟ قال : نعم أعرفه وأبلسا

                                                          ،

                                                          وانحلبت عيناه من فرط الأسى

                                                          قال : والمكرس الذي قد بعرت فيه الإبل وبولت فركب بعضه بعضا ; ومنه سميت الكراسة . وأكرس المكان : صار فيه كرس ; قال أبو محمد الحذلمي :


                                                          في عطن أكرس من أصرامها



                                                          أبو عمرو : الأكاريس الأصرام من الناس ، واحدها كرس ، وأكراس ثم أكاريس . والكرس : الطين المتلبد ، والجمع أكراس . أبو بكر : لمعة كرساء للقطعة من الأرض فيها شجر تدانت أصولها والتفت فروعها . والكرس : القلائد المضموم بعضها إلى بعض ، وكذلك هي من الوشح ونحوها ، والجمع أكراس . ويقال : قلادة ذات كرسين ، وذات أكراس ثلاثة ، إذا ضممت بعضها إلى بعض ; وأنشد :


                                                          أرقت لطيف زارني في المجاسد     وأكراس در فصلت بالفرائد



                                                          وقلادة ذات كرسين أي ذات نظمين . ونظم مكرس ومتكرس : بعضه فوق بعض . وكل ما جعل بعضه فوق بعض ، فقد كرس وتكرس هو . ابن الأعرابي : كرس الرجل إذا ازدحم علمه على قلبه ; والكراسة من الكتب سميت بذلك لتكرسها . الجوهري : الكراسة واحدة الكراس والكراريس ; قال الكميت :


                                                          حتى كأن عراص الدار أردية     من التجاويز أو كراس أسفار



                                                          جمع سفر . وفي حديث الصراط : ومنهم مكروس في النار ، بدل مكردس ، وهو بمعناه . والتكريس : ضم الشيء بعضه إلى بعض ، ويجوز أن يكون من كرس الدمنة حيث تقف الدواب . والكرس : الجماعة من الناس ، وقيل : الجماعة من أي شيء كان ، والجمع أكراس ، وأكاريس جمع الجمع ; فأما قول ربيعة بن الجحدر :


                                                          ألا إن خير الناس رسلا ونجدة     بعجلان قد خفت لديه الأكارس



                                                          فإنه أراد الأكاريس فحذف للضرورة ، ومثله كثير . وكرس كل شيء : أصله . يقال : إنه لكريم الكرس وكريم القنس وهما الأصل ; وقال العجاج يمدح الوليد بن عبد الملك :


                                                          أنت أبا العباس أولى نفس     بمعدن الملك القديم الكرس



                                                          الكرس : الأصل . والكرسي : معروف ، واحد الكراسي ، وربما قالوا كرسي ، بكسر الكاف . وفي التنزيل العزيز : وسع كرسيه السماوات والأرض ; في بعض التفاسير : الكرسي العلم ، وفيه عدة أقوال . قال ابن عباس : كرسيه علمه ، وروي عن عطاء أنه قال : ما السماوات والأرض في الكرسي إلا كحلقة في أرض فلاة ، قال الزجاج : وهذا القول بين ؛ لأن الذي نعرفه من الكرسي في اللغة الشيء الذي يعتمد عليه ويجلس عليه فهذا يدل على أن الكرسي عظيم دونه السماوات والأرض ، والكرسي في اللغة والكراسة إنما هو الشيء الذي قد ثبت ولزم بعضه بعضا . قال : وقال قوم كرسيه قدرته التي بها يمسك السماوات والأرض . قالوا : وهذا كقولك اجعل لهذا الحائط كرسيا أي اجعل له ما يعمده ويمسكه ، قال : وهذا قريب من قول ابن عباس ؛ لأن علمه الذي وسع السماوات والأرض لا يخرج من هذا ، والله أعلم بحقيقة الكرسي إلا أن جملته أمر عظيم من أمر الله عز وجل ; وروى أبو عمرو عن ثعلب أنه قال : الكرسي ما تعرفه العرب من كراسي الملوك ، ويقال كرسي أيضا ; قال أبو منصور : الصحيح عن ابن عباس في الكرسي ما رواه عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : الكرسي موضع القدمين ، وأما العرش فإنه لا يقدر قدره ، قال : وهذه رواية اتفق أهل العلم على صحتها ، قال : ومن روى عنه في الكرسي أنه العلم فقد أبطل . والانكراس : الانكباب . وقد انكرس في الشيء إذا دخل فيه منكبا . والكروس ، بتشديد الواو : الضخم من كل شيء ، وقيل : هو العظيم الرأس والكاهل مع صلابة ، وقيل : هو العظيم الرأس فقط ، وهو اسم رجل . التهذيب : والكروس الرجل الشديد الرأس والكاهل في جسم ، قال العجاج :


                                                          فينا وجدت الرجل الكروسا



                                                          ابن شميل : الكروس الشديد ، رجل كروس . والكروس : الهجيمي من شعرائهم . والكرياس : الكنيف ، وقيل : هو الكنيف الذي يكون مشرفا على سطح بقناة إلى الأرض ; ومنه حديث أبي أيوب أنه قال : ما أدري ما أصنع بهذه الكراييس ، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تستقبل القبلة بغائط أو بول يعني الكنف . قال أبو عبيد : الكراييس واحدها كرياس ، وهو الكنيف الذي يكون مشرفا على سطح بقناة إلى الأرض ، فإذا كان أسفل فليس بكرياس . قال الأزهري : سمي كرياسا لما يعلق به من الأقذار فيركب بعضه بعضا ويتكرس مثل كرس الدمن والوألة ، وهو فعيال من الكرس مثل جريال ; قال الزمخشري : وفي كتاب العين الكرناس بالنون .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية